قال عليٌ بنُ أبي طالب كرَّم اللهُ وجهَه :
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلى … وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّيجُ هَمٍ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
فَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَغٌربَةٌ وَقَطعُ فَيَافٍ وَاِرتِكابُ
الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِه بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ

وهكذا الاغترابُ وجُلُّه سفرٌ ، لا مَندُوحةَ لنا عنه - أي لا غِنى عنه - بل وفيه من الفوائدِ والفضائلِ ما لا يقفُ عند خمسٍ ؛ هذا إذا قَيَّضَ اللهُ لك صُحبةَ ماجدٍ وقوماً ذوي خُلُقٍ وعفافٍ في سَفرِك وإقامَتك .


حَزمتُ أشواقي وأشيائي ويَمَّمتُ شطرَ المَطار في الكُويت العاصِمة . كان ذلك في أوائل ٢٠١٧م . وكان مسارُ الرِّحلة على طيران Flydubai الكويت - دبي - الخرطوم . وفي دبي انتظارٌ لساعاتٍ ستٍ transit / connecting flight . وبالرَّغم من طولِ الرحلةِ إلا أنَّها تقودُني إلى " ديارٍ كنتُ فيها وكانَ أبي وكانَ بَنو لِساني" .

" عُد بي إلى النيلِ لا تسألْ عن التعبِ
قلبي يحنُّ حنينَ الأيْنُقِ النُّجُبِ
مَن كانَ يحملُ مِثلي حُبَّ مَوطِنه
يأبَى الغيابَ ولو في الأنْجُمِ الشُّهُبِ " سيف الدين الدسوقي

كنتُ مَحظُوظاً بل مَحظِيَّاً في مطار دُبي الذي يُعُجُّ بالمُسافِرين مِن كلِّ لونٍ وجِنس ، فمَرَّت السَّاعاتُ مُرورَ الكِرام - كما يُقال . تكمُنُ الحَظوةُ في أنّني وأثناءَ جُلوسي في صالةِ العبور / الانتظار تعرّفتُ على سيِّدةٍ من أوكرانيا تُجيدُ اللغةَ الانجليزية ولدَيها - كذلك - عبور transit من دبي إلى كييف . تعارَفنَا ثُمّ تَجاذَبنا الأُنسَ النَّبيل وتَشارَكنا الطَّواف على الأسواقِ الحُرَّة
duty-free markets,
فكانتْ تلك الساعاتُ مُلونةً بِكُلِّ المعاني التي كنتُ " أمَتِّع نفسي بالدَّهشة " فيها وجَمالِ أوكرانيا في شخصِ "أناستاسيا" تلك السِّيدةالرَّائعة.
وقد عَبَّرتُ عن ذلك فيما بعد بِقصيدةٍ تحملُ اسمَ الفَتاةِ عُنواناً ، يقولُ مَطلَعُها :
أأنت الحديقةُ أم أزْهَارُ
الحديقةِ أنتِ *** فَقَدْ تَشَابهتْ عليَّ البقرْ !
أأنتِ المَهَا أمْ أنَّها اسْتعارتْ منكِ العيونْ
سُبحانَ من أبْدعَ خلقَ البَشَرْ !
أأنتِ الفجرُ في بياضِهِ أمْ مَنْحتِ بدرَ التمِّ هالةً
صَفَا على إثرِها القَمرْ .

الحمدُ للهِ وصَلنا بالسَّلامةِ ووجدتُ أبنائي في استقبالي عند مطارِ الخُرطوم . وكانتْ الدَّارُ مُختلِفةً هذه المَرَّة إذ انتقلتْ الأُسرة من حي النَّصر إلى الجِريف شَرق . وأخيراً التأمَ الشَّملُ ، تَنفَّستُ الصُّعَداء ونَفضتُ غُبارَ الكُويت واغتسلتُ من أدْرانِها وصَلَّيتُ ركعتين شُكراً لله . بعد الاستجمامِ والمؤانسةٍ لِبِضعةِ أيَّامٍ ، ذهبتُ إلى السَّفارةِ السَّعودية لأستَجلِي حقيقةَ الفيزا فوجدتُ أنّها قد وصلتْ بالفِعل وأنَّ الاجراءاتِ المُتَعلِّقة بها مِن الألف إلي الياء لا بُدَّ أنْ تتِم عن طريقِ إحدى الوكالاتِ المُرتبِطة بالسَّفارة .
تركتُ الأمرَ لوكالةٍ مشهورةٍ أوصَى بها أحدُ أقربائي ، واستفدتُ مِن فُسحةِ الوقتِ هذه في السَّفر وزوجتي إلى الجَزيرة لنَقضِيَ أُسبوعاً هناك ثم أعودُ لمُتابعةِ الاجراءاتِ المُتعلقةِ بالجوازات . قضَينا أوقاتٍ جميلةً وسط الأهلِ والأحبابِ في بيتِ العائلة الكبير الذي تُزيِّنُه السِّتُ الوالِدةُ بوجُودِها البَهي وحكاويها التي لا تَنقطِع خاصةً وأنَّها تُعتَبرُ مَرجِعاً في الأنسابِ والأحَاجي .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی الأ

إقرأ أيضاً:

سعد الصغير باكيًا: حسبي الله ونعم الوكيل في اللى مجاش عزاء أحمد صلاح وكان فاضي

وجه النجم سعد الصغير انتقادات لعدد من المطربين بسبب غيابهم عن عزاء المطرب الراحل أحمد صلاح، مؤكدًا أن حضوره لم يكن من أجل التريند أو الظهور الإعلامي، بل بدافع الواجب الإنساني والمهني.
 

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر قدام الكاميرات

وقال سعد الصغير، خلال فيديو نشره عبر صفحته الرسمية، إن المطرب الراحل أحمد صلاح عمل مع نجوم كبار وكان يجامل الجميع، إلا أن عزاءه لم يشهد حضورًا يذكر من الوسط الفني، بإستثناء المطربين عبد الوهاب الأسمر وحازم لطفي، موجهًا لهما الشكر على موقفهما.
 

وأضاف سعد متأثرًا وباكيا: كنت قاعد في العزاء زعلان، تخيل ولاده نفسهم يشوفوا الفنانين، ولا واحد جه، واتكسروا، معتبرًا أن بعض المطربين لا يحضرون إلا في حال وجود كاميرات أو إقامة العزاء في مسجد كبير، على حد تعبيره.
 

وأكد أن مواعيد العزاء لا تتعارض عادة مع العمل، موضحًا أن الفرح بيبدأ الساعة 8، والعزاء بيكون الساعة 5، مشددًا على أن العذر الوحيد المقبول هو الارتباط بعمل خارج القاهرة.
 

وفاة اسماعيل الليثي

وتطرق سعد الصغير إلى واقعة أخرى، مشيرًا إلى أن المطرب إسماعيل الليثي بعد وفاته قام البعض بعمل بث مباشر بدلًا من الحضور، كما انتقد تجاهل الفنانين لأشخاص تعرضوا لحادث معه، قائلًا إنهم لم يتلقوا أي دعم لكونهم غير معروفين.
 

سعد الصغير يطالب مساعدة الاسرة 

كما كشف سعد الصغير أنه طالب الفنانين بالمساهمة المادية لدعم أسرة الراحل، إلا أن من استجابوا كانوا قلة، وهم أحمد العيسوي، ومزيكا، وسمسم شهاب، مؤكدًا أن باقي الفنانين لم يقدموا أي دعم، حسب قوله.
واختتم سعد الصغير حديثه قائلًا: عايز الناس تعرف إن مهنتنا مناظر قدام الكاميرات بس، معربًا عن استيائه الشديد، ومرددًا: حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد مجاش العزاء وهو مكنش وراه حاجة.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم فايق عن بيان النيابة بشأن أرض الزمالك: المخالفات كثيرة.. وكان عندنا أمل
  • سعد الصغير باكيًا: حسبي الله ونعم الوكيل في اللى مجاش عزاء أحمد صلاح وكان فاضي