هل تكتب معركة جباليا الثالثة نهاية خطة الجنرالات بشمال غزة؟
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
في أرض مكشوفة بالكامل وأصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية "الزنانة" كما يسميها أهالي غزة تملئ المكان، يخاطر أحد مقاتلي كتائب القسام بحياته ويتقدم ليزرع عبوة ناسفة من طراز (شواظ) في أحد شوارع مخيم جاليا شمال القطاع، قبل أن ينجح في العودة لنقطة آمنة ويفجر العبوة لاحقا في دبابة ميركافا إسرائيلية.
كاميرا القسام وثقت هذا المشهد في فيديو لجانب من جوانب المعركة التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل 26 يوما على مخيم جباليا، للمرة الثالثة منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بعد اجتياحين في ديسمبر/كانون الأول 2023 ومايو/أيار 2024.
وخلال 26 يوما من المجازر المروعة بحق المدنيين استشهد نحو ألف فلسطيني، إضافة إلى مئات الجرحى والمعتقلين، كما تسبب القصف العنيف في تدمير أحياء سكنية كاملة وتهجير عشرات آلاف الفلسطينيين جنوبا، وفق أرقام رسمية فلسطينية.
ورغم أن مساحة جباليا لا تتجاوز 1.5 كيلومتر مربع، فإن قوات الاحتلال دفعت بثقلها في هذه المعركة على أمل كسر المقاومة الفلسطينية الشرسة في المخيم، فحشدت لهذه المعركة الفرقة 162 الإسرائيلية المدرعة، ودعمتها باللواء المدرع 460 ولواء غفعاتي (قوات خاصة)، أي ما يقدر بنحو 50 ألف جندي، بمساندة جوية ومدفعية مكثفة وطائرات استطلاع حديثة.
واعتمد جيش الاحتلال في عمليته العسكرية الثالثة على جباليا أسلوب "الأرض المحروقة" من القصف العشوائي، والأحزمة النارية، وتدمير المباني بالروبوتات والبراميل المتفجرة إضافة لحصار السكان ومنع إدخال الماء والطعام، بهدف تهجير سكان المخيم بالقوة وتحويل شمال غزة لمنطقة أمنية عازلة لتحقيق "خطة الجنرالات" الإسرائيلية.
في المقابل، اعتمدت المقاومة إستراتيجية "اللامركزية" خلافا لما حدث في المعارك البرية السابقة، ورجح الخبير العسكري اللواء فايز الدويري أن تكون كتيبة جباليا قد قسمت مقاتليها إلى خلايا عنقودية كل خلية تضم من 3 إلى 5 مقاتلين، حيث يختار قائدها الأهداف بناء على المعطيات الميدانية.
ورغم كثافة النيران الإسرائيلية واعتمادها على إستراتيجية جديدة وهي حصار مخيم جباليا بلواء مدرع كامل أي قرابة 111 دبابة لمنع المقاومة الفلسطينية في مدينة غزة وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون من دعم جباليا، فإن المقاومة نجحت في تدمير عشرات الدبابات الإسرائيلية.
وفي ضربة كبرى نجحت المقاومة الفلسطينية في اغتيال قائد اللواء 401 بالجيش الإسرائيلي العقيد إحسان دقسة مع عدد من الضباط في كمين بعبوة ناسفة استهدفتهم بشكل مباشر في جباليا.
ومع تصاعد هجمات المقاومة اضطرت قوات الاحتلال بعد 25 يوما من القتال إلى سحب اللواء المدرع 460 من جباليا، كما أعادت نشر قوات في شمال غزة، حيث سحبت قواتها من الأحياء السكنية واكتفت بحصار المنطقة من جميع الجهات مع تكثيف قصفها الجوي والمدفعي على جباليا، وفقا لإذاعة الجيش الإسرائيلي.
???? "دعواتكم للمقاومة، فش الا همة ضايلين بالشمال"
???? رغم الحصار والتجويع و استنفاد المستشفيات والمراكز الطبية خدماتها ما زالت المقاومة مستمرة في شمال قطاع غزة تدافع وحدها أمام صمت العالم وتخاذله.#شمال_غزة_تباد #غزة_ابادة_جماعية pic.twitter.com/BELv3sNYNf
— عبدالله الأسطل (@Abomalekalastal) October 28, 2024
معركة إستراتيجيةوفي تعليقه على المعركة يقول المحلل السياسي الفلسطيني سعيد زياد إن "هؤلاء الأبطال الجائعين المتعبين، الذين تقطعت أوصال عائلاتهم بالقتل والنزوح، ولا يكادون يجدون قوت يومهم، ولا سقفا ينامون تحته، ولا ساعات أمن تمنحهم راحة بلا خوف ولا قلق، هم من يصنعون اليوم تاريخنا، وتاريخ الأمة بأسرها".
ويضيف في تغريدة على موقع إكس أن أهالي مخيم جباليا الذين رفضوا النزوح رغم المجازر الإسرائيلية، يراهنون على المقاومة والقتال، ولا شيء سواهما، مؤكدا أن جيش الاحتلال سيكسر على أعتاب جباليا كما كسر ألف مرة قبلها.
بدوره، يرى السياسي والأكاديمي الفلسطيني فايز أبو شمالة أن شمال قطاع غزة مثل بؤرة للمقاومة على مدار سنوات طويلة، ومنه انطلقت مئات القذائف باتجاه مستوطنات العدو كونه الأقرب للمدن الإسرائيلية، وتعرض لعدة محاولات إسرائيلية لتفريغه من السكان كان أبرزها تلك التي قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون.
ويعتقد أبو شمالة في حديث للجزيرة نت أن المواجهة الحالية في جباليا إستراتيجية ومصيرية لطرفي الصراع، فنجاح إسرائيل في السيطرة على الشمال وتفريغ المكان من السكان تعني عزل ثلث مساحة قطاع غزة وانتصار مهم للجيش الإسرائيلي في الحرب.
ويؤكد أن إسرائيل لن تنتصر هذه المرة أيضا في شمال غزة بفعل الصمود الفلسطيني، فرغم مرور قرابة الشهر على بداية المعركة والحصار الخانق تواصل المقاومة ضرب الدبابات الإسرائيلية وقنص الجنود.
معركة طويلة
"جيش الاحتلال يتوقع أن تتواصل العملية العسكرية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة لعدة أشهر، كونه مركز الثقل الأساسي للمقاومة الفلسطينية في شمال غزة"، بهذه الكلمات عبر الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا عن تصوره لطبيعة المعركة.
ويشير حنا -خلال فقرة التحليل العسكري- إلى أن الهدف الرئيسي هو عزل المخيم عن باقي المنطقة الشمالية في القطاع، مؤكدا أن حجم القوات المشاركة في العملية يعكس أهمية الهدف بالنسبة إلى الاحتلال، إذ تم الزج بفرقة عسكرية كاملة تقريبا في المنطقة إلى جانب لواء غفعاتي للمشاة، "مما يشير إلى أن الهدف من العملية كبير جدا، ويتطلب قوة عسكرية ضخمة".
وفي تحليله للأهداف الإسرائيلية الأوسع، لفت حنا إلى وجود خطة معينة تقوم على التدمير والتهجير، وأضاف أن هذه الخطة، التي يُطلَق عليها "خطة الجنرالات"، تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وإجبارهم على الانتقال إلى جنوب القطاع، مما يسمح للاحتلال بالسيطرة على المنطقة الشمالية بالكامل والقضاء على أي وجود للمقاومة فيها.
ويعتقد حنا، أن القتال في شمال القطاع بات مسألة حياة أو موت للمقاومة الفلسطينية، معربا عن قناعته بأن الهدف "عدم خسارة المنطقة، والدخول بمعركة استنزاف مع الاحتلال".
وذكّر حنا بأن مخيم جباليا اعتاد منذ سنوات طويلة العمليات العسكرية الإسرائيلية، فقد سبق لرئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون أن اقتحم المخيم عام 1971، مخلفا دمارا واسعا، كما تعرض المخيم لـ3 عمليات من القصف العنيف منذ بداية الحرب الحالية، حيث استخدمت قنابل تزن نحو ألفي رطل، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين.
ويقدّر مراقبون ومختصون فلسطينيون إسرائيليون أن المعركة في جباليا تمثل أهمية كبيرة على صعيد احتمال تهجير مواطني قطاع غزة بأكمله من عدمه، ففي حال نجحت خطة التهجير بالإبادة في مخيم جباليا، كما تريدها إسرائيل، فسيتيح ذلك تطبيقها على سائر مناطق الشمال ومدينة غزة لاحقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات جیش الاحتلال مخیم جبالیا شمال غزة قطاع غزة فی شمال
إقرأ أيضاً:
الناشطة السويدية جريتا ثونبرج: سنعود بأسطول جديد إلى غزة في نهاية أغسطس
نشرت الناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج رسالة على حسابها على إنستجرام تفيد بأنها ستحاول هي ونشطاء آخرين في 31 أغسطس إطلاق أسطول إلى غزة مرة أخرى، بعد أن استولت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على السفينة "مادلين".
وقالت ثونبرج: سنطلق أكبر محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي غير القانوني على غزة بعشرات السفن المبحرة من إسبانيا".
وأضافت: "سنلتقي بسفن من تونس وأماكن أخرى على طول الطريق ستنضم إلينا".
وفي منتصف شهر يونيو الماضي، نقلت سلطات دولة الاحتلال، ستة ناشطين آخرين من سفينة "مادلين" التي سعت لكسر الحصار البحري الإسرائيلي على غزة في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى مطار بن جوريون لترحيلهم من دولة الاحتلال.
وأكدت كل من وزارة الخارجية في حكومة الاحتلال ومنظمة "عدالة" للحقوق المدنية أنه من المقرر ترحيل ستة ركاب آخرين اليوم وصباح غد، بعد ثلاثة أيام من اعتراض جيش الاحتلال الإسرائيلي لسفينتهم وسحبها إلى أشدود، بحسب ما أوردته صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
والنشطاء الستة هم مارك فان رين من هولندا، وشعيب أوردو من تركيا، وياسمين أكار من ألمانيا، وتياغو أفيلا من البرازيل، وريفا فيارد من فرنسا، وريما حسن، العضوة الفرنسية في البرلمان الأوروبي عن حزب "فرنسا المتمردة" (LFI) اليساري المتشدد، وهي من أصل فلسطيني.
وكتبت خارجية الاحتلال عبر حسابها بمنصة "إكس": "ستة ركاب آخرين من "يخت السيلفي"، بينهم ريما حسن، في طريقهم إلى مغادرة إسرائيل"، وأرفقت صور لهم في المطار وعلى متن الطائرات وداعًا، ولا تنسوا التقاط صورة سيلفي قبل مغادرتكم.
من المقرر ترحيل الناشطين المتبقيين، باسكال موريراس ويانيس محمدي، وكلاهما فرنسيان أيضًا، غدًا، وسيبقيان رهن الاحتجاز في سجن جفعون بالرملة حتى ذلك الحين.
تنازل أربعة ناشطين من مادلين عن حقهم في المثول أمام قاضٍ، وبالتالي تم ترحيلهم فورًا يوم الثلاثاء، بمن فيهم ناشطة المناخ السويدية الشهيرة غريتا ثونبرغ.