خوفاً من تعرّض أطفالها للمرض بسبب الاستحمام بالمياه الباردة في ملجأ للنازحين في بلدة دير الأحمر الجبلية شمال شرق لبنان، غادرت نرجس المكان الآمن نسبياً، وعادت لمسقط رأسها لاغتسال الصغار بالماء الساخن، وإحضار بعض المعلبات الغذائية. بعد ذلك، استُشهدت نرجس مع زوجها وطفليها في غارة جوية إسرائيلية في منزلها صباح الأربعاء في قرية بوادي بالقرب من مدينة بعلبك بشرق لبنان، وفق ما قاله زملاؤها في العمل وجيرانها.



كانت نرجس، التي عملت في الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب، وهي منظمة مدنية متخصصة بتنفيذ البرامج الإنمائية، من بين آلاف فروا لبلدة دير الأحمر الجبلية التي تقطنها أغلبية مسيحية هربا من الضربات الإسرائيلية.

وكانت البلدة تضم بالفعل أكثر من 10 آلاف نازح قبل أن تكثف إسرائيل ضرباتها على مدينة بعلبك ذات الأغلبية الشيعية، والبلدات المجاورة لها منذ الأربعاء الماضي.

وتدفق آلاف آخرون إلى دير الأحمر مع استمرار القصف الإسرائيلي، فيما تتزايد الاحتياجات، وتنخفض درجات الحرارة، وتشح الإمدادات في البلدة.

فما هو واقع المساعدات لهذه المناطق الجبلية الباردة؟ وكيف قد يؤثر الشتاء الوشيك في طرق الإمدادات ووصولها لهذه المناطق الجبلية؟

عجز في المساعدات وفي إحدى المدارس التي تستخدم الآن كملجأ، ألغت جماعات إغاثة، كانت تقدم وجبتين في السابق، وجبة الإفطار من أجل إطعام المزيد من الأشخاص في وقت الغداء.

إثر ذلك، نظم سكان البلدة حملات تبرع لشراء ملابس الشتاء والأغطية، لكنهم يواجهون عجزا، مما يجعل النازحين يتقاسمون البطاطين طوال الليل.

وقالت سوزان قاسم، وهي أم لطفلين في أحد مراكز النازحين، ودمر منزلها في بوداي: "أنا بتمنى من الدولة تتطلع فينا، ترفق فينا شوي نحنا عندنا أطفال يعني إذا بنهرب من الضرب بنموت من السقعة (الجو البارد)؟".

وأضافت أنها مريضة وتتناول الدواء منذ أسبوع وما زالت تعاني من السعال، وتساءلت هل إذا مرض ابنها تستطيع توفير الدواء له؟.

"مثل الحصار" تنخفض الحرارة في دير الأحمر إلى 6 درجات مئوية في ساعات الليل حتى قبل أن يبدأ الشتاء، ولا يوجد في المدارس الديزل اللازم لتشغيل أنظمة التدفئة المركزية.

وقالت نايفة مظلوم، 69 عاماً: "بالليل عم نرجف. يعني بمد الفرشة هون عند بنتي وبقلها اعبطيني (عانقيني) لحتى ندفى شوي. ومش عم ندفي. ما في دفى بالمرة".

وفرّت معظم العائلات بملابسها فقط، وهرعت من منازلها بعد تحذيرات الإخلاء الإسرائيلية لبعلبك وبلدات محيطة يومي الأربعاء والخميس.

ونزح أكثر من 1.2 مليون بسبب الضربات الإسرائيلية على لبنان خلال العام المنصرم في حملة على جماعة حزب الله. ومن بين هؤلاء النازحين ما يقرب من 190 ألفا احتموا بالملاجئ. ولجأ آخرون إلى العيش مع أقارب لهم أو استأجروا منازل أو لم يكن أمامهم سوى النوم في الشوارع.

قلق من أن يقطع ثلج الشتاء طرق الإمداد تقول خلية إدارة الأزمة في لبنان إن من بين 1130 ملجأ معتمدا، وصل 948 إلى الحد الأقصى من الطاقة الاستيعابية. ويعيش معظم النازحين في محافظتي جبل لبنان وبيروت اللتين يسهل على معظم منظمات الإغاثة الوصول إليهما، لكن دير الأحمر أبعد من ذلك بكثير.

وتوجد أسرع الطرق في منطقة مترامية يقول الجيش الإسرائيلي إنه يجب إخلاؤها. ولتجنب هذه المنطقة ستضطر منظمات الإغاثة التي تخطط لتسليم إمدادات خلال الأيام المقبلة، لقطع مسافات شمالا عبر قمم جبلية من أجل الوصول إلى دير الأحمر.

وقال عمران رضا، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان لرويترز، إن تسليم المساعدات إلى منطقة بعلبك تأجل هذا الأسبوع بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية. كما تأخر تسليم مساعدات طبية أخرى إلى لبنان من دول أجنبية بسبب الضربات بالقرب من المطار.

وأضاف: "الوصول أصبح أكثر صعوبة. الاحتياجات تتزايد في دير الأحمر. الأمر متروك لنا لمحاولة الوصول إلى هناك، والتخطيط لطريقة الوصول إليها بطريقة آمنة نسبيا".

ويشعر المتطوعون المحليون بالقلق من أن يقطع الشتاء، الذي بات على الأبواب، الطريق الآمن الوحيد إلى دير الأحمر، مما يؤدي إلى تقطع السبل بهم.

وقال خضر زعيتر، أحد المتطوعين في الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب: "سوف يغلق هذا الطريق مع أول تساقط للثلوج. سيكون الأمر مثل الحصار".   ويساعد زعيتر، وهو نفسه نازح، الآن في توزيع المساعدات في دير الأحمر.

وبخلاف المخاوف المباشرة بشأن الغذاء والوقود، يشعر زعيتر بالقلق إزاء توجيه من وزارة التعليم بأن المدارس الحكومية، التي تستضيف النازحين الآن، يجب أن تفتح أبوابها للطلاب في غضون ثلاثة أسابيع.

وذكر أن المتطوعين يدرسون إمكانية تجديد مدرسة مهجورة لاستضافة الفصول الدراسية الصباحية والمسائية، وقال: "نحن ممتنون جدا لأهل دير الأحمر. تضامنهم هو الذي ساعدنا على تجاوز هذا. ولكن إلى متى سيستمر هذا؟ لا أحد يدري". (بلينكس - رويترز)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: دیر الأحمر

إقرأ أيضاً:

كسوة الشتاء.. دفء إماراتي يصل إلى مناطق البرد القارس في حضرموت

تشهد محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن مع مطلع فصل الشتاء انخفاضاً حاداً في درجات الحرارة في مناطقها المرتفعة، ما يفاقم معاناة الطلاب والأسر الذين يفتقرون إلى الاحتياجات الأساسية لمواجهة البرد القارس. في ظل هذه الأوضاع الإنسانية الصعبة، أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، الخميس، حملة "كسوة الشتاء" لتقديم الدعم لطلاب المدارس المتضررين من موجة البرد، وتخفيف وطأة الظروف القاسية التي يواجهونها في المناطق النائية.

وجاءت الحملة ضمن سلسلة جهود إنسانية مستمرة تنفذها الهيئة في حضرموت، وتهدف إلى توفير الملابس الدافئة للطلاب والطالبات الذين يعانون من تدنٍ في درجات الحرارة في مرتفعات المحافظة، ما يؤثر سلباً على قدرتهم على حضور المدرسة ومتابعة تعليمهم بسلام. وذكرت الهيئة أن الحملة بدأت في عدد من مناطق المرتفعات، وذلك في إطار دعمها الإنساني المستدام لفئات المجتمع الأكثر حاجة.

وباشرت الهيئة توزيع سلال غذائية متكاملة على أطفال ذوي الهمم المرتبطين بمركز "رجاء الخير" لذوي الاحتياجات الخاصة في مديرية الديس الشرقية، في مبادرة تُكمّل حملة كسوة الشتاء وتُبرز الاهتمام بالفئات الضعيفة التي تواجه صعوبات مضاعفة، ليس فقط بسبب البرد ولكن أيضاً في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.

وأعرب القائمون على مركز "رجاء الخير" عن بالغ شكرهم وتقديرهم لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، مؤكدين أن هذه التدخلات الإنسانية أحدثت فرقاً ملموساً في تحسين ظروف حياة الأطفال من ذوي الهمم، وساهمت في تخفيف الأعباء عن أسرهم في وقت حساس يزداد فيه الاحتياج للدعم والرعاية.

من جانبهم، عبّر المستفيدون من الحملة عن امتنانهم لدولة الإمارات العربية المتحدة وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، مؤكدين أن المبادرات الإنسانية جاءت في وقت بالغ الأهمية في ظل موجة البرد الشديد وارتفاع تكاليف المعيشة، ما يضاعف الحاجة إلى الدعم في القطاعات الأساسية كالتعليم والغذاء والاحتياجات الشتوية الضرورية.

وتواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ برامجها الإنسانية والإغاثية في محافظة حضرموت، ما يعكس التزامها الراسخ تجاه الشرائح المتضررة، وحرصها على دعم الاستقرار المجتمعي وتلبية الاحتياجات الأساسية للأسر المحتاجة والفئات الضعيفة من خلال مبادرات نوعية ومستدامة.

وتُعَدّ حملة "كسوة الشتاء" جزءاً من جهود إنسانية واسعة تبذلها الهيئة لدعم التعليم وتمكين الأسر في المحافظات اليمنية، لا سيما في الفترات التي تتطلب توفير الدعم بشكل عاجل لمواجهة آثار التحديات المناخية والاقتصادية، في مشهد يعكس التضامن والتعاون الإنساني بين الشعوب والجهات المنفذة لهذه المبادرات.

مقالات مشابهة

  • لسوء الأحوال الجوية.. الهلال الأحمر المصري يكثّف إمدادات الشتاء إلى غزة
  • 10,5طن مساعدات عاجلة إلى غزة .. 73 ألف خيمة وبطانية وملابس شتوية
  • استجابة لسوء الأحوال الجوية.. الهلال الأحمر يكثف إمدادات الشتاء إلى غزة
  • الإمارات تخفف معاناة نازحي غزة خلال الشتاء
  • الأمم المتحدة: قيود إدخال المساعدات تفاقم معاناة النازحين في غزة
  • كسوة الشتاء.. دفء إماراتي يصل إلى مناطق البرد القارس في حضرموت
  • فيديو - مآسي القطاع تتواصل.. أمطار غزيرة تجتاح شوارع غزة وتقتلع خيام النازحين
  • تفاقم معاناة النازحين في غزة جراء اشتداد المنخفض الجوي
  • الصليب الأحمر: المدنيون في السودان يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا
  • الهلال الأحمر الإماراتي يفتتح عيادة متنقلة في الساحل الغربي باليمن