آخر تطورات الأوضاع بين لبنان وإسرائيل
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
وسط تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل، يسعى المبعوث الأميركي آموس هوكستين لتأمين اتفاق يمنح إسرائيل ضمانات أمنية قبل عرضه على لبنان وحزب الله، في خطوة تأتي وسط شروط إسرائيلية تطالب بحرية العمليات العسكرية في لبنان. وفيما كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية على لبنان مستهدفة الضاحية الجنوبية وبعلبك، نفت الحكومة اللبنانية أي طلب أميركي بوقف إطلاق النار من جانب واحد، مؤكدة التزامها بقرار مجلس الأمن 1701.
مساع أميركية لتسوية تضمن شروط إسرائيلية مشددة
كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، الجمعة، عن تحرك المبعوث الأميركي آموس هوكستين، وكبير مستشاري الرئيس الأميركي بريت ماكغورك، لتثبيت اتفاق متكامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عرضه على لبنان وحزب الله. الهدف هو تأمين صيغة لا تتيح فرصًا لإسرائيل بوضع عراقيل لاحقًا، بعد أن وضع نتنياهو شروطًا تضمن لإسرائيل حرية العمليات العسكرية في لبنان كجزء من أي تسوية لإنهاء النزاع.
في اجتماعه مع المبعوثين الأميركيين، شدد نتنياهو على أن "التصميم الإسرائيلي على تنفيذ الاتفاق وضمان الأمن" هو الأساس، وليس فقط الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، مثل القرارين 1701 و1556. وأكدت المصادر أن هوكستين وماكغورك سيعودان إلى واشنطن لإجراء تعديلات على مقترح التسوية بما يتوافق مع الشروط الإسرائيلية.
موقف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ودعوتها لوقف القتال
أظهرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تأييدها للتوصل إلى اتفاق سياسي، وفقًا لما عبّر عنه وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي، إلى جانب قيادات الموساد والاستخبارات. وأشارت التقارير إلى أن المسؤولين الأمنيين يعتبرون أن الحرب قد استنفدت نفسها، وأن الإنجازات العسكرية التي تحققت، كاغتيال قيادات من حزب الله وحماس، يمكن تحويلها إلى مكاسب سياسية.
غير أن المصادر أوضحت أن نتنياهو يبدو حذرًا في اتخاذ قرار واضح، ما يدفع الجيش الإسرائيلي لمواصلة العمليات على الأرض. وقال ضابط إسرائيلي إن "نتنياهو يسمع ويصمت، مما يعطي شعورًا بأنه يسعى لكسب الوقت"، وهو ما قد ينذر بمخاطر تطور النزاع إلى حرب استنزاف طويلة.
تعميق العمليات العسكرية في حال تعذر التوصل إلى اتفاق
ذكر المحلل العسكري يوسي يهوشواع أن قادة الجيش الإسرائيلي يهددون بتوسيع العمليات العسكرية إذا استمر التأخير في التوصل إلى اتفاق سياسي. وأضاف أن الجيش مستعد لتعميق الاجتياح في لبنان وخلق "حزام أمني" يضمن حماية شمال إسرائيل من هجمات حزب الله.
وبحسب مصادر أميركية، فإن هوكستين يواجه تحديًا في إقناع الحكومة اللبنانية بقبول بنود تسمح لإسرائيل بحرية العمل العسكري داخل لبنان. وتعمل واشنطن على توفير ضمانات لإسرائيل، بما في ذلك دعم عسكري في حال خرق الاتفاق من قبل حزب الله، على أن يعود هوكستين إلى بيروت بمجرد الحصول على موافقة مكتوبة من نتنياهو.
ضمانات أميركية لحرية عمل إسرائيلية وقيود على حزب الله
تسعى إسرائيل للحصول على ضمانات تشمل حرية الجيش الإسرائيلي في لبنان إذا لم تقم القوات اللبنانية وقوات "يونيفيل" بمنع نشاطات حزب الله. وتطالب إسرائيل بتوسيع تفويض "يونيفيل" وإجبار حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني. كما ترغب إسرائيل في اتخاذ تدابير مباشرة لمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان.
وفي ضوء الضغوط الأميركية، يجري العمل حاليًا على إغلاق بنود الاتفاق بالكامل مع نتنياهو لضمان عدم إمكانية رفضه من قبل حزب الله أو الحكومة اللبنانية، وفي حال تعذر الاتفاق، فإن الولايات المتحدة قد توافق على زيادة الضغط العسكري على حزب الله ولبنان لتحقيق التهدئة.
نفي ميقاتي للطلب الأميركي وتوسع الغارات الإسرائيلية
نفت الحكومة اللبنانية على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجمعة، أن تكون الولايات المتحدة قد طلبت من بيروت إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، وذلك بعد أن أشار مصدران إلى أن مبعوثًا أميركيًا اقترح هذا المطلب لتعزيز مساعي التهدئة بين حزب الله وإسرائيل. ميقاتي أوضح في بيانه أن موقف الحكومة اللبنانية واضح بشأن السعي إلى وقف إطلاق النار المتبادل وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي ينص على ضبط الأوضاع بين الجانبين.
بالتزامن، كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية على لبنان، مستهدفةً مناطق بعلبك والضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ما وصفه ميقاتي بأنه مؤشر واضح على "رفض إسرائيل للمساعي الرامية إلى التهدئة". وطالبت إسرائيل بإخلاء عدة مناطق في الضاحية الجنوبية، فيما أعلنت وكالة الأنباء اللبنانية أن الغارات دمرت حي الزهراء في بعلبك ومناطق أخرى، ما أثار نزوحًا كثيفًا للسكان.
ارتفاع حصيلة الضحايا والتحذيرات الإسرائيلية
أفادت وزارة الصحة اللبنانية أن حصيلة القتلى جراء القصف الإسرائيلي بلغت نحو 2867 شخصًا، إلى جانب أكثر من 13،000 جريح، منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية على لبنان. وأوضحت الوزارة أن عدد المسعفين القتلى من العاملين في المؤسسات الصحية التابعة لحزب الله وحركة أمل ارتفع إلى 178 شخصًا، مع استمرار الغارات على المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد.
من جانبه، حذر الجيش الإسرائيلي سكان الضاحية الجنوبية من التواجد في بعض المباني المعروفة بأنها مراكز لحزب الله، مشيرًا إلى أن القصف سيستهدف تلك المواقع بشكل مباشر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: لبنان أخبار لبنان اسرائيل أمريكا
إقرأ أيضاً:
عام على الاتفاق.. لبنان ساحة مفتوحة وإسرائيل تُكرّس الوقائع بالقوة
بعد عام على اتفاق وقف إطلاق النار، يتضح أن الوضع لم يحقق أي تقدم فعلي، بل عاد إلى ما قبل توقيع الاتفاق، في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية الجوية والبرية وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية. فعلى الرغم من وجود رئيس للجمهورية العماد جوزاف عون، وحكومة برئاسة نواف سلام، ومؤسسة عسكرية يقودها العماد رودولف هيكل تستعد لرفع تقريرها إلى مجلس الوزراء مطلع الشهر المقبل، فإن قدرة الدولة على فرض تنفيذ الاتفاق تبقى محدودة أمام واقع ميداني شديد التعقيد. فإسرائيل تواصل شنّ عمليات عسكرية متقطّعة تُبقي الجبهة مشتعلة دون انفجار شامل، ما يسمح لها بفرض وقائع جديدة وتوسيع نطاق الاستهداف داخل الأراضي اللبنانية، فيما يرتفع منسوب المخاطر مع تزايد الحديث الدولي عن ضربة واسعة قد تشمل عمليات في العمق اللبناني أو تقدّماً برياً. وهكذا، فإن العودة إلى "نقطة الصفر" لا تعبّر فقط عن تعثّر الاتفاق، بل عن تموضع لبنان في قلب معادلة إقليمية مضطربة تحتاج إلى قرار سياسي موحّد ورؤية دفاعية واضحة لتحصين البلاد ومنع انزلاقها نحو صدام أكبر. ومما لا شك فيه أن حزب الله اعتمد في المرحلة الأخيرة نهجاً أكثر تشدداً في السرية والتكتم حول قدراته وإمكاناته، مكتفياً بما صرح به الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم عن إعادة تنظيم الصفوف وسدّ الثغرات في المراكز القيادية، من دون الكشف عن أي تفاصيل إضافية تتعلق بالبنية العسكرية أو مستوى الجهوزية. في المقابل، تحدثت تقارير غربية وإسرائيلية عن أن الحزب استعاد عافيته ورمّم قدراته العسكرية وحصل على أسلحة وأموال جديدة، وهي تقارير لا يمكن فصلها عن السياق السياسي والإعلامي الذي يسعى إلى تبرير استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والضغط على الدولة لدفعها نحو تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله ولو بالقوة.إن تحليل مسار المواجهة يظهر أن الحزب، في اليوم الأخير الذي سبق وقف الحرب، نفّذ عمليات إطلاق صواريخ ومسيّرات مكثفة طالت عمق إسرائيل، ما يشير إلى أنه لا يزال يحتفظ بقدرات عسكرية فاعلة تشكل، وفق توصيفات إسرائيلية وأميركية، عامل تهديد حقيقي للأمن الإسرائيلي. وخلال فترة الحرب والعام الذي تلا اتفاق وقف إطلاق النار، قامت إسرائيل بقصف معظم الأهداف التي تمتلك عنها معلومات مسبقة، واستنفدت إلى حد بعيد ما يعرف بـ"بنك الأهداف"، لتتحول لاحقاً إلى سياسة ملاحقة الأفراد واستهداف أي موقع أو شخص فور توافر معلومة استخباراتية عنه.
تعمد إسرائيل إلى اتباع سياسة تقوم على الترويع والضغط النفسي والاجتماعي للمدنيين، بهدف زعزعة الثقة بالمقاومة والتأثير على البيئة الحاضنة لها، بالتوازي مع زيادة الضغوط على الحكومة اللبنانية لدفعها إلى اتخاذ خطوات داخلية تتعلق بسلاح حزب الله. ورغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة بالتصعيد، تبدو العودة إلى حرب شاملة، بحسب العميد أكرم سريوي، خياراً مستبعداً في المرحلة الراهنة، إذ إن القضاء على حزب الله بالقوة العسكرية المباشرة يتطلب اجتياحاً برياً واسعاً للبنان، وهي عملية مكلفة ومعقدة، تحتاج إلى زج كامل للجيش الإسرائيلي واستدعاء الاحتياط، فضلاً عن أنها غير مضمونة النتائج، في ظل التجارب السابقة التي انتهت بانسحاب إسرائيل تحت ضربات المقاومة. أما سيناريو تكثيف الضربات الجوية دون اجتياح بري فيبقى احتمالاً قائماً، لكنه محفوف، بحسب سريوي، بالمخاطر ولا يضمن تحقيق الأهداف الإسرائيلية، إذ من غير المرجح أن يبقى الحزب صامتاً في حال تصعيد واسع واستهداف منهجي للمدن والقرى والضاحية، ما قد يؤدي إلى ردود عسكرية تعيد حالة عدم الاستقرار إلى الداخل الإسرائيلي، وخصوصاً في مستوطنات الشمال.
وسط ما تقدم، تبدو إسرائيل حالياً مرتاحة نسبياً للوضع القائم، إذ تمتلك حرية حركة شبه مطلقة داخل الأراضي اللبنانية، وتحظى بدعم أميركي كامل، وتستخدم هذا الواقع لممارسة أقصى الضغوط على الدولة اللبنانية لحملها على نزع سلاح حزب الله. ومن هنا، فهي، وفق قراءة سريوي، تسعى إلى الحفاظ على مستوى تصعيد مضبوط يتيح استمرار الضغط السياسي والدبلوماسي على لبنان من دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
وعليه، يمكن القول إن خللا واضحاً تظهر في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. فبينما التزم لبنان ببنوده، لم تلتزم إسرائيل بأي منها. وقد نصّ الاتفاق صراحة على وقف الأعمال العدائية اعتباراً من الساعة الرابعة فجراً من يوم 27 نوفمبر 2024، وعلى انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خلف الخط الأزرق وانتشار الجيش خلال مهلة أقصاها ستون يوماً، وهو ما لم يتحقق حتى الآن. وحاول لبنان، عبر القنوات الدبلوماسية، إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق وتطبيق القرار 1701، إلا أن هذه الجهود لم تثمر، في ظل انحياز أميركي واضح لصالح إسرائيل، ترافق مع ضغوط مباشرة على الحكومة والجيش اللبنانيين للذهاب نحو نزع سلاح المقاومة تحت وطأة القصف المستمر. بل إن لبنان ذهب أبعد من ذلك حين طرح فكرة التفاوض المباشر مع إسرائيل، إلا أن الرد جاء برفض قاطع ومزيد من التهديدات والتصعيد العسكري، ما يعكس اختلالاً فاضحاً في موازين الالتزام بالاتفاقات الدولية. ولذلك، يعتبر سريوي أن الحكومة اللبنانية أخطأت حين حصرت جهودها في مسألة نزع سلاح حزب الله من دون توفير ضمانات حقيقية بوقف الاعتداءات الإسرائيلية واحترام السيادة ، فمن غير المنطقي ولا القانوني المطالبة بتجريد المقاومة من السلاح في ظل استمرار الاحتلال والخروقات اليومية للأراضي اللبنانية. وقد التزم حزب الله بإخلاء منطقة جنوب الليطاني بالكامل، وانتشر الجيش في تلك المنطقة، ما يفرض على الدولة أن تركز أولاً على مطالبة إسرائيل بتنفيذ التزاماتها قبل الانتقال إلى أي نقاش يتعلق بالمرحلة الثانية أو بسلاح الحزب شمال الليطاني.
ولذلك، فإن استمرار الحكومة في سياسة التراجع والرضوخ للمطالب الإسرائيلية والأميركية من دون ضمانات سيادية حقيقية قد يفتح، بحسب سريوي، الباب أمام مسار ينتهي باتفاق يكرّس الشروط الإسرائيلية، بما فيها تثبيت الاحتلال للنقاط السبع في جنوب لبنان، وهو ما يمكن اعتباره، سياسياً وعملياً، تنازلاً عن الحقوق الوطنية تحت ضغط القوة. وفي ضوء ذلك، تبدو الحاجة ملحة لإعادة صياغة استراتيجية وطنية متماسكة تقوم على تلازم السيادة والحماية والالتزام بالاتفاقات الدولية، من دون التفريط بعناصر القوة أو القبول بإملاءات خارجية لا تضمن أمن لبنان ولا استقراره.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة أمين عام الناتو: هدف قمة كوبنهاغن إبقاء أوكرانيا في ساحة القتال ضد روسيا Lebanon 24 أمين عام الناتو: هدف قمة كوبنهاغن إبقاء أوكرانيا في ساحة القتال ضد روسيا