سواليف:
2025-05-22@17:45:14 GMT

الأحلام الضائعة

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

#الأحلام_الضائعة

د. #هاشم_غرايبه

خلال السنوات الثلاثة عشر التي عاشها العراقيون تحت الحصار، كانوا يظنون أنها فترة عصيبة عليهم الصبر وتنقضي معاناتهم، لكن أحدا لم يخطر بباله، أنهم سيترحمون على تلك الأيام، كونها أهون مما تلاها.
ها قد مر على سقوط بغداد أكثر من عقدين من الزمان، وما زال الأمل بالفرج يزداد بعدا.


أذكر في بدايات الحصار، كم كنا في النقابات الأردنية، في أعلى درجات الحماس للتضامن مع أشقائنا العراقيين المحاصرين، فكنا نجهز قوافل الدعم مما نجمعه من تبرعات، وهنالك في بغداد كان تقدير كبير من زملائنا لذلك، رعم تواضع ما نحضره مقارنة بما هو متوفر لديهم، فالحصار كان عمليا استغلالا بشعا من (شايلوك) الغرب للتحكم بثروات العراق الهائلة، فكان برنامج النفط مقابل الغذاء وسيلة قذرة للإستحواذ على عائدات النفط العراقي المصدر، والذي لا تتسلمه الحكومة العراقية بل يحتجز ليدفع ثمنا لبضائع غربية يفرضون سعرها ونوعيتها، لذلك كانت الأسواق غاصة بالبضائع الإستهلاكية، فيما خلا تلك المصنفة على أنها استراتيجية.
لم يكن أصدقاؤنا العراقيون متلهفين على ما نحضره، بل كانوا بحاجة الى تضامننا المعنوي، في وقت كانت الأنظمة العربية (كما كانت دائما) منضوية تحت تحالف أمريكا، ولا تجرؤ على التعاطف مع شعب العراق المحاصر، بل تطالبه كالببغاوات بـ (الإنصياع لقرارات الشرعية الدولية!!).
لكن – في الحقيقة- كان حضورنا وقضاء بضعة أيام معهم، حدثا ينتظرونه بلهفة، فقد كان النظام البوليسي الذي يرتجفون فَرَقاً من قمعه، مرعبا لدرجة أن أحدا لا يجرؤ على التنفيس عن كبته أمام صديق عراقي، إذ أن كثرة المخبرين جعلت أحدا لا يأمن لأحد، فكنا لهم متنفسا، كوننا موثوقين لديهم، فهم يعرفوننا من أيام الدراسة.
“مجيد” هو أحد هؤلاء الأصدقاء، حكى لنا طرفة تقول أن كلباً في منطقة “الطريبيل” المحاذية للحدود الأردنية كان يركض كل يوم عشرة كيلومترات حتى يعبر الحدود الى الأردن ثم يعود مساء، فسأله كلب آخر ماذا تفعل هناك، قال أذهب لأنبح ساعة وأعود، فإنني أخاف أن أنسى كيف يكون النباح لو بقيت في العراق.
رغم أننا جميعا نشهد للرئيس صدام بنظافة اليد والإخلاص، إلا أنني كأغلب العراقيين لم أكن من مؤيديه، بسبب اعتماده نظاما بوليسيا مرعبا، كابتا للحريات، بينما كان يتمتع بشعبية كبيرة لدى الشعوب العربية الأخرى، لأنهم لم يجربوا حكمه، فلا يعرفونه إلا من مواقفه القومية الشجاعة.
ورغم أنه انفرد عن باقي الأنظمة العربية بإخلاصه لوطنه وقضايا أمته، إلا أنني لا أعتقد أن ذلك يغفر له قمعه واستبداده، مثلما لم أجد في انجازات عبدالناصر ما يشفع له جرائمه بحق المخلصين من أبناء مصر ولا غفرانا لهزيمته أمته في حزيران، فالزعيم الذي يستحق الإحترام يجب أن يكون مخلصا أولا لمسؤوليته أمام الله عن كونه راعيا للأمة، ثم أمينا على وطنه وبعد ذلك كله عادلا مترفعا عن نقيصة الأنانية في التسلط والتفرد، وهذه الصفات الثلاث يجب توفرها مجتمعة، لا تنقصها واحدة، وذلك يفسر عدم وجود زعيم في أمتنا منذ قرون طويلة.
رغم ذلك فقد حزنت كثيرا عند موت الرجلين، أسفا على ضياع أحلام كنا نأمل أن يحملاها، لكنهما للأسف كانا يغلّبان الذاتية على مصلحة الأمة، فسقطا في فخ الشعور بالعظمة، فضاعا وضيعا أحلامنا.
المحزن هو مصير هذين البلدين العظيمين بعدهما، فهما كانا من أسّسا حضارة الإنسانية، وعلّما الأمم البدائية في أوروبا وبقية العالم الحرف والنغمة والتنظيم المدني والعمراني.
صحيح أن عبد الناصر كان مخلصا لوطنه وأمته، لكن حب الزعامة أفسد كل برامج الإصلاح ونوايا تحقيق التقدم، فقمعه نال المخلصين وغيبهم في السجون، ولم يبق حوله غير الهتافين، الذي هم بطبيعة الحال طفيليون، سهل اختراقهم من قبل العدو، فكانت هزيمة حزيران.
وهذا العراق بات في أيدي طغمة فاسدة من منتجات الإحتلال، لا انتماء لها لوطن ولا لأمة، فلم تنفع أبناءه حرية التعبير ولا الصحافة الحرة، صحيح أن كلب “الطريبيل” لم يعد بحاجة للركض خارج الحدود، فهو يعوي أنى شاء، لكن عواءه حزين بلا نفع، إذ تسلم الطائفيون الفاسدون الحكم فنهبوا خيرات البلاد، وبات العراق في صدارة الدول الفاشلة المستعطية، بعد أن كانت يده هي العليا.

مقالات ذات صلة نحن لا نتكيف ونخضع لمن حولنا 2024/11/02

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح

كتبت -داليا الظنيني:

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إنه حين توفي أصحاب الكهف، اختلف الناس في شأنهم، فقال بعضهم: (ابنوا عليهم بنياناً)، أي أغلقوا باب الكهف بالطوب واتركوا الأمر لله.

وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء: "(ربهم أعلم بهم)، هذه إشارة ربانية إلى أهمية ترك بعض الأمور لحكمة الله، خاصة عندما تكثر الآراء وتتصادم الرؤى".

وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن الآية القرآنية "قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً" تدل على أن من تولّى القرار في النهاية هم أولو الأمر، قائلاً: "غلبوا على أمرهم" تعني ولاة الأمر، فهم من حسموا القرار ببناء مسجد عند الكهف".

وأوضح الجندي أن المساجد كأماكن عبادة كانت موجودة قبل سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تكن بالضرورة بالمعنى المعروف لدينا اليوم.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

الشيخ خالد الجندي المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أصحاب الكهف لعلهم يفقهون

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة الشيخ خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها أخبار هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح أخبار هل مصدر كلام النبي وحي أم اجتهاد؟.. خالد الجندي يوضح أخبار هل نشعر بالوقت بين الموت ويوم القيامة؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

بالفيديو.. لحظة إطلاق الاحتلال النار على الوفد الدبلوماسي في جنين 30 ألف جنيه فردي و306 آلاف قائمة.. شروط الترشح لـ"النواب والشيوخ" ننشر كراسة شروط سكن لكل المصريين 7 لحظات رعب داخل أسانسير الموت.. ناجٍ من حادث مصعد المستشفى الجامعي بالمنوفية يروي التفاصيل تغيير في القوائم والفردي.. ملامح تعديلات قانون انتخابات "النواب والشيوخ" رابط التقديم في وظائف المدارس المصرية - اليابانية 2025 من 15 إلى 45 يومًا.. اعرف حقك في الإجازة السنوية بقانون العمل الجديد بدء حجز سكن لكل المصريين 7.. كراسة الشروط إلكترونيا والمقدم في البريد 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • روسيا: إسقاط مسيّرات كانت تستهدف موسكو
  • السيد القائد: أحد الصهاينة المجرمين قال الكل اعتاد على أن يقتل مئة غزاوي في ليلة واحدة والأمر لم يعد يهم أحدا
  • وزير الإعلام … سونا … الفرص التوثيقية الضائعة
  • السيدة الجليلة ترثي والدتها: كانت جبلًا من الصبر مُتجردة من زُخرف الترف
  • هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح
  • جائحة الشهرة.. مشاهير لم يبلغوا الحلم
  • عاش الجيش والذين يقاتلون معه، فقد حققوا ما كانت تحسبه السيدة زينب الصادق مستحيلا!
  • مصورة تعيد إنشاء صور رحلات والدتها من التسعينيات..كيف كانت النتيجة؟
  • لماذا تنسين أحلامك، وكيف يمكنك تذكرها؟
  • العراق ضيف الشرف.. ما أسباب تراجع المشاركة العربية في معرض طهران للكتاب؟