قال سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية: «إن رؤيتنا المستقبلية تستهدف تطوير شبكة الطرق وتحويلها إلى شرايين حيوية داعمة للاقتصاد الوطني، وذلك كجزء من الجهود الحكومية المستمرة لتعزيز كفاءة البنية التحتية ورفع مستوى جودة الحياة، بما يواكب النمو الاقتصادي وتعزيز مكانة الدولة بصفتها مركزاً إقليمياً وعالمياً للنقل والخدمات اللوجستية».


جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة رئيسية حول «الازدحامات المرورية» ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024، والتي جرى خلالها مناقشة الحلول العملية والمستدامة لتخفيف الازدحامات المرورية على الطرق الحيوية وتحسين تجربة التنقل في الدولة.
وأكد أن معالجة الازدحامات المرورية، ستسهم في تحسين جودة الحياة ورفع معدلات السعادة والرضا بين أفراد المجتمع، وأن تحسين كفاءة شبكة النقل يعزز تنافسية الإمارات على الصعيد الدولي، ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم النمو الاقتصادي، عبر تقديم خدمات لوجستية متكاملة تلبي احتياجات المستقبل.
وحدد أبرز مسببات الازدحام المروري في الدولة التي تتمحور حول النمو الكبير في تملك المركبات، مشيراً إلى أن أحد أبرز مسببات الازدحام المروري في الإمارات، اعتماد الأفراد على المركبات الخاصة، وتقارب أوقات العمل في الجهات الحكومية والخاصة والمدارس.
وأضاف: «للتعامل مع النمو الاقتصادي المتسارع بالتوازي مع انسيابية الطرق وجودة الحياة، يمكن اتباع نهج استراتيجي متكامل، وتطوير البنى التحتية، وتعزيز الكفاءة في النقل والأداء اللوجستي، إضافة إلى استحداث تشريعات وسياسات تعزز هذه التوجهات، والاستثمار في النقل العام وتعزيزه، وتشجيع التنمية المتوازنة، وتوزيع الأنشطة الاقتصادية، وكذلك التشجيع على أنماط التنقل البديلة والمستدامة، ورفع مستوى التنسيق بين الجهات المعنية في الدولة».
وأوضح أنه تم تحديد سلسلة من الخطط والآليات التي تهدف إلى معالجة تحديات الكثافة المرورية، إضافة إلى تطوير دراسات بشأن النقل الجماعي، تشمل تخصيص مسارات للحافلات، وتعزيز البدائل ومراجعة السياسات المنظمة للنقل الاتحادي، وتتضمن توحيد السرعات على الطرق، وأوقات حظر الشاحنات.
اقتصاد قوي
أكد مطر الطاير المفوض العام لمسار البنية التحتية والتخطيط العمراني وجودة الحياة، المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، أن الازدحامات والكثافة المرورية سمة المدن التي تتمتع باقتصـاد قوي ومزدهر ومؤشر للنمو العمراني وازدهار القطاع العقـاري، وأن هذا الملف يتصدر أجندة أعمال حكومة دولة الإمارات، لابتكـار حلول لمعالجتها، لتسهيل حركة تنقل السكان والزوار، وتحقيق السعادة واستدامة جودة حياة الناس.
وأكد أن تطوير البنية التحتية للطرق والنقل، يحظى بدعم القيادة الرشيدة، حيث بلغت القيمة الإجمالية لإنفاق حكومة دبي على القطاع أكثر من 150 مليار درهم خلال 18 سنة.
الكثافة المرورية
لخص الطاير أسباب الكثافة المرورية التي تشهدها الطرق، في النمو الكبير بأعداد السكان، حيث يصل عدد السكان في دبي خلال ساعات النهار إلى 5 ملايين نسمة، وزيادة عدد السياح الذي بلغ عددهم العام الماضي 17 مليون سائح، وكذلك زيادة عدد المركبات في دبي، التي تصل خلال فترة النهار إلى 3.5 مليون مركبة، حيث بلغت نسبة الزيادة في عدد المركبات المسجلة بدبي في العامين الماضيين 10%، مقارنة بنسبة 2% إلى 4% عالمياً، والعامل المهم أيضاً غياب ثقافة ساعة الذروة لدى الجمهور، والتخطيط المسبق لرحلاتهم، وهو ما يتسبب في ارتفاع كثافة المركبات على المحـاور الرئيسية، ومن الأسباب أيضاً اختلاف سلوكيات السـائقين على الطريق، نتيجة للتنوع الكبير في ثقافة السكان، حيث تحتضن دبي قرابة 200 جنسية، موضحاً أنه على الرغم من النمو الكبير في الأحجام المرورية، فإن دبي حققت نتائج متميزة في معدل زمن الرحلة، وفقاً لمؤشر (توم توم العالمي) عام 2023، بلغ 12 دقيقة و 50 ثانية، لقطع مسافة 10 كم، في منطقة الأعمال المركزية، في حين بلغت 16 دقيقة و50 ثانية في سنغافورة، و19 دقيقة في مونتريال، و21 دقيقة في سيدني، و36 دقيقة في لندن.
الحلول المستدامة
أكد الطاير أن حل تحدي الازدحامات المرورية، يتطلب التركيز على الحلول المستدامة، وأهمها تطبيق السياسات على المستويين المحلي والاتحادي، التي تسهم في تعزيز انسيابية الحركة المرورية، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، ومن أهم هذه السياسات: التوسع فـي تطبيق سياسة الدوام المرن والعمل عن بعد، وتطوير سياسات وإجراءات النقل المدرسي، التي تسهم في خفض الازدحامات حول مناطق تجمع المدارس صباحاً بنسبة 13%، والتوسع فـي المسارات المخصصة للحافلات ومركبات الأجرة، التي تسهم في تحسين زمن رحلات النقل الجماعي بنسبة تتراوح من 24% إلى 59%.
وأوضح أن التخطيط الحضـري يعد من أكثـر الآليات فاعلية فـي معالجة تحديات الحـركة المروريـة، وذلك لشموليته وتغطيته مختلف محـاور التنمية، حيث تركز خطة دبي الحضرية 2040، على تحقيق التنمية حول خمسة مراكز حضرية رئيسية، وتخطيط المناطق الجديدة، لتطبيق مبدأ مدينة الـ 20 دقيقة، وزيادة الكثافات السكانية فـي محيط 800 متر حول محطات وسائل النقل الجماعي، وتطوير منظومة النقل الجماعي، حيث تعتزم الهيئة تنفيذ الخط الأزرق لمترو دبي، الذي يخدم تسع مناطق حيوية يقدر عدد سكانها بنحو مليون نسمة في 2040، وسيسهم في خفض الازدحام في تلك المناطق بنسبة 20%، وتطوير شبكة حافلات المواصلات العامة، التي سترتفع من 2044 كيلومتراً حالياً، إلى 3822 كيلومتراً عام 2030، وتشغيل التاكسي الجوي.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات سهيل المزروعي الإمارات الازدحامات المروریة النقل الجماعی

إقرأ أيضاً:

كيف تسببت أوامر السيسي بـإزهاق أرواح مصريين وإهدار الأموال؟

تعيش مصر على وقع مقتل 19 فتاة، في حادث دامي على طريق قرب القاهرة، الجمعة الماضية، خلال عودتهنّ من العمل بمزارع العنب، بسبب انهيار بالطريق الإقليمي الدائري الذي افتتحه رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل 6 سنوات.

تزامنت حالة الحزن على وفاة طالبات بكليات: الهندسة، والآداب، ومعهد التمريض، ورابعة متفوقة بالشهادة الإعدادية، وعروس فرحها بعد أيام، مع انتقادات وجّهها مصريون إلى السيسي، ووزير النقل، كامل الوزير، ومنظومة العمل الحكومي التي "تدار بالأمر المباشر، والقرارات التي يجري اتخاذها على الهواء دون تخطيط ودراسة وتقدير موقف"، وفق قول البعض.

"حكاية طريق الموت"
الطريق الإقليمي، (400 كيلومتر)، جزء منه من تنفيذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ووزارة الإنتاج الحربي، وجهاز التعمير التابع لوزارة الإسكان، والهيئة العامة للطرق والكباري بوزارة النقل، وافتتح السيسي، مرحلته الأخيرة 9 أيلول/ سبتمبر 2018، بتكلفة 9 مليارات جنيه، في مشهد إعلامي سبقه توجيهات مكثفة بضرورة الانتهاء من المشروع.

الشركة "الوطنية للطرق"، المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، تدير الطريق منذ افتتاحه، وتقوم عبر محطتي عبور "بلبيس" و"بنها"، بتحصيل 10 جنيهات من الملاكي و15 للنقل، و25 جنيها للنقل الثقيل الفارغة، مقابل صيانة الطريق.

مهندس مصري أوضح لـ"عربي21"، أنه "جرى تنفيذ القوس الشمالي من الطريق  اقتطاعا من الأراضي الزراعية، ومن خامات الرمل والطفلة بارتفاع نحو 3 أمتار، فوقها طبقة رصيف ضعيفة غير مطابقة للمواصفات، من شركات تعمل من الباطن مع الجيش".

وبيّن أنه "وسط صدمة من مرتادي الطري، اإنهار سريعا في قطاعات عديدة وجرت له عمليات ترقيع بين بلبيس وبنها في نزلة منيا القمح، لكن مع زيادة الانهيارات تم غلق بعض مناطق منه العام الماضي، لوضع شبكة حديدية وصبات خرسانية بسمك 50 سم، في تكلفة رهيبة، يصعب حسابها ماليا".

ولفت إلى أنه "نتيجة للإغلاق الجزئي للطريق بأماكن متفرقة لا يمكن لمرتاديه السير باتجاه واحد بشكل مبستمر، حيث تعمل شركات عدة بأماكن متفرقة، ما يدفع للانتقال بين طريق الذهاب والعودة الذي لا يستوعب مرور السيارات".

"63 تصادما.. من المسؤول؟"
الوضع قد تسبّب في وقوع نحو 63 حادثة تصادم أودت بحياة حوالي 116 مصري، وإصابة نحو 470، على الطريق الذي يربط محافظات القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والمنوفية، والشرقية، والفيوم، وبني سويف، ويصلها بالعاصمة الجديدة وطرق رئيسية منها إلى الإسكندرية والسويس والإسماعيلية ومحافظات الصعيد.

وقبل حادث الجمعة بأيام، شهد الطريق الإقليمي تصادما مروعا أدى لمصرع 9 مصريين وإصابة 7 آخرين، فيما سجل آذار/ مارس 2020، مقتل 18 مصريا وإصابة 15 آخرين بعد تصادم عدة سيارات، بذات الطريق.

ويحمَّل البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي المسؤولية لسيارات النقل، بينما يرى آخرون أنّ الجاني الحقيقي هو من أمر بتنفيذ الطريق في وقت قصير.

ويلفت متابعون إلى أن مشاكل الهبوط والتشققات لم تحدث إلا في القوس الشمالي من الطريق الذي جرى تنفيذه في عهد السيسي، ولم تطال القوس الجنوبي 40 كيلومترا الذي بدأ العمل به نهاية عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتم افتتاحه بعهد الرئيس الأسبق محمد مرسي.

بل يشير الأهالي إلى تجاهل وزير النقل كامل الوزير، مكاتبات الأهالي المطالبة بترقيع الطريق الإقليمي، وشكاواهم مع كثرة الحوادث وزيادة عدد القتلى على الطريق، لتشهد محافظات الشرقية والمنوفية والجيزة 14 و12 و10 حوادث على التوالي.

ووفقا لتصريحات وزارة النقل تقدر إجمالي التكلفة المالية لمشروعات قطاع الطرق والكباري من 2014 وحتى 2024 حوالي 530 مليار جنيه، فيما يبلغ طول المشروع القومي للطرق 7 آلاف كيلومتر بتكلفة 175 مليار جنيه، ورغم ذلك فإن وزير كامل الوزير، اعترف بأن عدد ضحايا الطرق عام 2024، بلغ 5260 مصريا و76362 إصابة.


"من الحاج سعيد إلى الإقليمي"
أشار مراقبون إلى عدد من الوقائع التي تؤكد أن أوامر السيسي، كانت سببا في إزهاق أرواح المصريين وإهدار ملايين الجنيهات من الموازنة العامة الحكومية، وتوريط البلاد بمشروعات غير منتجة يجري الاستدانة الخارجية لتنفيذها، وتقوم الحكومة بسداد فوائدها وأقساطها اقتطاعا من باقي بنود الموازنة.

وكشف مشروع موازنة العام المالي (2025/ 2026)، عن التزام حكومي بسداد فوائد وأقساط ديون بقيمة 4382.6 مليار جنيه، ما يعادل 64.8 بالمئة من إجمالي استخدامات الموازنة التي تبدأ الشهر المقبل.

وفي تموز/ يوليو 2017، وقبل 14 شهرا من افتتاح المرحلة الأخيرة من الطريق الإقليمي رسميا 9 أيلول/ سبتمبر 2018، أصدر السيسي، توجيهات رئاسية لاستكمال المشروعات الكبرى ومنها محاور الطرق التي كان أهمها حينها، الإقليمي الدائري.

وفي وقت مبكر من فترته الرئاسية الأولى (2014- 2018) بدت رغبة السيسي لاستخدام صلاحياته بالإسناد المباشر للمشروعات الحكومية إلى شركات بعينها، إذ أنه وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، قال إنه مستعد لـ"توقيع أوراق المشروعات القومية شريطة اختزال مدد تنفيذها، مع إسنادها إلى لمن يقدمون تعهدات بتنفيذها في أزمنة قياسية".

هذا التوجّه من السيسي، أشاد به الإعلام الحكومي وبفكرة سرعة الإنجاز، ولم يدرك البعض تبعاته لاحقا، خاصة مع استمرار تلك القرارات ومحاولة تقنينها باستبدال قانون تنظيم المناقصات والمزايدات (رقم 89 لسنة 1998) بالقانون (رقم 182 لسنة 2018)، الذي أصدره السيسي، في أيلول/ سبتمبر 2020.

في أكثر من مناسبة وخلال افتتاح مشروعات، فاجأ السيسي، الوزراء بمطالبات بعمل محاور جديدة، وزيادة معدلات العمل، والافتتاح المبكر، والإسناد بالأمر المباشر، ومنها واقعة كانون الأول/ ديسمبر 2021، المسجلة بذاكرة المصريين باسم "الحاج سعيد".

وخلال افتتاح مشروعات بصعيد مصر، قال وزير النقل إن "تكلفة إنشاء 3 جسور 9 مليارات جنيه"، ليطلب السيسي تخفيضها، فيقبل الوزير بتخفيض المبلغ 1.5 مليار دفعة واحدة دون دراسة، ليطالب السيسي، مقاولا يدعى "الحاج سعيد"، بتدشين جسر "دشنا" في عام واحد، مع دفع 25 بالمئة فقط من التكلفة، في مشهد أثار انتقادات اقتصاديين.



"نماذج إسناد وقرارات وخسائر وتبعات"
إعلان السيسي عن مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة آب/ أغسطس 2014، وتنفيذه خلال عام بدلا من 3 أعوام والإسناد لشركات تابعة للجيش أو مرتبطة به دون مناقصة عالمية أو دراسة مسبقة للتكلفة وعوائد المشروع، أحد الأمثلة على قرارات السيسي، التي أهدرت 64 مليار جنيه (8 مليارات دولار) عام 2015، بحسب خبراء.

وبينما لم تحقق التفريعة رقم 100 مليار جنيه كدخل سنوي، الذي أعلنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش؛ دفع المشروع بمصر في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام التالي لاستدانة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وهو توجّه تبعه أول قرار بتحرير سعر صرف الجنيه وخفض قيمة العملة المحلية 48 بالمئة -من 8.8 جنيهات إلى حوالي 18 جنيها- ما تلاه قرارات حكومية برفع جميع أسعار السلع والخدمات والمحررات الحكومية وتقليص دعم الوقود بأنواعه والسلع التموينية، ما فاقم نسب الفقر، فيما أوصلت تلك القرارات وما تلاها التضخم لأعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 بالمئة أيلول/ سبتمبر 2023.

أيضا، أدّى مشروع العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، ومشروعات كالقطار الكهربائي (544 مليار جنيه)، والمونوريل (26 مليار جنيه)، التي تم إسناد أغلب بنيتها ومرافقها ومبانيها للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، دون طرحها بمناقصات عالمية شفافة، وفق خبراء لارتفاع التكاليف، وهيمنة الكيانات العسكرية على حساب القطاع الخاص.

ومع استدانة مليارات الجنيهات لتنفيذ العاصمة الإدارية -بتكلفة 59  مليار دولار وفق صحيفة "نيويورك تايمز"- وصلت ديون شركة العاصمة -مملوكة بنسبة 51 بالمئة للجيش و49 بالمئة لهيئة حكومية- لـ40 مليار دولار للشركات المنفذة، ما دفع الشركة لطرح 40 ألف فدان من المرحلة الثانية من المدينة للبيع لمستثمرين محليين وخليجيين في يوليو/ تموز المقبل.

"تبعات خطيرة"
إثر ثورة يناير2011، جرت محاكمة وسجن عشرات الوزراء والمسؤولين المصريين والرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه بتهم الفساد، وبينها قرارات الإسناد المباشر دون اتباع القانون، بينها حكم بسجن وزير المالية الأسبق يوسف غالي 10 سنوات لإسناده إنتاج "اللوحات المعدنية" لشركة ألمانية بالأمر المباشر، والتربح منها.

ويؤكد اقتصاديون أنّ: "قرارات السيسي، بالإسناد المباشر تقلل من الشفافية والمساءلة، وتفتح الباب أمام شبهات الفساد أو إهدار المال العام، لغياب المنافسة التي تضمن اختيار العرض الأفضل والأكثر كفاءة، وتؤثر على مبدأ تكافؤ الفرص، وتمنح أفضلية لشركات الدولة والجيش".

ويلفتون إلى أن "غياب الدراسة والتخطيط مقابل الأوامر الصادرة على الهواء مباشرة أو بسرعة التنفيذ إلى عدم كفاية الدراسات الفنية والاقتصادية للمشاريع، مما قد ينجم عنه مشاكل في التنفيذ، أو تجاوزات في الميزانية".

وفي رؤيته، أكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، أن حادث مصرع الـ19 فتاة كشف عن سوء قرارات "إسناد المشروعات بالأمر المباشر"، مؤكدا في مقال بـ"عربي21"، أنه قرار يتبعه "عدم مراعاة المواصفات عند تنفيذ الطرق الجديدة"، مشيرا إلى شكاوى المصريين "من سوء حالة الطريق"، التي أرجعوها لـ"إقامته على أرض زراعية وعدم دك الرمال بالشكل المطلوب بسبب الرغبة في سرعة التنفيذ".

وقال الولي: "استند البعض لما شاهدوه من إسناد الجنرال تنفيذ مشروعات طرق وكباري إلى مقاولين بالأمر المباشر في احتفالية عامة"، مؤكدا أنه "يخالف قانون المناقصات الحكومية الذي يتطلب طرح المشروعات المطلوب تنفيذها على الكافة، ودراسة العروض الفنية والمالية... ".

"في صلابة البسكويت"
من يتحمل مسؤولية أرواح ضحايا الطريق الإقليمي؟، وكيف كانت أوامر السيسي سببا في إزهاق أرواح المصريين وإهدار الملايين؟، وكم تكلفت الدولة من أموال في عمليات الإصلاح والترقيع؟، أسئلة ثلاثة، أجاب عليها الكاتب والمحلل السياسي أحمد حسن بكر.

في حديثه لـ"عربي21"، أشار بداية إلى "بيان وزارة النقل في نيسان/ أبريل 2024، عن تكلفة بلغت 530 مليار جنيه لتطوير منظومة النقل والمواصلات من (2014- 2024)، منهم 175 مليارا لإنشاء طرق دائرية، وإقليمية، 3.5 مليار جنيه نصيب جزء من (طريق الموت) الإقليمي بطول 40 كم".

وقال إن "طرق الموت الجديدة التي نُفذت منذ 2014 وحتى الآن أشباه طرق في صلابة (البسكويت)، لأنها نُفذت على عجل بأوامر شخصية من الرئيس، وبخامات غير مطابقة للمواصفات، ودون دراسات معمقة"، ملمحا إلى أن "ذلك نتج عنه "تكرار الحوادث، والأخطاء".

واستدرك: "رغم وقوع عشرات الحوادث سنويا على الطرق الجديدة، تصر وزارة النقل على إقامة تلك الطرق بنفس الخامات الرديئة، وبذات الشركات المنفذة، وبنفس الأسعار المبالغ فيها، ما يثير الشكوك أن إنشاء الطرق سبوبة لتربح أشخاص بعينهم".

ومن خلال إقامته بين مصر وأمريكا، أوضح أن "دول العالم التى تشغلها سلامة مواطنيها، والمحافظة على حياتهم، تأخذ بالأسباب العلمية لإنشاء الطرق، فتدرس نوعية التربة بطول مسار الطريق، ونوعية الأسفلت المستخدم، وسمك طبقته، ليناسب حالة الطقس، ونوع المركبات وحمولتها، وأحيانا تدعم بالخرسانة المسلحة  بعض مسافات لمنع انزلاقها أو انبعاجها".

وواصل حديثه: "وقبل أن تُسلم تلك الطرق للتشغيل يتم استكمال مرافق خدمات الطريق من إنارة إلى لوحات إرشادية، وتخطيط فوسفوري، وخدمات مرورية، وبعد تشغيله يظل مراقبا فنيا لضمان جودة التنفيذ وانعدام الأخطاء".


"للجباية والموت"
يعتقد بكر، أن "الأمر يختلف عن دول العالم، فلكي ننشىء طريقا يكفي أن نحدد طوله ومساره، ثم نفرد الرمال الخشنة والطفلة، ونغطيها بطبقة أسفلت غير مطابقة للمواصفات أصلا، لإحتوائه على نسب عالية من عنصر الكبريت، ما يفسر سبب تشقق الأسفلت كقطع البسكويت مع المطر، وبارتفاع درجات الحرارة".

وأضاف: "من يطالع أرشيف الصحف سيقرأ عشرات الحوادث على طرق جديدة لعدم الالتزام بمعايير الجودة والسلامة"، متسائلا: "مسؤولية الضحايا في رقبة من؟".

ومضى يؤكد أنه "بكل ثقة يمكن توجيه الإتهام إلى من أمر بإنشاء تلك الطرق بزمن وجيز، وبالأمر المباشر لشركات بعينها، وإدارات المرور التى منحت تراخيص قيادة لمدمني مخدرات، ولم تُخضعهم لدورات تدريبية وتثقيفية بآداب وقواعد المرور، والتقاعس عن تسيير دورات راكبة بالطرق، والاكتفاء بكمائن ثابتة، بها عناصر تتغاضى عن المخالفات بمقابل".

وختم حديثه بالقول إن "دماء الضحايا توزع على مسؤول كبير، ووزير، يبحثان عن إنجازات وهمية، وشركات تنفذ أعمالا بلا مواصفات فنية سليمة، وعلى إدارات مرور لا تقوم بواجباتها تجاه الطريق والسائق والمركبة، وعلى سائقين مخدرين دائما".

مقالات مشابهة

  • رئيس برلمانية الحزب المصري الديموقراطي بمجلس الشيوخ: تحسين ترتيب الطرق لا يعوض نقص الرقابة المرورية الفعالة
  • محمود سامي عن حادث المنوفية: السائق مسئول جنائيا والدولة عليها تعزيز الرقابة وتحسين البنية التحتية
  • محافظ الدقهلية: إجراءات شاملة لضبط النمو السكاني وتحسين الخصائص السكانية
  • كيف تسببت أوامر السيسي بـإزهاق أرواح مصريين وإهدار الأموال؟
  • 30 يونيو | النقل تنفذ وتطور 38 ألف كم من الطرق و945 كوبريًا ونفقًا منذ 2014
  • للمسافرين على الطرق الصحراوية.. اتصل تصلك سيارة الإغاثة المرورية
  • د.حماد عبدالله يكتب: لماذا لايعود " الكونستابل " !!
  • مدينة تركية تتصدر عناوين العالم بلقب “عاصمة الفطور”.. إليك سر المائدة التي جمعت 52 ألف شخص
  • مطار الملك عبدالعزيز الدولي يوفر وسائل نقل رسمية متنوعة
  • وزير النقل: حادث الطريق الإقليمي محل تحقيق.. والأحمال الزائدة التي تتحملها الطرق يوميًا تؤثر على كفاءتها