جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-21@13:09:59 GMT

هل المشاكل تصقل أم تنهك الشخصية؟

تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT

هل المشاكل تصقل أم تنهك الشخصية؟

 

 

د. أحمد أبوخلبه الحضري

 

في حياتنا اليومية، يواجه كل شخص تقريبًا تحديات متنوعة، بعضها بسيط، والآخر قد يكون عميقًا وصعبًا.

يختلف النَّاس في تفسيرهم لهذه التحديات؛ فالبعض يعتبرها فرصًا للتعلم والنمو، بينما يراها آخرون بمثابة عبء ثقيل ينال من طاقاتهم ويستهلك أعصابهم. لذلك يبرز التساؤل: هل هذه المشاكل تصقل شخصية الإنسان وتطوّرها، أم أنها فقط تُنهك قواه وتستنزف روحه؟

من ناحية الجانب الإيجابي، تُعتبر المشاكل كأداة لصقل الشخصية، فيرى أنصار هذا الرأي أنَّ مواجهة الصعوبات تساعد الإنسان على بناء شخصية أقوى وأكثر نضجًا.

من خلال التعرض للتحديات، تتاح للفرد فرص للتعلم واكتساب مهارات جديدة، مثل المرونة، والصبر، وحلّ المشكلات. في هذا الإطار، تتشكل الحكمة الحياتية التي تصقل الشخصية، فالمرء يصبح أكثر واقعية وحذرًا، ويتعلم كيف يتجنب الأخطاء التي وقع فيها سابقًا.

تؤكد العديد من الدراسات النفسية أن التجارب الصعبة قد تساهم في تعزيز الثقة بالنفس لدى الأشخاص، حيث ينشأ لدى الفرد إحساس عميق بالقدرة على تجاوز العقبات وتحقيق النجاح، حتى في الأوقات العصيبة. علاوة على ذلك، قد تساهم المشاكل في تحفيز الإبداع، حيث تدفع الإنسان إلى التفكير خارج الصندوق، والبحث عن حلول مُبتكرة لمشاكله.

على الجانب الآخر، يتحدث كثيرون عن الأثر السلبي للمشاكل المتواصلة، حيث يشعر الإنسان في بعض الأحيان بأن هذه التحديات تنهك قواه النفسية والجسدية. فالتعرض المستمر للضغوط والمشكلات يمكن أن يؤدي إلى استنزاف طاقة الفرد، مما يؤثر على صحته النفسية وقدرته على التعامل مع الأعباء اليومية. الضغوط المزمنة تُعد من العوامل التي تزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، وقد تؤدي أيضًا إلى التأثير على الصحة البدنية، مثل زيادة ضغط الدم وتفاقم مشاكل القلب.

ويظهر هذا الأثر بشكل خاص عندما يفتقر الإنسان للدعم الاجتماعي أو لأدوات التكيف والتأقلم، حيث يجد نفسه غارقًا في بحر من المشكلات التي لا يعرف كيف يتعامل معها. بالنسبة لهؤلاء، يمكن للمشاكل أن تتحول إلى عائق حقيقي في حياتهم، وقد تعيق تقدمهم وتمنعهم من الاستمتاع بلحظاتهم الحياتية.

وهناك عنصر حاسم وهو المرونة النفسية، فيكمن  الفرق في الطريقة التي يتعامل بها كل شخص مع المشاكل. فالأفراد الذين يتمتعون بالمرونة النفسية، وهي القدرة على التكيف مع الضغوط وتجاوز الأزمات، غالبًا ما ينظرون إلى التحديات كفرص للتعلم والنمو. المرونة النفسية ليست سمة يولد بها الإنسان بالضرورة، بل هي مهارة يمكن تعلمها وتطويرها من خلال الممارسة والدعم.

تتجلى أهمية المرونة النفسية في أنها تساعد الشخص على استيعاب الأزمات والمشكلات دون أن تترك آثارًا سلبية طويلة الأمد. قد يكون لدى البعض وسائل لتعزيز مرونتهم، مثل التأمل أو ممارسة التمارين الرياضية أو الدعم الاجتماعي من الأسرة والأصدقاء. هذه العوامل تساعد الفرد على مواجهة التحديات بروح أكثر إيجابية وتفاؤلًا.

كما إنه من المهم أن ندرك أن المجتمع والأسرة يلعبان دورًا أساسيًا في مساعدة الفرد على التعامل مع الصعوبات. قد تكون المشاكل مرهقة إذا واجهها الشخص بمفرده، ولكن الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون قوة دافعة للتغلب على المحن. وجود الأصدقاء وأفراد الأسرة يمكن أن يوفر مساحة للتفريغ والتعبير عن المشاعر، ما يقلل من عبء الضغوط النفسية ويعزز الشعور بالراحة.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الثقافة العامة للمجتمع قد تؤثر في طريقة تعامل الأفراد مع التحديات. ففي بعض المجتمعات، يُنظر إلى مواجهة الصعاب بروح التحدي والصمود كقيمة أساسية تُشجع من خلالها الأجيال على التكيف والنمو، بينما في مجتمعات أخرى، قد يتلقى الأفراد رسائل سلبية تجعلهم يشعرون بالعجز أمام أي عقبة.

وعليه هل المشاكل تصقل أم تنهك الشخصية؟

الإجابة قد تكون مرهونة بمدى الدعم الذي يحظى به الفرد، وبالأدوات التي يمتلكها للتكيف مع الأزمات. ففي حال وجود عوامل داعمة وبيئة مشجعة، قد تكون المشاكل أدوات فعالة لصقل الشخصية وتعزيز قدراتها. أما إذا غابت وسائل الدعم، وتوالت المشكلات دون حلول، فقد تكون هذه التحديات سببًا في إنهاك الروح وتجريد الفرد من طاقته.

في نهاية المطاف، تظل المشاكل جزءًا لا يتجزأ من الحياة، ولا يمكن تجنبها كليًا. الأمر الذي يمكن للفرد فعله هو السعي لتطوير مهارات التكيف والبحث عن وسائل لتعزيز المرونة النفسية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عملة زيمبابوي المدعومة بالذهب تحقق استقرارا رغم التحديات

أعلن البنك المركزي في زيمبابوي أن العملة الوطنية الجديدة المدعومة بالذهب، والمعروفة باسم "زيغ"، قد تمكنت من تحقيق غطاء احتياطي يتجاوز 100%، وأنها تسير نحو الاستقرار.

ومع ذلك، لا تزال الشكوك تراود العديد من المستثمرين الذين يفضلون التعامل مع السوق الموازية بدلا من الثقة في العملة الرسمية، مما يثير تساؤلات بشأن مصداقيتها.

وأكد البنك المركزي في زيمبابوي الإبقاء على سعر الفائدة المرجعي عند 35%، مشيرا إلى استقرار سعر الصرف كأحد الأسباب الرئيسية لذلك.

كما أعلن أن إجمالي احتياطياته بلغ 701 مليون دولار. وذكر البنك أن حجم المعاملات باستخدام عملة "زيغ" ارتفع إلى 43% في مايو/أيار الماضي، بعد أن كان 26% في أبريل/نيسان 2024، الشهر الذي تم فيه طرح العملة لأول مرة.

ورغم ذلك، لا يزال العديد من المواطنين في زيمبابوي يعتمدون على الدولار الأميركي في معاملاتهم اليومية نتيجة لعقود من عدم الاستقرار الاقتصادي وتراجع قيمة العملة الوطنية.

ويأمل المسؤولون أن توفر العملة المدعومة بالذهب الثقة اللازمة للمواطنين لاستخدامها في تعاملاتهم اليومية.

خريطة زيمبابوي (الجزيرة)

لكن، وبالرغم من التفاؤل الحكومي، لا تزال الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية تبلغ نحو 20%، مما يعكس عدم الثقة الكاملة في العملة الجديدة.

من جانبه، رحب صندوق النقد الدولي باستقرار العملة، لكنه دعا سلطات زيمبابوي إلى فرض قيود أكثر صرامة على النمو النقدي، وإنشاء سوق صرف أجنبي أكثر شفافية، إلى جانب ضرورة المضي قدما في تسوية ديون البلاد الخارجية، التي تقدر بنحو 12.2 مليار دولار.

أما وزير المالية موثولي نكوبه، فقد أعرب عن أمله في أن يساهم الاستقرار النقدي والسياسات الملائمة في تمكين زيمبابوي من جمع 2.6 مليار دولار كتمويل مؤقت بحلول منتصف عام 2026.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حسام موافي يكشف عن تجربته الشخصية في المذاكرة التي جعلته من أوائل دفعته
  • دعم 297 أسرة مستحقة وتدخلات فعّالة لمعالجة التحديات الاقتصادية
  • تطبيق فرنسي يرصد الاكتئاب عبر كاميرا الهاتف ويحلل الحالة النفسية
  • مدعوون للامتحان التنافسي والمقابلات الشخصية
  • الاتحاد النسائي ينظم ملتقى الصحة النفسية للمرأة
  • راح فين؟ .. عبد المنعم إمام لخالد أبو بكر: فين قانون الأحوال الشخصية؟
  • رئيس الاتحاد الخليجي للإعلام الرياضي لشفق نيوز: علينا مواجهة التحديات بمهنية
  • كاتب صحفي: ترامب يستخدم خطابا تصعيديا مدروسا ضمن استراتيجية الحرب النفسية
  • فيكرات: القرض الفلاحي يعتمد المرونة في مالجة ديون الفلاحين
  • عملة زيمبابوي المدعومة بالذهب تحقق استقرارا رغم التحديات