تصدرت أخبار "مجلس الشعب" المشهد السياسي السوري مؤخراُ، بسبب إسقاط النظام السوري العضوية عن 3 من نوابه، وملاحقة أعضاء آخرين قضائياً.

وفي التفاصيل، سمح برلمان النظام السوري بالملاحقة القضائية بحق اثنين من أعضائه، وهما مدلول عبد العزيز، وأيهم جريكوس، بتهم تتعلق بالفساد والتهريب وهدر المال العام، وقبل ذلك، كان النظام قد أسقط العضوية عن ثلاثة أعضاء على خلفية ازدواج الجنسية.



ومدلول عبد العزيز، بحسب موقع "مع العدالة"، هو أحد قادة تنظيم "جبهة النصرة" في ديرالزور، وبعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى ديرالزور، هرب مدلول العزيز إلى دمشق وأجرى مصالحة مع المخابرات الجوية، وقام بتأسيس ميليشيا لصالح المخابرات الجوية.

أما أيهم جريكوس فهو طبيب من مدينة اللاذقية مسقط رأس النظام، ودخل مجلس الشعب عن طريق ترشيح حزب "البعث"، ووفق مصادر النظام، فإن أسباب إسقاط الجنسية عنه، يعود لشبه فساد واختلاس المال العام.

إلى ذلك، ذكرت مصادر النظام، أنه جرى إسقاط العضوية عن النائب أنس محمد الخطيب عن دائرة محافظة دمشق، بسبب حمله الجنسية الأردنية، ليكون الخطيب العضو الثالث الذي يتم إسقاط عضويته في مدة لا تتجاوز الشهر، حيث سبق وأن أُسقطت عضوية النائب محمد حمشو عن دمشق، والنائب شادي دبسي عن حلب، بسبب حصولهما على الجنسية التركية.

وبحسب مصادر "عربي21"، يحمل أنس الخطيب درجة الدكتوراه في مجال العلوم السياسية والاجتماعية، وعمل في مجالات أكاديمية أو بحثية قبل دخوله العمل السياسي، ومن غير المعروف متى حاز على الجنسية الأردنية.

أما محمد حمشو، الحاصل على الشهادة الجامعية في الهندسة الإلكترونية، فهو مؤسس شركة "سورية الدولية للإنتاج الفني" وموقع "شام برس" الإخباري، وشارك في تأسيس "تلفزيون الدنيا".

وأسس "مجموعة حمشو الدولية" التي تضم نحو 20 شركة تعمل في المقاولات والتعهدات الحكومية والسكنية، وتقلد مناصب مثل أمين سر "غرفة تجارة دمشق" و"اتحاد غرف التجارة السورية"، ورئيس "مجلس المعادن والصهر"، وأدرج تحت طائلة العقوبات الأوروبية والأمريكية.

ويشاع على نطاق واسع أن لحمشو علاقات قوية مع ماهر الأسد شقيق بشار الأسد، وطهران، وما يمكن الجزم به أن حمشو حصل على الجنسية التركية بسبب الاستثمارات، أو التملك العقاري.

أما شادي دبسي فهو طبيب مختص بالتجميل ويمتلك عيادة خاصة في مدينة حلب، وحصل العام الماضي على الجنسية التركية، من دون توفر معلومات أكثر.

وأثار كل ما سبق تساؤلات حول تفسيرات تركيز النظام السوري على "مجلس الشعب"، في وقت تشهد فيه المنطقة حالة تصعيد غير مسبوقة.

عضو "مجلس الشعب" السابق، علي البش، أشار إلى النظام الداخلي للمجلس الذي يسمح بإسقاط العضوية والحصانة، مبيناً أن "النظام الداخلي لا يسمح بترشيح العضو الذي يحمل جنسية أجنبية إلى جانب الجنسية السورية".

غير أن النواب حصلوا في الغالب على الجنسيات الأجنبية قبل نجاحهم في الولاية الأخيرة، وعن ذلك يقول البش لـ"عربي21": "الملفت أن محمد حمشو هو من أذرع النظام الاقتصادية، وإسقاط العضوية عنه وعن الآخرين قد لا يكون مؤثراً، ومن الوارد أن يكون كل ذلك جرى بالاتفاق مع هؤلاء الأعضاء"، لافتاً إلى مواقف كل من تركيا والأردن الداعمة في فترة ما للثورة السورية.


تحذير بقية الأعضاء

أما بخصوص ملاحقة النائبين قضائياً، قال عضو مجلس الشعب السابق: "يريد النظام تحذير بقية الأعضاء ليكونوا أكثر التزاماً، عبر التأكيد بأنه لا أحد في مأمن".

ويرجح البش أن يكون الغرض من هذه التحركات هو إشغال الشارع السوري الذي يعيش تحت ضغط اقتصادي هائل، ويقول: "النظام يريد إشعار الرأي العام أنه يتحرك لتحسين الوضع الاقتصادي وإصلاح الجانب السياسي، علماً أن كل هذه القرارات ثانوية".

صراع أجنحة

من جهته، يتحدث الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي عن أكثر من دلالة للخطوات على صعيد مجلس الشعب، منها صراع الأجنحة بين النظام، مدللاً على ذلك باستهداف واجهات اقتصادية مهمة ومعاقبة، مثل محمد حمشو.

وربط في حديثه لـ"عربي21" بين توقيت قرارات النظام وبين الحرب التي يشنها الاحتلال ضد لبنان وغزة، وقال: "في ذروة التهديدات واحتمال وصول الحرب إلى سوريا، يركز النظام اهتمامه على شأن داخلي، ليقول إنه غير مرتبط بالحرب".

وفي الاتجاه ذاته، يرى المعراوي أن الخطوات التي تخص مجلس الشعب أي إسقاط العضوية وملاحقة نواب قضائياً، تؤشر إلى "قوة السلطة" من منظور النظام، وعلق بقوله: "من الواضح أن النظام يريد إظهار فائض القوة لديه على الصعيد الداخلي".


قطع الطريق على المعارضة

في المقابل، يضع الباحث في الشأن الأمني عبد الله نجار، في حديثه لـ"عربي21" خص إسقاط العضوية بالجنسية المزدوجة التركية والأردنية، في إطار التمهيد لاستبعاد كل السوريين المنتمين للثورة عن أي استحقاقات وطنية قادمة، بحجة حيازتهم على جنسيات أخرى او إقامتهم أكثر من عقد خارج البلاد، خاصة أن حوالي 15 مليون سوري يقيمون فعلياً خارج سوريا، في إشارة إلى المطالب الخارجية من النظام بإشراك المعارضة السورية في الحكم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية النظام الأسد سوريا سوريا الأسد النظام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری على الجنسیة العضویة عن مجلس الشعب

إقرأ أيضاً:

الانتخابات البرلمانية المصرية.. فرصة ضائعة للإصلاح

توقع الكثيرون أن تكون الانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت لغرفتها الأولى (مجلس الشيوخ) في آب/ أغسطس الماضي، وبدأت قبل أيام الاستعدادات لغرفتها الثانية (مجلس النواب) فرصة جديدة للإصلاح السياسي، ولو بشكل تدريجي، لكن المشهد العام حتى الآن يشي بأنها فرصة مهدرة، لحقت ما سبقها من فرص مهدرة أيضا، مثل الحوار الوطني، أو لجنة العفو الرئاسي، أو حتى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان!! وكشفت عن إصرار النظام على المضي قدما في المزيد من السياسات القمعية في ظل أوضاع شديدة الالتهاب تحيط بمصر، تُعرّض أمنها القومي للخطر، وتتطلب توحيدا حقيقيا لجبهتها الداخلية.

يحلم الكثيرون في صفوف المعارضة داخل مصر بانفراجة سياسية، ويهللون لكل خطوة متناهية الصغر مثل الإفراج عن معتقل، أو الدعوة لحوار وطني، واستدعاء بعضهم للمشاركة فيه، أو حتى دعوة البعض لحفل عشاء بحضور السيسي. ولا يمكن لومهم على هذه الأحلام البسيطة، حيث لم يترك النظام فرصة لأحلام كبيرة مع فرضه لحالة الانسداد السياسي، والقمع الأمني، والصوت الواحد، وهذا وضع غير قابل للاستمرار، ويحتاج تضافر جهود كل المخلصين للمسارعة بالخروج منه.

ربما يعتقد البعض أن مرور 12 عاما على نظام الثالث من تموز/ يوليو كافية للانتقال من حالة الانغلاق السياسي والإعلامي إلى حالة من الانفتاح، والانفراجة السياسية، وحين نصب النظام سيرك الحوار الوطني ارتفعت الآمال بالحلحلة السياسية، ورغم أن الحوار لم يكن شاملا، إلا أنه قدم وصفة علاج لا تمثل إزعاجا كبيرا للنظام، فالمشاركون يتحاورون تحت سقفه، ويدركون المواءمات المطلوبة، وكان من بين توصياتهم تعديل قانون الانتخابات البرلمانية ليعتمد نظام القائمة الحزبية النسبية، بحيث تجد الأحزاب فرصا في التمثيل البرلماني حسب أوزانها الانتخابية، لكن السلطة رفضت هذه التوصية، وأصرت على تطبيق ما يعرف بالقائمة المطلقة، والتي تعني أن حصول قائمة على نسبة 50 في المئة من الأصوات + صوت واحد تفوز بكل المقاعد، في حين تخرج القائمة الحاصلة على أقل من 50 في المئة بصوت واحد من المولد بلا حمص، أي لا تحصل على أي مقعد برلماني.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل عمدت السلطات لتكليف أحزاب الموالاة التابعة لها (4 أحزاب) لتشكيل ما يسمى بالقائمة الوطنية، يحصلون من خلالها على الغالبية العظمى من المقاعد، مع ترك بعض الفتات لأحزاب أخرى تقبل الانضواء تحت جناح تلك القائمة، وهو ما أحدث شقاقا داخل أحزاب المعارضة بين قبول، ورفض، ومقاطعة للانتخابات باعتبارها محض مسرحية هزلية جديدة.

إلى جانب القائمة المغلقة، ترك قانون الانتخابات مساحة للترشح الفردي، ويفترض أن تكون هذه المساحة فرصة لمنافسة حرة بين المرشحين، وبالذات من الأحزاب التي لم تستطع تشكيل قائمة، أو لم تقبل الانضواء تحت القائمة الوطنية، لكن السلطة لم تترك هذه المساحة أيضا، إذ أوعزت لأحزابها بترشيح منتسبيها في تلك الدوائر، مع ضمان مسبق بفوزهم، كما تركت السلطة الباب مفتوحا للمال الحرام، حيث أصبح البعض يشتري مقعد مجلس الشيوخ أو النواب بأسعار فلكية وصلت إلى خمسين مليون جنيه مصري (100 ألف دولار)، وحين اشتكى البعض من هذا الطلب تم استدعاؤه للتحقيق، بينما لم يتم استدعاء الأحزاب التي ارتكبت هذه الجريمة لأنها ببساطة من أحزاب السلطة.

لم يكن غريبا والحال كذلك أن تسيطر 4 أحزاب حديثة عهد بالسياسة على 90 في المئة من مقاعد مجلس الشيوخ، وفاز حلفاؤها الذين ترشحوا ضمن قائمتها بـ10 في المئة الباقية، وخرجت بقية الأحزاب والمستقلين صفر اليدين، وهو ما سيتكرر بالضرورة مع انتخابات مجلس النواب التي ظهرت مقدماتها المماثلة تماما لمقدمات مجلس الشيوخ، وأهمها هيمنة أحزاب الموالاة الأربعة على المشهد الانتخابي، وبالتبعية سيُنتج ذلك برلمانا مشوها، لم يصل نوابه إلى قاعته عبر نضال سياسي، أو حضور جماهيري، بل عبر قرارات سلطوية، ومال فاسد.

ولنتخيل هذا ذاك النائب الذي دفع 50 مليون جنيه ثمنا لمقعده البرلماني كيف ستكون أولوياته تحت القبة؟! المؤكد أنه لن يشعر بأي التزام تجاه دائرته الانتخابية لأنه اشترى المقعد بماله، والمؤكد أنه سيكون حريصا على تعويض ما دفع من أموال بطرق مختلفة مستغلا حصانته البرلمانية، وبالمحصلة فإننا سنكون -كما كنا من قبل- أمام مجلس لتقنين الفساد، والدفاع عنه لا مكافحته، أو محاسبة المسئولين عنه.

لنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلا في انتخابات برلمان 2012، حيث جرت بكل حرية وشفافية، وتنافست فيها كل الأحزاب، وجرت فيها تحالفات انتخابية قوية، وأنتجت برلمانيا متنوعا من كل الاتجاهات، وكان بتركيبته تلك أقوى برلمان؛ لولا التآمر السريع عليه، وحله بقرار قضائي غريب بعد شهور معدودة من انعقاده، ومنذ ذلك الوقت جرت الانتخابات البرلمانية 3 مرات، لتأتي النتائج في كل مرة ببرلمان أسوأ مما سبقه.

كان من الممكن أن تصبح الانتخابات البرلمانية نافذة للإصلاح السياسي عبر السماح بحرية الترشح والتنافس، طالما أن النظام وأحزابه ومؤيدوه يشعرون بقوتهم! والتفاف الشعب حولهم! فقد كان ذلك سينعكس على نتائج التصويت! وفي الوقت نفسه كانت أحزاب المعارضة ستحصل على نصيب معقول من التمثيل البرلماني الذي يحيي البرلمان بعد موات، لكن ما حدث هو المزيد من الهيمنة والاستحواذ بقوة ونفوذ السلطة، وليس بقوة التصويت الانتخابي الحر، وهو ما ضاعف حالة الانسداد السياسي.

ورغم أن أنصار النظام يتباهون بموقفه الأخير في مفاوضات شرم الشيخ التي انتهت بوقف الحرب في غزة، ويدّعون أنها زادت من شعبيه النظام، فإن المؤكد أن هذه حالة عارضة ما تلبث أن تتبدد مع إعلان نتائج انتخابات البرلمان، ومع تطبيق المزيد من السياسات الاقتصادية المؤلمة، والزيادات الجديدة للأسعار، وبيع المزيد من أرض الوطن وفاء لديون فاسدة.

x.com/kotbelaraby

مقالات مشابهة

  • الانتخابات البرلمانية المصرية.. فرصة ضائعة للإصلاح
  • نائب:المشهداني وراء فشل البرلمان
  • قانون مجلس النواب يمنع الجمع بين العضوية والحكومة ويشدد شروط الترشح
  • السعودية تقدم دفعة جديدة من سيارات الإسعاف لمساعدة الشعب السوري
  • نائب:البرلمان أغلق أبوابه استعداداً للانتخابات المقبلة
  • اليوم ..نظر دعوي عدم دستورية نصوص الاعتداء على قيم الأسرة وملاحقة "التيك توك"
  • وزير الخارجية السوري يصل بيروت ويلتقي عون ورئيس الوزراء
  • إلغاء قانون قيصر .. قرار أمريكي هام لصالح الشعب السوري
  • عزل رئيسة بيرو دينا بولوارتي بحجة العجز الأخلاقي
  • نجوم تحت القبة.. فنانون مصريون نواباً في البرلمان