لا يمكن لمن يزور الشمال الإيطالي ألا يقصد منطقة جبال الدولوميت في أقصى الشمال الشرقي للبلاد، فهي جزء من سلسلة جبال الألب المهيبة، أكبر سلسلة جبلية في أوروبا، وفضلا عن جمال المناظر الطبيعية والغنى الثقافي في الدولوميت، فإن قرب المسافة بينها وبين النمسا وسويسرا يضفي مزيدا من الجاذبية على هذه المنطقة الإيطالية.

وتقع جبال الدولوميت في إقليم ترينتينو ألتو أديجي ومقاطعة بولتسانو، وأصبح ترينتينو تابعا لإيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى، فقد كان تابعا قبل الحرب للنمسا، ولذلك فإن المنطقة تمتاز بمزيج ثقافتها بين المكون الإيطالي والنمساوي، وهو ما يظهر في عدة مناح من الحياة مثل الملابس والطعام، وشكل المباني.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا تقدم إيران لزوارها من مقاصد ومزارات؟list 2 of 210 أماكن يمكن زيارتها في مكة المكرمة والمدينة المنورةend of list

وتعتبر جبال الدولوميت، التي تمثل الجزء الجنوبي لجبال الألب الإيطالية، قلب ترينتينو وفخرها، وتقدم المنطقة الجبلية بيئة طبيعية ساحرة تتكون من بساتين التفاح الأخضر، والقرى الساحرة بمنازلها الصغيرة والمزينة بالزهور، والأنهار المنسابة بين السهول الجبلية، والبحيرات الكثيرة المنتشرة بين أرجاء المنطقة، والممرات الجبلية الأخاذة.

منطقة الدولوميت في أقصى الشمال الشرقي لإيطاليا من أفضل الوجهات الجبلية في البلاد (الجزيرة)

وقد سميت هذه الجبال باسم العالم الفرنسي دولوميو الذي كان أول من قام بتحليل صخور الدولوميت الكربونية التي تتكون منها تلك الجبال، ومادة الكربون هي التي تعطي سلسلة الدولوميت لونها الرمادي المميز، فالبعض يسميها الجبال الشاحبة.

وأدرجت منطقة الدولوميت في قائمة التراث العالمي لليونيسكو عام 2009، وذلك لما تشتمل عليه المنطقة من مميزات طبيعية وجيولوجية لافتة، وتضم الدولوميت كثيرا من القمم الجبلية، 18 منها يفوق ارتفاع كل منها 3 آلاف متر. وتغطي الدولوميت 141 ألفا و903 هكتارات من بين أكثر المناظر الطبيعية الجبلية روعة على الإطلاق؛ وتتميز هذه المنطقة بمنحدرات صخرية شاهقة، وعدد كبير من الأودية الضيقة والعميقة والطويلة.

وفي كل قرية تمر بها في منطقة الدولوميت وفي الشمال الإيطالي عموما، لا تخطئ عيناك حرص سكان المنطقة على أناقة البيوت الريفية، وهي بيوت خشبية ذات أسقف مائلة وشرفات مزخرفة ومزينة بشتى أنواع الزهور، وهو ما يجعلها متماهية مع محيطها الطبيعي البديع.

جمال البيوت الإيطالية في الدولوميت وهدوء الطبيعة المحيطة يسحر الزائر (الجزيرة) ما المميز؟

بمقدور زائر منطقة الدولوميت أن يستمتع بعديد من الأنشطة الخارجية صيفا وشتاء، ففي الشتاء تعد المنطقة قبلة لمحبي التزلج، حيث تضم عديدا من المنتجعات المعروفة برياضة التزلج، مثل كورتيينا دامبيزو وفال غاردين، وفي الصيف يمكنك الاستمتاع بالمشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات الجبلية وتسلق الصخور في كثير من المواقع.

جانب من الطبيعة الساحرة لجبال الدولوميت غير البعيدة عن الحدود مع النمسا وسويسرا (الجزيرة)

وأكثر شيء يشد المرء إلى الدولوميت هي المناطق الطبيعية، حيث القمم الصخرية والوديان الخضراء، وبالتالي فهي مكان مثالي للتصوير الفوتوغرافي واستكشاف الطبيعة، وفي أحضان هذه الطبيعة الهادئة ستصادف كثيرا من القرى الجبلية المتسمة بالهندسة المعمارية التقليدية، مثل أورتساي التي توصف بعروس الشمال الإيطالي، فضلا عن قرى أخرى مثل سان كانديدو القريبة جدا من الحدود النمساوية، وقرية سانتا مادلينا التي فيها إحدى أجمل الإطلالات على جبال الدولوميت، فضلا عن عشرات القرى الجميلة مثل كورتيينا دامبيزو التي سبق أن استضافت الألعاب الأولمبية الشتوية وبطولات عالمية في رياضة التزلج على الثلوج.

وتعد قرية كاستيلروث (المعروفة أيضًا باسم كاستيلروتو) في جنوب تيرول منطقة جيدة لاستكشاف هضبة "سيزر آلم"، والمعروفة أيضا باسم ألب دي سيوسي، وهي أكبر مرج في جبال الألب كلها، وهي نقطة جذب رئيسية، خصوصا للتزلج والمشي لمسافات طويلة.

هضبة سيزر آلم في الدولوميت هي أكبر مروج جبال الألب الأوروبية (بيكسابي) القمم والبحيرات

وتعد قمة كرونبلاتز، القمة الأشهر في الشمال الإيطالي بالنظر إلى موقعها في قلب الدولوميت، وتضم متاحف ومطاعم راقية، ومنها متحف "إم إم إم كورونيس"، وهو على حافة أكثر هضبة بانورامية والمتحف من تصميم المهندسة العراقية العالمية الراحلة زها حديد.

ومن الأماكن المميزة لمحبي المشي الطويل وتسلق الجبال منطقة تسمى "ثري بيكس"، وهي من أشهر الجبال في الدولوميت، وهي 3 قمم متجاورة، وتقع في متنزه وطني يمنع فيه التجوال بالسيارة، وإضافة إلى هذه المنطقة يمكنك التوجه إلى قمة سيسدا شديدة الانحدار مع ظاهر أخضر وباطن صخري، وهناك خدمة نقل تيلفريك إلى مطعم في أعلى سيسدا على ارتفاع 2518 مترا، وهناك يمكن التمتع بالمنظر البانورامي على مدى البصر، وضمنه قرية أورتساي.

بحيرة فال دي فونيس توجد في وادي صغير ساحر يحمل الاسم نفسه (الجزيرة)

ومن أكثر مناطق الجذب السياحي في الدولوميت أيضا، العديد من البحيرات ومن أشهرها وأكثر روعة دوبياكو وميزورينا ولاغو دي برايس ومولفينو وتوفيل وبحيرات فوسين، وهناك يمكنك أن تجد البحيرات الجليدية الباردة، والبحيرات الصافية، والبحيرات المنعشة التي يمكنك السباحة فيها.

ومن مميزات منطقة الدولوميت قربها من بحيرة غاردا، وهي ضمن الشمال الإيطالي، وهي كبرى بحيرات البلاد، إذ تقل المسافة بين غاردا وقرية أوتساي مثلا عن 100 كلم، وتشتهر بحيرة غاردا بالرياح، التي تجذب عديدا من راكبي الأمواج إلى شواطئها الفاتنة، وتنتشر على ضفاف هذه البحيرة العديد من المدن القديمة الساحرة مثل سيرميوني ومالسيسين وليمون سول غاردا.

الأنشطة الترفيهية

توجد عديد من الأنشطة الترفيهية في منطقة الدولوميت من قبيل التلفريك والزحليقة الصيفية و"الزبلاين" (التنقل من مكان مرتفع إلى آخر منخفض بواسطة حبل معدني) والحدائق العامة، وحدائق الحيوانات، والمتنزهات المنتشرة في أغلب مدن المنطقة، إضافة إلى المتاحف المتعددة، فهناك تلفريك في عدد من القرى الجميلة مثل كورتيينا وسان كانديدو، والقيام بجولات عبر القوارب في البحيرات المشهورة في الدولوميت، كما يمكنك زيارة عديد من المتاحف المحلية ومن أشهرها متحف أوتزي في مدينة بولتسانو، حيث تعرض أقدم مومياء بشرية محفوظة بصورة طبيعية في العالم، ويبلغ عمرها 5300 عام.

من التجارب الترفيهية المميزة في جبال الدولوميت ركوب التلفريك (بيكسابي) الإقامة والتنقل

ثمة عديد من خيارات السكن في الدولوميت من الفنادق الفاخرة والمتوسطة وأقل من المتوسطة، إلى الأكواخ الجبلية والشقق المفروشة والمنازل الريفية الجميلة التي يديرها السكان المحليون، وفي ما يخص التنقل فهناك عدة وسائل للنقل العام في المنطقة مثل الحافلات وسيارات الأجرة، ولكن لأن عديدا من مناطق الجذب السياحي بعيدة نسبيا عن بعضها بعضا، فإن الخيار الأقل كلفة لك هو استئجار سيارة طيلة مدة إقامتك.

وأما تكلفة الرحلة في الدولوميت (تستبعد منها أسعار تذاكر الطائرة)، فهي متفاوتة بتفاوت طبيعة الإنفاق السياحي من فرد إلى آخر، ولكن بصفة إجمالية فإن متوسط التكاليف الإجمالية لرحلة عائلة مكونة من 4 أفراد لمدة أسبوع في منطقة الدولوميت تتراوح بين 2500 و4 آلاف يورو، وتتضمن الإقامة والتنقل والطعام والأنشطة الترفيهية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جبال الألب

إقرأ أيضاً:

وزيرة البيئة: الحلول القائمة على الطبيعة أداة فعّالة لمواجهة تحديات المناخ وحماية التنوع البيولوجي

أكدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، أن الحلول القائمة على الطبيعة تمثل إحدى الأدوات الفعّالة لمواجهة التحديات المناخية وحماية التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، مشيرة إلى أهمية تعزيز التعاون الدولي لإطلاق مبادرات ومشروعات مبتكرة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة.

جاء ذلك خلال كلمة الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، في افتتاح جلسة “قصص مبادرة ENACT من أرض الواقع: كيف تبدو الحلول القائمة على الطبيعة الناجحة وغير الناجحة” ضمن فعاليات مشاركتها نيابةً عن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالمؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة، الذي ينظمه الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) بمدينة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والمنعقد خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، بحضور السفير مهير مارغريان كبير المفاوضين في مؤتمر الأطراف السابع عشر بوزارة الخارجية بجمهورية أرمينيا، أوليفر كونز المدير العام للوزارة الاتحادية للبيئة والعمل المناخي وحماية الطبيعة والسلامة النووية بجمهورية ألمانيا الاتحادية، كما ادار الجلسة السيد سانديب سينجوبتا، رئيس السياسة العالمية بشأن تغير المناخ بالاتحاد الدولي لصون الطبيعة.

وشددت الوزيرة على إيمان مصر بأهمية الحلول القائمة على الطبيعة في دعم جهود التكيف مع التغيرات المناخية، مشيرة إلى أن مبادرة ENACT تمثل نموذجًا عالميًا للتعاون الدولي في مجال الحلول القائمة على الطبيعة، حيث تم إطلاقها عام 2022 بالتعاون بين حكومة ألمانيا الاتحادية والاتحاد الدولي لصون الطبيعة، على هامش مؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ، بهدف توسيع نطاق الحلول الطبيعية في اتفاقيات ريو الثلاث (التنوع البيولوجي - التغير المناخي - مكافحة التصحر) وتحويلها من مشروعات تجريبية إلى سياسات وممارسات وطنية قابلة للتطبيق على نطاق واسع.

واستعرضت الدكتورة منال عوض خلال كلمتها عددًا من المشروعات الرائدة التي تنفذها مصر في هذا المجال، ومن أبرزها مشروع دعم التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا النيل، الذي تنفذه وزارة الموارد المائية والري بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبتمويل من صندوق المناخ الأخضر (GCF)، بهدف حماية الأراضي المنخفضة في دلتا النيل من الفيضانات الساحلية الناتجة عن ارتفاع مستوى سطح البحر.

وأوضحت أن مصر استثمرت 6.1 مليون دولار أمريكي من ميزانيتها الوطنية بالإضافة إلى 17 مليون دولار أمريكي من منحة صندوق المناخ الأخضر المقدرة بحوالي 31.5 مليون دولار أمريكي، لتنفيذ أعمال حماية بطول 69 كيلومترًا باستخدام حلول متوائمة مع الطبيعة، مما انعكس إيجابًا على حياة نحو 750 ألف مواطن في منطقة الدلتا.

كما أشارت إلى أن هيئة حماية الشواطئ تعمل حاليًا على توسيع نطاق تطبيق الحلول القائمة على الطبيعة لحماية السواحل من التآكل وتعزيز استدامة الموارد الطبيعية في المناطق الساحلية.

وتناولت الوزيرة جهود الدولة في تنفيذ مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لزراعة 100 مليون شجرة، التي تمثل نقلة نوعية في جهود مواجهة التغيرات المناخية وتحسين البيئة الحضرية وتوسيع الرقعة الخضراء، مشيرة إلى أنه تم حتى الآن زراعة أكثر من 10 ملايين شجرة مثمرة وخشبية، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الهواء وتوفير بيئة أكثر صحة للمواطنين.

وأكدت الدكتورة منال عوض أن هذه الجهود تأتي في إطار رؤية مصر لتحقيق الاستدامة البيئية، وتعزيز التعاون الدولي في مواجهة آثار التغيرات المناخية من خلال تبادل الخبرات وتوسيع نطاق تطبيق الحلول القائمة على الطبيعة.

وفي ختام كلمتها، أكدت عوض أن نجاح مبادرة ENACT في تعزيز الاتساق في تطبيق الحلول القائمة على الطبيعة عبر اتفاقيات ريو وأجندة التنمية المستدامة، يعتمد على التعاون الموسّع والمستدام بين الحكومات والمنظمات الدولية، داعية الدول والمنظمات التي لم تنضم بعد إلى المبادرة إلى الانضمام والمشاركة في تحقيق أهدافها ودعم خطة عملها، بما يسهم في حماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.

اقرأ أيضاًوزير المالية: مؤسسات التصنيف العالمية بدأت ترفع تقييماتها للاقتصاد المصري

وزير الخارجية يناقش مع نظيره الأمريكي الترتيبات الخاصة بقمة شرم الشيخ

مقالات مشابهة

  • الأماكن والمواعيد.. أتربة مثارة على أجزاء من منطقة الرياض
  • «العالمي لحماية الطبيعة» يستشرف حلولاً تمويلية وابتكارات علمية للاستدامة
  • مستوطنون يقتحمون منطقة قماص ببلدة بيتا جنوب نابلس
  • إسرائيل توسّع تعاونها مع 6 دول عربية.. انفجار يهزّ مستوطنة بالشمال
  • منال عوض تشارك فى الجلسة الحوارية حول وعد الطبيعة للمناخ والإنسان
  • وزيرة البيئة: الحلول القائمة على الطبيعة أداة فعّالة لمواجهة تحديات المناخ وحماية التنوع البيولوجي
  • منال عوض تستعرض جهود مصر في الحلول القائمة على الطبيعة
  • جمعية محبي الفنون الجميلة تنظم ندوة عن "الإبداع.. وانتصار أكتوبر"
  • واشنطن تتهم لجنة نوبل بتسييس جائزة السلام .. وتؤكد: إرادة ترامب تحرك جبال
  • غزة.. الجيش الإسرائيلي يعلن سريان وقف إطلاق النار ويلفت لـ7 نقاط