بالإبرة والخيط.. غزيّات يلجأن لطُرق مبتكرة لمواجهة أزمة الملابس الشتوية
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
غزة- بفرحة غامرة التقطت الفلسطينية الثلاثينية ريهان شراب صنارة وكرات من الصوف الملوّن من تحت أنقاض منزلها المدمر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، كملاذ أخير لمواجهة برد الشتاء.
ساعات طويلة استغرقتها ريهان (30 عاما) وهي ترفع الأنقاض حجر تلو الحجر، وتطيل النظر تحتها وكأنها تنقب عن "كنز ثمين"، حتى عثرت على صنارتها وكرات الصوف، حيث تمتهن "فن الكروشيه"، وصناعة الملابس الشتوية الثقيلة بالغزل اليدوي.
"فعلا وجدت كنزا" تقول ريهان للجزيرة نت، وهي منشغلة في غزل قطع من الملابس الشتوية لطفليها راكان (11 عاما) وتوتو (8 أعوام)، ونزحت بهما بالملابس التي تستر أجسادهم فقط، من منزل أسرتها الذي حوله الاحتلال وعشرات المنازل المجاورة له إلى أكوام من الركام، إبان الاجتياح البري للمدينة أواخر العام الماضي.
بدائل طارئةولجأت ريهان إلى التنقيب عن أدوات الغزل وحياكة الصوف تحت أنقاض منزلها المدمر بعدما أعياها البحث في الأسواق عن بديل لها ولم تجد، فضلا عن عدم توفر ملابس شتوية لتدفئة جسدي طفليها مع حلول فصل الشتاء.
ولا تتوفر الملابس الشتوية في أسواق مدينة خان يونس ومناطق جنوب القطاع، جراء منع الاحتلال إدخالها من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، منذ اندلاع الحرب عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وتقول ريهان إن الملابس شحيحة في الأسواق وأسعارها باهظة للغاية، ولا تناسب غالبية الناس ممن أنهكتهم الحرب وأفقدتهم مصادر رزقهم ومدخراتهم.
وتنحدر هذه المرأة من عائلة شهيرة في جنوب القطاع، وفقدت عددا من أقاربها شهداء، إضافة إلى تدمير واسع في منازل العائلة وأراضيها الزراعية، وتنظر للنزوح كأكبر مآسي الحرب، حيث تفتقد الخصوصية والأمان والقدرة على تربية طفليها وتوفير احتياجاتهما الضرورية.
وتقول "خسرنا الكثير خلال هذه الحرب المسعورة (..) إنها تجربة قاسية ومريرة، فقدنا خلالها آلاف الأرواح، ودمرت منازلنا وممتلكاتنا، والحصار يخنقنا حتى إننا نعاني من أجل توفير اللقمة التي تسد جوع أطفالنا، والملابس التي تغطي أجسادنا وأجسادهم".
خيارات حربوقبل اندلاع الحرب كانت ريهان تمتهن حياكة الصوف وصناعة أصناف متنوعة من الملبوسات الشتوية، وتروجها بالتسويق الإلكتروني من خلال صفحة خاصة أنشأتها على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي ظل أزمة الملابس الحادة التي تعصف بالغزيين ومئات آلاف المشردين في الخيام ومراكز الإيواء، تلقت ريهان رسائل عبر صفحتها من فلسطينيين يقيمون في الخارج، وهيئات إغاثية، يطلبون منها صناعة ملابس كهدايا لأسرهم وأقاربهم، أو لتوزيعها بالمجان على المحتاجين ضمن مبادرات خيرية.
وتواجه ريهان أزمة في شح الصوف بالأسواق، وتقول إن المتوفر منه جودته رديئة وأسعاره مبالغ فيها، وأضعاف ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
وتجبر الحرب الغزيين للبحث عن خيارات ووسائل مبتكرة للتغلب على أزماتهم المركبة التي تعصف بهم، ويبرز من بينها مبادرة "مشغل إبرة وخيط" وأطلقتها النازحة من مشروع بيت لاهيا نداء عيطة، وتقيم حاليا في خيمة بمنطقة مواصي خان يونس بعد محطات نزوح كثيرة.
ويقوم هذا المشغل بإعادة تدوير البطانيات (الأغطية) وتحويلها لسترات وألبسة شتوية، وقد أطلقت نداء (31 عاما) هذا المشروع في يوليو/تموز الماضي، وتقول للجزيرة نت "أدركت أننا مقبلون على أزمة شديدة في فصل الشتاء مع استمرار الاحتلال في منع دخول الملابس الشتوية، وخسارة الناس لملابسهم في بيوتهم التي نزحوا عنها، أو تلك التي تعرضت للقصف والتدمير".
ولا تهدف نداء من وراء هذا المشغل للربح، وتقول إن هدفه إنساني، ويعمل معها فريق من 12 امرأة و7 رجال، ويتم الاستعانة بهم حسب الحاجة وضغط العمل، وتكتفي بهامش ربح بسيط، من أجل مساعدة أعضاء الفريق على إعالة أسرهم، فيما بينهم متطوعون لا يتقاضون أجرا.
إبرة وخيطوتعاني نداء من أجل توفير بطانيات ارتفعت أسعارها على نحو غير مسبوق، ويأتيها نازحون ببطانياتهم يطلبون إعادة تدويرها كملابس شتوية لأبنائهم، وتكتفي بأجرة بسيطة نظير ذلك لا تزيد عن 30 شيكلا (أقل من 10 دولارات).
ولا تتقاضى شيئا من حالات أخرى تصف أحوالها المعيشية بالبائسة، وتنجز لها احتياجاتها بالمجان، آخرها امرأة نازحة وزوجها مفقود منذ شهور ولديها 3 أطفال وعاجزة عن توفير ملابس لتدفئتهم، وتقول نداء إن "خيمة المشغل" باتت مقصدا لنساء فتكت بهن الحرب، ولا يجدن ما يسترن به أجساد أطفالهن لتدفئتهم، خاصة خلال ساعات الليل، حيث يشتد البرد في منطقة المواصي الساحلية.
ويعمل فريق "إبرة وخيط" يدويا، بسبب انقطاع الكهرباء كليا عن القطاع منذ اندلاع الحرب، وعدم توفر الوقود لتشغيل وسائل طاقة بديلة، وتقول المتطوعة رهف قديح (21 عاما) للجزيرة نت إن العمل اليدوي شاق، ويستنزف وقتا وجهدا كبيرين.
وتتوفر لدى المشغل ماكينة خياطة وحيدة تعمل بالطاقة الحركية تتولد من دوران دواسات دراجة هوائية متصلة بحزام الماكينة، ويعمل عليها خياط ينجز قطعة الملابس المطلوبة بعد أخذ المقاسات وقص قماش البطانيات يدويا، بحسب رهف.
وهذه المتطوعة نفسها نازحة مع أسرتها (11 فردا) من بلدة خزاعة الحدودية شرق مدينة خان يونس، ويقيمون في خيمة بمنطقة المواصي، وقد نزحوا عن منزلهم في اليوم الأول لاندلاع الحرب بالملابس التي تستر أجسادهم فقط، وعندما عادوا إليه وجدوه أنقاضا.
وتعاني غالبية من بين 2.2 مليون نسمة من سكان القطاع الساحلي الصغير من تدهور حاد في واقعهم المعيشي، وقد أجبرت الحرب أكثر من 85% منهم على النزوح عن منازلهم، ويزيد الاحتلال معاناتهم بحصار خانق وحرمانهم من احتياجات الحياة الأساسية، بحسب بيانات صادرة عن هيئات دولية وحقوقية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الملابس الشتویة اندلاع الحرب خان یونس
إقرأ أيضاً:
لاعب بيراميدز يكشف كلمة السر في نجاح الفريق
قال محمود عبد العاطي دونجا لاعب بيراميدز الحالي والزمالك السابق، إنهم كلاعبين وجهاز فني وإدارة جلسوا مع بعضهم البعض بداية الموسم الماضي لمعرفة سلبيات المرحلة السابقة وأسباب خسارة البطولات في اللحظات الأخيرة، وفي النهاية تعاهدنا على عدم تكرار ما حدث وحددنا هدفنا الرئيسي وهو التتويج بالبطولات وليس المنافسة عليها فقط.
وتابع "دونجا" في تصريحات لبرنامج نجوم دوري نايل مع أحمد المصري عبر إذاعة أون سبورت إف إم: بيراميدز يمتلك لاعبين كبار لكن الأسماء الكبيرة وحدها لا تصنع شيئًا في كرة القدم، العمل الجاد والمجهود الكبير هما من يصنعان الفارق الكبير الذي حدث خلال الموسمين الماضي والحالي، الأهم أن تصدق أنك تستطيع فعل ما تسعى إليه.
وأضاف لاعب الزمالك السابق: الجميع تحدث سابقًا عن عدم وجود جماهير للفريق، مؤكدًا أننا كبيراميدز لن نستطيع تحقيق شيء بدون جماهير الضلع الأهم في منظومة نجاح أي فريق، وهذا الأمر كان يسبب إحباطًا كبيرًا للاعبين، وكان سببًا في خسارة العديد من البطولات، لكننا تمكنا من تخطي ذلك الأمر والفوز ببطولات كما تعاهدنا من قبل، وبدأ يظهر لنا جمهورًا ولو بسيط خصوصًا في المواجهات الكبرى وهذا شيء جيد ويسعدنا جدًا كلاعبين.
وواصل لاعب بيراميدز الحالي: أصبحنا فريق بطولة بعدما عرفنا ما كان ينقصنا كفريق وعالجناه، قررنا أن تسير المنظومة كاملة في طريق واحد، من يلتزم سيكون معنا ومن لا يلتزم سيكون خارج المنظومة، كما قلت لك سابقًا الأسماء الكبيرة وحدها لا تحقق بطولات، لكن النظام الصارم في التدريبات والمباريات والعمل بشكل صحيح واللعب لصالح الفريق وليس لأسماء أشخاص مع مجهودات الجهاز الفني والإدارة، كل تلك الأمور عندما تتجمع تكون هي الطريق الوحيد للوصول لمنصات التتويج والفوز بالبطولات، مضيفًا: غرفة الملابس هي من صنعت ذلك النجاح، والمدير الفني لن يستطيع تطبيق النظام وحيدًا، لذلك هناك لاعبين كبار ساعدوا المدير الفني تجنبًا لحدوث مشاكل في غرفة الملابس كانت تحدث سابقًا وتعطل الفريق، وذلك باتخاذ قرارات مهمة مثل المدير الفني ورئيس النادي.
واختتم محمود عبد العاطي دونجا حديثه: حاليًا نساند وندعم من يلعب، ونشد من آزر من لا يلعب حتى يحصل على الفرصة، وهذا هو النجاح، عندما تسأل الإدارة أو المدير الفني عن أبرز أسباب نجاح بيراميدز؟، سيقول لك "غرفة الملابس" هادئة وبلا مشاكل والكل يعمل فقط، وهذا ساعدني كثيرًا في الفوز بالبطولات.