بعد مرور يومين فقط على إعلان فوز ترامب بالرئاسة، بدأ التوتر بين رئيس الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول والرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، بعد أن لمح باول إلى عدم الرضا عن تدخلات ترامب السابقة فى سياسة البنك المركزى الأمريكى.
هذا المشهد يعيد إلى الأذهان سنوات الصراع بين ترامب وباول، فكثيراً ما كان يهدد ترامب بإقالة باول من منصبه، وبعد عودة ترامب فمن المحتمل أن يعود التوتر مرة أخرى، ما يلقى بظلاله على الاقتصاد العالمى.
وأعلن الاحتياطى الاتحادى (البنك المركزى الأمريكي)، الخميس، خفض سعر الفائدة الرئيسى بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل إلى ما بين 4.50 فى المئة و4.75 فى المائة. وذلك نتيجة لتحسن ظروف سوق العمل.
قال باول بلهجة صارمة إنه غير مستعد للتراجع، موجهاً رسالة قوية لترامب: «تحدنى إن استطعت.» ومؤكداً أنه لن يستقيل من منصبه إذا طلب ترامب، كما أوضح أنه لن يستطيع إقالته لأن منصبه محمى بحكم القانون. وعلى الرغم من أن ترامب عين باول فى منصبه الحالى رئيساً للبنك المركزى عام 2017، فإن باول لا يتبع له مباشرة، ولا للرئيس جو بايدن الذى جدد له ولاية ثانية تنتهى فى مايو 2026.
إذن، حتى مايو 2026 سنشهد توترات بين البنك المركزى الأمريكى وترامب، كما أن محاولات إقالته السابقة من قبل ترامب فشلت، حيث ينص القانون على إمكانية إقالة رئيس الاحتياطى ولكن لسبب وجيه، ولم يتم تحديد تعريف دقيق لهذا السبب، ولكن الخلافات السياسية مع الرئيس ليست سبباً وجيهاً، وإلا لتم استخدامه خلال فترة ترامب السابقة.
وقد هدد ترامب بإقالة باول عدة مرات خلال فترة رئاسته الأولى، وفى مارس 2020، بعد تراجع الأسواق مع بدء جائحة كورونا، صرح ترامب للصحفيين بأنه «يملك الحق فى عزل (باول)»، مضيفاً أن الأخير قد اتخذ «قرارات سيئة» وفقاً لرأيه.
يؤكد ترامب ضرورة أن يكون للرئيس دور فى قرارات الفائدة. وقال صراحة فى أغسطس: «أشعر بأن الرئيس يجب أن يكون له رأى فى ذلك. أعتقد أن لدىّ حساً أفضل من كثير من الأشخاص الموجودين فى الاحتياطى الفيدرالى»، وقد قوبلت هذه التصريحات بانتقادات لاذعة.
هذا التوتر يضع استقلالية البنك المركزى الأمريكى على المحك، كما يعطى رسالة سلبية للأسواق العالمية، قد تؤدى إلى مزيد من عدم الاستقرار، فى ظل أوضاع سياسية واقتصادية معقدة، وتوترات جيوسياسية، واستمرار العدوان الإسرائيلى على غزة، والحرب الروسية الأوكرانية. هذا يجعل المشهد العالمى يعانى مزيداً من عدم اليقين خلال الفترة المقبلة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتور محمد عادل م الآخر إعلان فوز ترامب المنتخب دونالد ترامب سنوات الصراع البنک المرکزى
إقرأ أيضاً:
هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟
جوزيف ستيبانسكي – واشنطن
في مناورة شديدة الخطورة، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشاركة في قصف إيران ثم سعى بسرعة لتهدئة التوتر، مخلفا تساؤلات بشأن قدرة واشنطن على "الخروج النظيف" من هذا المأزق الدموي.
ووفقا لمحللين تحدثوا لجوزيف ستيبانسكي من موقع الجزيرة الإنجليزي، لاتزال تساؤلات مقلقة قائمة حول جدوى التدخل العسكري الأميركي، حتى وإن تجنب ترامب اندلاع حرب أوسع.
انضمت الولايات المتحدة إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران فجر الأحد الماضي، حيث أرسلت طائرات بي-2 الشبح لقصف 3 مواقع نووية إيرانية.
ووصف ترامب هذا التحرك العسكري بأنه جزء من هدف واشنطن طويل الأمد لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي. إلا أن القصف أثار ردًّا انتقاميا، إذ أطلقت إيران صواريخ على قاعدة العديد الجوية في قطر يوم الاثنين.
ومنذ ذلك الحين، أعلن ترامب وقف إطلاق نار بين جميع الأطراف وادعى أنه استطاع "إيقاف الحرب"، مشيرًا إلى أن القصف "وَحّد الجميع".
لكن وسائل الإعلام شككت في ما إذا كان ترامب قد دمّر فعليًا المنشآت النووية الإيرانية كما زعم. وقد وجّه انتقادات لكلٍ من إيران وإسرائيل لانتهاكهما المبكر لوقف إطلاق النار.
ما وراء الخطابرغم البداية المتعثرة لوقف إطلاق النار، يبدو أن قادة إيران وإسرائيل التزموا بخطاب ترامب الداعي إلى السلام.
فقد أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب اتصال من ترامب، أن إسرائيل ستتجنب مزيدًا من الهجمات، بعدما "حققت أهداف الحرب كافة".
في المقابل، أشاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بـ"المقاومة البطولية" لبلاده، وأعلن احترام الهدنة والسعي لحماية المصالح الإيرانية عبر الدبلوماسية.
لكن الخبراء يحذرون من أن الحديث عن السلام قد يُخفي تحديات أكبر في الأفق.
صرح تريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي، للجزيرة أن تصريحات ترامب القاسية تجاه إسرائيل تكشف عن إحباط متزايد من حليف أميركا القديم، وأشار إلى أن فصل الولايات المتحدة عن حرب إسرائيل ضد إيران قد يكون أصعب مما يبدو.
إعلانوقال بارسي "من الضروري أن ندرك أن إسرائيل لا تريد نهاية للقتال، ويبدو أن ترامب بدأ يدرك مدى تباعد مصالح أميركا وإسرائيل في هذا الملف".
لطالما أشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن عملياتهم تستهدف تغيير النظام الإيراني، وهو هدف كان ترامب قد دعمه الأسبوع الماضي لكنه تراجع عنه لاحقا.
وصرّح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الثلاثاء بأن "فصلًا مهمًا قد انتهى، لكن الحملة ضد إيران لم تنته".
يرى بارسي أن موقف إسرائيل هذا يتباين مع موقف ترامب، رغم أن الأخير أبدى استعدادا أكبر من أسلافه لقول "لا" لإسرائيل. لكنه أضاف أن ترامب لم يتمكن من التمسك بهذا الرفض بشكل فعال، مشيرا إلى موقفه من وقف إطلاق النار في غزة.
مع ذلك، يرى بارسي أن ترامب يتمتع بـ"مرونة لافتة" في قدرته على التدخل العسكري ثم التراجع عنه. فقد شنَّ غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن لمدة 45 يومًا، لكنه أعلن وقفًا لإطلاق النار بحلول مايو/ أيار الماضي.
مخاطر الغرق في المستنقعمن جانبها، تبدو إيران حريصة على إيجاد مخرج من الصراع، إذ أكد محللون للجزيرة أن طهران تسعى لتجنب أي خطوات قد تعيد واشنطن إلى ساحة القتال.
قبل الهجوم، كانت هناك محادثات بين واشنطن وطهران لتقليص برنامج إيران النووي. لكن الهجوم الإسرائيلي المفاجئ يوم 13 يونيو/ حزيران نسف تلك الجهود.
تقول نِجار مرتضوي، الزميلة بمركز السياسات الدولية، إن إيران ما زالت منفتحة على العودة إلى طاولة المفاوضات، مضيفةً أن طهران طالما أكدت أن برنامجها النووي مدني الطابع.
وأردفت "إذا قبل ترامب ذلك، فهناك إمكانية قوية للتوصل إلى اتفاق".
غير أن ترامب لم يوضح على وجه التحديد ما الذي سيقبله، إذ وصف القصف بأنه "تدمير لكل المنشآت والقدرات النووية"، دون تمييز واضح بين الاستخدام المدني والعسكري.
وقد ناقضت هذه التصريحات تقارير مسرّبة أشارت إلى أن البرنامج النووي الإيراني تضرر لكنه لم يُدمّر، ويمكن إعادة بنائه في غضون أشهر.
لكن مرتضوي تعتقد أن إيران لن تجد أمامها سوى خيار العودة للتفاوض، ولو من موقع ضعف، مقترحة احتمال إنشاء "كونسورتيوم" إقليمي لمراقبة البرنامج.
وقالت "البديل، أي الحرب، سيكون مدمرا للمدنيين، وقد يتحول إلى مستنقع مثل العراق أو أفغانستان".
إستراتيجية ترامببحسب سينا أزودي، أستاذ السياسة في جامعة جورج واشنطن، فإن خطاب ترامب عقب إعلان الهدنة قد يكشف نواياه، وقال "ترامب يريد أن يُنظر إليه على أنه الرئيس الذي استخدم القوة ثم أنهى الحرب بسرعة". وهو لا يرغب في الانجرار إلى صراع أوسع قد يغضب أنصاره من دعاة "أميركا أولًا".
ويرى البعض أن هذه المقاربة منحت ترامب القدرة على إرضاء الصقور، دون استعداء معارضي التدخل العسكري. لكن أزودي حذر قائلًا: "من المستحيل التنبؤ بما سيحدث لاحقًا، نظرًا لأسلوب ترامب المتقلب".
حتى الآن، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيستمر في دعوته للسلام بعد الهجوم.
يواجه الرئيس الأميركي انتقادات حادة، خاصة بشأن فعالية الضربات على منشآت مثل فوردو، والتي يقول إنها "دُمرت بالكامل"، رغم شكوك وسائل الإعلام.
إعلانوأشار أزودي إلى أن إيران نقلت كثيرًا من مخزون اليورانيوم قبيل القصف، مما يعني أن الأهداف المحققة لم تكن بالحجم الذي زعمه ترامب.
كما أضاف أن الهجوم انتهك القانون الدولي، إذ استهدف منشأة خاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما قد يدفع إيران للانسحاب من معاهدة عدم الانتشار.
وقال "نعم، قد يفتخر ترامب على منصة توث سوشال بأنه دمّر البرنامج النووي الإيراني، لكنك لا تستطيع قصف المعرفة. المادة الانشطارية باقية، والنية للخروج من المعاهدة باتت أقوى".