قصائد تتلألأ وتسمو في بيت الشعر بالشارقة
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة مساء أمس الثلاثاء 12 نوفمبر (تشرين الثاني) أمسية شعرية، بمشاركة نخبة من الشعراء وبحضور مدير بيت الشعر الشاعر محمد البريكي و جمهور من محبي الشعر ونقاد وإعلاميين من كافة أنحاء الإمارات.
شارك في الأمسية الشعراء التالية أسمائهم، مختار سيد صالح، والدكتورة هناء البواب، ومحيي الدين الفاتح، وقدمها الشاعر محمد الجبوري، الذي استهل الأمسية بتقديم أسمى عبارات الثناء والشكر لعضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي منح الشعر حياة، وأهدى اللغة العربية تاريخًا جديدًا ومعجمًا لم يكن ليكون لولا رعايته، كما قدم الشكر لدائرة الثقافة ولبيت الشعر بالشارقة.بدأت القراءات الشعرية مع الشاعر مختار السيد صالح، الذي وجه تحية للشارقة وتغنى بها وبما فيها من جمال وثقافة، ومن أفق واسع للإبداع والشعر، ومما قرأ:
وكيف لا؟ وهي تأتي بيتَ مُكرِمِها
وكيف لا؟ وهيَ بالتقديرِ واثِقةُ
وقوفها الآنَ في هذا المكانِ هنا
علامةٌ عندِ أهلِ الحُبِّ فارقةُ
وبينَنا رحمٌ منها يوحِّدُنا
وإنَّها بذوي الأرحامِ لائقةُ
فللبحورِ دراريها ولؤلؤها
وللبلادِ إماراتٌ وشارقةُ
ثم قرأت الشاعرة هناء البواب عدداً من نصوصها، التي غاصت في مواضيع العاطفة والحب، وقدمت نصاً حمل معاني الرقي، وصفت فيه روح الشاعرة التي تسكنها، فقالت
أنا امرأةٌ لها نزقُ التّعالي
أُراقِصُ قهوتي السَّمراءَ سادَة
وأسكبُها منامًا عاطِفيًّا
تُصدِّقُهُ المشاعرُ بالإفادة
وقلبي هادئٌ سمِحٌ وأعفُو
إذا رأسي وضعتُ على الوسادة
ولكنِّي إذا أُغضِبتُ يومًا
يثُورُ دمي ويجمعُ لي جِيادَهْ
ومسك الختام كان مع الشاعر محيي الدين الفاتح، الذي قرأ نصا بعنوان "الصعود إلى أسفل"، قدم فيه صورا شعرية ذات طابع عاطفي، وتداخلت فيها المفردات بسلاسة، في غنائية عالية، ومما قال:
بَينّْ نوٌباتِ اللَّهَبْ
وَدُخَانُ الَحْيَرةِ الصَّاعِدِ
مِنْ جَمْرِ السُّكوتْ
جفُّ في ذاكرةِ الجُرحِ الغَضَبْ
وعلى الرُّوحِ كساءٌ مِنْ
نسيج العنكبوتْ
"هذه الأرضُ تغطّت بالتُّعبَ"
وتعرّت في نزِيفِ الوقتِ
أَستارُ البيوتْ
وَخْزَةٌ في القلبِ لا تُحْيِي
ولكن لا تموتْ
وفي ختام الأمسية، كرّم الشاعر محمد البريكي، الشعراء ومقدم الأمسية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الشارقة بیت الشعر
إقرأ أيضاً:
القصيدة..لغة الموت والحياة
(1)
أحلام الشاعر كثيرة، لا تنتهي، يتمنى كل شيء، مدينة فاضلة، مليئة بالشِعر، مكتنزة بالوفاء، عصيّة على السارقين، وفيّةً لأولئك الذين يكتبون قصائدهم بماء عيونهم، يحلمون بالبياض، ويسعون وراء غابات اللغة، ويرسلون آهاتهم الحزينة لأحبتهم، وعشيقاتهم، ولعصافير فرّت ذات حنين إلى غصن شجرة يابس، يكاد يسقط من أمّه، ولكنهم يتمسكون بالحلم، دون أن ييأسوا، إنهم يحلمون ليل نهار، ولا يكاد يجف حبر قصيدة، حتى تخضّر قصيدة أخرى، يحرثون في أراضي السيرة العبثية، ويسرحون خلف غيمات الجمال، ويرفضون الصمت، لأنهم صوت الخيال الذي لا يذبل.
(2)
هكذا هم يحلمون دون توقف، يزهرون كوردة جبل، مترامي الصخور، يحمل صلابته، ويرحل إلى الوادي الهادر، يباغت البحر، ويسقي تلك الأرواح الظمأى للشعر، وترفض الاستسلام، ولا تجد سوى بعض الماء الذي يروي عطش القصيدة، يسافر معها إلى آخر تخوم الكون، ويشرع في تشكيل خارطتها الزرقاء، ويجلس على دكة الموت، خائفا من الهبوط إلى واديها السحيق، ممتشقا فأسا نسيه حطاب عابر، رحل الجميع، وبقي الفأس معلّقا على شجرة زيتون عتيقة.
(3)
ليس للكلمات صدى، ليس لها حياة، إذا ماتت القصيدة، حتى وإن بقي الشاعر، الكلمات بنت العاطفة، وليدة اللحظة، الهاربة بين المسافات، والعاشقة دون عشيق، المكتنزة بالدلالات، والإيماءات، والبوح، والسؤال، الغاضبة حد القتل، المسالمة حد البياض، الشاعرة دون قلب، والسائرة دون هدى، تنسكب من ماء السماء إلى جوف الشاعر، ومن جوف الشاعر إلى لسانه، ومن لسانه إلى الكون.
(4)
هنا تنبعث اللغة من عقالها، تسرج خيالها، وتنعتق من عبودية الاعتيادي، والمألوف، وتتشكل ولادات أخرى، ودلالات جديدة، وشارات تدل السائرين دروب القصيدة، ترسل لهم بعض مفاتنها، وترهن لهم بعض محاسنها، وتسقيهم من ماء الروح، شعرا يعيد لهم نبضهم الذي مات ذات تبلّد، وتسفر لهم سراجا من الضوء الشفيف الذي يرون منه، وفيه صورتهم المنسية منذ زمن سحيق.
(5)
فليكن للقصيدة معنى، وليكن للشاعر ألف حياة يعيشها، ليشعر أن النص ما هو إلا ولادة شمس جديدة، تعيد كتابة ذاتها، وأن الموت لا يخيفها، ولا يخفيها، لأنها الخالدة دون قبر، والمغادرة دون دليل، لذلك يبقى للكلمات ملكوتها، وعنفها، وعالمها، وسواحلها القصيّة التي لا يمكن أن نقصيها، ولا أن نتخيّل مدّها، وجزرها.