بعد مرور ما يقرب من ربع قرن على إصدار فيلم "غلاديايتر" (Gladiator)، يعود المخرج الأسطوري ريدلي سكوت إلى روما القديمة لاستكمال قصة فيلمه الكلاسيكي الناجح. ووفقا للمثل الأميركي دينزل واشنطن، فإن التفاصيل المذهلة في موقع التصوير جعلت الأجواء تبدو كأنها حقيقية تماما.

"غلاديايتر" الذي صدر عام 2000 كان من أنجح الأفلام في شباك التذاكر في ذلك العام، ويُعتبر من كلاسيكيات السينما إلى جانب أعمال ريدلي سكوت الشهيرة الأخرى مثل "فضائي" (Alien)، و"بليد رنر" (Blade Runner)، و"ثيلما ولويز" (Thelma & Louise).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ممثل في "جوكر: جنون مشترك" يصفه بالفيلم الأسوأ على الإطلاقlist 2 of 2حسين فهمي: رفضنا رعاية شركات المقاطعة لمهرجان القاهرة السينمائيend of list

حصد الفيلم 5 جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل فيلم، وأسهم في إعادة إحياء نوعية أفلام الدراما التاريخية.

ورغم مناقشة فكرة الجزء الثاني منذ أوائل العقد الأول من الألفية، فإن المشروع لم يتحقق على أرض الواقع سوى الآن.

قصة جديدة في عالم ملحمي

تدور أحداث "غلاديايتر 2" (Gladiator II) بعد 16 عاما من نهاية الفيلم الأول، حيث يركز على لوسيوس (بول ميسكال)، ابن ماكسيموس (راسل كرو) الذي قُتل في الفيلم الأصلي. أُرسل لوسيوس بعيدا عن روما على يد والدته لوسيلا (كوني نيلسن) بحثا عن الأمان، فوجد مستقره وحب حياته في مملكة نوميديا بشمال أفريقيا.

لكن الأمور تتغير عندما يقود الجنرال الروماني ماركوس أكاسيوس (بيدرو باسكال) هجوما على نوميديا، يؤدي إلى مقتل زوجة لوسيوس. يقع لوسيوس أسيرًا ويُعاد إلى روما، حيث يتولى التوأمان الإمبراطوريان غيتا (جوزيف كوين) وكراكلا (فريد هيشنغر) السلطة. يصبح لوسيوس عبدا لماكرينوس (دينزل واشنطن) الذي يكتشف إمكاناته ويرسله إلى الساحة للقتال.

شخصيات معقدة ومؤامرات سياسية

يُظهر بول ميسكال أداء مميزا كخليفة لراسل كرو، ويقدم لوسيوس كشخصية مدفوعة بالغضب والرغبة في الانتقام. لكن الأمور تزداد تعقيدا بسبب علاقة الجنرال ماركوس أكاسيوس بوالدة لوسيوس، مما يضيف بُعدا من المؤامرات السياسية والمكايد.

على غرار الجزء الأول، يتميز "غلاديايتر 2" بالمشاهد البصرية المذهلة، مع تقليل الاعتماد على المؤثرات البصرية وإعادة بناء مدينة روما القديمة بواقعية فائقة، حتى إن الكولوسيوم غُمر بالمياه لاستضافة معركة بحرية ملحمية، مع إضافة أسماك القرش كلمسة سينمائية مبتكرة.

ويتميز الفيلم بتعدد شخصياته المترعة بالتفاصيل؛ فيقدم دينزل واشنطن دورا مميزا بشخصية ماكرينوس المتلاعبة، بينما يُبهر جوزيف كوين وفريد هيشنجر بتقديمهما دور الإمبراطورين التوأمين اللذين يتسمان بالتناقضات والمكايد.

أما الموسيقى التصويرية لهاري غريغسون-وليامز، فتضيف بدورها لمسة مؤثرة مستوحاة من الألحان الأيقونية لهانز زيمر في الفيلم الأول، ويعاد استخدام أغنية "الآن نحن أحرار" (Now We Are Free) بأداء ليزا جيرارد.

ملحمة جديدة تليق بالأوسكار

رغم أن "غلاديايتر 2" لا يصل إلى العمق العاطفي للجزء الأول، فإن الفيلم مفعم بالإثارة ويعمل كعمل مستقل يروي قصته الخاصة.

ومع الحديث المتزايد في هوليود عن ترشيحات للأوسكار، قد يكون هذا الفيلم هو العمل الذي يمنح ريدلي سكوت جائزة أفضل مخرج لأول مرة في مسيرته الطويلة.

وما هو مؤكد أن هذا المخرج البالغ من العمر 86 عاما، الذي يعمل حاليا على فيلم عن فرقة "بي جيز" (Bee Gees)، لا يزال يتمتع بلمسة سينمائية استثنائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما

إقرأ أيضاً:

كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟

أمام الهزائم العسكرية والسياسية للأنظمة العربية، كانت الشعوب العربية تفرز أدواتها في المواجهة. فمنذ ثلاثينيات القرن العشرين تحولت القضية الفلسطينية من رخاوة الأنظمة إلى صلابة التنظيمات.

ففي المواجهة لم تسقط الزعامات والأيديولوجيات فقط، بل سقطت أيضا الجيوش النظامية ومعها سقط دورها في التحرير. وخلف عجز الأنظمة كانت تتراءى حماسة الشعوب. وخلف ضعف الجيوش كانت تبرز جسارة القوى الضاربة.

فكأن التنظيمات السياسية والأيديولوجية قد جاءت لملء الفراغ. فقد أحيت نكبة 1948 في الأمة مفهوم الجهاد. وحررت هزيمة 1967 المبادرة الشعبية وأيقظت مفهوم التحرير. وفجرت معاهدة كامب ديفيد 1978 حركات المقاومة مع بداية الثمانينيات. وعلى طول تاريخ القضية الفلسطينية، كانت تتعايش أطروحتان: واحدة للمقاومة، وأخرى للسلام.

النكبة

لقد وجدت الجامعة العربية نفسها بعد بضع سنوات من تأسيسها أمام أصعب اختبار لها: القضية الفلسطينية. لم يكن تأسيسها من أجل تحرير فلسطين، بل كان محاولة بريطانية لتجاوز ضغائن الخديعة البريطانية للشريف حسين.

فكان ميلاد الجامعة تعويضا عن دولة الوحدة بوجهيها القومي والإسلامي. ومن ثم لم تكن فلسطين على جدول أعمال تلك المنظمة الإقليمية الناشئة. ولا شك في أن عجز المنظمة وأنظمتها على معالجة المسألة منذ بواكيرها قد دفع نحو تدويل القضية. فكان قرار التقسيم نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 حجر الأساس للكيان الغاصب. لتندلع بعده إحدى أعتى المواجهات.

قررت الحكومات العربية في اجتماع "العالية" 1947 أن تكوّن فصيلا شبابيا حسن التدريب والأداء. وتولت جامعة الدول العربية تأسيس "جيش الإنقاذ" بقيادة فوزي القاوقجي. ولكن الضغط البريطاني كان كفيلا بإسقاط ذلك المشروع. وهو المصير نفسه الذي لقيته لجنتهم العسكرية بقيادة "طه الهاشمي" واللواء إسماعيل صفوت باشا.

إعلان

وحتى النجاحات التي حققتها تلك الجيوش في الجولات الأولى للصراع ذهبت أدراج الرياح بفعل المناورات الغربية (الهدنة الأولى والثانية). فكانت نكبة 1948 فاتحة الهزائم العربية. إذ لم تكن الحكومات العربية في حجم القضية.

فما بين العجز الذاتي والارتهان للقرار البريطاني والخيانة الصريحة، كانت الحكومات العربية تُسقط من حسابها أي مواجهة جدية للأطماع الصهيونية في فلسطين، وتتنصل من مسؤولياتها القومية والإسلامية.

فقد خضعت أغلب الحكومات العربية لإرادة الغزاة. وظلت "تستجدي الحلول من القوى الإمبريالية التي كانت ولا تزال تشكل رأس حربة في أزمة القضية الفلسطينية".

ففلسطين لم تكن "المحرك الرئيسي لسياسات الدول العربية، بل كان الدافع وما يزال هو تأمين الأنظمة الحاكمة في الدول الوطنية في مرحلة ما بعد الاستعمار". وتلك الحسابات كانت السبب المباشر في تأخير الاستجابة لداعي الجهاد في فلسطين.

التنظيمات الشعبية ونقد الدولة

أمام عجز الأنظمة العربية كانت التنظيمات قبل النكبة وبعدها تدخل على خط الصراع. فكتب ميشال عفلق سنة 1946 يقول: "لا ينتظر العرب ظهور المعجزة: فلسطين لا تنقذها الحكومات بل العمل الشعبي". وساد اعتقاد لدى حسن البنا أن الأنظمة العربية ليست جادة في مقاومة الاحتلال.

وأكد كامل الشريف "أنه لا خير يرجى في هذه الحكومات". فالعوائق أو "المصائب" أو "العبث" الذي يجد ترجمته في فساد أنظمة الحكم القائمة، وهيمنة الاستبداد السياسي، واختلاف الدول العربية فيما بينها… كل تلك العوامل في تضافرها كانت "كافية لإيقاع الهزيمة".

وقد كان نقد الموقف العربي الرسمي من القضية الفلسطينية مقدمة لسحب القضية من الأنظمة ووضعها بين أيادي الفعاليات الشعبية المدنية والعسكرية. ففي فلسطين بادرت "الهيئة العربية العليا" برئاسة الحاج أمين الحسيني بتشكيل قوات "الجهاد المقدس" بقيادة عبدالقادر الحسيني.

وخلال الأشهر الخمسة الأولى للحرب تمكنت تلك القوات من تكبيد العصابات الصهيونية خسائر فادحة. ولكن مع دخول جيوش الدول العربية فلسطين 15 مايو/ أيار 1948 "ظهرت سياسة إقصاء الفلسطينيين عن ميادين المعركة ومنع الأموال والأسلحة عنهم".

وقد جاء تقرير عبدالقادر الحسيني للجامعة العربية في أبريل/ نيسان 1948 يقطر مرارة وأسى بسبب خذلان لجنتها العسكرية التي ماطلت في إمداده بالمال والسلاح. وفي ذلك التقرير حمّل الجامعة مسؤولية ضياع فلسطين. ليستشهد بعدها بيومين في معركة القسطل.

أما عربيا فقد زحف المتطوعون العرب نحو فلسطين. وبرزت في الأثناء كتائب الإخوان المسلمين كقوة وازنة في الصراع. فرغم تضييق السلطات، نجحت طلائع الإخوان في التسلل إلى داخل فلسطين، حيث تمكنت قوة من المتطوعين بقيادة أحمد عبدالعزيز من الوصول إلى خان يونس. والتحقت بهم قوة أخرى من شرق الأردن بقيادة عبداللطيف أبوقورة. ثم حلت قوة أخرى من سوريا بقيادة زعيم الإخوان مصطفى السباعي.

وفي غزة استقرّت قوة البكباشي عبدالجواد طبالة. وعلى أرض فلسطين أدارت تلك الطلائع معارك ضارية ضد العصابات الصهيونية. وقد علق هيكل على تلك الاشتباكات بالقول: "لقد أثبت بعضهم نفسه تحت نيران القتال". وهكذا فقد كانت الجماهير العربية خلال النكبة متقدمة على حكامها.

إعلان النكسة

لقد أجهزت قوات الاحتلال في صباح الخامس من يونيو/ حزيران على القوات الجوية المصرية بضربة خاطفة. فدمرت مئات الطائرات المصرية في قواعدها. وضربت المطارات وعطلت قواعد الصواريخ أرض-جو.

مشهد أجمله أنور عبدالملك في قوله: "كانت القوات المصرية المسلحة قد ضُربت بشكل خطير، واحتلت سيناء، وشلت قناة السويس، ومُحي سلاح الطيران عمليا كوحدة مقاتلة، وتفجرت أعمال الخيانة والإجرام والتآمر، وانتشرت في كل مكان". كل ذلك في سويعات معدودات. وبإخراج القوات الجوية المصرية من الخدمة، فقد تركت بقية القوات في العراء من دون أي غطاء جوي.

وجاء قرار الانسحاب غير المدروس من سيناء ليزيد من الكلفة البشرية للهزيمة. ومع انهيار الدرع الواقي الذي كان يحمي عمق الأمة، فقد أصبح عمق الجغرافيا العربية – فضلا عن أطرافه- مهددا. فزحفت قوات العدو نحو سيناء بعد أن دمرت بقية القوات المسلحة المصرية.

واندفعت نحو الضفة الغربية فاحتلتها واستولت على القدس الشرقية بعد أن انهارت الدفاعات الأردنية في اليوم التالي. وكذلك فعلت في قطاع غزة. أما القوات التي اتجهت نحو سوريا فقد "تمكنت من احتلال مرتفعات الجولان دون مواجهة أي مقاومة تتناسب مع القوات العسكرية الضاربة المحتشدة هناك".

ولم تضع الحرب أوزارها إلا بعد أن أحكمت قوات الاحتلال سيطرتها على مساحات جديدة. وحسبنا من القراءات لتلك الكارثة المدمرة وصف هشام شرابي للهزيمة بـ "أيام حزيران السوداء". فكيف انعكست الهزيمة على الاختيارات النضالية للفلسطينيين؟

مثلت هزيمة 1967 منعطفا إستراتيجيا في الوعي السياسي الفلسطيني. وكان من نتائج الهزيمة "ظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة وتعاظمها، وبروز الهوية الوطنية الفلسطينية التي قررت أن تأخذ زمام المبادرة بعد أن تبين لها مدى الضعف العربي". فقد قضت الهزيمة على إيمان الفلسطينيين بالحكومات "التقدمية" التي كانت معقد الآمال. "وأثبتت فشل الأنظمة العربية وعجزها عن تحرير فلسطين".

وينقل يزيد صايغ عن خليل الوزير أنه كان يرفض "الاعتماد على الدول العربية وجيوشها". وهكذا فقد ساعدت تلك البيئة على الاعتراف بالحركة الوطنية الفلسطينية كلاعب أساسي في الشرق الأوسط.

ويحسب للحركة أنها نجحت في "فرض نفسها كمعبرة عن الطموحات الوطنية للشعب العربي الفلسطيني". وهو ما أسهم في تشكيل الرؤى السياسية والميدانية للمنظمة. ففي المستوى الأيديولوجي قلبت حركة فتح ذلك الشعار الذي لطالما تغنى به القوميون العرب "الوحدة طريق فلسطين" إلى شعار "فلسطين طريق الوحدة". شعار ستتأسس عليه الكثير من التحولات التكتيكية والإستراتيجية. ومنذ أن استعادت منظمة التحرير المبادرة، اختارت الاستقلال السياسي والتنظيمي عن الجامعة العربية وأنظمتها.

وأما ميدانيا فقد بدأ مفهوم العمل الفدائي يتبلور كبديل من الحروب النظامية. وعلى تلك القاعدة كانت انطلاقة الثورة الفلسطينية مطلع 1965. وساد إجماع لدى أغلب الفصائل الفلسطينية مفاده أن تحرير الأرض لا يكون إلا عبر الكفاح المسلح. وهو المضمون المركزي الذي تبناه "الميثاق الوطني الفلسطيني".

وتفجرت سجالات سياسية حول نظرية التحرر الوطني من خلال دراسة النظريات الثورية وتجارب الشعوب المستعمرة. وهو ما أنتج مجموعة من الأدبيات دارت أغلبها حول حرب الشعب، وحرب التحرير الشعبية وغيرها.

وفي ضوء تلك الأدبيات جرى تأسيس عدة قواعد للعمل الفدائي في أغلب دول الطوق. وكانت ملحمة الكرامة 1968 ترجمة عملية لتلك التوجهات الجديدة. وهو ما زاد في ترسيخ النهج المقاوم حتى أصبح "الكفاح المسلح مصدر الشرعية السياسية ورمز الهوية الوطنية، والمادة الجديدة للمجتمع الفلسطيني المتخيل".

والحقيقة أن الأداء الفصائلي بعد الهزيمة لم يقطع الصلة تماما مع الأنظمة الراديكالية. فغالبا ما كانت التصورات الثورية تأخذ بعين الاعتبار الظروف التي تمر بها الأنظمة. ولكن رياح يونيو/ حزيران بقدر ما أذكت نار الاستنزاف، فقد هيأت للعبور.

إعلان حرب العبور

لقد عرفت مصر بعد وفاة عبدالناصر تحولات سياسية مهمة. فالمناخات الراديكالية في مصر والعالم العربي بدأت في الضمور لصالح اتجاه عربي ميّال إلى "الاعتدال" في مقاربة الصراع. وكانت القناعة الحاصلة لدى السادات أن "تدمير الدولة اليهودية هدف غير قابل للتحقيق". وفي تلك السياقات لم تكن حرب العبور إلا عملية جراحية القصد منها الإعداد لمسرح التسوية.

مثلت حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 أول انتصار مصري على قوات الاحتلال بعد ثلاثة حروب متتالية. فقد بدأ الهجوم المصري ظهيرة السادس من أكتوبر/ تشرين الأول على مواقع العدو في سيناء قصد تحييدها وحرمانها من أي قدرة على الرد أو الحركة قبل تحقيق العبور إلى شرق القناة. فكان "وقع المفاجأة بنوعيها الإستراتيجية والتكتيكية قد تحقق إلى نهايته".

ومنذ ليلة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عبرت من الجيش المصري نحو شرق القناة خمس فرق مشاة ومئات من الدبابات وعدد من كتائب الصواريخ وأسلحة إسناد أخرى.

استبشر الفلسطينيون بتلك التطورات الميدانية. واعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية أن إعلان الحرب على دولة الكيان كان "فرصة عظيمة أمام الفدائيين الفلسطينيين لتصعيد فاعليتهم القتالية".

ولكن العبور لم يعقبه تطوير للهجوم المصري مثلما خُطّط له. فقد جرى الالتفاف على الانتصار المذهل للمصريين بداية الحرب. ومن خلال "الثغرة" التي أحدثها جيش الاحتلال في جدار المواجهة، بدأ في إحراز تفوق ملموس غرب القناة.

وكشفت تلك الأيام الصعبة عن انعدام التناغم بين المؤسسات. فقد أربك تدخل السادات في إدارة المعركة حسابات العسكر. وحكم على حرب العبور ألا تتجاوز خط العبور.

لقد آل النصر إلى لهاث لا ينقطع وراء سراب "السلام". وانتهى تحطيم جدار بارليف 1973 إلى هدم "جدار الكراهية الحديدي" 1977، مثلما كان يتوهّم السادات. فعوض البناء على "العبور" اندفع العرب نحو التسوية.

وقد أدرك كيسنجر مبكرا أن الإجراءات العسكرية التي اتخذها المصريون سوف "تؤدي آجلا أو عاجلا إلى مفاوضات سياسية". والحق أن مآلات العبور لم تكن مثل مآلات النكبتين. فهي لم تدفع إلى السطح بقوى جديدة تتناقض رأسا مع تصورات الأنظمة العربية للقضية.

بل إن كامب ديفيد قد فتحت الباب على مصراعيه نحو التسوية. فهي لم تكن إلا بداية الهرولة العربية نحو الصلح والاعتراف والتفاوض مع دولة الاحتلال.

وهنا تقول حقائق التاريخ إن منظمة التحرير الفلسطينية قد أضحت متماهية مع الرسمية العربية. وإن عرفات لم يكن مختلفا عن السادات. فكلاهما كان ينشد "التسوية". وإن اختلفت التكتيكات والإستراتيجيات.

لقد ظلت الهوة تتسع بين الأنظمة العربية وشعوبها في التعامل مع القضية الفلسطينية. فكلما وهنت الأنظمة قامت الشعوب تنشد التحرير من خلال المقاومة. فمن نكبة 1948 ولدت القوى الشعبية القومية والإسلامية. ومن نكسة 1967 صلب عود منظمة التحرير الفلسطينية.

ولكن حرب العبور كانت فاتحة للتسوية المعممة. تسوية ستستمر مفاعيلها من كامب ديفيد 1977 حتى أوسلو 1993، مرورا بقصر الصنوبر بالجزائر 1989. وردا على مشاريع التسوية كان أسلوب آخر من المقاومة ينضج على مهل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • “رونالدو… نجم النصر الذي لا يبتسم للإعلام النصراوي”
  • سعود عبد الحميد على أعتاب الانتقال إلى لانس الفرنسي
  • روما يقسو على كان بـ «ثلاثية»
  • تطورات مستقبل سعود عبدالحميد مع روما
  • الصحة العالمية: قطاع غزة يشهد حاليًا أسوأ سيناريو للمجاعة
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟
  • روما يضم الحارس الكولومبي ديفيس فاسكيز حتى 2027 في صفقة انتقال حر
  • روما يتعاقد مع «البرازيلي 46»!
  • كريستيان توتي يعتزل كرة القدم بعمر 19 عامًا بسبب “ثقل الاسم”