مكتبة الإسكندرية تمتلك ثروة فكرية لا مثيل لها
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
يعد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية ، هو الرئيس الثالث لهذا الصرح الثقافى الكبير ، فهو الآكبر فى منطقة الشرق الأوسط، وتولى مديرا لمكتبة الإسكندرية فى أغسطس 2022 ، خلفا للدكتور مصطفى الفقى.
الدكتور أحمد عبد الله زايد، عالم الاجتماع المنتمي إلى الجيل الأخير من المدرسة المصرية لعلم الاجتماع التى كان على رأسها يوما قامات كبيرة في حجم سيد عويس وحسن الساعاتى وغيرهما.
وهكذا وبنفس المنطق يأتي ليجلس على مديرا لهذا الصرح الكبير الذى سبقه إليه منذ سنوات طويلة جدا ديمتريس الفاليرى أول مدير لمكتبة الإسكندرية بتصوره الأسطورى لمهمتها، ثم هو في الأساس مقعد يحسب أيضا لمصطفى العبادى الرجل الذي حلم بعودتها، ومحسن زهران صاحب الجهد المميز لعودة صرحها، وبعدهم الوجود الفعلى والقوى لإسماعيل سراج الدين، الذى ببساطة جعلها كما كانت في زمن الفاليرى صاحبة صوت وبصمة ووجود فاعل على مستوى العالم، وليأتى الدكتورمصطفى الفقى كمفكر يريد أن يسير بهذا الصرح إلى وجهتها الحضارية وياتى الدكتور " احمد زايد " أن يأتي بعد كل هؤلاء لتكون أصعب مهماته أنه يحمل أمانة غالية من المحروسة مصر التي ترى فيها وجهها الحضارى الذى طالما تفوقت به على مر العصور.
كان قد شغل الدكتور أحمد زايد العديد من المناصب المحلية والدولية من بينها عمله عميدا لكلية الآداب جامعة القاهرة، ومستشار ثقافى لمصر في الرياض ، ومدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة القاهرة، فضلا عن كونه خبير فى العديد من الدراسات التى تجريها اليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و مستشار وزير التعليم العلمي والبحث العلمى لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والمستشار الأكاديمي لبرنامج بحوث الشرق الأوسط، وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وجامعة القاهرة.
أجرت " الوفد " حوار شامل مع الدكتور أحمد زايد حول كل ما يتعلق بمكتبة الإسكندرية ، والحركة الثقافية ، وأيضا الأحداث السياسية لكونة أستاذ في علم الإجتماع .
قال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، إن المكتبة تمتلك ثروة فكرية كبرى لا مثيل لها فى الوطن العربى، ويتم تنفيذ مشروعات على غرار فرنسا واليابان، تستهدف النشء والشباب، لافتًا إلى أن المكتبة أطلقت سلسلة كتب «تراث الإنسانية» لتقديم فكرة عن التاريخ الإنسانى، وسيتم إطلاق جائزة خلال شهر فى العلوم الطبيعية والاجتماعية والأدبية قيمتها مليون جنيه، ونستهدف إطلاق مركز فنون متكامل فى أبيس لتوسيع دائرة مدارس الموسيقى والباليه والرسم الحر بتمويل ذاتى من مواردنا بعيداً عن ميزانية الدولة.
*ما هى رؤيتك الجديدة لقيادة صرح ثقافى كبير مثل مكتبة الإسكندرية ؟
لا توجد رؤية ثابتة ،الادارة الصحيحة يجب أن يكون لها مرونة ومتطورة قابلة للتعديل بشكل مستمر ، مع الانفتاح على أفق جديدة ،وعندما توليت منصب مدير المكتبة كان لدى رؤية واضحة ،ولكن تولى المنصب تم تطوير الرؤية لأفق أكثر اتساعا ، مثلا بدأنا فى مشروع اصدار كتب للأطفال و الشباب و تطوير هذا المشروع ،ومشروعات أخرى تمثل تطورا جديدا لمكتبة الإسكندرية،وانا أحلم بتنفيذ العديد من المشروعات خلال الفترة القادمة .
* ما هو المشروع الذى تحلم بتحقيقة خلال توليك منصب مدير مكتبة الإسكندرية؟
منذ زمن و أنا أحلم بتنظيم مسابقة للقراءة، على المستوى المحلى داخل مصر ، وتكون مسابقة قومية كبرى للقراءة فى مصر ، وتكون موجه للشباب حتى سن 40 عاما، ويتم تنظيمها فى كل محافظة من محافظات مصر ويتم تصفية المحافظة الى 5 أو 6 من الشباب للتنافس مع المحافظات الأخرى ، و يتم اختيار 10 أفراد على مستوى الجمهورية للحصول على جوائز تشجيعية فى مجال القراءة، هذه الفكرة تكونت فى ذهنى منذ زمن و أحلم بتنفيذها ، لأننا نحتاج الى تأسيس الشباب كدعامة للمستقبل ، و القراءة من شأنها أن ترفع درجة وعى الفرد ، وهو السبيل الأمثل للقضاء على الإرهاب و الأفكار المتطرفة ، فالثقافة هى عدو التطرف .
* ما هى أبرز المشروعات التى تستعد لها مكتبة الإسكندرية حاليا ؟؟
نعمل حاليا على مشروع يطلق لأول منذ تأسيس مكتبة الإسكندرية، وهو إطلاق جائزة "مكتبة الإسكندرية الدولية"، وهى جائزة أشبه بجائزة "نوبل" و لكن تختلف فى القيمة المالية للجائزة عن "نوبل"، وهى جائزة تمنح لأحد العلماء أو المفكرين على مستوى العالم ،ويكون شخصية بارزة على مستوى العالم من أى دولة فى العالم الغربى أو الوطن العربى أو حتى من مصر ، ويتم التخطيط لهذا الجائزة حاليا حيث سيتم تشكيل لجنة خاصة بها وسيتم الإعلان عنها مع قريبا أيضا يتم دراسة إطلاق مسابقات أخرى على المستوى المحلى و الاقليمى .
*ما المشروعات الكبرى التى تعمل عليها المكتبة؟
احياء موضوع حركة الترجمة التي تقودها مكتبة الإسكندرية بجانب اننا نعمل على افتتاح مركزين مهمين جداً فى هذه الآونة، المركز الأول هو مكتبة الإسكندرية للإبداع الرقمي وهو ملحق بقطاع التكنولوجيا المعلومات، ويحاول أن يدرب الأطفال والشباب الصغار على الإبداعات الرقمية، خاصة فى مجال التطبيقات الإلكترونية والذكاء الاصطناعي واستخدام لغة الكمبيوتر بشكل عام، بحيث يخرج منهم مبتكرين فى مجال، ويحاول أن يشجعهم على الابتكار فى هذا المجال، وهو الذى سيصنع المستقبل، ونستهدف إعداد مبتكرين ومبدعين فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وفى حال تحقيقه سيكون إنجازاً كبيراً، مع استهداف الدارسين فى الجامعات فى نظم المعلومات وندعمهم فى تنفيذ المشروعات ونأمل أن يصل منهم إلى براءة اختراع.
* ما المشروعات التى سوف تقيمها مكتبة الإسكندرية في برج العرب ؟
نعمل على مركزين كبيرين جداً فى نطاق أرضى برج العرب وأبيس، أولهما إنشاء دار مكتبة الإسكندرية للمعرفة والإبداع فى برج العرب على غرار «الكوليج دى فرانس» فى فرنسا، وهى فكرة أشبه بما يحدث فى دول عدة مثل اليابان أيضاً، وتهدف إلى تشجيع الشباب على الإبداع فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والهندسة والعلوم التطبيقية بشكل كبير، من خلال تقديم منح وتوفير مكان مميز لهم للإبداع على مدار عام أو اثنين ويمكن الحصول على درجات علمية من الجامعات المعنية.
أما عن التوسعات المستقبلية ، فيتم التخطيط حاليا لإنشاء مركز للفنون و الثقافة يضم قاعة احتفالات كبرى بمنطقة أبيس ، ودار مكتبة الإسكندرية للإبداع بمدينة برج العرب ويتم الدراسة حاليا لتضم قسم التعليم الحر ومنح الشهادات العليا فى التخصصات المتعلقة بنشاط المكتبة ، كما تضم مركز بحثى عالمى للشباب و الابتكار و المعرفة .
*ما هى أبرز الإنجازات التى شهدتها المكتبة وتشعر معها بالفخر خلال العام الماضى؟
أنا أشعر بالفخر بالمجموعة التى أعمل معها داخل مكتبة الإسكندرية ، لدينا فريق عمل على درجة كبيرة من الكفاءة والمهارة و الاخلاص للعمل.
ثانيا.. نجحنا خلال العام الماضى فى تنظيم مهرجان ثقافى كبير خلال موسم الصيف ، مهرجان غير مسبوق من حيث عدد الفاعليات الثقافية المصاحبة لهذا المهرجان يوميا ، وخلال 15 يوما لمعرض الكتاب تم تنظيم نحو 100 فاعلية ثقافية ، بالاضافة الى مشروع تراث الانسانية للنشئ والذى يضم مجموعة كتب توزع على الشباب بأسعار رمزية أشبه بمكتبة الأسرة ، وتم اصدار نحو 40 كتاب خلال السنة الماضية ، و اذا واصلنا العمل على هذا المنوال خلال الخمس سنوات سنكون قد أصدرنا نحو 1000 كتاب.
* كيف تدير مكتبة الاسكندرية ملف العلاقات الدولية ؟
مكتبة الاسكندرية تحولت الى ايقونة دولية ،حيث اننا نسعى لنشر المكتبة عالميا ،أما الآن أصبحت مكتبة الإسكندرية تطلب عالميا و دوليا ، المكتبة تستقبل ما نحو 600 سائح أجنبى يوميا ،لاتخلو المكتبة من فاعلية دولية شهريا إما يتم طلبها من جهات دولية أو تقوم المكتبة بتنظيم فاعليات دولية ، نستقبل وفود أجنية من كل أنحاء العالم ،ويتم تنظيم لقاءات و ندوات لمفكرين من كافة أنحاء العالم أيضا ،ولدينا أيضا إتفاقيات دلوية مع المكتبات العالمية مثل مكتبة الكونجرس الأمريكى ، المكتبة البريطانية ، والمكتبة الفرنسية ، مكتبة شنغهاى بالصين ، ويتم تبادل إهداءات الكتب مع مختلف المكتبات العالمية الكبرى .
كما ان المكتبة تستقبل يوميا من 600 الى 700 سائح أجنبى، أى نحو 250 ألف سائح سنويا ، أما الزيارات اليومية فهناك زيارات يومية من مختلف طوائف الشعب المصرى بنحو 2000 زائر يوميا ، أى أكثر من 750 ألف زائر سنويا بخلاف الاقبال من طلاب الجامعات والباحثين المترددين يوميا للدراسة والاطلاع ، أى أن المكتبة تستقبل نحو مليون زائر سنويا ما بين السياحة الاجنبية و الزيارات اليومية ،خاصة بعد أن أصبحت المكتبة مقصد سياحى على خريطة السياحة العالمية ، ولعل أكثر الجنسيات إقبالا لزيارة المكتبة من أمريكا الشمالية و الجنوبية..
*ما هى أهم التحديات التى تواجه العمل بالمكتبة ؟
الوقت أهم تحدى يواجهنا .. الوقت لا يكفى، لدينا أنشطة متعددة و المكتبة بها العديد من المراكز و لكل مركز أنشطته الخاصة والتحدى الأول هو أن الوقت لا يكفى ،أما أى تحدى أخر يتم تذليله فورا من خلال فريق العمل داخل المكتبة فهم على درجة عالية من الكفاءة والمهارة لتذليل كافة التعقبات .
*كيف تهتم مكتبة الإسكندرية بملف العلاقات الافريقية ؟
لدينا برنامج كامل هو برنامج " الصفوة الأفارقة " يتم التعاون مع كافة الجامعات داخل مصر،ويضم البرنامج كافة الطلاب الأفارقة المسجلين داخل مصر للدراسة فى الجامعات المصرية ، ويشاركون فى كافة أنشطة المكتبة ويتم تنظيم حفل التخرج للطلاب الأفارقة داخل مكتبة الإسكندرية ، هذا بالإضافة الى تنظيم برامج بحثية وبرامج شراكة مع الجامعات التى تستقبل الطلاب الأفارقة .
*كيف ترى الأحداث الجارية على أرض غزة وموقف مصر من القضية الفلسطينية؟
موقف مصر حاليًا من القضية الفلسطينية من أقوى المواقف التاريخية نحو القضية ، الرئيس السيسى قدم موقف تاريخى محترم جدا ، وضع الخطوط الحمراء المحددة للموقف المصرى من حيث الموقف المصرى الثابت لتأييد القضية الفلسطينية بمنع التهجير ووقف إطلاق النار ، وإدخال المساعدات وحل الدولتين ، مع التأكيد على أن مصر رفع راية السلام للجميع ،
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مكتبة الإسكندرية الإسكندرية الدكتور أحمد زايد مصطفى الفقي الدکتور أحمد زاید مکتبة الإسکندریة على مستوى العدید من برج العرب فى مجال
إقرأ أيضاً:
المكتبةُ العُمانية.. ركيزةُ الثقافة وفضاءُ الهُويّة والانتماء
"العُمانية": تعدّ المكتبات العُمانية ركيزة أساسية في المشهد الثقافي الوطني، إذ تمثل ذاكرة للوطن وتحفظ تاريخه، وهي مصدر معرفي وحضاريٌّ يسهم في بناء الإنسان العُماني الواعي بثقافته وتاريخه وهُويته. فمنذ البدايات الأولى، أدركت سلطنة عُمان أهمية الكتاب والمكتبة في نشر العلم والمعرفة، الأمر الذي استدعى إنشاء مختلف المكتبات، فمن مكتبة عُمان الوطنية والمكتبات العامة والأهلية إلى المكتبات الرقمية التي تواكب عصر المعلومات. إذ تقوم هذه المكتبات اليوم بدور محوري في حفظ التراث الفكري، وتعزيز القراءة، ودعم البحث العلمي، وترسيخ قيم الحوار والانفتاح الثقافي، لتغدو جسرًا يصل الماضي بالحاضر والمستقبل.
وقال الدكتور موسى بن ناص المفرجي، المشرف على مشروع مكتبة عُمان الوطنية، إن مكتبة عُمان الوطنية بمختلف اختصاصاتها ونظامها تهدف إلى إيداع المصنفات العُمانية وحماية النتاج الفكري الوطني بمختلف أشكاله التقليدية وغير التقليدية، بما يسهم في صون الذاكرة العُمانية وتعزيز الهُوية الثقافية لسلطنة عمان، فهي منارة ثقافيّة ومعرفيّة تهدف إلى جمع وحصر وتنظيم الإنتاج الفكري العُماني المطبوع وغير المطبوع، وإتاحته لكافة شرائح المجتمع.
وأشار الدكتور إلى أن المكتبة التي تتطلع لها سلطنة عُمان خلال الفترة القادمة، ستضم كل ما نُشر عن سلطنة عُمان من إصدارات ومصنفات ومطبوعات حكومية ورسائل علمية، بالإضافة إلى توثيق أعمال المؤتمرات والندوات التي تناولت الحديث عن سلطنة عُمان، لتكون بذلك مرجعًا متكاملًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ والثقافة.
وحرصًا من المكتبة على غرس مفاهيم الهُوية والقيم والانتماء لدى الناشئة، فإنها ستضمّ مكتبة خاصة للأطفال بمبنى مستقلّ، تحتوي على مجموعات متنوعة من الكتب والمطبوعات والألعاب التعليمية، وكل ما يتعلق بثقافة الطفل وتنمية حب القراءة لديه منذ الصغر، وهو ما يعكس اهتمامها ببناء جيل واعٍ ومعتز بهويته.
ومن منطلق الاهتمام بدورها الأكاديمي فقد وضح الدكتور موسى بن ناصر المفرجي أن المكتبة الوطنية ستضم قاعات متعدّدة للباحثين والدارسين، تتيح لهم بيئة مثالية للبحث والتعلم، إلى جانب أقسام متخصّصة مثل قسم المخطوطات والكتب النادرة، وقسم الدراسات العُمانية والجزيرة العربية، بالإضافة إلى قسم خاص للدراسات المتعلقة بأئمة وسلاطين عُمان، فضلًا عن الخدمة المرجعية للكتب الموسوعية المطبوعة وغير المطبوعة.
من جانبه قال حمود بن محمد البوسعيدي، رئيس قسم تسويق المعلومات في المكتبة الرئيسة بجامعة السُّلطان قابوس، إن المكتبات الجامعية تلعب دورًا محوريًّا في ترسيخ ثقافة القراءة عبرتوفير بيئة محفزة للقراءة والمعرفة،والمشاركة في تنظيم الفعاليات المتنوعة وتشجيع الأكاديميين والطلبة والموظفين على القراءة من أجل إعداد أجيال جامعية واعية بتراثها الحضاري والإسلامي عبر ما تزخر به المكتبة بأكثر من 4 ملايين رسالة جامعية إلكترونيةوما يزيد على نصف مليون كتاب مطبوع وإلكتروني وأكثر من 45 ألف دورية إلكترونية واشتراك في قواعد بيانات عالمية في مختلف التخصصات؛ لدعم البحث العلمي والدراسات العليا والقراءة التخصصية ورفع مهارات الوعي المعلوماتي.
ووضّح أن المكتبة الرئيسة تسعى وبشكل مستمر إلى تفعيل دورها الريادي في مختلف القطاعات ومنها ما يخص ترسيخ ثقافة القراءة الواعية من خلال توفير البيئة المحفزة، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات الثقافية المتخصصة، وتبني التكنولوجيا والخدمات الرقمية مما يسهل الوصول إلى المعلومات ويواكب التطورات المتقدمة التي تلبي حاجات الطلبة والباحثين من المعرفة التخصصية.
وأكد على أن المكتبة عبر مقتنياتها المتنوعة تسعى إلى توثيق وحفظ التراث الثقافي العُماني من خلال دعم المؤلفين العُمانيين، والإنتاج الفكري العُماني، مشيرا إلى الدور المجتمعي الذي تقوم به من إتاحة الفرصة أمام مختلف فئات المجتمع للاستفادة وإمكانية الوصول للمصادر والمعلومات، لتعزيز حضورها كمركز معرفي وثقافي في سلطنة عُمان.
وذكر منير بن ناصر البطاشي، مدير الشبكة العُمانية للبحث العلمي والتعليم بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن هذه الشبكة تعد أحد المشروعات الوطنية الرائدة التي تعكس اهتمام سلطنة عُمان بتعزيز المعرفة الرقمية وربط مؤسسات التعليم والبحث بشبكة علمية موحدة، لإتاحة الوصول السلس إلى الموارد المعرفية العالمية، ودعم منظومة البحث العلمي والابتكار في سلطنة عُمان بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040".
وأشار إلى أن الشبكة تشكل حلقة وصلٍ بين المعرفة الأكاديمية والحراك الثقافي في سلطنة عُمان، إذ أنها لا تكتفي بدعم البحث العلمي فحسب، بل تُسهم في إثراء المشهد الثقافي من خلال إتاحة إيداع الإنتاج الفكري العُماني وتمكين المؤسسات والمكتبات والمراكز الثقافية من الوصول إلى مصادر رقمية عالمية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والمعارف في كافة مجالات المعرفة من العلوم التطبيقية إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وقالت وردة بنت حسن اللواتية، رئيسة قسم المكتبة الثقافية بوزارة الإعلام، إن المكتبة تلعب دورا مهما في حفظ الذاكرة الإعلامية العُمانية، حيث تتوفر فيها أعداد من جريدتي «عُمان والأوبزيرفر» منذ بداية الصدور حتى عام 2017م، وأعداد قديمة من دوريات نادرة صدرت في سلطنة عُمان مثل مجلتي يوليو والعقيدة، إلى جانب توفر العديد من أمهات الكتب التراثية العُمانية والعربية، ونسخ من بعض الكتب والمطبوعات النادرة، بالإضافة إلى الكتب التي تتناول سلطنة عُمان من مختلف الأبعاد التاريخية والثقافية والسياحية والمعرفية بوجه عام.
ووضحت أن المكتبة تعد واحدة من المؤسسات الثقافية المتخصصة وتكتسب أهمية كبيرة وقيمة ثقافية إعلامية تخصصية نظرا لما تحتويه من الكتب والإصدارات والدوريات المتخصصة في مجال الإعلام والثقافة وشتى صنوف المعرفة، بالإضافة إلى تقديمها خدمة مجتمعية لجميع أفراد المجتمع من الباحثين والمهتمين بعلم الإعلام على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية والعمرية، والمبادرات المجتمعية للترغيب في القراءة والبحث.
وأكدت على أن المكتبة الثقافية بوزارة الإعلام تعمل على إيجاد التعاون والشراكات بينها وبين الجهات الأخرى ذات العلاقة بالإعلام والثقافة من مؤسسات أكاديمية والمكتبات العامة والمطابع ودور النشر ومكتبات المتاحف، فيما يتعلق بالتكامل مع المؤسسات العلمية والثقافية المحلية.
وبيّن خميس بن راشد العدوي رئيس مركز الندوة الثقافي ببهلا أن المركز يسهم في الحفاظ على التراث العُماني وتعزيز الهُوية الوطنية عبر إنشاء "سبلة بهلا" للدراسات الحضارية التي تُعنى بالدراسات التاريخية العُمانية، ومن مشروعاتها جمع المخطوطات العُمانية، وتسجيل الذاكرة الشفهية من كبار السن، وجمع كل ما ينشر عن ولاية بهلا في الصحف العُمانية الصادرة بالعربية، بالإضافة إلى الندوات والمحاضرات التي تتعلق بالتاريخ العُماني.
وأفاد بأن المركز يعمل على تأليف موسوعة للأعلام العُمانيين الذين قاموا بدور بارز في كل مجالات الحياة، مثل: السلاطين والأئمة والولاة والقضاة والرحالة والمستشرقين، ومن المؤمّل أن تصدر في ثلاثة أجزاء على الأقل، إضافة إلى دوره كبيت خبرة يقدم الاستشارات التاريخية والحضارية والثقافية عن سلطنة عُمان عمومًا، ويرجع إليه كثير من الباحثين؛ سواء العُمانيين والعرب، أم الأجانب، إضافة إلى توفير "غرفة الطفل" التي تُعنى بالإنتاج المعرفي للطفولة في خطوة للاهتمام بالأطفال والناشئة.
أما فيما يخص كيفية أن تكون المراكز الثقافية شريكًا فاعلًا في التنمية المجتمعة، فأكد على أنها ليست مؤسسات إجرائية لتقديم المعرفة فقط، إنما هي تحكي جانبًا من الملحمة الثقافية في سلطنة عُمان، بالإضافة إلى دور هذه المراكز في تعزيز التواصل الثقافي والمعرفي بينها وبين المؤسسات الثقافية الحكومية.
وفي السياق ذاته، أكدت مريم بنت علي القمشوعية صاحبة مكتبة الثعلب الأحمر، أن المكتبات تلعب دورا محوريًّا في تشكيل الوعي بالقراءة في المجتمع من خلال إعادة تعريف العلاقة بين الطفل والكتاب، إذ ترى أن القراءة ليست مجرد مهارة بل نافذة يطلّ من خلالها الطفل على العالم وأداة لغرس مفاهيم الهوية والقيم.
وأشارت إلى أن مكتبات الأطفال بشكل عام تسهم في بناء وعي مجتمعي حول أهمية القراءة في تنشئة الطفل، وتسعى إلى أن تكون القراءة تجربة حية، بحيث يرى الطفل في الكتاب رفيقًا للحياة، لا مجرد مصدرٍ للمعلومة.
ووضحت أنه في ظلّ العولمة والرقمنة، تتضاعف مسؤولية دور النشر والمكتبات في حماية الهُوية الثقافية وتعزيز حضورها لدى الأجيال الجديدة من خلال إنتاج كتبٍ من البيئة والثقافة العُمانية، تعزز الانتماء والاعتزاز بالهُوية، في إشارة إلى أهمية أن تكون هذه المكتبات جسرًا ثقافيًّا يربط الكاتب والقارئ العُماني بالعالم العربي، لضمان الحضور العُماني في الساحة الثقافية.