كريم خالد عبد العزيز يكتب: النجاح الحقيقي.. بين تحقيق الذات وتجنب فخ المقارنة
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
لكل منا هوايات، عادات مفضلة، طقوس معينة، وأسلوب حياة خاص به .... أن ينفرد الإنسان بذاته وينغمس في عالمه الخاص لا يعني أبدًا الانطواء على نفسه أو الانفصال عن الواقع .... بل يعني أن يهتم بذاته، يُنمي مهاراته، ويبتعد عن المقارنة المستمرة بالآخرين .... فالمقارنة بالآخرين، وأزمة التنافس التي تخلق ضغطًا نفسيًّا، تعد من أهم أسباب الفشل.
نجدُ بعض الأشخاصِ على مواقع التواصل الاجتماعي لا يشغلهم سوى التعليق على الآخرين، خصوصًا المشاهير، وغالبًا ما تكون تعليقاتهم سلبيةً وناقدة .... وكأنَّ دورهم الأساسي هو السخرية والنقد. هؤلاء الأشخاص، بدلاً من الاهتمام بتطوير أنفسهم، ينشغلون بالتقليل من نجاح الآخرين والسخرية منهم؛ ربما بسبب شعورهم بالفشل أو لأنهم لم يحققوا ما حققه غيرهم من شهرة أو نجاح أو إنجازات في الحياة.
وفي سوق العمل، تبرز الغيرة التنافسية بين الزملاء، حيث يسعى كل شخص إلى أن يكون الأول والأفضل في المؤسسة، متجاهلًا أن التميز لا يُقاس بمثل هذه المنافسات، بل بالالتزام وتطوير الذات والإنجاز الحقيقي .... إنَّ هذا النوع من التنافس السلبي قد يُسبِّبُ توترًا في بيئة العمل، ويؤدي إلى خلق فجوات بين الزملاء بدلاً من تعزيز روح الفريق، والتعاون من أجل النهوض بالمؤسسة.
النجاح الحقيقي لا يعني التفوق على الآخرين، بقدر ما يعني تحقيق الذات والوصول إلى الأهداف المرجوة .... النجاح يأتي من مقارنة الإنسان نفسه بنفسه، وتركيزه على إنجازاته الشخصية بين الماضي والحاضر وما يريد تحقيقه في المستقبل دون الحاجة للمقارنة مع الآخرين أو إثبات نفسه لهم .... الحياة ليست سباقًا ننافس فيه الآخرين، بل رحلة نسعى فيها لتطوير أنفسنا بتقديم أفضل نسخة من أنفسنا.
القناعة الشخصية أو الرضا الداخلي يؤدي إلى الاستقرار النفسي، والاستقرار النفسي يؤدي إلى النجاح .... على عكس الشعور بعدم الرضا وعدم الاكتفاء، فإن الشخص الذي يقارن نفسه بالآخرين ويؤرقه من هم أفضل منه من وجهة نظره، سيظل طوال حياته تحت ضغط نفسي واضطراب، محاولًا أن يكون مثل غيره وبالتالي سيفشل .... هذا لا يعني ألا نتخذ قدوة لنا من الناجحين في الحياة، وإنما يعني ألا نؤرق أنفسنا لنكون نسخة طبق الأصل من غيرنا، بل يمكننا أن نأخذ من قصة غيرنا العبرة ونسير على خطاه، ولكن بما يتناسب مع معطياتنا وشخصيتنا وظروفنا.
انشغل بنفسك، وبتطوير ذاتك ومهاراتك الشخصية .... قارن نفسك بنفسك فقط بين الماضي والحاضر، واسعَ دائمًا إلى أن تكون نسخة أفضل من نفسك .... لا تقارن نفسك بغيرك ولا تكن نسخة طبق الأصل من غيرك، بل تعلم من غيرك وخذ من قصة نجاحه ومسيرته ما يتناسب مع شخصيتك وما يتناسب مع ظروفك .... واعلم أن النجاح لا يعني أن تكون الأفضل بين الناس أو في نظر الناس، وإنما يعني أن تصل لما تريد الوصول إليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لا یعنی
إقرأ أيضاً:
كيفية تلاقي الشعور بـ عقدة النقص.. الأسباب وطريقة العلاج
عقدة النقص .. دائما ما نسمع هذا المصطلح من دون أن نعي بالضبط ماذا يعني في علم النفس، وما الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الشعور بـ عقدة النقص ، وما الطرق التي يمكن من خلالها تلافي الشعور بـ عقدة النقص.
ما هي عقدة النقصالمعالج النفسي الألماني جريجور مولر، يقول في تصريحات لـ دي بي إيه، إن عُقدة النقص هي شعور أساسي بالشك الذاتي، وانعدام الثقة بالنفس، إذ يشعر المرء معه بالدونية وانعدام الكفاءة، وانعدام القدرة على جذب الانتباه.
يضيف مولر أن الشك الذاتي يهيمن على أفكار الشخص المصاب بعُقدة النقص وأفعاله جميعها، إذ يشعر بأنه فاشل، ويظن أنه دائما ما يخطئ في كل شيء، وأنه بذلك منعدم الفائدة، ولا قيمة له، أو ربما غير محبوب.
اقرأ أيضًا:
من جانبها، تقول المعالجة النفسية إيفا ماريا كلاين، إن الشخص المصاب بـ عقدة النقص، يعاني من تناقض بين ذاته المثالية والواقع، موضحة أن هذا التناقض ينشأ حين تكون لديه توقعات أو مطالب عالية من نفسه، وغالبًا ما يكمن سبب ذلك في توقعات الأداء العالية، التي وضعها الوالدان في طفولته، وإذا لم يتوافق الواقع مع هذه التوقعات والمطالب، فإن المرء كثيرًا ما يقع فريسة لعقدة النقص.
كلاين شددت على ضرورة الخضوع إلى العلاج النفسي في أقرب وقت ممكن، لتجنب العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الشعور الدائم بـ عُقدة النقص، المتثملة في الإصابة بالاكتئاب، وإيذاء النفس، أو ربما إيذاء الآخرين.
طريقة علاج مريض عقدة النقصيساعد العلاج النفسي المريض بـ عقدة النقص في المقام الأول على تقبل نفسه كما هو، مع العمل على زيادة الثقة بالنفس، وتقدير الذات، من خلال تحديد مواطن القوة والنقاط الإيجابية التي يتمتع بها المرء، وكذلك تحديد النجاحات والإنجازات التي حققها المرء في حياته.
اقرأ أيضًا:
من المهم أيضًا تحديد مواطن الضعف والنقاط السلبية في شخصية المرء، والعمل على علاجها وتغييرها.
فوائد تقدير الذاتحين تقدر ذاتك على نحو صحيح، وتعرف مواطن قوتك وتميزك ستحصل على ما يلي:
زيادة مهارات التعامل الأكثر فعالية حين التعامل مع المواقف العصيبة.انخفاض خطر الإصابة باضطرابات المزاج مثل القلق والاكتئاب.القدرة على التعرف بدقة على نقاط قوتنا وتحدياتنا.إيجاد الدافع لتحدي أنفسنا وتحقيق الإتقان في مهارة ماالحصول على ثقة أكبر بالنفس مزيد من السلوكيات الاجتماعية والشخصية الإيجابيةنصائح مهمة للتغلب على عقدة النقص1- اكتسب الوعي الكافي بسنواتك الأولىفهم تأثير سنواتك الأولى، مثل أساليب التربية، وأساليب التعلق، والأنماط السلوكية غير التكيفية المبكرة، على مواقفك وأفعالك كشخص بالغ، يمكن أن يساعدك في استهداف الأفكار والسلوكيات المشكلة وإجراء تغييرات إيجابية.
ليس من المستغرب أن يضع الناس أهدافهم بناءً على ما يظنون أنهم يجب أن يحققوه، لا على ما يريدون تحقيقه حقًا، سواءً كان ذلك زواجا، أو إنجابا للأطفال، أو الحصول على شهادة جامعية، فنحن جميعًا أفراد، وأهدافنا مختلفة بطبيعتها.
لذا حين نتصرف بما يتوافق مع قيمنا، نشعر براحة أكبر في حياتنا، أما إذا لم نفعل ذلك، فقد نشعر بأننا لا نتطور ونزدهر في حياتنا، لكن ما هي القيم؟ قيمنا هي ما نؤمن بأهميته الحقيقية، أولوياتنا وقيمنا الداخلية، وهي أيضًا مستقرة نسبيًا، ولكنها قد تتغير مع تقدمنا في الحياة.
إن تحديد أوقات حياتك التي كنت فيها في أسعد حالاتك، وأكثرها فخرًا، وأكثرها رضا، وأسباب ذلك، يمكن أن يساعدك على تحديد قيمك بدقة، قد تكون هذه القيم العائلة، أو الصدق، أو الحرية، أو الاحتراف، أو أي قيمة أخرى من قائمة طويلة لا تنضب، بعد تحديدها، لذا اهدف إلى وضع أهداف لحياتك تتضمن هذه القيم.
3- الاعتراف بأن الآخرين لديهم تحدياتقد تشعر أحيانًا بأن الآخرين أكثر نجاحًا، أو أجمل، أو أكثر شهرة أو شعبية، لكن إذا كان لديك تحيز داخلي تجاه نفسك، فأنت لا تُجري مقارنة دقيقة بينك وبين الآخرين، فضلا عن ذلك، يجب أن يكون معيار نجاحك مبنيًا على قيمك الداخلية، وليس على مدى نجاح الآخرين، لا تجعل إنجازات الآخرين تؤثر بأي حال من الأحوال على تقدمك في الحياة.
في المرة القادمة التي تجد نفسك تُقارن الآخرين أو تشعر بالحسد تجاههم، حاول أن تُذكّر نفسك بأن كل شخص يواجه تحدياته الخاصة في الحياة، فإذا كانوا ناجحين مهنيًا، فذكّر نفسك بالالتزام الذي قد يبذلونه في عملهم، ومدى التضحيات التي قد يضطرون إلى تقديمها للوصول إلى ما هم عليه الآن.
التركيز الإيجابي على جهود الآخرين قد يساعدك على تقديرهم بدلًا من الشعور بالحقد تجاههم أو الحسد، يمكنك البدء بمناقشة جهودهم داخليًا، ثم التعبير عنها. قل أشياءً مثل:
أنا سعيد جدًا بحصولك على هذه الترقية، لقد بذلتَ ساعات عمل إضافية كثيرة، لذا من العدل أن تتقدم.
أحسنت في الامتحان، كانت المادة صعبة جدًا، لذا أستطيع أن أتخيل الجهد الذي بذلته في التحضير لها.
سواء كنت تقول هذه العبارات بصوت عالٍ أو بقلبك، فإن ممارستها سوف تساعدك على التعرف عليها على أنها حقيقية، والشعور بقدر أقل من العبء الناتج عن المقارنات أو الغيرة.
الشعور بالنقص تجاه الآخرين قد يُسبب أفكارًا سلبية عن الذات، مثل: "أعلم في قرارة نفسي أن الجميع أفضل مني"، هذه الأفكار تُشير إلى تدني تقدير الذات، وهو جزء لا يتجزأ من إحساسنا بهويتنا: فمعتقداتنا بشأن هويتنا كأشخاص تُؤدي إلى تصوراتنا السلبية عن أنفسنا، ومع أن استهداف تدني تقدير الذات عملية تتضمن تنمية الوعي بأسباب امتلاكنا لنظرة سلبية عن أنفسنا، مثل فهم أنماط تعلقنا، إلا أنه لا يزال بإمكاننا التغلب على ناقد الذات الداخلي من خلال بعض تمارين التفكير فوق المعرفي.
يمكن أن يساعدك النشاط الآتي على تحدي الحديث السلبي مع الذات واستبداله.
كل يوم على مدى الأسبوعين المقبلين، خصّص بعض الوقت لتدوين أي أفكار سلبية كانت لديك عن نفسك في ذلك اليوم في الجدول أدناه.
قم بتحليل مدى تشويه أفكارك السلبية أو عدم دقتها من خلال الإجابة على كل من "الأسئلة الصعبة" في الجدول.
مع الممارسة، ستبدأ على الأرجح بإدراك مدى سلبية سرديتك الداخلية. استمر في تحدي هذه المعتقدات السلبية واستبدلها بأخرى أكثر واقعية وإيجابية.