هل تؤدي زيارة هوكشتاين للمنطقة هذه المرة إلى وقف إطلاق النار في لبنان؟
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
شدد رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إبراهيم الأمين، على أن مجرد الإعلان عن عودة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى المنطقة يثير موجة من التفاؤل الحذر، إذ أوضح الأخير في وقت سابق أنه لن يعود إلا إذا حدث تقدم يمكن أن يفضي إلى اتفاق.
ومع ذلك، فقد أشار الأمين في مقال نشرته "الأخبار"، الاثنين، إلى أن هذه الزيارة "قد لا يكون لها معنى" إذا كان هوكشتاين يتصور أن لبنان “ينتظره ليوقّع له صك استسلام”.
وأضاف الأمين أن النقاش الفعلي في لبنان "محصور بدوائر ضيقة"، تضم المقاومة في إطار تنسيق مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة، إلى جانب عواصم عربية وأوروبية. في المقابل، فإن النقاش داخل إسرائيل يتمحور في "دائرة القرار" بالحكومة والجيش وجهاز الاستخبارات.
في الجانب الإسرائيلي، تحدث الكاتب عن وجود تيار جاد داخل كيان الاحتلال يرى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "لن يحقق أكثر مما حققه حتى الآن"، وأن هناك فرصة "لجبي أثمان تمنح إسرائيل هدنة طويلة نسبيا".
وأوضح الكاتب أن هذا التيار يعمل على إقناع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بإمكانية تقديم سردية "نصر" للجمهور الإسرائيلي إذا قرر وقف الحرب في هذه المرحلة.
ولفت الأمين إلى أن وقف الحرب في لبنان "فائدة أكيدة للإدارتين الديمقراطية والجمهورية في الولايات المتحدة". فمن جهة، يمكن لإدارة جو بايدن "ادعاء القدرة على تحقيق إنجاز، ولو في اللحظات الأخيرة". ومن جهة أخرى، تستطيع إدارة دونالد ترامب المقبلة أن "تبدأ الحصاد لحظة دخوله إلى البيت الأبيض".
وأشار الأمين إلى أن هوكشتين انتظر في واشنطن وصول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر، الذي جاء من فلوريدا وليس من "تل أبيب"، ليبلغه أن حكومة إسرائيل "تلقت البلاغ الصادر عن ترامب بموافقته على مواصلة هوكشتاين مهمته".
وأوضح الكاتب أن المقاومة في لبنان تعتمد في موقفها على "العمل المثابر لدفع العدو إلى الإقرار باتفاق لا يمنحه أي حق لاحق على وقف إطلاق النار". كما أن خطاب المقاومة يتميز بعدم إطلاق وعود أو تعهدات خارج إطار "استعدادها لتحمّل ثمن مواصلة المقاومة".
وفي ما يتعلق بالمفاوض اللبناني الرسمي، أشار الأمين إلى أنه "ليس في وارد القبول بأي بند يخدم إسرائيل أو يقود إلى فتنة داخلية". ويُبرز دور رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي "لا يتصرف بأنه في موقع من يجب أن يقدم التنازلات".
ورأى الأمين أن المبعوث الأمريكي يواجه مهمة شاقة في ظل مسودة اتفاق "يدعمها الأمريكيون"، لكنها تحتوي على عناصر "لا يمكن للبنان القبول بها"، موضحا أن الوسيط الأمريكي يعرف أن مهمته معقدة، وأن فشلها قد يدفع نحو تصعيد إضافي.
وعلى الجانب الإسرائيلي، قال الأمين إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواجه "قوة تتآكل قدراتها النوعية أسبوعا بعد آخر"، مع جنود “أتعبتهم الحرب المفتوحة على كل الجبهات منذ 14 شهرا”.
كما أنه يشير إلى الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها دولة الاحتلال، فضلا عن "الضغط الصامت" الذي يمارسه سكان المناطق الممتدة من وسط الكيان إلى الحدود اللبنانية، والذين "نال منهم الإنهاك جرّاء حرب الاستنزاف القائمة".
وتساءل الأمين في ختام مقاله: "هل يشكل توقف الحرب على لبنان حاجة أمريكية - إسرائيلية؟". ويشير إلى أن الإجابة عن هذا السؤال تبقى رهن الأيام المقبلة، مع بدء المفاوضات واستمرار الجهود التي يقودها هوكشتاين، الذي يمثل "العقل المشترك" للإدارتين الأمريكية الحالية والمقبلة.
وأوضح أن نجاح هوكشتاين أو فشله سيعتمد على قدرته على تعديل مسودة الاتفاق بما يحقق توازنا بين مواقف الطرفين، مع الحفاظ على زخم المبادرة الدبلوماسية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية اللبنانية هوكشتاين الاحتلال لبنان حزب الله الاحتلال هوكشتاين صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لبنان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحرب لم تنته والجوع والمرض يهددان أهلها
الثورة / متابعات
شهران مرا على وقف إطلاق نار طال انتظاره، لكن غزة تلك البقعة الصغيرة المعذبة لا زالت عالقةً في دوامة من الأزمات التي لا تجد لها حلاً، فضجيج السلاح خفت نسبيا، بعد أن كانت الإبادة وصوت القتل يطغى على الحياة، لكن هذا الخفوت النسبي لم يكن إلا صدى لحياة لا تزال تئن تحت وطأة الجراح.
فرغم أن الحرب خفت صوتها قليلاً إلا أن آثارها حاضرة وضجيج كل تفصيلة في حياة الغزي لا يزال مرتفعا، فما زال الدمار يلاحق كل زاوية ويتوسع بفعل الخروقات الصهيونية، وما زالت ملامح الخوف والحزن تغلف الوجوه التي اعتادت على الحياة تحت سماءٍ مشدودةٍ بالخطر.
الدمار الذي ألحقته حرب الإبادة لا يقتصر فقط على المنازل والمرافق، بل امتد ليغزو أرواح البشر ويصادر حتى أبسط مظاهر الأمل، في هذا الركام من الأنقاض، لا يزال الناس يبحثون عن فرصة لحياة طبيعية، ويجدون أنفسهم حبيسي الظروف التي لا تبدو لها نهاية.
فالشوارع التي كانت تضج بالحياة، تحولت اليوم إلى مساحاتٍ شاحبة، يعاني فيها الناس من ندرة الماء والكهرباء، ويكافح الأطفال في المدارس من أجل الحصول على حقهم في التعليم بعد أن مزقت الحرب مدارسهم، وأصبح الأطباء يحاربون من أجل إنقاذ الأرواح وسط نقصٍ حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
ورغم أن الأمل قد تسلل إلى قلوب البعض بعد وقف إطلاق النار، إلا أن الواقع أصرَّ على أن يبقي سكان عزة في مربع المعاناة، وهذا ليس كلاما يكتبه متعاطف مع غزة وأهلها، بل إن الصحافة الغربية والمؤسسات الحقوقية الأممية توثق ذلك باستمرار.
وهم خطير
صحيفة الغارديان البريطانية قالت، إنه ورغم إعلان وقف إطلاق النار، إلا أن مصطلح “الهدنة” بات يخلق وهمًا خطيرًا بأن الحياة تعود إلى طبيعتها بالنسبة للفلسطينيين المحاصرين داخل ما تبقى من أراضي قطاع غزة، أي الـ 42% المحصورة خلف “الخط الأصفر” الذي فرضته دولة الاحتلال.
وسلطت الصحيفة الضوء على استمرار الانتهاكات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار المعلن بوساطة الولايات المتحدة في وقت تتفاقم الأزمة الإنسانية ويزداد البؤس في كافة مجالات الحياة.
وأبرزت الصحيفة أنه منذ إعلان الهدنة في 10 أكتوبر بوساطة أمريكية، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 360 فلسطينيًا، بينهم ما لا يقل عن 70 طفلًا، وفق مسؤول أممي.
وبينت إنه ورغم تراجع عدد الشهداء مقارنة بالعامين السابقين، لا يزال سبعة فلسطينيين يُقتلون يوميًا في المتوسط، وهو معدل يساوي صراعًا نشطًا في أي منطقة أخرى بالعالم، وفق قولها.
وأشارت الصحيفة إلى موقف منظمة العفو الدولية التي ترى أن دولة الاحتلال لا تزال ترتكب جرائم إبادة جماعية، وأن مصطلح “الهدنة” يمنح انطباعًا زائفًا بعودة الحياة الطبيعية في قطاع غزة.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن الفلسطينيين في غزة يعيشون كارثة إنسانية بلا أفق، حيث إن 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في 42% فقط من مساحة غزة حيث تسعة من كل عشرة بلا مأوى، و81% من المنازل دُمّرت أو تضررت بشدة.
بموازاة ذلك فإن الشتاء يزيد المأساة، حيث أغرقت الأمطار المخيمات، وانهارت الخيام، وتدفقت مياه الصرف الصحي، مما زاد المخاوف من تفشي الأمراض، وفق توصيف الصحيفة.
الحرب لم تنته
مجلة The Nation الأمريكية، من جانبها قالت “إن الحرب على قطاع غزة لم تنتهِ بل تغيّر شكلها فحسب، والحقيقة بسيطة، غزة حُرمت من حقها في الشفاء، لا تزال الأنقاض باقية، والمرضى يعانون، والأسرى لم يعودوا إلى ديارهم، وقبضة الاحتلال تشتد، فأي وقف إطلاق نار حقيقي يعني فتح الحدود، وإعادة بناء ما دُمر، والسماح بعودة الحياة، لكن هذا لا يحدث، وما نراه هو جمود مُدبّر وعقاب مُقنّع في صورة هدوء”.
وأبرزت أنه بعد عامين من الإبادة الجماعية، لم تُنهِ صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعاناةَ تمامًا، وإن كانت قد خففت من حدتها.
وترى المجلة الأمريكية، أن الحصار الخانق الذي لا تزال تفرضه دولة الاحتلال على غزة يجعل التعافي المستدام مستحيلاً.
ووفقاً للمجلة، فإنه بالنسبة للكثيرين في غزة، فإن وقف إطلاق النار لم يجلب لهم راحةً، بل كشف عن قسوة ترك الناس يواجهون مصيرهم وحدهم، ويشعر الكثيرون أن هذه المعاناة هي قدرهم، وليست واقعًا سيتغير قريبًا.
وترى أن الفئة الأكثر تضررا هم المرضى، فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يحتاج أكثر من 16500 شخص، بمن فيهم آلاف الأطفال، إلى رعاية طبية عاجلة غير متوفرة في غزة.
الجوع والمرض يهددان الغزيين
ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، نيستور أوموهانجي، الذي يزور غزة، فال إن معظم العائلات في قطاع غزة ما زالت تعيش في ملاجئ مكتظة يُهددها الجوع والمرض يوميا.
وأوضح في تصريحات صحفية، أن وقف إطلاق النار كان ضرورياً للغاية، لكنه ليس نهاية الحرب بالنسبة للنساء والفتيات، سواء جسديا أو عاطفيا أو اقتصاديا.
وأكد أن سكان غزة يحبسون أنفاسهم، عالقون بين البقاء وعدم اليقين، مشيرا إلى أن أكثر من 57 ألف أسرة في غزة تُعيلها نساء، والكثير منهن في وضع هش للغاية بلا دخل يُعيل أطفالهن.
وقال “أوموهانجي”، إن العائلات تصطف لساعات للحصول على الطعام والماء، ويطبخون على مواقد مفتوحة، ويغسلون في دلاء، وينامون تحت بطانيات رطبة.
وشدد أن الناس لم يعودوا يطلبون منازل أو تعليما أو طعاما مناسبا، بل يطلبون خيمة، أو مدفأة صغيرة، أو إضاءة، وقال: “لقد انهارت توقعاتهم، فمن كانوا يطلبون منازل ومدارس، يطلبون الآن خيمة جافة، ومدفأة صغيرة، وإضاءة دائمة”.
ولفت المسؤول الأممي إلى أن ثلث المرافق الصحية فقط تعمل جزئيًا، وجميعها تعاني من نقص الكوادر، ومُثقلة، وتفتقر إلى الإمدادات الأساسية، مبينا أن الأدوية شحيحة، ووحدات حديثي الولادة مكتظة، ومع ذلك يواصل الطاقم عمله رغم الخسائر البشرية الفادحة.
وأكد “أوموهانجي” أن النظام الصحي ما زال صامدًا في غزة فقط لأن العاملين فيه يرفضون التخلي عنه، مشيراً إلى أن إعادة بناء قطاع الصحة يتطلب إعادة بناء وتجهيز المرافق الصحية التي دُمرت، وضمان تدفق مستمر وموثوق للأدوية والإمدادات، وإعادة بناء القوى العاملة الصحية.
ورغم قتامة المشهد وقسوة الحياة في غزة، إلا أن المدينة المتعبة المنهكة تبقى مثالاً حياً على الصبر والإرادة، فسكانها يكافحون من أجل الحياة في ظل ظروف استثنائية، ولكن الأمل في غدٍ أفضل، ولو كان خافتاً، يبقى شعلة لا يمكن إطفاؤها.