الوزراء يسلط الضوء على واقع وآفاق الاستثمار في ضوء تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلاً جديداً سلط من خلاله الضوء على واقع وآفاق الاستثمار العالمي في ظل استمرار الأزمة الروسية- الأوكرانية التي اندلعت منذ فبراير 2022، بالإضافة إلى استعراض واقع الاستثمار في مصر في ضوء الأوضاع العالمية.
حيث أشار مركز المعلومات، إلى قيام الاستثمارات الأجنبية المباشرة طوال السنوات الماضية بدور رئيس في النمو الاقتصادي لمعظم دول العالم؛ وسعت العديد من الدول نحو اتخاذ جميع الإجراءات وتغيير سياستها المالية والنقدية بما يجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن تغيَّرت البيئة العالمية للاستثمار الدولي بشكل كبير مع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية التي حدثت في وقت لا يزال فيه العالم يعاني من تأثير جائحة فيروس كورونا، وقد خلَّفت الأزمة آثارًا امتدت لتشمل جميع أنحاء العالم؛ حيث تسببت في حدوث اضطرابات في التجارة والاستثمار في العالم أجمع؛ فضلًا عن التأثير على مستهلكي الغذاء والوقود على مستوى العالم.
وأضاف المركز في تحليله أنه بحسب البنك الدولي، فقد جاءت الأزمة الروسية - الأوكرانية في لحظة صعبة للاقتصاد العالمي؛ حيث كان العالم يشهد تباطؤًا في التعافي من الركود الناجم عن جائحة "كوفيد-19" مع ظهور متغيرات جديدة، كما دفع التضخم المتزايد مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الرئيسة الأخرى إلى رفع أسعار الفائدة بمستويات غير مسبوقة، وعلى خلفية اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية فقد شكَّل عدم يقين المستثمرين، وتجنب المخاطرة، ضغطًا على الاستثمار الأجنبي الدولي المباشر.
كما أدت أزمتا الغذاء والوقود والأزمة المالية الناجمتين عن الأزمة الروسية - الأوكرانية إلى تثبيط مناخ الأعمال، فبالرغم من أن الاستثمار الأجنبي الدولي المباشر تعافى وعاد في عام 2021 إلى مستويات ما قبل الجائحة، مع وصوله إلى نحو 1.6 تريليون دولار أمريكي، فإنه قد شهد تراجعًا في عام 2022.
حيث أوضح تقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الذى صدر بعنوان: "الاستثمار في الطاقة المستدامة للجميع"، الصادر عن مؤسسة الأونكتاد "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" خلال شهر يوليو 2023 انخفاض الاستثمار العالمي بنسبة 12% على أساس سنوي في عام 2022 ليصل إلى 1.3 تريليون دولار أمريكي، ويرجع ذلك أساسًا إلى الأزمات العالمية المتداخلة: الأزمة الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، والدين العام المتزايد.
وقد ظهر هذا الانخفاض في الغالب في الاقتصادات المتقدمة؛ حيث انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 37% ليصل إلى 378 مليار دولار أمريكي عام 2022، في حين زادت التدفقات إلى البلدان النامية بنسبة 4% لتصل إلى 916 مليار دولار أمريكي، وإن حدث ذلك بشكل غير متكافئ؛ حيث اجتذب عدد قليل من البلدان الناشئة الكبيرة معظم الاستثمار بينما انخفضت التدفقات إلى الدول الأقل نموًّا.
ولكن على الجانب الإيجابي، ارتفعت إعلانات المشروعات الاستثمارية التأسيسية بنسبة 15% على أساس سنوي في عام 2022، ونمت في معظم المناطق والقطاعات، وشهدت الصناعات التي تكافح مع تحديات سلسلة التوريد، بما في ذلك الإلكترونيات وأشباه الموصلات والسيارات والآلات، زيادة في المشروعات، بينما تباطأ الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الرقمي، كما استمر الاستثمار الدولي في مجال توليد الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في النمو، ولكن بمعدل أبطأ بنسبة 8% من النمو المسجل في عام 2021 بنسبة 50%. وتجدر الإشارة إلى أن المشروعات المعلنة في مجال تصنيع البطاريات تضاعفت ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 100 مليار دولار في عام 2022.
واتصالًا أوضح التحليل أن الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة فاق مؤخرًا بشكل كبير الإنفاق على الوقود الأحفوري؛ حيث أن القدرة على تحمل تكاليف الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة، والمخاوف الأمنية التي أثارتها أزمة الطاقة العالمية، عززا الزخم وراء خيارات أكثر استدامة.
كما قدَّم التعافي من الركود الناجم عن جائحة كوفيد-19 والاستجابة لأزمة الطاقة العالمية دفعة كبيرة للاستثمار في الطاقة النظيفة، فوفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة لعام 2023 مقارنة ببيانات عام 2021، ارتفع الاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة بشكل أسرع بكثير من الاستثمار في الوقود الأحفوري خلال هذه الفترة (24% مقابل 15%)، ومن المقرر استثمار حوالي 2.8 تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم في الطاقة في عام 2023، ومن المتوقع أن يذهب أكثر من 1.7 تريليون دولار أمريكي إلى التقنيات النظيفة، بما في ذلك: مصادر الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، والطاقة النووية، والشبكات، والتخزين، والوقود منخفض الانبعاثات، وتحسين الكفاءة والمضخات الحرارية.
وأضاف التحليل أنه قد تم تعزيز استثمارات الطاقة النظيفة من خلال مجموعة متنوعة من العوامل، شملت:
- انتعاش الاقتصاد في وقت ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري وتقلبها.
- تعزيز دعم السياسات من خلال أدوات مثل قانون خفض التضخم الأمريكي والمبادرات الجديدة في أوروبا واليابان والصين، وأماكن أخرى.
- المواءمة القوية لأهداف المناخ وأمن الطاقة، لا سيما في الاقتصادات المعتمدة على الاستيراد.
- التركيز على الاستراتيجية الصناعية؛ حيث تسعى الدول إلى تعزيز موطئ قدمها في اقتصاد الطاقة النظيفة الناشئ.
كذلك من المتوقع أن تمثل الطاقة منخفضة الانبعاثات ما يقرب من 90% من إجمالي الاستثمار في توليد الكهرباء، وتُعَد الطاقة الشمسية أحد الأمثلة البارزة للطاقة النظيفة، فمن المتوقع أن يُنفَق أكثر من 1 مليار دولار أمريكي يوميًّا في استثمارات الطاقة الشمسية في عام 2023 (380 مليار دولار أمريكي للعام بأكمله)، متجاوزًا هذا الإنفاق على الوقود الأحفوري للمرة الأولى.
وعن الأزمة الروسية الأوكرانية وآفاق الاستثمار في مصر، أشار التحليل إلى أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر قد شهد عام 2022 ارتفاعًا ملحوظًا؛ حيث أوضح تقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الصادر عن مؤسسة الأونكتاد "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية"، إلى ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلى 11.4 مليار دولار أمريكي عام 2022، مقابل 5.12 مليارات دولار أمريكي عام 2021 محققًا بذلك معدل نمو يفوق الضعف (122%)، وبحسب التقرير فقد جاءت مصر في المركز الأول من حيث التدفقات الداخلة إلى القارة الإفريقية، مستحوذة على 25% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى إفريقيا عام 2022، يليها كل من جنوب إفريقيا وإثيوبيا، وجدير بالذكر أن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر شكلت نحو 75.8% من إجمالي التدفقات في دول شمال إفريقيا والتي بلغت 15 مليار دولار عام 2022.
كما شهدت مصر تدفقات فاقت الضعف مع زيادة مبيعات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود. وقد تضاعف عدد المشروعات التي تم الإعلان عنها هناك لتصل إلى 161 مشروعًا عام 2022، وارتفعت قيمة صفقات تمويل المشروعات الدولية بمقدار الثلثين لتصل إلى 24 مليار دولار أمريكي.
وعلى صعيد آخر، أشار التقرير إلى أن معظم المناطق حول العالم، باستثناء شرق ووسط آسيا، سجلت زيادة في المشروعات الجديدة المعلن عنها، وفي هذا الصدد فقد شهدت أفريقيا قفزة في عام 2022 بنسبة 39% في تلك المشروعات، نجمت بشكل رئيس عن مضاعفة عدد المشروعات في مصر وزيادة عددها في جنوب إفريقيا والمغرب وكينيا.
هذا؛ وقد تضاعفت إعلانات المشروعات الجديدة من قبل الشركات متعددة الجنسيات الهندية أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 42 مليار دولار أمريكي. وقد كان اثنان من أكبر المشروعات الجديدة في مجال الطاقة المتجددة بمصر؛ حيث أعلنت مجموعة (Acme) عن إنشاء مصنع بقيمة 13 مليار دولار في مصر لإنتاج 2.2 مليار طن من الهيدروجين الأخضر سنويًّا، وأعلنت شركة (ReNew Power) أنها ستنشئ محطة هيدروجين أخضر بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ويُعَدُّ مشروع محطة الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس من بين أكبر ثلاثة مشروعات تم الإعلان عنها في الدول النامية عام 2022، وفي مجال المياه والصرف الصحي والنظافة (WASH)، يُعَدُّ مشروع محطة تحلية مياه تعمل بالطاقة الشمسية بقدرة 400 ميجاوات في مصر من بين أكبر ثلاثة مشروعات في هذا المجال بتكلفة 1.5 مليار دولار أمريكي.
كما جاءت مصر ضمن أكبر 10 اقتصادات نامية حسب الاستثمار الدولي في الطاقة المتجددة خلال الفترة (2015-2022)؛ حيث احتلت المركز السابع بنسبة مساهمة 14% في حصة الطاقة المتجددة من إجمالي قيمة المشروعات، و4% من إجمالي الحصة المنتجة للبلدان النامية.
وذكر التحليل أنه في حين زادت إعلانات الاستثمار في مجال خطوط نقل الكهرباء (Transmission Lines) في البلدان النامية في عام 2021 مقارنة بعام 2020، فإنها تباطأت مرة أخرى في عام 2022، وكانت معظم مشروعات إنشاء خطوط النقل في الاقتصادات الناشئة الكبيرة، بما في ذلك الهند ومصر والبرازيل والإمارات العربية المتحدة والكويت على التوالي، وتشمل هذه المشروعات ليس فقط بناء محطات للكهرباء بل أيضًا الإعلان عن مشروعات خطوط لنقل الكهرباء إلى الأسواق الخارجية. وهنا قد أشار تقرير الأونكتاد إلى الإعلان عن مشروع كابل الكهرباء تحت سطح البحر (Elica Interconnection)، والذي يتضمن إنشاء كابل بحري مزدوج بطول 963 كيلو مترًا بين السلوم في مصر ونيا ماكري في منطقة أتيكا باليونان، وذلك بغرض نقل الكابل 3 جيجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأشار التحليل إلى إعلان مصر عن حوافز على المشروعات الممولة من الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات والمجالات الرئيسة تصل إلى 55% من قيمة الضريبة على الدخل المتولد، وأنه سوف يتم منح الحوافز إذا تم تمويل ما لا يقل عن 50% من المشروع الاستثماري أو توسعته بالعملة الأجنبية.
اتصالًا، فإن صنـدوق النقـد الدولـي يتوقع أن يتخذ صافـي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشـر في مصر اتجاهًا عامًّا تصاعديًّـا ليصـل إلى نحـو 17.1 مليار دولار عـام 2024/ 2025.
وأشار التحليل إلى أن مؤشرات تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر، تبرز تمتع مصر بالعديد من المقومات الاقتصادية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، يساندها في ذلك الإصلاحات الاقتصادية الكلية التي تبنتها الدولة مؤخراً خلال السنوات الأخيرة؛ وهو ما تؤكده دومًا المؤسسات الدولية التي أشارت إلى عدد من نقاط القوة الرئيسة التي يمتلكها الاقتصاد المصري، والتي يتمثل أبرزها في: كبر حجم الاقتصاد المصري وما يتمتع به من قاعدة صناعية راسخة ومتنوعة مع إمكانية الاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات والأنشطة الاقتصادية بما في ذلك قطاع الهيدروكربونات والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى وجود سوق استهلاكية كبيرة يرجع إلى تعداد سكان مصر الذي جعلها أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن موقع مصر الاستراتيجي باعتبارها طريقًا تجاريًّا رئيسًا بين أوروبا وآسيا بما يعزز من كفاءة تدفقات التجارة ويزيد من الشركاء التجاريين المحتملين، وكذلك تمتُّع مصر بإمكانية الوصول إلى الأسواق الرئيسة الكبيرة من خلال العديد من الاتفاقيات التجارية التي تضمن للمستثمرين سهولة التوسع في الأسواق الدولية، وأخيراً تمتُّع مصر ببنية تحتية قوية حيث أسهمت الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية خلال الفترة بين (2014 - 2019) في تحسن ترتيب مصر في المؤشر الفرعي للبنية التحتية بمؤشر التنافسية العالمية، لتأتي في المرتبة 52 وفقًا لتقرير عام 2019، مقارنة بالمرتبة 125 وفقًا لتقرير عام 2014 - 2015.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاستثمار الأجنبی المباشر الأزمة الروسیة الأوکرانیة ملیار دولار أمریکی الاستثمار العالمی الطاقة المتجددة الوقود الأحفوری الطاقة النظیفة الطاقة الشمسیة الاستثمار فی الإعلان عن بما فی ذلک فی الطاقة من إجمالی فی عام 2022 لتصل إلى من خلال فی مجال أکثر من إلى أن عام 2023 فی مصر عام 2021
إقرأ أيضاً:
عرض مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2022 أمام نواب المجلس الشعبي الوطني
عرض وزير المالية،عبد الكريم بو الزرد، اليوم الاثنين، مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2022 أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، خلال جلسة علنية.
وأوضح الوزير، في عرضه للمشروع، أن هذا النص، الذي يتضمن نتائج تنفيذ قانون المالية، يظهر أن الإيرادات المحققة خلال سنة 2022 بلغت 7244 مليار دينار. في حين بلغت نفقات الميزانية المنفذة 10494 مليار دينار.
وأشار إلى أن النفقات، التي سجلت انخفاضا قدره 1116 مليار دج مقارنة بتقديرات قانون المالية التكميلي لسنة 2022. توزعت بين 7443 مليار دج نفقات التسيير و 3050 مليار دج نفقات التجهيز، بنسبة استهلاك قدرت بـ 90.4 بالمائة.
أما بخصوص الحسابات الخاصة بالخزينة، فقد سجلت، مع نهاية سنة 2022، رصيدا إيجابيا قدره 2169 مليار دج، مقابل 477 مليار دج نهاية سنة 2021، وهو ما يعكس. حسب الوزير، “تحسنا ملموسا في سيولة الخزينة العمومية”.
وفي عرضه للمعطيات الاقتصادية، أكد الوزير أن قيمة الصادرات بلغت 65.7 مليار دولار، مقابل 38.6 مليار دولار سنة 2021، بزيادة قدرها27.1مليار دولار.منها صادرات المحروقات التي سجلت ارتفاعا بـ 25.6 مليار دولار، لتبلغ 59.7مليار دولار، وهو ما أعادها إلى مستوياتها المسجلة قبل أزمة انهيار الأسعار في 2014.
وبشأن الميزان التجاري، أوضح الوزير أنه سجل فائضا قدره 8ر26 مليار دولار, ما يمثل 11.5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين بلغت نسبة تغطية الواردات بالصادرات 169 بالمائة, مقارنة بنسبة 103 بالمائة سنة 2021.
واعتبر بو الزرد أن مشروع قانون تسوية الميزانية يشكل أداة أساسية للتحقق من مدى تطابق توقعات قوانين المالية مع النتائج الفعلية. وكذا من شروط تنفيذ الإجراءات المرتبطة بالأهداف المرسومة وتقييم نتائجها.
من جهتهم, اعتبر نواب المجلس أن مناقشة هذا المشروع تشكل “آلية تعزز الرقابة على تسيير المال العام”. مؤكدين على ضرورة تكثيف جهود التحصيل الجبائي. وتوجيه النفقات نحو أهداف استراتيجية. لاسيما في ما يتعلق بتعزيز القطاع الرقمي. تفعيل آليات فعالة لتنفيذ الاعتمادات. إلى جانب دعم الطابع الاجتماعي للسياسات العمومية.