احتفل أبطال الفليم السوري سلمى"بعرضه خاص ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، والتى تقام بفعاليات الدورة الـ 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مساء أمس بحضور الإعلامية بوسي شلبي.


وكشفت  النجمة السورية سولاف فواخرجي  في تصريحات خاصة لـ بوابة الوفد عن طبيعة تجسيد شخصية سلمى، مؤكده ان الشخصية تمثل طبيعة ومثابرة وقوة دولة سوريا.


وأضافت ان شخصية سلمى التي تجسدها، هي امرأة بسيطة تعيش ظروف مختلفة وترتبط كثيرًا بأبنها وأبن شقيقتها التي استشهدت أثناء القصف وتركت لها ابنها الصغير لتتولى رعايته برفقة ابنها وأن حبها بزواجها الذي فقد وتظل طوال احداث الفيلم تبحث عنه دون جدوى ولكنها لم تستلم وتقف بصمود وقوة تساند اهل قريتها وبلدها لآخر لحظة.

 

وأكملت أنها لم تتردد بالمساهمة في إنتاج الفيلم، قائلة: " احنا بنمثل في سوريا لكي يعلم العالم كله اننا نستطيع ان نحيي ويروا ما يحدث لنا على أرض الواقع ونخلد أنفسنا في سطور التاريخ بالفن، وأتنمى ان تعود سوريا عامره باهلها، احننا كفنانين لم نمثل في سوريا من أجل كسب المال بل لإيصال صوتنا وقوتنا لآخر نفس".

 

وقالت وأنا ساظل أشارك في الفن لتصل رسالتي للعالم لآخر لحظة بحياتي لانني أحيي بالفن.

 

واشارت ان كواليس تصوير فيلم سلمى كانت خفيفة على القلب وخاصة مليئة بالحب والتعاون والأخوه لاننا نعرف بعض تربطنا علاقة طبيه مع بعضنا البعض، لاننا كنا نحاول أن نخفف من الصعوبات الكثيرة التي تحصرنا بسبب الدمار الذي نعيشه الأن في سوريا، كما ان الفيلم يحتوى على مشاهد صعبة ومؤلمة جدًا من وحي الواقع مثل مشهد الزلال الذي فقد فيه العديد من أهل سوريا.


وأوضحت أن تغمرها السعادة بمشاركة فيلم سلمى وعرضه لأول مره للجمهور المصري خلال فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، قائلة: " فرحتي بـ سلمى مثل فرحة أى ممثل مصري في المشاركة في مهرجان عريق وعظيم مثل مهرجان القاهرة".

واختتمت ان اهتمامها بطبيعة الشخصية أهم بكثير من اهتمامها بمظهرها ووضع المكياج وتصفيف الشعر، قائلة: " أنا لو فكرت بجمال مظهري هيأثر على طبيعة الشخصية لم استطيع إيصال صدق أحساسي للجمهور".



فيلم "سلمى" للمخرج السورى جود سعيد، ينافس فى مسابقة آفاق السينما العربية بالمهرجان وتدور أحداثه حول "سلمى" تحاول أن تجد حلاً لمشاكلها بعد اختفاء زوجها، لتجد نفسها فى النهاية أمام خيارين: إمّا أن تتابع المواجهة حتى النهاية مع كلّ ما يحمله ذلك من تضحيةٍ أو أن تختار خلاصها الفردى مع عائلتها.
يشارك في بطولة الفيلم السوري سلمي سولاف فواخرجي والفنان السوري حسين عباس والفنان السوري غيث صقر والفنان السوري ورد وإخراج المخرج السوري جود سعيد.

 

الملكة رانيا العبدالله تتألق بأحدث صيحات موضة 2025 في خطاب العرش (صور) هبة مجدي مرآة لأحدث صيحات موضة 2025 في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مسابقة آفاق السينما العربية سولاف فواخرجي سوريا مهرجان القاهرة

إقرأ أيضاً:

غزة.. قلب الأمة النابض أو قبرها المفتوح.. قراءة في مرآة مؤرخ فرنسي

يتعرض قطاع غزة لحرب لم ترى لها البشرية مثيلا في القرن الحادي والعشرين؛ ومع ذلك يأبى الخضوع والاستسلام، ويسطر بدمام أبنائه وصمودهم حقيقة مهمة، وهي: "بغزة، وبها وحدها، تكون الأمة أو لا تكون". فغزة هو الحصن الأخير، إن سقطت سيعربد نتنياهو في الشرق الأوسط ، وسيسارع حكامنا إلى تقديم فروض الطاعة والولاء ودفع الجزية ل"بيبي الأول" ملك إسرائيل. وستكون الديانة الإبراهيمية دين الأمة الجديد.

وفي هذا المقال، من خلال كتابات المؤرخ الفرنسي "جان بيير فيليو"، نجيب على أسئلة مهمة:  لماذا غزة هي حصننا الأخير؟! وما أهميتها رغم صغرها؟ ولماذا تسعى إسرائيل والقوى الدولية لتركيعها وتهجير أهله؟ ولماذا يتوقف مستقبل الأمة ومصيرها على غزة وصمود شعبها وبقائه على أرضها؟:

1 ـ جان بيير فيليو، غزة: تاريخ، مكتبة هيرست، لندن، الطبعة الأولى، 2015.
2 ـ جان بيير فيليو، أهمية غزة، فورين آفيريز، 1/1/2024.
3 ـ جان بيير فيليو، مؤرخ في غزة، مكتبة ليه آرين، باريس، 2025.

في كتابه "غزة: تاريخ"، هو أفضل كتاب عن تاريخ غزة، إذ قدم فيه فيليو سردا شاملا لتاريخ غزة على مدار أربعة آلاف عام. ويُظهر الكتاب التعقيدات التاريخية بين التطورات السياسية والعسكرية، وكيف شكّلت عمليات غزة الصراع العربي الإسرائيلي.

وفي مقاله بمجلة فورين آفيرز، يبين فيليو "لماذا غزة مهمة؟"، لأنها شكلت منذ القدم خارطة طريق من يسعي لبسط نفوذه في الشرق الأوسط. وعلى مدار العقدين الماضيين، فرضت إسرائيل حصارًا شاملا على القطاع. وبدا أن القادة والهيئات الدولية افترضت أنها يمكن إقصاء غزة إلى أجل غير مسمى من المعادلة الإقليمية؛ إلا أن هجوم السابع من أكتوبر، الذي فاجأ إسرائيل والعالم أجمع، كشف عن العيوب الهائلة في هذا الافتراض، وأعاد ضبط القضية الفلسطينية برمتها، ووضع غزة وشعبها في قلب أي حديث عن المستقبل.

يتعرض قطاع غزة لحرب لم ترى لها البشرية مثيلا في القرن الحادي والعشرين؛ ومع ذلك يأبى الخضوع والاستسلام، ويسطر بدمام أبنائه وصمودهم حقيقة مهمة، وهي: "بغزة، وبها وحدها، تكون الأمة أو لا تكون". فغزة هو الحصن الأخير، إن سقطت سيعربد نتنياهو في الشرق الأوسط ، وسيسارع حكامنا إلى تقديم فروض الطاعة والولاء ودفع الجزية ل"بيبي الأول" ملك إسرائيل. وستكون الديانة الإبراهيمية دين الأمة الجديد.وفي كتابه "مؤرخ في غزة"، يقدم فيليو رواية شاهد عيان للحرب، والتي تضمنت شهادته جانبين مهمين: الدمار الشامل والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة؛ كما يقدم شهادة على الألم الذي يتحمله القطاع، ومدى الرقي الإنساني لأهله الصامدين صمودا أسطوريا رغم التجويع والتعطيش والآلام والجراحات.

الأهمية الجيو سياسية والتاريخية لغزة

على النقيض تمامًا من واقعها البائس اليوم؛ اُشتهرت غزة عبر تاريخها ب"الواحة الخضراء". واُشتهرت أيضا بأهميتها الاستراتيجية، فهي حلقة الوصل بين مصر والشام، مما جعلها محل نزاع منذ القرن السابع عشر قبل الميلاد، عندما غزا الهكسوس مصر انطلاقًا منها. وقد  اضطر الفراعنة إلى التخلي عن غزة لشعوب البحر - المعروفين بالفلسطينيين - الذين أسسوا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد اتحادًا من خمس مدن ضم: غزة، عسقلان، أشدود، عقرون، وجت. وقد اندلع صراع عنيف حول الوصول إلى البحر بين الفلسطينيين والقبائل والممالك اليهودية المجاورة. ومن هنا جاءت قصة شمشون التوراتية، المحارب الإسرائيلي الأسطوري الذي انطلق لهزيمة الفلسطينيين؛ لكنهم أسروه وسجنوه في غزة.

وفي أواخر العصور القديمة، جعلت جغرافية غزة منها ساحة معركة حاسمة بين أعظم القوى المهيمنة، الأشوريين والبابليين، واستولى عليها قورش الكبير في منتصف القرن السادس قبل الميلاد. لكن الصدمة الحقيقية جاءت بعد قرنين من الزمان، ففي عام 332 قبل الميلاد، شن الإسكندر الأكبر حصارًا مدمرًا على غزة لمدة مائة يوم، وهو في طريقه إلى مصر. وخلال هذه الحرب المروعة، عزز الجانبان مواقعهما بحفر العديد من الأنفاق تحت تربة غزة الرخوة، مما وفر سابقة تاريخية لاستراتيجية حماس ضد إسرائيل اليوم. وفي النهاية، انتصرت قوات الإسكندر؛ ولكن بتكلفة باهظة لجميع الأطراف. وخلال العصر الهلنستي، كانت غزة "مدينة - دولة"، وأصبحت لاحقًا مركزًا دينيًا رئيسيًا في القرون الأولى للمسيحية.

وفي الإسلام. وبعد أن فتحتها الجيوش الإسلامية في القرن السابع الميلادي، سماها المسلمون "غزة هاشم"، لأن جد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف مات ودفن هناك.

وفي العصور الوسطى وحتى القرن التاسع عشر، ظلت غزة بمثابة كنز ثمين في صراعات القوى الكبرى، أثناء الحروب الصليبية والغزو المغولي. وعلى مدار قرنين ونصف من حكم المماليك لمصر والشام، دخلت غزة عصرًا ذهبيًا، فكان بها العديد من المساجد والمكتبات والقصور، وازدهرت اقتصاديا بفضل تجدد طرق التجارة الساحلية. وفي عام ١٣٨٧م، أُنشئ "خان محصن" كمركز تجاري في الطرف الجنوبي من غزة. وسرعان ما تطور ليصبح مدينة مستقلة هي خان يونس.

استولى العثمانيون على غزة عام ١٥١٧م، ثم غزاها نابليون بونابرت لفترة وجيزة بعد غزوه لمصر عام ١٧٩٨. وقد اُشتهرت غزة خلال هذه الفترة بمناخها الخصب وسكانها الودودين ومستوى معيشتها الراقي.

ولكي تفصل بريطانيا مصر عن فلسطين العثمانية، رُسمت الحدود عام ١٩٠٦م، والتي كانت تمر عبر مدينة رفح لإنشاء منطقة تجارة حرة بحكم الأمر الواقع بين الإمبراطوريتين. وخلال الحرب العالمية الأولى، وبعد ثلاث محاولات، اخترق الجيش البريطاني الخطوط العثمانية عام 1917م. ودخل الجنرال اللنبي غزة المدمرة في 9 نوفمبر، وهو نفس يوم إعلان وعد بلفور لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

كانت غزة واحدة من أقل مناطق فلسطين استهدافًا للاستيطان الصهيوني؛ إلا أنها أصبحت معقلًا للقومية الفلسطينية، خاصة خلال الثورة العربية الكبرى 1936- 1939. وفي نوفمبر 1947، أيدت الأمم المتحدة خطة تقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية، مع انضمام غزة إلى الدولة العربية.

غزة وبذور النضال الفلسطيني

تشكّل قطاع غزة بفعل قرار التقسيم 1947، وحرب ١٩٤٨. وسرعان ما وصلت إليه أولى موجات اللاجئين. وبحلول يناير كانون الثاني 1949، شرّد الإسرائيليون 750 ألف فلسطيني من ديارهم. وأدت الهدنة الموقّعة بين إسرائيل ومصر برعاية الأمم المتحدة في فبراير شباط من ذلك العام إلى خضوع قطاع غزة للإدارة المصرية. وبعد قرون من كونها مفترق طرق استراتيجياً ومركزًا تجاريًا حيويًا للتجارة الإقليمية، تحوّلت غزة إلى "شريط" من الأرض، تُحاصره الصحراء، ومعزولة عما كان يُعرف بفلسطين. وازدحم القطاع بنحو 200 ألف لاجئ من جميع أنحاء فلسطين، الذين وصفوا قطاع غزة آنذاك بأنه "سفينة نوح". ولم تكن هناك بنية تحتية لاستقبال هؤلاء اللاجئين. وخلال الشتاء الأول من عامي 1948-1949، قدّر الصليب الأحمر الدولي أن عشرة أطفال في عزة يموتون يوميا من البرد أو الجوع أو المرض. وقد أجبرت ضخامة صحراء سيناء الناجين على البقاء في القطاع، وأصبح 25% من الفلسطينيين محصورين فيه، أي على 1% من أراضيهم السابقة.

كان حجم النكبة كبيرًا لدرجة أن أنشأت الأمم المتحدة هيئة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، للتعامل مع الأزمة الإنسانية. وقد زرعت النكبة بذور صراع جديد مستمر حتى يومنا هذا. وفي ديسمبر كانون الأول 1948، كرّست الجمعية العامة للأمم المتحدة، "حق العودة" للاجئين، وهو مفهومٌ ظلّ محوريًا في تطلعات الفلسطينيين. وكان له معنى خاص في غزة، نظرًا للعدد الهائل من اللاجئين هناك، لذا أصبح القطاع حاضنةً طبيعيةً للقومية الفلسطينية.

أدرك بن غوريون التهديد طويل الأمد الذي تُشكّله غزة، فاقترح في مؤتمر الأمم المتحدة للسلام في لوزان، عام 1949، ضمّ القطاع لإسرائيل والسماح لـ 100 ألف لاجئ فلسطيني بالعودة. لكنّ الخطة أثارت ضجةً في كلٍّ من إسرائيل. وعارضت مصر الاقتراح، حيث أصبح الدفاع عن غزة قضيةً وطنية.

استغرق الأمر بضع سنوات قبل أن يلجأ لاجئو غزة إلى النشاط المسلح. في البداية، نجحت إسرائيل ومصر في قمع نشاط الفدائيين المتسللين داخل الأراضي المحتلة. ولكن في منتصف الخمسينيات، بدأ عبد الناصر استخدامهم لشنّ غارات على إسرائيل.

أصبح القضاء على الفدائيين في غزة أولوية قصوى لبن غوريون وديان. وخلال حرب 1956، سيطر الجيش الإسرائيلي على القطاع. وخلال أربعة أشهر، قُتل حوالي ألف فلسطيني، بما في ذلك مجزرتان وثّقتهما الأونروا، حيث أُعدم 275 في خان يونس و111 في رفح. كانت الصدمة عميقة لدرجة أنه عندما انسحب الإسرائيليون تحت ضغط أمريكي، طالب أهل غزة بعودة الحكم المصري. وضاعت فرصة تاريخية لبناء كيان فلسطيني قابل للتطور إلى دولة.

وبدأ الاحتلال الإسرائيلي الثاني لغزة في يونيو حزيران ١٩٦٧، فقام ديان، وزير الدفاع آنذاك بمحو أي أثر للحدود بين غزة وإسرائيل، مراهنًا على أن جاذبية سوق العمل الإسرائيلي ستقضي على القومية الفلسطينية؛ لكن سكان غزة دعموا حرب عصابات منخفضة الشدة لمدة أربع سنوات، حتى قام شارون، القائد الإسرائيلي للقطاع، بتجريف أجزاء من مخيمات اللاجئين، وقضى على التمرد.

إسرائيل ووحش المقاومة

أدرك قادة إسرائيل أن مشكلة غزة لن تنتهي. وفي ١٩٧٤، اقترح شارون إعادة توطين عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في إسرائيل لمعالجة المظالم الفلسطينية، ولو رمزيًا. لكن الفكرة رُفضت مجددًا. وبدلًا من ذلك، سعت إسرائيل إلى استخدام سياسة فرق تسد لتمزيق الصف الفلسطيني بين قوميين وإسلاميين. وقد بدت هذه السياسة ناجحة في غزة لفترة من الوقت، حيث اندلعت اشتباكات بين القوميين والإسلاميين في 1980. وبحلول أواخر الثمانينيات، نشأ جيل كامل مقاوم يعاني من الضغط المستمر للمستوطنين الذين لم يتجاوز عددهم بضعة آلاف، لكنهم قادوا جيش الاحتلال إلى استبعاد سكان غزة من ربع مساحة القطاع.

كان حجم النكبة كبيرًا لدرجة أن أنشأت الأمم المتحدة هيئة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، للتعامل مع الأزمة الإنسانية. وقد زرعت النكبة بذور صراع جديد مستمر حتى يومنا هذا. وفي ديسمبر كانون الأول 1948، كرّست الجمعية العامة للأمم المتحدة، "حق العودة" للاجئين، وهو مفهومٌ ظلّ محوريًا في تطلعات الفلسطينيين. وكان له معنى خاص في غزة، نظرًا للعدد الهائل من اللاجئين هناك، لذا أصبح القطاع حاضنةً طبيعيةً للقومية الفلسطينية.وفي ديسمبر 1987، اندلعت الانتفاضة الأولى فيي غزة، والتي سرعان ما انتشرت إلى الضفة الغربية. وتحدى الشباب الفلسطيني، بحجارتهم ومقاليعهم، الجيش الإسرائيلي. وأُعلن عن قيام حركة حماس. وفي مايو أيار 1989، سُجن الشيخ أحمد ياسين زعيم حماس وقائد الانتفاضة. وقد استمرت الانتفاضة حتى وصول رابين إلى منصب رئيس الوزراء في يوليو تموز 1992، فبدأ محادثات سرية مع منظمة التحرير الفلسطينية. وكانت أولوية رابين فك ارتباط إسرائيل بقطاع غزة مع الحفاظ على حماية المستوطنات هناك.

أدت اتفاقيات أوسلو، في سبتمبر أيلول 1993، إلى إنشاء سلطة فلسطينية تتولى مسؤولية الأراضي التي أخلتها إسرائيل في الضفة والقطاع. وعاد عرفات إلى غزة بعد عشرة أشهر، معتقدًا أنه حررها بنفسه، أو على الأقل الجزء الخاضع للسيطرة الفلسطينية. وكان سكان غزة مقتنعين بأنهم دفعوا الثمن الأغلى لهذا التحرير. وقد صبّ سوء الفهم هذا، إلى جانب الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية، في مصلحة حماس.

وفي 1997، وعقب عملية اغتيال فاشلة ضد خالد مشعل زعيم حماس في الأردن، اُضطر رئيس الوزراء نتنياهو إلى الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الذي كان يقضي حكمًا بالمؤبد في إسرائيل، وعاد منتصرًا إلى غزة. ونتيجة لفشل عملية السلام وزيارة شارون للمسجد الأقصى، اندلعت الانتفاضة الثانية في سبتمبر أيلول 2000. وبعد حصار عرفات في رام الله وقتل الشيخ أحمد ياسين في غزة، اعتقد شارون أن انتصاره لن يكتمل إلا بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وكان الهدف تأمين خط دفاع إسرائيلي جديد حول القطاع. وقد اعتبرت حماس الانسحاب الإسرائيلي انتصارًا، وفازت في الانتخابات البرلمانية بعد بضعة أشهر في يناير كانون الثاني 2006. وشعرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالحرج من النتيجة غير المتوقعة، فقررا مقاطعة حماس حتى تعترف بإسرائيل، وتنبذ العنف. ولكن في العام التالي، سيطرت حماس على القطاع؛ ففرضت إسرائيل  حصاراً كاملاً بالتعاون مع مصر التي تسيطر على معبر رفح.

إجرام صهيوني ليس له مثيل

هناك  فجوة بين معاناة غزة وتصور العالم الخارجي. وكان أول ما لفت انتباه فيليو عند دخوله القطاع هو أن غزة التي يعرفها لم تعد موجودة لم يتعرف على أي شيء. مدن بأكملها أصبحت كومة هائلة من الأنقاض في دمار لم يشهد مثله قط خلال زياراته لمناطق حرب، من أوكرانيا إلى أفغانستان، ومرورًا بسوريا والعراق.

الموت في غزة غير منطقي، أي شخص قد يموت في أي لحظة. قرارات صغيرة تُتخذ سهوًا قد تُحدد من سيعيش ومن سيموت. حتى من فقدوا أحباءهم لا يستطيعون أن يُرثوهم كما ينبغي، لأنه لا توجد جنازة ولا قبر. تُكتب أسماء الموتى على أنقاض المنازل. والحِداد مُجمد.

لقد تجاوزت الوفيات في غزة حين زيارة فيلو في ديسمبر الماضي  54 ألف حالة وفاة، أي ما يعادل لبلد كفرنسا: مليونًا ونصف مليون حالة وفاة، من بينهم نصف مليون طفل.

في الماضي، كان أطفال غزة يرتدون الزي المدرسي، ويحملون حقائبهم. أما اليوم، فقد أصبحوا أطفال شوارع، يزورهم الموت، يهيمون على وجوههم، ويبحثون في مكبات النفايات عن أي شيء يمكن استخدامه لإشعال نار صغيرة وتوفير القليل من الدفء.

الجوع الشديد هو أحد أسباب التدهور الحاد في النسيج الاجتماعي للقطاع. في الماضي، كان التضامن الغزي كبيرًا. أما الآن، فإن الجميع يُركز على دائرة العائلة الصغيرة.

لا يمكن حصر الأيتام بسبب انهيار النظام الصحي، واختفاء عائلات بأكملها. أحيانًا، لا يبقى على قيد الحياة سوى طفل واحد. والمجتمع، الذي كان شديد الحماية داخل هياكله الأسرية، انهار هو الآخر تحت وطأة المجازر والنزوح المتكرر. ويُترك الأيتام الجرحى في المستشفيات دون أقارب، ولو حتى بعيدين، ليأخذوهم.

بالإضافة إلى الوفيات التي لا تُحصى بسبب مختلف أنواع الأسلحة، فهناك وفيات ناجمة عن العدوى والأمراض، واستحالة الحفاظ على النظافة الشخصية. وحتى الطقس يُسفر عن وفيات قاتلة.

رقي إنساني وصراع من أجل البقاء

إن الحياة اليومية لرجال ونساء غزة أشبه بصراع دائم من أجل البقاء. كل حاجة إنسانية أساسية هنا هي صراع من أجل البقاء. يقول فيليو: أُكنّ احترامًا كبيرًا لجميع هؤلاء النساء والرجال الذين صمدوا في وجه هذا الرعب. أعرف مجتمع غزة. إنه مجتمعٌ تقليديٌّ، محافظٌ جدًّا في جوانبَ كثيرة، ومتواضعٌ جدًّا أيضًا. الفلسطينيون غير مُتحدّثين. عندما يُخبرونك أنهم مرّوا بليلةٍ صعبة، فهذا يعني أنها كانت نهاية العالم بسبب القصف الذي لم يُتح لهم دقيقةً من الراحة.

رغم جوع الأطفال الشديد، يروي فيليو أنه رآهم يتشاركون قطعًا من الطعام مع قطط ضالة نحيلة. وعندما سألهم عن سبب ذلك، قالوا: إنهم يعرفون معنى الجوع، ولا يريدون أن تشعر القطط بذلك!!

ومن المشاهد التي أثّرت في فيليو بشدة مشهد المهرجين الطبيين الذين واصلوا زيارة المستشفيات والعيادات المرتجلة في محاولة حثيثة لرسم ولو لمحة من الابتسامة على وجوه الجرحى والمرضى.

ومن أفضّل مظاهر التشبث ببقايا الحياة: فتيات صغيرات، يحملن حقائب مدرسية على ظهورهن، حيث يتعلمن في مؤسسة تدعمها سلطنة عُمان.

وسط بحر من الخيام على مدى كيلومترات، أقام بعض النازحين ملاجئهم المرتجلة على الشاطئ، مواجهين هبوب الرياح والأمواج العاتية. وتطفو لافتات فوق السطح، معلنةً عن صالون حلاقة أو مقهى أو متجر مؤقت بأسماء جذابة تُخفي قلة المساكن.

إن الحياة اليومية لرجال ونساء غزة أشبه بصراع دائم من أجل البقاء. كل حاجة إنسانية أساسية هنا هي صراع من أجل البقاء. يقول فيليو: أُكنّ احترامًا كبيرًا لجميع هؤلاء النساء والرجال الذين صمدوا في وجه هذا الرعب. أعرف مجتمع غزة. إنه مجتمعٌ تقليديٌّ، محافظٌ جدًّا في جوانبَ كثيرة، ومتواضعٌ جدًّا أيضًا. الفلسطينيون غير مُتحدّثين. عندما يُخبرونك أنهم مرّوا بليلةٍ صعبة، فهذا يعني أنها كانت نهاية العالم بسبب القصف الذي لم يُتح لهم دقيقةً من الراحة.لقد مكنت شجاعة وخبرة العاملين في مجال الرعاية الصحية بالمستشفيات من الاستمرار في العمل، رغم النقص المستمر في الأدوية ومسكنات الألم والمستلزمات الطبية. لكنهم دفعوا ثمنًا باهظًا لهذا التفاني، حيث قُتل أكثر من 1000 طبيب وممرض وموظف رعاية صحية. والمسعفون هم الأكثر تعرضًا للتهديد والاستهداف لأنهم هم من يهرعون إلى مواقع الضربات.

وأما الصحفيون الفلسطينيون، فإنهم يتمتعون بشجاعة لا تُصدق، وهم أول من يُستهدف. يقولون بمرارة شديدة إن سترات الصحافة تجعلهم عرضة للضربات الإسرائيلية بدلًا من حمايتهم.

هل هناك طريق لإنهاء دورات الصراع؟

إن الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس هي إرث للسياسات المتبعة إسرائيلياً وإقليماً ودولياً منذ 2006. وهي نتيجة أيضا لإنكار الهوية التاريخية الغنية لغزة. لقد ظن القادة الإسرائيليون أنهم وجدوا الصيغة الأمثل لتهميش غزة تمامًا عبر استبعاد أكثر من مليوني فلسطيني بها من المعادلة الديموغرافية بين السكان اليهود وعرب الداخل والقدس الشرقية والضفة الغربية. وقد قاومت السلطة الفلسطينية أي جهد لتخفيف الحصار عن غزة، مما زاد من تقويض شرعية السلطة الفلسطينية المتضائلة أصلًا. وفي غضون ذلك، توسع الاستيطان في الضفة، وانخرطت إسرائيل من وقت لآخر فيما سمته بحروب "جزّ العشب" على غزة.

إن فكرة تجاهل إسرائيل للواقع الإنساني المروع في غزة كانت وهمًا. وفي ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، انهار الوضع بفعل هجوم حماس. وشنت إسرائيل، ومازالت، حربا غير مسبوقة على غزة. وفي إعادة قاسية لذكريات النكبة، تم اقتلاع الغالبية العظمى من سكان القطاع البالغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة من ديارهم.

هل سيحقق نتنياهو أهدافه من الحرب؟!

إن هدف نتنياهو المعلن للحرب  "القضاء" على حماس. وهو هدف  يُحاكي أهداف بن غوريون عام ١٩٥٦؛ ولكن على نطاق أوسع بكثير وعلى مرأى من العالم أجمع. حتى لو افترضنا إمكانية تحقيق هذا الهدف، فلن يكون هناك بين العرب عبد الناصر آخر يُعيد النظام إلى القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي. لذا، يبدو أن إسرائيل مُقدّر لها أن يطاردها "قطاع غزة" الذي أنشأته عام ١٩٤٨. إن استمرار دورة الحروب والاحتلال لن تُؤدي إلا إلى مزيد من النشاط الفلسطيني الجذري المقاوم.

غزة هي مفتاح الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط

لكي ينعم الإسرائيليون والفلسطينيون في نهاية المطاف بالسلام والأمن، يجب أن تعود غزة إلى جذورها: مفترق الطرق المزدهر الذي كانت عليه لقرون. ويجب أن تنتهي سياسة الحصار، مما يسمح للقطاع بإعادة التواصل أخيرًا مع بقية المنطقة. وفي الوقت نفسه، يجب الاستفادة من دور غزة التاريخي كمركز تجاري رئيسي، ووضع استراتيجية لإعادة التنمية لتمكين غزة من الانتقال من الاعتماد على المساعدات الدولية إلى اقتصاد قائم على الذات. بالطبع، سيكون من الصعب للغاية تحقيق أي من هذا، خاصة بعد حرب ضارية تهدد بظهور جيل جديد من التشدد الفلسطيني. ولكن لم تتبقَّ أي حلول سهلة.

قد تكون هذه الاستراتيجية هي السبيل الوحيد للخروج من دوامة القتل الحالية. وكما كانت الحال منذ قرون، أصبحت غزة مرة أخرى في قلب حرب كبرى، ولكنها أصبحت أيضا مفتاح السلام والازدهار في الشرق الأوسط.

الخلاصة

عبر تاريخها الطويل، لعبت غزة دورًا محوريًا في الديناميكيات السياسية للمنطقة، وهي قلب الحركة الوطنية الفلسطينية. لذا، لن تنجح أي محاولة لإعادة الإعمار أو سيناريوهات اليوم التالي إذا لم تتم مراعاة أهمية غزة، ورفع الحصار الكارثي عنها، وطرح رؤية لتنميتها اقتصادياً.، وتمكينها من استعادة دورها التاريخي كواحة مزدهرة ومفترق طرق حيوي. ويجب على أمريكا وحلفائها إدراك الدور المحوري لها في القضية الفلسطينية.

على المستوى الإقليمي والدولي، فإن غزة لم تَعُد ديستوبيا: مدينة فاسدة أو عالم خيالي؛ بل هي حقيقة لما قد يصبح عليه عالمنا: عالم من النشالين، عالم بلا معايير، عالم المرتزقة هم من يوزعون المساعدات فيه. يجب أن يتوقف كل هذه الممارسات، لأن ما يحدث في غزة قد يصبح نموذجًا لصراعاتٍ وأزماتٍ أخرى قد ينهار فيها كل شيء.

وأخيرا، هل هناك أمل؟ يقول فيليو: إن شجاعة وكرامة أهل غزة، حتى وهم غارقون في هذا الرعب، هي ما يمنح الأمل. إن تمكّنهم من الحفاظ على إنسانيتهم سليمة في مثل هذه الكارثة أمرٌ يستحق الاحترام. ولكن دعونا نُقرّ بأن عالمنا قد تخلى عنهم لفترة طويلة جدًا. وإن مفتاح الهدوء الدائم يكمن في رفع الحصار عنهم. ولا بد من عودة غزة إلى العالم، وأن يعود العالم إليها.

مقالات مشابهة

  • أبرز الأضرار والعادات التي تسبب ضرر على السيارات في موسم الصيف.. فيديو
  • ضخ استثمارات ومشاريع جديدة في الاقتصاد السوري
  • سوريا ترفض رسميا أي مفاوضات مع إسرائيل.. ومصدر يكشف تفاصيل اللقاء
  • مصدر دبلوماسي يكشف التفاصيل الكاملة للقاء الوفدين السوري والإسرائيلي في باريس
  • سوريا.. مصدر يكشف فحوى المشاورات مع إسرائيل في باريس
  • غزة.. قلب الأمة النابض أو قبرها المفتوح.. قراءة في مرآة مؤرخ فرنسي
  • وفد من السفراء المعتمدين يزور مهرجان ليوا للرطب
  • القاهرة الإخبارية: الوفد الإسرائيلي يدرس رد حماس.. والمساعدات تدخل غزة
  • الوفد السعودي الاستثماري يختتم زيارته إلى سوريا بإعلان اتفاقيات بنحو 24 مليار ريال
  • بـ24 مليار ريال.. الوفد السعودي الاستثماري يوقع 47 اتفاقية في سوريا