روسيا من دنا عذابها الي اخت بلادي!
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
من أخطر سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي تغبيش الوعي حول اهم المعلومات والحقائق، بصنع الانحيازيات وتوجيه الآراء حيث الانقسامات بحسب التوافق السياسي، اذ بات يعتمد انتشار المعلومة للأعلى والأجهر صوتاً والأكثر انتاجاً بغض النظر عن صحة المعلومات، دقتها، او سطحيتها.. ولقد صنعت هذه الحرب اللعينة سوق معلوماتي اختلف عن بقية أسواق الميديا في خطورته بتوجيه دفة المعارك على الأرض من جهلاء بالحرب والسياسة، والحس الإنساني السليم، في وقوفهم مع استمرار الحرب، التي ساقت أهلهم وارحامهم الي حتفهم، وساهمت من ثم في تشريدهم وذلهم في معارك ليس لها من الكرامة غير اسمها الذي اختاره لها الاخوان المسلمون!
ومن أبرز نماذج انتفاع الحركة الإسلامية في هذا السوق الزخم ما تناقلته تلك الوسائط من شعور بالغبطة والنشوة باستخدام روسيا لحق الفيتو واسقاط اجماع 14 دولة عضو في مجلس الامن على وقف الحرب.
وبالطبع امتطي البرهان موجة البطولات المضللة متوهماً ان له دبلوماسية محترمة، وسيادة معترف بها قائلا (البارحة شهدنا الموقف الروسي الداعم لسيادتنا... فالسودان يعمل بشكل وثيق مع أصدقائه وأصدقاء شعبه، لمنع صدور القرار المعيب والخادش للسيادة السودانية) فكأنما روسيا استخدمت حق الفيتو (العزيز الاستخدام) من اجل الكيزان! وهي تعلم انهم حكام كرتونيون من بقايا دولة (إعادة صياغة الانسان السوداني) التي كانت تمثل فيها روسيا رمز الشيطان مصدر حربهم (يا حبذا الجنات واقترابها** أمريكا وروسيا قد دنا عذابها** على ان لاقيتها ضرابها) وبالطبع ليس هي بالسذاجة التي تجعلها تقف في وجه أمريكا وأوروبا، مستعطفه رضا حكومة بورتسودان المتصدعة.
روسيا التي كايدت مشروع التصويت على قرارات مجلس الامن من اجل وقف حرب السودان، تهمهما في المقام الاول حربها مع أوكرانيا، وقرارات بايدن والديموقراطيين في البيت الأبيض، والسماح لأوكرانيا باختراق الأراضي الروسية بصواريخ مدمرة طويلة المدي، وهو الشي الذي سوف يعقّد مشهد العلاقة بين ترامب وبوتين في أثناء دورة حكم الجمهوريين المقبلة.
ومن سخرية القدر وخفة عقل الفلول، تصوراتهم ان روسيا هي خارج حلبة صراع موارد السودان، كما انها تجهل ان الجنرال البرهان لا يحكم فيما يملك، بل هو عاجز عن استرداد قيادة الجيش من سطوة الحركة الإسلامية، وحماية المواطنين واسترداد الأراضي المحتلة من قبل صنيعته مليشيا الدعم السريع.. واما عطايا حكومة الحركة الإسلامية لروسيا فهي لم تتوقف منذ ان قام الاسلاموي البشير بمقابلة بوتين في عام 2017 وصرح (انه يحتاج لحماية من الاعمال العدوانية للولايات المتحدة ضد السودان) مقابل (امتيازات التعدين وبناء قاعدة بحرية علي البحر الأحمر في بورتسودان بوابة البلاد للتجارة).. انتهي - الجزيرة - تحت عنوان (مغامرة فاغنر لماذا تتورط روسيا في صراع السودان) 2023/8/5
كما ان روسيا لا تحتاج ان تتخذ قراراتها مراعاة لقائد مليشيات الدعم السريع حميدتي وال دقلو أصحاب "جبل عامر"، أكبر مناجم الذهب في السودان وافريقيا، اذ أن كليهما يبيعان لروسيا الذهب طواعية، من اجل شراء السلاح، لإبادة وتقتيل الشعب الأعزل. اما ترهات الجنرال في (نحن نعرف كل من وقف مع الشعب السوداني، وسنقدر هذا الأمر، وسيستند التعاون والتحالف مع دول الإقليم ودول العالم على مخرجات ومحصلات هذه الحرب)! فهي وعود ليست للإعمار والنهوض بالدولة، كما لن تعود للشعب المشرد اللاجئ بنفع، بعد ان فقد أبناءه وهُجّر من ارضه، وهو المحروم طوال ثلاث عقود من حكم الحركة الإسلامية من خيرات أرضه، التي تقدمها الحكومة رشاوي وضرائب لتلك الدول حتى تضمن استمرار بقائها في السلطة، وتحمي مصلحة افراد التنظيم، وتشتري بها ذمم جنرالات الجيش الفاسدين، واليوم تشتري بتلك الموارد السلاح لاستباحة دماء المواطنين، يقتلهم الجنجويد ارضاً، وتقصفهم قوات الجيش جواً.
فإن كانت تلك الآلات الإعلامية الفرحة باستمرار الحرب، يطرب زامرها حكومة الامر الواقع، فعلى وطن اسمه السودان السلام.. فقد أسفر صراع المطامع الدولية عن فصيح نواياه حول حرب السودان، ولا رادع له غير ان يجتمع السودانيين حول وقف الحرب.. كما ان التعويل علي وحدة الصف السوداني للجنرال المستلب الإرادة البرهان تعني الامتثال لشروط الحركة الإسلامية، التي تستجلب عضويتها للاستوزار في بورتسودان، وهو يعلن (.. يجب أن تنتهي الحرب، وبعدها نجلس في حوار سوداني - سوداني، ليقرر السودانيون كيفية إدارة بلادهم، فإذا قرروا إبعادنا لا نمانع، وسنعيد لهم أمانتهم وبلدهم نظيفاً من هؤلاء المتمردين الخونة، سيكون هذا الأمر قريباً).. كالعادة وعود الجنرال الانقلابي بالتخلي عن السلطة، وإنهاء الحرب (بالتوافق السلمي او بالانتصار)، حبر على ورق، وتفتقد الى النية الصادقة، حيث لم ينجح في الوفاء بأيهما رغم تكرارهما منذ رئاسته لمجلس السيادة المحلول او كقائد للجيش. ولن يكون هنالك حوار سوداني برعاية حكومة الحرب، وجميع الذين ينادون بوقف الحرب مدانون بتهم العمالة والخيانة الوطنية. كما اثبتت الأيام فشل الدعم السريع في ادارة مناطقه وتأمين المواطنين، ولم يفعل سوي تهجيرهم خارجها.
tina.terwis@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
رؤى حول الإصلاح العدلي في السودان إثر الحرب
أولا : المحكمة الدستورية
مقدمة
على الرغم من أن خطاب البروفسير كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء لم يتناول الإصلاح العدلي بشكل مباشر ومفصل كقسم منفصل إلا أنه يمكن استخلاص عدة رؤى ومبادئ أساسية، وردت في الخطاب، تتقاطع مع مفهوم الإصلاح العدلي :
1 : دولة القانون:
يذكر الخطاب صراحة مبدأ العدل : يرسي دولة القانون ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وهذا المبدأ هو جوهر أي إصلاح عدلي ويدل على التزام الحكومة المقترحة بتعزيز سيادة حكم القانون .
2 : القيم الجوهرية: يحدد الخطاب خمس قيم جوهرية لحكومة الأمل المدنية وهي الصدق والأمانة والعدل والشفافية والتسامح، وهذه القيم أساسية لبناء نظام عدلي نزيه وفعال وموثوق به .
والعدل هو القيمة المحورية للإصلاح العدلي وتركيز الخطاب عليها يؤكد على أهميتها .
والشفافية ضرورية لضمان المساءلة ومنع الفساد في الجهاز العدلي .
الأمانة والصدق قيم أساسية لضمان نزاهة القضاة والعاملين في الجهاز العدلي .
الحكومة التكنوقراطية واللاحزبية:
يشير الخطاب إلى أن حكومة الأمل ستكون تكنوقراطية (حكم الناس من خلال وكالة خادمهم العلماء بناء على خبرتهم وخلفيتهم التقنية) ولا حزبية (لا ينتمي منسوبوها للأحزاب السياسية) وهذا النموذج يمكن أن يساهم في تجريد الجهاز العدلي من التأثيرات السياسية والحزبية بما يعزز استقلاليته وحياديته .
مكافحة الفساد: بما أن الفساد يعد أحد المشكلات الرئيسية فإن أي جهود لمكافحته سينعكس إيجابا على النظام العدلي حيث إن الفساد يقوض العدالة ويزعزع الثقة في المؤسسات.
التركيز على الأمن القومي
ويذكر الخطاب أن الأمن القومي هو الأساس فالأمن والاستقرار هما شرطان أساسيان لعمل أي نظام عدلي فعال ولا يمكن تحقيق العدالة في ظل الفوضى وغياب الأمن .
فالمعلوم أن النظام العدلي في السودان قد تعرض أثرا لهذه الحرب إلى تعطله كلية وفقد مبناه ومضمونه وفقد الباحثون عن العدالة أدلتهم كما انتشر العاملون من قضاة ومستشارين ونيابة في أنحاء الأرض وضاع من العمر زمن مقدر ، إلا أنه يحدونا الأمل أيضاُ في أن تنجح الدولة في بناء نظام عدلي يحتفظ بالوجه المشرق لما أرساه أهل القضاء والقانون ويزيل السلبيات التي علقت به مستعيناً بالتقنية والذكاء الاصطناعي وقبل كل ذلك وجود تشريعات لتحقيق كل الرؤى ومستفيدا من كل تجارب الدول المتحضرة، وللسودانيين تجربتهم ومساهماتهم في تلك التجارب، مراعياً أن تكون الرؤية واقعية تأخذ في الاعتبار التحديات الأساسية والأمنية والإنسانية ، وتعمل على بناء الثقة في النظام العدلي بما يتطلب معالجة شاملة للمشكلات التي تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر بما في ذلك آثار الحرب والنزوح .
وأرجو أن أبدأ هذه الرؤى بالحديث عن إصلاح المحكمة الدستورية.
المحاكم الدستورية المستقلة الثلاث
المحكمة الدستورية الأولى : 1998 إلى 2005
لم يعرف السودان دستوراً قبل الاستقلال، بل كانت هنالك بعض الاتفاقيات والتشريعات تعتمد عليها الدولة في تسيير وتنظيم أعمالها وأول مرة يذكر فيها الدستور وحراسة وحماية المحاكم له هو ما نص عليه في قانون الحكم الذاتي لسنة 1953 والذي تلته عدة دساتير بعد ذلك في 1956 و 1964 ومشروع دستور 1969 و1973 و1985 ، وقد نصت كل هذه الدساتير على تشكيل المحكمة العليا وخصصت فيها دائرة دستورية وصدرت عدة قوانين لتنظيم الهيئة القضائية نص فيها على اختصاصات المحاكم وخاصة المحكمة العليا والدائرة الدستورية فيها. وكل ما جاءت به الدساتير المشار إليها وما صدر منها من قوانين تنظيما لأعمال الهيئة القضائية يؤكد وجود المحكمة الدستورية كدائرة في المحكمة العليا.
وترسيخاً لمبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين وحماية الحريات والحقوق فقد رأى المشرع في السودان بعد صدور دستور 1998 أن يفصل الدائرة الدستورية من المحكمة العليا ويجعلها محكمة مستقلة بعد منحها العديد من السلطات ولم يترك اختصاصاتها قاصرة على النص القديم في الدساتير السابقة وزيادة على ما تصدره المحكمة من أحكام وقرارات لفض النزاعات فإنها تقوم أيضا بتفسير النصوص الدستورية والقانونية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الدستور والقانون .
أصدرت المحكمة الدستورية في الفترة من إنشائها بما نشر في مجلتها أحكاما بين 1998 وحتى 2003 حوالي 140 حكما ومن الأهمية بمكان الوقوف على نوع الأحكام التي صدرت :
1 : القضايا الجنائية 75 طعن .
2 : القضايا المدنية النقض ، دعاوى الأسرة ، البنوك وغيرها .
ومن القضايا الدستورية قضايا متعلقة بالانتخابات وتفسير لوائح العمل الصحفي.
والملاحظ أن المحكمة الدستورية الأولى قد جعلت من منصتها وسيلة لمراجعة أحكام المحكمة العليا بما فيها قضايا الأحوال الشخصية مما خلق صراعاً خفياً وعلنياً بين المحكمتين ليس هنا مجال البحث فيه، رغم أن كثيراً من أهل القانون كانوا يرون أن تلك الوسيلة لتقييم أحكام المحكمة العليا ، إلا أن القضايا الدستورية لم تكن بالكم الكبير فقط لم يكن لمحكمة دور سياسي بارز إلا في قضية حل المجلس الوطني.
وقد تشكلت المحكمة الدستورية الأولى برئاسة المرحوم مولانا جلال على لطفي وعضوية ستة من القضاة وكلهم من القضاة السابقين فيهم من قضى نحبه يرحمهم الله ومن بقى أطال الله أعمارهم والتحية لمولانا واستاذنا محمد محمود أبو قصيصة.
المحكمة الدستورية الثانية بموجب دستور 2005 وحتى انفصال الجنوب ، تشكلت المحكمة الدستورية الثانية وبان من تشكليها انتماء قضاتها الجغرافي والجهوي لولايات السوان وجمعت بين شيوخ القضاة برئاسة مولانا عبد الله البشير وأساتذة الجامعات وشبابها كما كان للمرأة وجود حيث تم اختيار القاضية سنية الرشيد كما لم يكن قد بقي من أعضاء المحكمة الدستورية الأولى في تشكيلها إلا القاضي عبد الله أحمد عبد الله والذي أصبح رئيسا للمحكمة الدستورية إلى أن توفاه الله ، وقد استمرت المحكمة الدستورية إلى 2019 حيث أكمل كل قضاتها عدا رئيسها الدكتور وهبة مختار مدة بقائهم مدة سبع سنوات وينص القانون على إمكانية التجديد لهم ، ولم يتم بعد اكتمال الفترة أيضا خلال الفترة اللاحقة فأصبحت المحكمة الدستورية في الحقيقة خارج الخدمة.
أصدرت هذه المحكمة مجلتين لأحكامها المجلة الأولى للعام 2011 وشملت 38 حكما والمجلة الأخرى 2012 تضمنت 75 حكما . وتتميز هذه الفترة وأحكامها بميل المحكمة إلى تطبيق النصوص الدستورية ويظهر ذلك من التبويب كما أرست كثيراً من القواعد الذهبية أو رأي مخالف، كما أرجو أن يكون هناك وقت للبحث والكتابة عنها ومنها ما قيل في كمال محكم حامد ضد حكومة السودان المنشورة في العدد الثاني حول اشتراك القاضي في مراجعة حكم أصدره يتعارض مع قواعد العدالة الطبيعية وعلى وجه التحديد القاعدة ضد التحيز ( Justice must not only been done ,it must manifestly be seen to be done ) وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام أن حجم العمل الدستوري كان قليلا إذ أن متوسط عمل القاضي في الرأي الأول تفاوت في الأعوام الأربعة الأولى بين سبع قضايا وقضيتين وأن القضايا المدرجة (لا تشمل الفترة اللاحقة لعدم توفر الإحصائيات).
المحكمة الدستورية في ظل الوثيقة الدستورية 2019 والتعديلات وكيف يمكن قيامها لتقوم بدورها؟
أنشأت الوثيقة الدستورية 2019 مجلسا للقضاء العالي يحل محل مفوضية الخدمة القضائية في دستور 2005، يحدد القانون تشكليه واختصاصاته وسلطاته ومن مهامه اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ورئيس القضاء ونوابه، كما نصت الوثيقة في المادة 31 على أن المحكمة الدستورية محكمة مستقلة ومنفصلة عن السلطة القضائية وحددت اختصاصاتها بالإشراف على دستورية القوانين والتدابير وحماية الحقوق والحريات وتحدد اختصاصاتها وسلطاتها وفقا للقانون . وحيث لم يتم تعديل قانون مفوضية الخدمة القضائية 2005 ووفقا للفصل 16 من الوثيقة إذا تم تضمين حكم ذي صلة بأن تستمر أعمال الوكالات والمؤسسات الحكومية القائمة ما لم يتم حلها أو إلغاؤها أو إعادة تشكيلها بموجب أي تدبير لاحق مما يعني استمرار تطبيق قانون المفوضية.
وحيث إنه بموجب قانون المفوضية تتشكل من رئيس القضاء رئيسا وعضوية كل من وزير العدل ووزير المالية ورئيس اللجنة القانونية بالمجلس الوطني ورئيس اللجنة القانونية بمجلس الولايات وعميد كلية القانون جامعة الخرطوم ونقيب المحامين وثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة يعينهم رئيس الجمهورية (رئيس مجلس السيادة) .
من جماع نص الوثيقة والقانون فإن السلطة التنفيذية ورغم غيابها هي المسيطرة على تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بل أن لائحة المفوضية بشأن التعيين أن رئيس الجمهورية يرشح ثلاثة للمفوضية وتختار المفوضية منهم رئيس المحكمة الدستورية ، كما أنه ليس هناك مجلس وطني أو مجلس ولايات كما أنه لم يتم اختيار ثلاثة أعضاء للمفوضية ، وحاولت التعرف على كيفية من تم اختياره من رؤساء القضاء ونوابهم وقضاة المحكمة العليا منذ 2019 وحتى الآن وهذه معضلة حاضرة .
وهناك صعوبة ثانية هل نحن في حاجة لمحكمة دستورية مستقلة عن السلطة القضائية أم في الإمكان أم الأنسب أن تعاد المحكمة الدستورية لدائرة مستقلة بالمحكمة العليا برئاسة رئيس القضاء وإعادة النظر في قانون المحكمة العليا وتقدير حاجة الولايات وفي ظلل النظام الفدرالي وتحقيقا لهوية الولايات ومعالجة بعض أسباب الحرب والأخذ بنظام المحكمة العليا ووجود محكمة عليا في الأقاليم ومحاكم استئناف في عواصم الولايات كما في أنظمة عدة منها النظام الأمريكي ولمزاياه في أنه يضمن تكامل القانون الدستوري مع فروع القانون الأخرى كما يوحد القواعد القانونية ويعزز الانسجام ويستفيد من البنية التحتية القائمة والفعالية بما يوفر الموارد ويقلل التكاليف.. وتحظى قرارات المحكمة العليا بقبول أوسع نظرا لمكانتها وتتكيف المحكمة العليا في اختصاصاتها مع تطورات القضاء والقانون الدستوري وفقا للمقترح عند مناقشة إصلاح القضاء ، كما أن حجم العمل ونوع القضايا وطبيعة النزاعات القانونية والمفاهيم والدولة ما زالت في إطار الهيمنة المركزية كما أنه لم تقم المحكمة الدستورية ومنذ إنشائها بممارسة السلطات الجنائية كمحاكمة الرئيس ولم تتعرض لقضايا في هيكلة الحكم أو الخلاف بين السلطات أو غيرها .
ورغم ما في وجود المحكمة الدستورية المستقلة من مزايا إلا أن الدساتير المتعاقبة من 1998 وحتى الآن لم تحترم دور رئيس المحكمة الدستورية السياسي في المسائل الدستورية أو القانوني فالمحكمة الدستورية تنظر القضايا التي شارك فيها رئيس القضاء ويمكن أن تلغي أحكامه ورغم ذلك أسند مسائل منها تكليف الرئيس والوزراء .
مما أرى:
أولا : العمل على تعديل الوثيقة الدستورية لجعل المحكمة الدستورية دائرة دستورية مستقلة بالمحكمة العليا وتعديل قانون المحكمة العليا.
ثانياً: أو إذا رأت الدولة من ضرورة قيام محكمة دستورية مستقلة، فينبغي إنشاء مجلس القضاء العالي واستكمال تعيين أعضائه بما يحفظ للقضاء استقلاله وحياده ونزاهته.
وبإذن الله إلى المقال الثاني تحت عنوان إصلاح القضاء.
دكتور عوض الحسن النور
قاضي سابق
إنضم لقناة النيلين على واتساب