يمانيون:
2025-12-04@22:01:39 GMT

قرار المحكمة والأبعاد أكبر من التنفيذ

تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT

قرار المحكمة والأبعاد أكبر من التنفيذ

ناصر قنديل
بعد ستة شهور من طلب المدعي العام، ومناقشة قرابة خمسين مراجعة من كيان الاحتلال وعدد من الدول الغربية، قرّرت المحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرتي توقيف بحق كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه المعزول يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية، ولا يغير من قيمة القرار أن تصدر مذكرة بلا قيمة سياسية أو تنفيذية بحق القائد محمد ضيف، بعدما سقطت الملاحقات بحق كل من الشهيدين القائدين إسماعيل هنية ويحيى السنوار، فكما قال أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي: هذه محكمة أنشئت لملاحقة قادة الجنوب والشرق، وطبيعي أن تلاحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقادة إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد ضيف، والحدث هو ملاحقة بنيامين نتنياهو.

الملاحظة الأولى الواجبة التسجيل هي أن هذه المحكمة تمّ تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية لملاحقة قادة الحرب النازيين، خصوصاً على خلفية الجرائم المرتكبة بحق اليهود الأوروبيين وبصورة أخصّ ما عُرِف باسم المحرقة والإعدامات الجماعية في غرف الغاز، وهي اليوم تلاحق حفيد ضحايا المحرقة بجرم محرقة القرن الحادي والعشرين التي يرتكبها مع أقرانه من صنف الأحفاد ذاته بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وهذه عبرة تاريخية هامة، تقول إن زمن الحماية التي وفّرتها المحرقة للتغاضي عن جرائم ومجازر ومحارق كيان الاحتلال قد انتهى، وإن هذا الكيان القائم على جريمة أصلية هي التنكيل بالسكان الأصليين لفلسطين وإجبارهم على مغادرة بلادهم وبيوتهم وأرزاقهم، وإن غطاء المحرقة والحديث عن ضحايا المحرقة لم يعُد يشكل جدار حصانة يحمي الكيان من الملاحقة على جرائمه التي تجاوزت وفظائعها بأضعاف جرائم وفظائع ما ترويه السرديّة الإسرائيلية عن المحرقة.

الملاحظة الثانية أن هذا القرار صدر بالرغم من مساعي أغلب الحكومات الغربية لثني القضاة عن إصداره، وتقديم بعضهم مطالعات قانونية لصالح عدم السير بالملاحقة، وأن الموقف الأمريكي الوقح صدر عن الرئيس جو بايدن وإدارته، والرئيس المنتخب دونالد ترامب ومعاونيه، وعن أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ ليهدّد القضاة بالعقوبات والملاحقة أمريكياً، وأن الموساد بدأ بحرب تشهير بحق المدّعي العام، وهدّد القضاة بما هو أفظع إن صدر القرار، ورغم ذلك صدر القرار، ليكون امتداداً للثورة التي شهدها الرأي العام العالمي انتصاراً للمظلومية الفلسطينية الممتدة منذ أكثر من 76 سنة والمتفجّرة بصورة دمويّة لا يحتملها عقل بشريّ منذ أكثر من سنة، وقد انفجر الرأي العالمي غاضباً في الجامعات والشوارع، ووصل إلى عائلات القضاة وبيوتهم وصداقاتهم، وشكل لهم تحدياً ضميرياً بين مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية، والمصالح الشخصية، وقد اختاروا أمام محكمة التاريخ أن يكونوا محكمة الرأي العام، الذي ضاق ذرعاً بهذا الامتياز الممنوح من الغرب الاستعماري لكيان الاحتلال بأن يبقى وسيبقى قادته خارج القانون الدولي ينجون من أي عقاب وأي ملاحقة.

الملاحظة الثالثة أن حضور الرأي العام وراء القرار امتدّ ليشمل الحكومات التي سبق ودعت القضاة لصرف النظر عن القرار، فوجدت أنها مجبرة على الإعلان عن الاستجابة للقرار، واحترام ما صدر عن المحكمة، وهذا يعني أن الكيان يشعر للمرة الأولى أنه ملاحق وأنه معزول وأنه مذموم، وهذا يعني أن تهمة العداء للسامية التي كانت جاهزة لممارسة الإرهاب الفكري والقانوني على كل مَن ينتقد كيان الاحتلال وقادته، وقد شهدت أوروبا خصوصاً الكثير من الملاحقات التي تجري تحت هذا العنوان بحق فلاسفة ومثقفين وناشطين، وفي الردّ على القرار لم يجد الكيان إلا استعادة توجيه هذه التهمة بحق المحكمة وقضاتها، لكنّه لم ينتبه أنها مثلها مثل سردية المحرقة باتت كعبوة منتهية الصلاحية بعدما استخدمت بإفراط يكفي لإحالتها على التقاعد.

الملاحظة الرابعة هي أنه بمعزل عن الجانب التنفيذي للقرار، فإن ما سوف يتفرّع عنه من ملاحقات بدأت بدعاوى أمام المحاكم الأوروبية بحق ضباط ومسؤولين في الكيان بلوائح بمئات الأسماء من المتورطين في جرائم الحرب والجرائم بحق الإنسانية وجرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، يقول إن حال العزلة سوف تلاحق كل ما له صلة بالكيان، وإن زمن التباهي بحمل جنسية الكيان تحول إلى شعور بالخزي وإن صفة “الإسرائيلي” صارت لصيقة بصفة المجرم، وإن المستوطن من أصول أوروبيّة سوف يجد أن جنسيته الأصليّة عادت ملاذه الآمن، لا الجنسية المستحدثة، ولعل ما جرت من أحداث عنف في شوارع أمستردام وبعدها في مدرّجات ملعب باريس مع حضور فريق ماكابي تل أبيب إلى العاصمتين، إشارة إلى مرحلة جديدة سوف يختبرها الذين يحملون جنسية الكيان، الذين لم يعودوا بنظر شعوب أوروبا امتداداً غربياً في الشرق بل نموذجٌ للجريمة، وإن على حاملي هذه الجنسية الراغبين بالتخلص من هذه اللعنة المسارعة لمغادرة الكيان واسترداد جنسيتهم ومواطنيتهم الأصلية، خصوصاً أن الكيان فقد فرصته بمنحهم الأمن والرفاه.

الملاحظة الخامسة هي أن عرب التطبيع والعلاقات الدبلوماسية مع الكيان، هم الآن آخر من بقي يمنح هذا الكيان مكانة لا تليق به، فهو كيان مجرم وقادته ملاحقون كمجرمي حرب، أمام أعلى محكمة دولية قام الغرب الذي يعتبرونه قمة الحضارة العالمية بتأسيسها، وأن على هؤلاء العرب أن ينظروا في المرآة ويسألوا أنفسهم عن معنى الخجل ومعنى الغضب، بل أن يمارسوا التبعية وفق أصولها ما داموا قد ذهبوا الى التطبيع على مذهب دول الغرب فليذهبوا إلى العكس تقليداً إن لم يكن بالأصالة، وليتساءلوا بمعيار المصلحة عن سبب واحد للاحتفاظ بعلاقتهم بالكيان، وقد صارت هذه العلاقات عاراً إنسانياً إن كانت روابط العروبة والإسلام قد فقدت أي قيمة لها عندهم.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: کیان الاحتلال

إقرأ أيضاً:

6 مبادرات مكتملة و11 قيد التنفيذ.. اللجنة العُمانية السعودية تستعرض آخر تطورات التكامل بين البلدين

الرياض - العُمانية
استعرض الاجتماع الدوري للجنة التنسيق في مجالات التجارة والصناعة والاقتصاد المنبثقة عن مجلس التنسيق العُماني السعودي الذي عقد بالرياض بالمملكة العربية السعودية مبادرات التكامل حيث اكتملت 6 مبادرات في حين يجري استكمال 11 مبادرة أخرى خلال الفترة القادمة.

ترأس الجانب العُماني في الاجتماع سعادة الدّكتور صالح بن سعيد مسن، وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة فيما ترأس الجانب السعودي سعادة المهندس راكان بن وضاح طرابزوني، وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط للشؤون الاقتصادية الدولية بالمملكة العربية السعودية .

وقد استعرض الاجتماع ما تم إنجازه ضمن المبادرات، وفي القطاع الصناعي، سجلت المبادرات تقدمًا مهمًا تمثل في استكمال المرحلة الثانية من مشروع التكامل الصناعي، الأمر الذي أتاح الاكتفاء بشهادة المنشأ العُمانية لنفاذ المنتجات العُمانية إلى السوق السعودي، كخطوة أساسية في تحسين انسيابية السلع وتقليل التكاليف على المصنعين في سلطنة عُمان.

كما تم اكتمال مبادرة مصانع المستقبل، إلى جانب التوقيع على 12 اتفاقية لربط سلاسل الإمداد بين المصانع العُمانية والسعودية، مما يعزز فرص التصنيع المشترك ويدعم توسيع القيمة المضافة بين البلدين.

وسجل التعاون التجاري نمواًّ ملفتًا، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري حاجز 8 مليارات دولار بنهاية عام 2024م، وهو ما يعكس قوة العلاقات والشراكات المتنامية بين مجتمع الأعمال في البلدين، كما شهد الجانب الاقتصادي التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إلى جانب عقد حلقات عمل فنية مشتركة أسهمت في مواءمة التشريعات وتبادل الخبرات، دعماً لتحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" ورؤية السعودية 2030.

وقدّم المهندس جاسم بن سيف الجديدي، المدير الفني بمكتب وكيل الوزارة للتجارة والصناعة، عرضًا تفصيليًّا حول التطوّرات التنفيذيّة للمبادرات خلال العام، مبينًا أن إطلاق المرحلة الثانية من مبادرات التكامل الصناعي في الرياض خلال يوليو الماضي شكّل نقطة تحول مهمّة، فقد شملت هذه المرحلة تعزيز تكامل القدرات الصناعية بين الجانبين، وترسيخ التعاون في المحتوى المحلي وإجراءات المشتريات الحكومية وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها.

وأضاف أن هذه الجهود أسهمت في تعزيز تكامل سلاسل الإمداد ورفع مستوى الشراكة الصناعية، مشيرًا إلى التقدّم المُحرز في استكمال محضر التحقق من إثبات المنشأ الذي يعمل الجانبان على تنفيذه، بما من شأنه دعم انسيابية حركة السلع وتقليل الأعباء على المصنعين خلال المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • 6 مشاريع وتطوير 26 موقعًا ترفيهيًا تدخل حيز التنفيذ في الدمام والخبر
  • تعلن محكمة قعطبة الابتدائية بأن على/ عبدالباسط علوان التنفيذ الاختياري
  • كجوك يعلن عن حزمة جديدة من التسهيلات الضريبية تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر
  • محافظ الجيزة يتفقد نسب التنفيذ بمشروع تطوير حديقة الحيوان
  • النواب يسمح بالمراقبة الإلكترونية بدلا من الحبس في التنفيذ الشرعي
  • النواب يقرّ المراقبة الإلكترونية بديلاً عن الحبس في قضايا التنفيذ الشرعي
  • البنك المركزي يتحدث عن مشروع الدينار الرقمي: قيد التنفيذ
  • الحكومة تُفعّل الخطة الوطنية للسيطرة على الكلاب الضالة.. والخدمات البيطرية تكشف تفاصيل التنفيذ
  • ارتفاع عدد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الكيان الصهيوني إلى 761
  • 6 مبادرات مكتملة و11 قيد التنفيذ.. اللجنة العُمانية السعودية تستعرض آخر تطورات التكامل بين البلدين