قرار المحكمة والأبعاد أكبر من التنفيذ
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
ناصر قنديل
بعد ستة شهور من طلب المدعي العام، ومناقشة قرابة خمسين مراجعة من كيان الاحتلال وعدد من الدول الغربية، قرّرت المحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرتي توقيف بحق كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه المعزول يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية، ولا يغير من قيمة القرار أن تصدر مذكرة بلا قيمة سياسية أو تنفيذية بحق القائد محمد ضيف، بعدما سقطت الملاحقات بحق كل من الشهيدين القائدين إسماعيل هنية ويحيى السنوار، فكما قال أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي: هذه محكمة أنشئت لملاحقة قادة الجنوب والشرق، وطبيعي أن تلاحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقادة إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد ضيف، والحدث هو ملاحقة بنيامين نتنياهو.
الملاحظة الأولى الواجبة التسجيل هي أن هذه المحكمة تمّ تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية لملاحقة قادة الحرب النازيين، خصوصاً على خلفية الجرائم المرتكبة بحق اليهود الأوروبيين وبصورة أخصّ ما عُرِف باسم المحرقة والإعدامات الجماعية في غرف الغاز، وهي اليوم تلاحق حفيد ضحايا المحرقة بجرم محرقة القرن الحادي والعشرين التي يرتكبها مع أقرانه من صنف الأحفاد ذاته بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وهذه عبرة تاريخية هامة، تقول إن زمن الحماية التي وفّرتها المحرقة للتغاضي عن جرائم ومجازر ومحارق كيان الاحتلال قد انتهى، وإن هذا الكيان القائم على جريمة أصلية هي التنكيل بالسكان الأصليين لفلسطين وإجبارهم على مغادرة بلادهم وبيوتهم وأرزاقهم، وإن غطاء المحرقة والحديث عن ضحايا المحرقة لم يعُد يشكل جدار حصانة يحمي الكيان من الملاحقة على جرائمه التي تجاوزت وفظائعها بأضعاف جرائم وفظائع ما ترويه السرديّة الإسرائيلية عن المحرقة.
الملاحظة الثانية أن هذا القرار صدر بالرغم من مساعي أغلب الحكومات الغربية لثني القضاة عن إصداره، وتقديم بعضهم مطالعات قانونية لصالح عدم السير بالملاحقة، وأن الموقف الأمريكي الوقح صدر عن الرئيس جو بايدن وإدارته، والرئيس المنتخب دونالد ترامب ومعاونيه، وعن أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ ليهدّد القضاة بالعقوبات والملاحقة أمريكياً، وأن الموساد بدأ بحرب تشهير بحق المدّعي العام، وهدّد القضاة بما هو أفظع إن صدر القرار، ورغم ذلك صدر القرار، ليكون امتداداً للثورة التي شهدها الرأي العام العالمي انتصاراً للمظلومية الفلسطينية الممتدة منذ أكثر من 76 سنة والمتفجّرة بصورة دمويّة لا يحتملها عقل بشريّ منذ أكثر من سنة، وقد انفجر الرأي العالمي غاضباً في الجامعات والشوارع، ووصل إلى عائلات القضاة وبيوتهم وصداقاتهم، وشكل لهم تحدياً ضميرياً بين مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية، والمصالح الشخصية، وقد اختاروا أمام محكمة التاريخ أن يكونوا محكمة الرأي العام، الذي ضاق ذرعاً بهذا الامتياز الممنوح من الغرب الاستعماري لكيان الاحتلال بأن يبقى وسيبقى قادته خارج القانون الدولي ينجون من أي عقاب وأي ملاحقة.
الملاحظة الثالثة أن حضور الرأي العام وراء القرار امتدّ ليشمل الحكومات التي سبق ودعت القضاة لصرف النظر عن القرار، فوجدت أنها مجبرة على الإعلان عن الاستجابة للقرار، واحترام ما صدر عن المحكمة، وهذا يعني أن الكيان يشعر للمرة الأولى أنه ملاحق وأنه معزول وأنه مذموم، وهذا يعني أن تهمة العداء للسامية التي كانت جاهزة لممارسة الإرهاب الفكري والقانوني على كل مَن ينتقد كيان الاحتلال وقادته، وقد شهدت أوروبا خصوصاً الكثير من الملاحقات التي تجري تحت هذا العنوان بحق فلاسفة ومثقفين وناشطين، وفي الردّ على القرار لم يجد الكيان إلا استعادة توجيه هذه التهمة بحق المحكمة وقضاتها، لكنّه لم ينتبه أنها مثلها مثل سردية المحرقة باتت كعبوة منتهية الصلاحية بعدما استخدمت بإفراط يكفي لإحالتها على التقاعد.
الملاحظة الرابعة هي أنه بمعزل عن الجانب التنفيذي للقرار، فإن ما سوف يتفرّع عنه من ملاحقات بدأت بدعاوى أمام المحاكم الأوروبية بحق ضباط ومسؤولين في الكيان بلوائح بمئات الأسماء من المتورطين في جرائم الحرب والجرائم بحق الإنسانية وجرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، يقول إن حال العزلة سوف تلاحق كل ما له صلة بالكيان، وإن زمن التباهي بحمل جنسية الكيان تحول إلى شعور بالخزي وإن صفة “الإسرائيلي” صارت لصيقة بصفة المجرم، وإن المستوطن من أصول أوروبيّة سوف يجد أن جنسيته الأصليّة عادت ملاذه الآمن، لا الجنسية المستحدثة، ولعل ما جرت من أحداث عنف في شوارع أمستردام وبعدها في مدرّجات ملعب باريس مع حضور فريق ماكابي تل أبيب إلى العاصمتين، إشارة إلى مرحلة جديدة سوف يختبرها الذين يحملون جنسية الكيان، الذين لم يعودوا بنظر شعوب أوروبا امتداداً غربياً في الشرق بل نموذجٌ للجريمة، وإن على حاملي هذه الجنسية الراغبين بالتخلص من هذه اللعنة المسارعة لمغادرة الكيان واسترداد جنسيتهم ومواطنيتهم الأصلية، خصوصاً أن الكيان فقد فرصته بمنحهم الأمن والرفاه.
الملاحظة الخامسة هي أن عرب التطبيع والعلاقات الدبلوماسية مع الكيان، هم الآن آخر من بقي يمنح هذا الكيان مكانة لا تليق به، فهو كيان مجرم وقادته ملاحقون كمجرمي حرب، أمام أعلى محكمة دولية قام الغرب الذي يعتبرونه قمة الحضارة العالمية بتأسيسها، وأن على هؤلاء العرب أن ينظروا في المرآة ويسألوا أنفسهم عن معنى الخجل ومعنى الغضب، بل أن يمارسوا التبعية وفق أصولها ما داموا قد ذهبوا الى التطبيع على مذهب دول الغرب فليذهبوا إلى العكس تقليداً إن لم يكن بالأصالة، وليتساءلوا بمعيار المصلحة عن سبب واحد للاحتفاظ بعلاقتهم بالكيان، وقد صارت هذه العلاقات عاراً إنسانياً إن كانت روابط العروبة والإسلام قد فقدت أي قيمة لها عندهم.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: کیان الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الكاف يفرض اشتراطات صارمة على المدربين في بطولاته القارية.. قرارات إلزامية تدخل حيّز التنفيذ
أصدر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) حزمة من الاشتراطات التنظيمية الجديدة الخاصة بعمل المدربين في البطولات القارية، مثل دوري أبطال إفريقيا، وكأس الكونفدرالية، إلى جانب بطولة كأس أمم إفريقيا بجميع فئاتها، رجالًا وسيدات.
وتهدف هذه الإجراءات إلى رفع كفاءة الجهاز الفني للأندية والمنتخبات المشاركة، وضمان التزام جميع المدربين العاملين في مسابقات الاتحاد الإفريقي بالمعايير المهنية المعتمدة وفقًا لأحدث أنظمة التدريب المعترف بها.
إخطار رسمي إلى الاتحاد المصري.. وتنفيذ فوريقام "كاف" بإرسال تعميم رسمي إلى الاتحاد المصري لكرة القدم، يبلغه فيه بالقرارات الجديدة، ويوضح من خلاله المعايير المطلوبة للحصول على الرخص التدريبية الإفريقية المعتمدة، والتي ستكون شرطًا أساسيًا لتواجد المدربين على مقاعد البدلاء أو في المناطق الفنية خلال مباريات البطولات القارية المقبلة.
وأكد الاتحاد الإفريقي أن المدربين المصريين أو الأجانب العاملين مع أندية مصرية ملزمون بالحصول على الرخص المطلوبة، حتى يتسنى لهم التواجد الفني في المباريات الرسمية الخاصة بـ "كاف".
عقوبات صارمة على غير الملتزمينشدد "كاف" على أن أي مدرب لا يستوفي الشروط والمعايير الجديدة سيُمنع من دخول المنطقتين 1 و2 داخل الملاعب أثناء المباريات (وهي المناطق المخصصة للفنيين، والإداريين، واللاعبين)، كما لن يُسمح له بالتسجيل كعضو في الطاقم الفني أو الإداري للفريق، وسيُحرم كذلك من ممارسة أي نشاط رسمي يتعلق بإدارة الفريق أثناء البطولة.
وقد تصل العقوبات، في حالات المخالفة المتكررة أو الجسيمة، إلى إجراءات قانونية تأديبية، قد تشمل إحالة المدرب المخالف إلى اللجان القضائية التابعة للكاف، وهو ما قد يترتب عليه إيقاف أو غرامات.
بدء تطبيق القرار اعتبارًا من مايو 2025أعلن المكتب التنفيذي للكاف دخول هذه اللوائح الجديدة حيّز التنفيذ الفعلي بدءًا من شهر مايو الجاري (مايو 2025)، مؤكدًا أن هذا القرار سيكون ملزمًا لكافة الاتحادات الوطنية، ولن يقتصر على بطولات الأندية فقط، بل يمتد ليشمل جميع المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها، رجالًا ونساءً، كبارًا وشبابًا.
ووفقًا لبيان "كاف"، فإن هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة شاملة تهدف إلى توحيد معايير التدريب والاحتراف الفني في القارة الإفريقية، بما يعزز من جودة البطولات ومستوى التنافس.
مكتشف مواهب لاماسيا.. الأهلي يبدأ خطوات التعاقد مع مدرب برشلونة السابق الزمالك يخطط مع أيمن الرمادي: هدفان رئيسيان وإنهاء الموسم بأفضل صورة استثناءات مؤقتة.. ومهلة حتى نهاية موسم 2026/2027بالرغم من التطبيق الفوري للقرار، إلا أن الاتحاد الإفريقي أقر فترة سماح استثنائية للمدربين الذين تم التعاقد معهم قبل تاريخ 4 مايو 2025، أو من لديهم عقود سارية حاليًا مع أنديتهم أو منتخباتهم، حيث يُسمح لهم بالاستمرار في أداء مهامهم بشكل مؤقت، بشرط الالتزام بالحصول على الرخص المطلوبة قبل نهاية موسم 2026/2027.
وبذلك يمنح "كاف" الأندية والاتحادات الوطنية مهلة كافية لتوفيق أوضاعها القانونية والتدريبية، قبل اتخاذ أي إجراءات حاسمة بحق المخالفين بعد انقضاء هذه المهلة.
الأندية والاتحادات مسؤولة عن توثيق مؤهلات مدربيهاكما شدد "كاف" على أن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الأندية والاتحادات الوطنية فيما يخص التأكد من استيفاء المدربين الذين يتم التعاقد معهم بعد تاريخ سريان القرار، لكافة الشروط المنصوص عليها في لائحة التأهيل الفني الجديدة.
وأوضح الاتحاد الإفريقي أن التعاقد مع مدرب غير حاصل على المؤهل المعتمد سيُعد مخالفة جسيمة للوائح، حتى في حال وجود "استثناء زمني"، ما لم يكن ضمن الأسماء التي تم التعاقد معها قبل 4 مايو 2025.