بعد شهور من القتال العنيف بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ، ليبعث بعض الأمل في نفوس اللبنانيين الذين عايشوا أوقاتًا عصيبة جراء الاشتباكات المستمرة، فمع دخول الهدنة مرحلة التنفيذ، سادت أجواء من الفرح في العديد من المناطق اللبنانية، حيث بدأ النازحون في العودة إلى منازلهم في الضاحية الجنوبية لبيروت، والبقاع، وقرى الجنوب، ولكن على الرغم من هذه الأجواء الإيجابية، يظل القلق حاضرًا في أوساط الشعب اللبناني بشأن مصير الهدنة والآليات التي قد تعكر صفوها.


فعلى الرغم من تنفيذ الاتفاق، الذي ينص على وقف إطلاق النار لمدة شهرين، لا يزال العديد من اللبنانيين يساورهم القلق من انهيار الهدنة قبل انقضاء المدة المحددة، خصوصًا في ظل الغموض الذي يحيط ببعض بنود الاتفاق.

وأحد أبرز القضايا التي أثارت الجدل بين المراقبين والمتابعين هو "حق الدفاع عن النفس"، الذي يعد بمثابة نقطة غامضة قد تفتح بابًا للتفسير المتباين.

ورغم تأكيد المسؤولين الإسرائيليين أن الاتفاق لا يمنحهم الحق في الهجوم على حزب الله بشكل مباشر إلا إذا تم انتهاك الاتفاق، فإن تصريحات الإدارة الأمريكية تضمنت بعدًا جديدًا، إذ أكد أحد المسؤولين الكبار في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "حق الدفاع عن النفس" ينطبق أساسًا على لبنان، مما يعني أن الجيش اللبناني هو المسؤول عن حماية الأراضي اللبنانية.

الموقف الإسرائيلي والأمريكي

في خطاب له، أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن إسرائيل ستحتفظ بحق "العمل العسكري الكامل" في حال وجود أي خرق من قبل حزب الله للهدنة.

وأضاف: "إذا حاول حزب الله إعادة التسلح أو انتهاك الاتفاق، سنرد بقوة"، مؤكدًا أن الحزب قد "أصبح أضعف بكثير" بعد الضربات التي تلقاها في الأشهر الأخيرة.

وأشار إلى أن معظم بنيته التحتية العسكرية قد دمرت، مما جعله أقل قدرة على مواصلة التهديد.

من جانبه، أكد المسؤولون الأمريكيون على ضرورة مراقبة تنفيذ الاتفاق لضمان عدم حدوث أي انتهاكات قد تؤدي إلى تصعيد.

وأوضح جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، أن واشنطن ستظل متيقظة لرصد أي محاولات لتقويض الاتفاق، مشيرًا إلى أن الدور الدولي في هذا الشأن سيظل محوريًا لضمان التزام جميع الأطراف بالهدنة.

آلية تنفيذ الاتفاق

والاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة عبر موفدها آموس هوكستين، ينص على وقف الأعمال العسكرية لمدة 60 يومًا.

فبموجب الاتفاق، يلتزم حزب الله بالانسحاب من المناطق الحدودية الجنوبية، في حين سيقوم الجيش اللبناني بتمركزه في هذه المناطق.

من جانبها، ستقوم إسرائيل بالانسحاب التدريجي من القرى الحدودية التي دخلتها سابقًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اتفاق وقف إطلاق النار اسرائيل وحزب الله اشتباكات اسرائيل اطلاق النار الاشتباكات الاتفاق الانسحاب الهجوم على حزب الله الجنوبية الحدود اللبنانية الجيش اللبناني الدفاع عن النفس الحكومة الشعب اللبناني الضاحية الجنوبية لبيروت

إقرأ أيضاً:

لقاء زيلينسكي وميلوني.. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه إيطاليا في محادثات السلام؟

يتمحور النقاش حول مراجعة خطة السلام، فيما تسعى إيطاليا إلى لعب دور الوسيط بين واشنطن والاتحاد الأوروبي. ويتحدث كالوفيني عن "الدور الإيطالي الأكثر براغماتية" مقارنة بمواقف بعض الحلفاء الأوروبيين.

بعد ساعات من اجتماعاته في لندن وبروكسل، وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى روما حيث التقى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني يوم الثلاثاء، في لحظة بالغة الحساسية لمسار السلام في أوكرانيا وللدعم الأوروبي المقدم لكييف.

وكانت المحادثات تتمحور حول مراجعة خطة السلام عقب المواجهات التي شهدتها العاصمة البريطانية.

وكان الحلفاء الأوروبيون قد دعوا في لندن إلى مزيد من التقارب بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا للتوصل إلى اتفاق يضع حدًا للغزو الروسي.

وهي نقطة يلتقي عندها زيلينسكي وميلوني في مرحلة تبدو فيها الولايات المتحدة أنها تميل إلى تسريع المفاوضات، مقابل إظهار قدر أكبر من البرود تجاه المواقف الأوروبية، في ظل الاستراتيجية الأمنية الجديدة التي توجّه فيها واشنطن انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي على أكثر من جبهة.

وقال زيلينسكي للصحافيين الإيطاليين قبل انعقاد القمة الثنائية: "أنا أثق بجورجيا ميلوني، فهي ستساعدنا"، في إشارة تعكس الدور المتصاعد الذي يمكن أن تضطلع به روما.

وبذلك، تبقى إيطاليا ملتزمة بقوة في دعم كييف حتى بلوغ السلام، فيما تظل العلاقة مع البيت الأبيض، وفق ما شدد عليه رئيس المجلس مرارًا، عنصرًا ثابتًا في مسار عمل الحكومة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي برئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني Gregorio Borgia/ AP دور إيطاليا بين واشنطن وبروكسل

وبحسب جيانجياكومو كالوفيني، رئيس الأمانة العامة في حزب Fratelli d'Italia، يمكن لروما أن تؤدي دورًا حاسمًا في هذه المرحلة من المفاوضات الدولية.

ويقول كالوفيني: "لقد أدّت حكومة ميلوني دورًا مهمًا حتى الآن، وهي مرشحة للقيام بدور أكبر في المرحلة المقبلة. وقد تكون الدولة الوحيدة القادرة على تنسيق العلاقة بين واشنطن وبروكسل بعد تصريحات ترامب".

وهو دور، يوضح كالوفيني، أصبح ممكنًا بفضل المصداقية التي بنتها رئيسة الوزراء في الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة.

ويُضيف كالوفيني: "أعتقد أن ميلوني سبق أن أدّت دور الوسيط: في ملفات الحلف الأطلسي، وداخل الناتو، وحتى في قضية الرسوم التجارية رغم أنها شأن أوروبي. ومن المعروف أنها تتمتع بمصداقية لافتة في واشنطن وفي البيت الأبيض. وفي لحظة معقدة كهذه، قد تتحول هذه المصداقية إلى عامل حاسم".

Related خبير قانوني: "من الصعب تقديم ميلوني للمحاكمة بعد شكوى تتهمها بالتواطؤ في الإبادة بغزة"ميلوني في مرمى الاتهام: دعوى أمام الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في "الإبادة الجماعية" بغزةخلال لقاء تبون وميلوني.. اتفاق بين إيطاليا والجزائر لمكافحة الإرهاب والهجرة الانتقادات الموجهة للاتحاد الأوروبي والموقف الإيطالي

يتردد صدى الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة، التي تقدّم أوروبا بوصفها ضعيفة وغير مؤثرة، في ما يقوله كالوفيني عن المشهد السياسي القاري: "استطلاعات الرأي تشير إلى أن أوروبا لا تعيش أفضل مراحلها، يكفي النظر إلى ما يجري في باريس ولندن وبرلين".

ومع ذلك، يصرّ كالوفيني على دفاعه عن الخط الإيطالي الأكثر براغماتية مقارنة ببعض الشركاء الأوروبيين الذين اتخذوا مواقف أكثر تشددًا لصالح كييف من دون تحقيق نتائج ملموسة: "موقفنا الداعم لكييف، كما يؤكد، هو الأكثر واقعية. لا يمكننا التضحية بتحالفنا مع واشنطن، لكننا في الوقت نفسه لا نريد إدارة ظهرنا لأوكرانيا".

الجبهة الداخلية والانقسامات

مع إقراره بوجود تباينات داخل التحالف، خصوصًا في ما يتعلق بتوقيت الدعم العسكري – مع بروز تشكيك ماتيو سالفيني حيال إطالة أمد إرسال الأسلحة – ينفي كالوفيني وجود انقسامات جوهرية، مؤكدًا أن "الأغلبية لطالما صوّتت بشكل منسجم وستواصل ذلك".

وعلى مستوى العلاقات الخارجية، يشير إلى أن إيطاليا تتمتع بمصداقية يعزّزها وصول زيلينسكي إلى روما: "زيلينسكي نفسه يقرّ بمصداقية إيطاليا باختياره زيارتها اليوم بعد لندن وبروكسل".

ويرى كالوفيني أن السلام يبقى الهدف النهائي، لكنه لا يتحقق من دون الردع: "نحن نؤمن بأن السلام يمكن بلوغه أيضًا عبر إرسال الأسلحة، وهو خيار دافعنا عنه باستمرار في السنوات الأخيرة".

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني يؤدّيان التحية في قصر شيغي في 20 نوفمبر 2025. Gregorio Borgia/ AP إيطاليا والرغبة بالانفصال عن الحلفاء الأوروبيين

حول دور إيطاليا وأهمية اللقاء بين زيلينسكي وميلوني في روما في هذه المرحلة الدقيقة من محادثات السلام، استمعنا أيضًا إلى رافاييلي ماركيتي، مدير مركز لويس لدراسات الشؤون الدولية والاستراتيجية في روما.

يقول ماركيتي: "أرادت إيطاليا أن تُظهر أنها لاعب مهم، لكنها غير منخرطة بالكامل في الخط الأوروبي، بما يتيح لها استعادة الدور الذي رسمته لنفسها سابقًا كجسر بين الأوروبيين والولايات المتحدة. ولو كانت ميلوني ذهبت إلى لندن، لكان حضورها أقل بروزًا، وكأنها أرادت القول إن الأوروبيين التقوا، وأن الوقت حان لتساعدهم في فتح قناة حوار مع ترامب".

ويضيف ماركيتي أنها "تسعى إلى تقديم محور بديل في العلاقة مع واشنطن".

ووفقًا له، فإن ميلوني لا ترغب في ربط نفسها بشكل كامل بمواقف الحلفاء الأوروبيين: "حتى قراءة استراتيجية الأمن القومي قبل أيام توضح أن صورة الأوروبيين ليست إيجابية، وهذه الصورة ترتبط بكيفية إدارتهم لملف أوكرانيا".

Related فيديو: زيلنسكي يزور جدة لمناقشة صيغة السلام مع ولي العهد السعوديماكرون: حضور زيلنسكي قمة مجموعة السبع يمكن أن يغير قواعد اللعبةالرئيس الأوكراني زيلنسكي: "قد يرتفع عدد القوات الكورية الشمالية إلى 100 ألف عند الحدود مع أوكرانيا" الدعوة إلى قصر شيغي

يشير ماركيتي إلى نقطة أخرى تستحق التوقف عندها، وهي أن الاجتماع الثنائي مع ميلوني جاء متزامنًا مع زيارة الرئيس الأوكراني للفاتيكان.

في هذا السياق، يُشير إلى أن "ميلوني استفادت من زيارة البابا لدفع زيلينسكي إلى القدوم. لا أعرف ما إذا كان سيزور روما لوحدها لو لم تكن زيارة البابا قائمة. من خلال ذلك، أرادت أن تؤكد أنها ما زالت جزءًا من اللعبة. العلاقة بينهما جيدة".

ومع ذلك، يميّز ماركيتي بين الصورة التي تسعى رئيسة الوزراء إلى تقديمها وبين الواقع الفعلي لقدرتها على التأثير: "ما يمكن أن تحققه ميلوني محدود للغاية. والأمر نفسه ينطبق على الأوروبيين".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • مخاوف فرنسية بشأن لبنان: التصعيد الاسرائيلي ليس مستبعدا
  • التصعيد يقترب .. جيش الاحتلال يهدد لبنان بخطة عسكرية غير مسبوقة
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • التصعيد الاسرائيلي على لبنان.. لقاء نتنياهو- ترامب المقبل سيكون حاسماً
  • “يونيفيل” تعلن تعرض قواتها لإطلاق النار من قبل دبابة “إسرائيلية” بالأراضي اللبنانية
  • إطلاق نار على قوات حفظ السلام اللبنانية يثير توترا عند الخط الأزرق
  • فعالية نسائية حاشدة في الحديدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء
  • اختراق الهدنة.. آخر تطورات الأوضاع بين الكونغو ورواندا
  • لقاء زيلينسكي وميلوني.. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه إيطاليا في محادثات السلام؟
  • خصوم حزب الله في دائرة الضوء.. مواقف القوات اللبنانية نموذجًا!