مسؤولون روس: طالبان لم تعد مصدرا للإرهاب
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
اقترح مشرعون روس إزالة حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية الروسية، في مذكرة أرسلوها بهذا الشأن إلى مجلس الدوما (البرلمان الروسي)، وقد أثارت هذه الخطوة تساؤلات عن مستقبل العلاقات بين موسكو وكابل، فما أهميتها؟
تعليقا على هذه المبادرة، نشرت صحيفة فزغلياد الروسية تقريرا للكاتب أوليغ إيسايشينكو لفت فيه إلى أن آراء الخبراء متباينة بشأن تأثير هذه الخطوة، فهم ما بين مرحب بها يرى أنها ستحسن العلاقات بين موسكو وكابل وتؤثر بشكل إيجابي على الاستقرار في آسيا، وبين مقلل من شأنها يذهب إلى أنها لا تكتسي أهمية بالغة، لأن أبرز تهديد يواجهه روسيا في الوقت الراهن يأتي من أوكرانيا والغرب.
وذكر الكاتب أن المبادرة تنص على إمكانية تعليق حظر نشاط طالبان في روسيا بشكل مؤقت، وهو ما يتطلب إصدار قرار من المحكمة الروسية استنادا إلى طلب من المدعي العام أو نائبه بشرط وجود أدلة ملموسة تؤكد توقف الحركة عن ممارسة أنشطة تهدف إلى نشر الإرهاب أو تبريره أو دعمه.
تصريحات المسؤولين الروس
نقل الكاتب عن سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو إعلانه يوم الثلاثاء، خلال زيارة إلى أفغانستان، أن موسكو تدرس إمكانية شطب طالبان من القائمة السوداء في روسيا، معتبرا أن هذه الخطوة مهمة لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.
كذلك أكد مستشار الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن الكرملين يدرس إمكانية إزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، لكن الأمر لا يزال قيد المناقشة، حسب ما نقلته وكالة تاس عن المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أفغانستان.
وأشار المتحدث باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، إلى أن التعاون الوثيق مع كابل يعد أمرا ضروريا في الوقت الحالي، نظرا لموقع أفغانستان الجغرافي بجوار روسيا، لافتا إلى أن القرار بشأن إزالة الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية لم يُتخذ بعد.
وأوضح الكاتب أن دولا أخرى من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة اتخذت خطوة مماثلة، ففي ديسمبر/كانون الأول 2023 أزالت كازاخستان حركة طالبان من قائمة المنظمات المحظورة، وفي سبتمبر/أيلول الماضي أصدرت قرغيزستان قرارا مماثلا.
خطوة متوقعة
ونقل الكاتب عن كونستانتين دولغوف، النائب السابق للمندوب الدائم لروسيا في الأمم المتحدة، قوله إن السياق الدولي كان مختلفا عند إدراج طالبان في قائمة المنظمات الإرهابية عام 2003، مضيفا أن "الحركة شهدت تحوّلات منذ ذلك الحين".
وحسب رأيه، أصبحت طالبان تحظى بقدر من الشعبية لدى الأفغان، كما أنها تتخذ موقفا متزنا في ما يتعلق بقضايا تهريب المخدرات والجريمة المنظمة ومكافحة التطرف، مضيفا أن "التهديد الحقيقي" في الوقت الراهن لا يأتي من أفغانستان، بل من كييف التي تحظى بدعم أميركي وأوروبي وتقتل المدنيين بأسلحة غربية داخل الأراضي الروسية، على حد تعبيره.
دولغوف: برأيي، هناك مبررات لإزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، ومع ذلك سيكون هذا قرارا صعبا يتطلب أساسا قانونيا متينا.. تحتاج هذه الخطوة إلى إرادة سياسية واضحة
وتابع دولغوف "برأيي، هناك مبررات لإزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، ومع ذلك سيكون هذا قرارا صعبا يتطلب أساسا قانونيا متينا.. تحتاج هذه الخطوة إلى إرادة سياسية واضحة".
من جانبه، يرى ستانيسلاف تكاتشينكو، الأستاذ في قسم الدراسات الأوروبية بكلية العلاقات الدولية في جامعة سان بطرسبورغ الحكومية، أن قرار إزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية سيكون انتصارا للواقعية في السياسة الروسية، مشيرا إلى أن الحركة تحكم أفغانستان منذ أكثر من 3 سنوات، وخلال هذه الفترة كان لها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد والتجارة والأمن في البلاد.
وأضاف تكاتشينكو أن إزالة حركة طالبان من القائمة السوداء الروسية سيعزز فرص موسكو في التعاون مع كابل في عدة مجالات، مثل بناء خطوط السكك الحديد وخطوط أنابيب الغاز.
سيميونوف: إبقاء طالبان ضمن قائمة الإرهاب يعرقل تطوير العلاقات الثنائية بين موسكو وكابل، ويؤثر على العلاقات التجارية ويعقّد عمل رجال الأعمال الذين يرغبون في التعامل مع أفغانستان
الخطر الحقيقيويرى الخبير الروسي أن اعتراف روسيا بطالبان سيكون حدثا في غاية الأهمية بالنسبة للحركة، إذ إن هذه الخطوة "ستعزز نوعيا مكانة كابل في النظام الأوراسي"، مشيرا إلى أن الانتقادات الداخلية لحكم طالبان لا ينبغي أن تؤثر على العلاقات بين موسكو وكابل.
كما لفت تكاتشينكو إلى ضرورة الحذر من احتمال انتشار بعض أفكار طالبان داخل روسيا، قائلا: "بالتأكيد هناك تهديدات، لكن جهاز الأمن الفدرالي الروسي والخدمات الخاصة الأخرى يتعاملون معها. لا ينبغي تصوير أفغانستان بأكملها على أنها تكتسي لونا واحدا. هناك متطرفون، لكن هناك أيضا أشخاصا في الحكومة يتعاملون مع القضايا بشكل تكنوقراطي، ويجب أن نتواصل مع هؤلاء ونتفاوض معهم".
وبدوره، أكد كيريل سيميونوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، أن طالبان تتولى السلطة في أفغانستان منذ عام 2021 ولم تشكل طوال هذه الفترة مصدر تهديد للاستقرار الإقليمي، مضيفا أن "كابل تبذل جهدها لمكافحة الإرهاب ومنع تهريب المخدرات. وبطبيعة الحال، هذا لا يتعارض بأي شكل مع مصالح روسيا".
وتابع سيميونوف أن "إبقاء طالبان ضمن قائمة الإرهاب يعرقل تطوير العلاقات الثنائية بين موسكو وكابل، ويؤثر على العلاقات التجارية ويعقّد عمل رجال الأعمال الذين يرغبون في التعامل مع أفغانستان".
وذكر سيميونوف أن المفاوضات مع طالبان قائمة بالفعل على أرض الواقع، لذلك فإن إزالتها من قائمة المنظمات الإرهابية مسألة وقت لا غير، معتبرا أن "الإرهاب الحديث لا يأتي من طالبان، بل من الغرب وحلفائه"، في إشارة إلى الهجمات الأوكرانية على روسيا بأسلحة غربية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات هذه الخطوة إلى أن
إقرأ أيضاً:
هكذا صنعت أميركا حربا هوليودية في أفغانستان وقتلت عائلات المقاتلين العرب
ووفقا لما قاله ولد الوالد في حلقة 2025/6/22 من برنامج "مع تيسير"، فقد نفذت القوات الأميركية إنزالين جويين في أكتوبر/تشرين الأول 2001، حاولت من خلالهما تحقيق نصر إعلامي أكثر من كونه عسكريا.
استهدف أحد هذين الإنزالين مقر زعيم طالبان آنذاك الملا محمد عمر، الذي كان قد تعرض لقصف أميركي أدى إلى تدميره قبل الإنزال الذي يقول ولد الوالد إنه لم يكن له أي مغزى من الناحية العسكرية.
وكان مؤسس القاعدة أسامة بن لادن على موعد مع الملا عمر في التوقيت الذي استهدف فيه الأميركيون المقر، لكن ولد الوالد قال إنهما لم يعقدا هذا اللقاء فنجوا من موت محقق.
وبعد تدمير المقر بالكامل، نفذ الأميركيون إنزالا جويا على المقر لمجرد القول إنهم نفذوا إنزالا بالمكان، ومع ذلك تعرضوا لهجوم من طالبان أدى إلى مقتل 30 أميركيا وإسقاط مروحيتين، حسب رواية المفتي السابق للقاعدة الذي أكد أنه رأى بعينيه بعض مخلفات هاتين المروحيتين.
في الوقت نفسه، كانت مجموعة أخرى من الأميركيين تنفذ إنزالا مماثلا على مطار مهجور بمنطقة رباط جعلي في أقصى جنوب أفغانستان على الحدود مع إيران، رغم أن طالبان والقاعدة لم تكونا تمتلكان وجودا فيه ولا في المنطقة كلها، كما يقول ولد الوالد.
ولم يكن للمطار قيمة تذكر -حسب الوالد الوالد- لأنه لم يكن يستخدم إلا من جانب بعض الأمراء الخليجيين الذين كانوا يهبطون فيه للقيام برحلات صيد في المنطقة ليس إلا.
لكن الأميركيين تكبدوا خسائر كبيرة في هذا الإنزال أيضا، وذلك على يد مجموعة من المقاتلين البلوش يقول ولد الوالد إن طالبان سمحت لهم بالإقامة داخل هذا المطار حتى لا يقعوا في يد حكومات بعض دول الجوار التي كانت تتتبّعهم.
واللافت في هذه المواجهة الدامية التي انتهت بمقتل مجموعة البلوش كلها عدا واحدا، ومقتل 70 أميركيا وجرح عدد كبير منهم، وفق ما نقله ولد الوالد عن الناجي الوحيد من المقاتلين البلوش، أن ما حدث في ذلك اليوم -يضيف ولد الوالد- أن الأميركيين لم يكونوا على علم بوجود المقاتلين البلوش في المطار ولا البلوش كانوا يعرفون بالإنزال الأميركي الذي شمل إنزال مدرعات قتالية من الجو، إلا عندما التقى الطرفان وجها لوجه ومن دون أي ترتيب سابق، وانخرطا في القتال.
إعلان
قتل عائلات المقاتلين العرب
وإلى جانب سعي الأميركيين لتنفيذ عمليات قتالية يصفها ولد الوالد بالهوليودية، اتجه تركيزهم على قتل وترويع عائلات المقاتلين العرب الذين كانوا يعيشون في قندهار أو العاصمة كابل.
وبدأت عمليات قتل العائلات بقصف بيوت بعض العاملين في مؤسسة الوفاء الخيرية رغم أنهم لم يكونوا يشاركون في أي نشاط عسكري.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2001، قصف الأميركيون بيوت بعض هؤلاء الموظفين الذين يقول ولد الوالد إن عدم التزامهم بالتخلّي عن هواتف "الثريا" كان السبب الرئيسي في رصدهم وتتبعهم.
وبدأت "مجزرة العائلات"، كما يسميها ولد الوالد، بقصف بيت واحد من موظفي مؤسسة الوفاء بمدينة قندهار، فأدى ذلك إلى خروج عدد من كبير من عائلات المقاتلين العرب الذين ظنوا أنهم باتوا مرصودين.
ومن هذا المنطلق، خرجت مجموعة من بيوتها إلى مكان آخر لكن الطائرات الأميركية رصدتهم في الطريق، وعندما وصلوا تم قصفهم بصاروخين أحدهما استهدف مجموعة كانت قد دخلت أحد البيوت والآخر استهدف من كانوا لا يزالون داخل السيارة، حسب ولد الوالد.
ودفعت هذه العملية آخرين إلى الخروج باتجاه قرية بنجواي البعيدة عن قندهار هربا من الملاحقة، لكنهم عندما وصلوا وأبلغوا الموجودين بالقرية بما حدث خشي كثيرون وصول الأميركيين خلفهم، فقرروا الخروج إلى الصحراء.
غير أن الأميركيين لاحقوهم في الصحراء وأوقعوا مقتلة في صفوف هذه العائلات التي وجدت جثثها أشلاء متناثرة في الصحراء، كما يقول ولد الوالد مؤكدا أنهم ضربوا بعنف متعمد وبذخائر لا يمكن أن تكون عادية.
وحاولت الولايات المتحدة من خلال هذه المجازر التي تزايدت لاحقا ضد المدنيين دفع الناس إلى الخروج على حركة طالبان وإجبارها على تسليم الحكم، برأي المفتي السابق للقاعدة الذي قال إن هذه الأمور ساعدت بالفعل في إسقاط الحركة.
واعتمدت القوات الأميركية قتل النساء والأطفال وركزت بشدة على ترويعهم أيضا من خلال أصوات المقاتلات وكثافة القصف خصوصا أثناء النوم، وهو ما ألحق بهم صدمات نفسية عنيفة، إذ أصابت كثيرين بالصرع، وفق ولد الوالد.
خطأ القاعدة
لكن بشاعة هذه المجازر لا ترفع العبء عن تنظيم القاعدة الذي قال مفتيه السابق إنه ورط العائلات في هذه المعركة التي ما كان لهم أن يكونوا على أرضها، مؤكدا أنهم ذاقوا ويلات القتل والترويع وكانت حمايتهم ومحاولات إخراجهم من أفغانستان مرهقة ومكلفة ومهينة ومحفوفة بالمخاطر.
فقد حملت عمليات تهريب العائلات رعبا وتمزقا أسريا، حتى إن المقاتل لم يكن يعرف أين ستذهب أسرته لكنه كان يهتم فقط بإخراجهم من أفغانستان التي تحولت إلى ساحة قتل لا يتوقف، كما يقول ولد الوالد الذي أكد أن الأميركيين صبوا جلّ نيرانهم على عائلات المقاتلين العرب.
26/6/2025-|آخر تحديث: 09:17 (توقيت مكة)