الوطن:
2025-07-30@14:06:07 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: في الصلاة

تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: في الصلاة

لا نزال أمام هذا المشهد العجيب فى مجلس سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حيث يجلس سيدنا جبريل، عليه السلام، أمامه فى هيئة رجل غريب، لا يُرى عليه أثر سفر، أبيض الثياب، أسود الشعر، بهى المنظر، طيب الريح، جلس يلصق ركبتيه بركبتى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويضع يديه على ركبتيه، صلى الله عليه وسلم، وقد سأله عن الإسلام ما هو، وها هو سيد الخَلق، صلى الله عليه وسلم، يجيبه بجواب جامع: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً».

يبدأ الإسلام بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم». 

وشهادة المرء بأن سيدَنا محمداً، صلى الله عليه وسلم، رسول الله معناها أنه يضع نفسه فى موضع التابع المذعن له، صلى الله عليه وسلم.وقد أراد الشارعُ الحكيم لهذه الشهادة أن تبقى حية فى النفوس، فأمر بترديدها فى كل أذان وفى كل صلاة، وهذا الترديد المعلَن والمسَرُّ لهذه الشهادة معناه تأكيد ما تتضمّنه من حقائق فى النفس وأمام الناس.

ثم بعد ذلك تأتى إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وكلُّها عبادات تلقينا الأمر بها فى القرآن الكريم، وجاءت السّنة المطهرة بتفاصيل أدائها، وأداء المسلم لهذه الفروض عبارة عن محاكاة لهدى سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. والتزام المسلم بهذه الفروض شهادة عَمَلية بأنه «لا إله إلا الله»، ومحاكاته لطريقة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم فى أداء هذه العبادات شهادة عمَليّة بأن «سيدنا محمداً رسول الله»، صلى الله عليه وسلم. 

فكما شهد المسلم بلسانه «أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم»، شهد حاله وفعله بهذا أيضاً من خلال الصلاة والزكاة والصيام والحج.وقد يتساءل متسائل: لماذا لم تُذكر المعاملات فى هذا الحديث؟! 

أليست من الإسلام؟!

والحق أن الإسلام شامل لكل الحياة، وأن الذى تضمّنه الحديث هنا شامل لكل شئون الحياة، إنها كلمات تجمع أصول الصلاح فى كل مناحى الحياة، فالصلاة ليست مجرد عبادة تؤدَّى فى المسجد أو البيت دون أن يكون لها أثر لها فى سلوك مؤديها، وإنما الصلاة تربأ بالمصلى عن الفحشاء والمنكر، يقول الله تعالى: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ» [العنكبوت: 45].

ونلحظ أن هذه الآية الكريمة والحديث الذى نحن بصدده لم يأتِ فيهما الأمر بالصلاة، وإنما بـ«إقامة الصلاة»، بل قال السادة العلماء: إنه الله تعالى «لم يأمر بالصلاة حيثما أمرَ، ولا مدحَ بها حيثما مدحَ، إِلَّا بلفظِ الإقامة»؛ وذلك تنبيهاً على أنها المقصود، وليس مجرد أداء الهيئة، وقد بيَّن المفسرون أن (إقامة الصلاة) تحتمل أحد معنيين، أولهما الإقامة بمعنى تعديل أركان الصلاة وحفظها من أن يقع زيغ فى فرائضها وسننها وآدابها، والثانى بمعنى الدوام عليها والمحافظة عليها.وكلا المعنيين صحيح مطلوب شرعاً، وإقامة الصلاة تنهى العبد عن الفحشاء، وهى كل ما عظُم قُبحُه من الأقوال والأفعال، وتنهاه أيضاً عن المنكر، وهو كل فعل يحكم الشرع بقبحه.و(المنكر) من الإنكار، والإنكار -كما يقول الراغب الأصفهانى، رحمه الله تعالى-: أصله أن يَرِدَ على القلب ما لا يتصورُه. فكأنَّ العبد ارتقى بإقامة الصلاة إلى حيث صار لا يتصور وجود مثل هذه القبائح فَضْلاً عن أن يرتكبها.فالصلاة تطهر النفوس والمجتمعات من كل ما يَنهى عنه الشرع وتستنكره القلوب الطاهرة والعقول المستقيمة والفِطَر السليمة. وهذا بدون شك تأسيس لاستقامة المعاملات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا جبريل عليه السلام فريضة الصلاة أركان الإسلام صلى الله علیه وسلم لا إله إلا الله رسول الله

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الخطأ من شيم النفس البشرية وعلى المسلم أن يتوب ويتسامح مع نفسه والآخرين

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن النفس البشرية ليست معصومة من الزلل، بل الخطأ من شيمها، ويستوي في ذلك بنو آدم جميعًا، إلا من اصطفاهم الله لرسالته، فطهَّر قلوبهم من المعاصي. وفي إدراك هذا المعنى طمأنةٌ للنفس، وتسامحٌ معها، وحسنُ ظنٍّ بخالقها إذا رجعت إليه وطلبت منه الصفح والغفران.

واستشهد بما جاء عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «كلُّ ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون» (رواه الترمذي).

أذكار الصباح الواردة عن النبي.. اغتنم ثوابها ورددها الآنما حكم أخذ المرتب بدون عمل؟.. الإفتاء تجيبحكم إجبار الزوجة على الإجهاض؟.. الإفتاء توضححكم معاشرة الزوجة المتوفاة.. الإفتاء: فعل مقزز تأباه العقول.. ومن الكبائر

وأوضح أن هذا العفو يُعين الإنسان على استدراك شؤون حياته بعد وقوعه في الذنب أو المعصية، ويمنعه من أن يتوقف عند شؤم الإحساس المفرط بالذنب فيجلد ذاته، فيتعطّل بذلك عن المسير في الحياة، ويُوقِع نفسه والناس في عنتٍ ومشقة.

وأشار إلى أن الاعتراف بالذنب والتوبة منه من أهم ما يعتمد عليه الدين في إصلاح النفس البشرية، إذ يُعيد إليها طمأنينتها وسكينتها المفقودة. ولأجل ذلك شرع الله الاستغفار من الذنوب، وحضّ عليه النبي ﷺ كوسيلة دائمة، تُساعد المرء على التسامح مع نفسه، والرضا عنها.

ولفت إلى أن السيرة النبوية تحكي العديد من القصص التي تؤكد هذا المعنى، ومثال على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه -فيما أخرجه البخاري ومسلم- أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت!

 قال: «مالك؟» 

قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم.

 فقال رسول الله ﷺ «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، 

فقال: «هل تجد إطعام ستين مسكينًا؟» قال: لا. 

قال: «فمكث النبي ﷺ، فبينما نحن على ذلك، أتى النبي ﷺ بعرق فيها تمر . قال: «أين السائل؟» فقال: أنا. قال: «خذ هذا فتصدق به». فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي. 

فضحك النبي ﷺ حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك».

فهذا الصحابي جاء إلى النبي ﷺ وهو مرتجف، يشعر أنّه وقع في مصيبة مهلكة لا مخرج له منها.

فأخذ النبي ﷺ يُهدّئ من روعه، ويُعينه على الخلاص، فعدّد له مسالك التكفير عن الذنب واحدة تلو الأخرى، فلم يستطع أداء أيٍّ منها. حتى آل الأمر إلى أن أخذ كفارة ذنبه ليطعم بها أهله الفقراء، ممّا يُوضّح أن العقوبة أو الكفارة مقصودة لتصفية نفس المذنب، ومساعدته على العفو عن نفسه، وأنها شرعت لأجل الندم والرجوع عن الخطيئة، وقد تحقق هذان الأمران في نفس الصحابي، فضحك النبي ﷺ وأعطاه العرق وصرفه.

ويلاحظ في هذا الحديث أن مسالك التكفير عن الذنب تظهر في صورة أعمال تكافلية يعود نفعها على المجتمع كله، وأن النبي ﷺ ببساطته وسماحته، سهل على المؤمن سبيل السكينة والعفو عن ذاته، كي يُقبل على عمله وإعمار الحياة بقلبٍ منشرح، لا قلق فيه ولا توتر.

وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ، ومعهُ راحِلَتُهُ عليها طَعامُهُ وشَرابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ نَوْمَةً، فاسْتَيْقَظَ وقدْ ذَهَبَتْ راحِلَتُهُ، حتَّى إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ والعَطَشُ، أوْ ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: أرْجِعُ إلى مَكانِي، فَرَجَعَ فَنامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فإذا راحِلَتُهُ عِنْدَهُ» (البخاري).

 وفي هذا الحديث تربية على التسامح مع الآخرين، والفرح بعودتهم نادمين على خطئهم. فالله رب العالمين يفرح بتوبة عبده إذا شعر بضعفه، واستشعر عظيم جرمه في حق خالقه، الذي لا يضره ذنب، ولا تنفعه طاعة، وإنما فرحه وشكره ورضاه راجع للعبد فضلا وإحسانا. وقد استخدم النبي ﷺ ضرب المثل البليغ وسيلة تربوية، وضمنه معنى التسامح مع النفس ومع الآخرين، وحث فيه المسلم على التوبة والرجوع عن الخطيئة.

طباعة شارك المسلم التوبة التصالح مع النفس التصالح مع الاخرين علي جمعة الأزهر

مقالات مشابهة

  • آية واحدة تحميك وأسرتك ومنزلك من أي مكروه وسوء.. وأوصى بها سيدنا النبي
  • فضل الصلاة في جوف الليل .. الأفضل بعد الفريضة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هل يجوز قضاء السنن الرواتب لمن فاتته؟.. الإفتاء تجيب
  • علي جمعة: الخطأ من شيم النفس البشرية وعلى المسلم أن يتوب ويتسامح مع نفسه والآخرين
  • لماذا أمر الرسول بقراءة آية الكرسي بعد الصلاة؟.. 3 فضائل اعرفها
  • هل يجوز أن أصلي على النبي إذا سمعت اسمه فى صلاتي؟ الإفتاء تجيب
  • هل تكفي تسبيحة واحدة في الركوع أو السجود؟.. بما علق العلماء؟
  • شاهد.. الفيديو الأكثر تداولاً على مواقع التواصل السودانية والعربية.. طفل سوداني يبكي ويذرف الدموع أمام الروضة الشريفة شوقاً لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم (أنا اشتقت ليهو)
  • هل الصلاة على النبي في الصلاة تبطلها وتوجب الإعادة؟.. انتبه