خبير عسكري: خياران للاحتلال بغزة وتحديات تعوق تنفيذ أي منهما
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد المتقاعد حاتم كريم الفلاحي إن الاحتلال الإسرائيلي يواجه خيارين في التعامل مع الوضع في قطاع غزة، يتمثلان في الاستمرار في العمليات العسكرية بمخاطرها العالية، أو اتخاذ قرار باحتلال القطاع بالكامل، وهو ما يضعه أمام تحديات كبيرة على المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية.
وأوضح أن استمرار العمليات العسكرية يفرض على الاحتلال تكلفة بشرية ومادية مرتفعة، خاصة مع امتلاك المقاومة الفلسطينية أدوات تكتيكية فعّالة، مثل قذائف الهاون، التي تُستخدم لتعطيل خطوط الإمداد وإرباك تحركات الجيش الإسرائيلي.
وأكد الفلاحي في تحليل للمشهد العسكري في قطاع غزة أن هذه الأدوات تعكس عدم قدرة الاحتلال على السيطرة الميدانية رغم المراقبة الجوية الكثيفة.
وفي حال قررت إسرائيل المضي بخيار الاحتلال الكامل، فإن ذلك يتطلب -حسب الفلاحي- إدارة أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، ما يفرض أعباء اقتصادية هائلة لتوفير الغذاء والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى إعادة إعمار ما دُمّر خلال العمليات العسكرية.
وأشار الخبير العسكري إلى أن هذه التكلفة الاقتصادية تُضاف إلى التحدي الأمني المتعلق بالأسرى الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وباقي فصائل المقاومة، حيث يمكن أن تعرض العمليات العسكرية حياتهم للخطر، وهذا يزيد الضغط الداخلي على حكومة بنيامين نتنياهو.
خطة الفقاعاتولفت الفلاحي إلى أن الخطة الإسرائيلية الجديدة التي تُعرف بـ"خطة الفقاعات"، تهدف إلى تقسيم غزة إلى 4 أقسام منفصلة: الشمال، ولواء غزة، والمنطقة الوسطى، والجنوب، مضيفا أن الهدف الأساسي لهذه الخطة هو منع التواصل بين سكان القطاع حتى في حال وقف إطلاق النار، ما يعكس رغبة إسرائيلية في فرض عزلة طويلة الأمد على المناطق المختلفة.
ومع ذلك، أكد الفلاحي أن تطبيق هذه الخطة يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها استمرار سيطرة حماس والفصائل المسلحة على القطاع، إضافة إلى التكاليف البشرية التي قد تتكبدها إسرائيل إذا قررت المضي قدما في تنفيذها.
وعن السيناريوهات البديلة، أشار الفلاحي إلى إمكانية إدخال قوات عربية أو دولية لإدارة القطاع، مدعومة بقوات فلسطينية مرتبطة بالسلطة أو بشخصيات أخرى مثل محمد دحلان، لكن هذا الخيار قد يثير خلافات داخلية وإقليمية عميقة.
في الوقت نفسه، تواصل المقاومة الفلسطينية استهداف خطوط إمداد الاحتلال شمالي القطاع، حيث أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قصف خطوط الإمداد شرق جباليا بقذائف هاون ثقيلة.
وأوضح الفلاحي أن هذا التكتيك يعكس قدرة المقاومة على التعامل بفعالية مع التطورات الميدانية، رغم تكثيف الاحتلال للعمليات العسكرية.
وتأتي هذه التطورات في ظل قصف إسرائيلي مكثف استهدف أحياء غزة، أسفر عن استشهاد العشرات، بينما تجاوز عدد الشهداء منذ بدء العمليات الإسرائيلية شمال غزة في أكتوبر/تشرين الأول، أكثر من 2300 فلسطيني، وسط دمار واسع النطاق وتهجير عشرات الآلاف من السكان.
وأكد الفلاحي على أن الخيارات المطروحة أمام الاحتلال الإسرائيلي، سواء الاستمرار في العمليات العسكرية أو اتخاذ قرار الاحتلال، تكشف عن أزمة إستراتيجية عميقة، حيث يواجه الاحتلال تكلفة كبيرة لأي خطوة يتخذها، وهذا يزيد تعقيد الموقف على المستويات كافة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العملیات العسکریة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: عملية خان يونس تكشف قدرات متطورة للمقاومة
اعتبر الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي أن العملية التي نفذتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أول أمس السبت في منطقة عبسان الكبيرة شرق خان يونس تحمل دلالات عسكرية وإستراتيجية مهمة تتجاوز نتائجها المباشرة.
وبثت شاشة الجزيرة مشاهد للعمل المركّب الذي نفذته الكتائب واستهدف ناقلتي جند للاحتلال الإسرائيلي أول أمس في منطقة عبسان الكبيرة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة.
وتكتسب هذه العملية أهمية خاصة كونها جرت في المنطقة نفسها التي شهدت مقتل ضابط إسرائيلي في فبراير/شباط الماضي، حيث أعلن الاحتلال حينها عن مقتل 3 من جنوده، من بينهم قائد سرية.
وأشار الفلاحي خلال فقرة التحليل العسكري إلى أن استهداف ناقلتي جند إسرائيليتين في منطقة تعتبر من أولى المناطق التي دخلها الجيش الإسرائيلي يُظهر قدرة المقاومة الاستثنائية على التسلل والظهور خلف خطوط العدو لتنفيذ عمليات معقدة.
وبحسب الخبير العسكري، فإن المخطط العسكري للعملية يمتلك معرفة تامة بالموقع الجغرافي والقطاعات التي يمكن التنقل من خلالها للوصول إلى الأهداف المحددة.
وتجلت هذه المعرفة العميقة في إشارة المنفذ إلى عملية سابقة نُفذت في المكان نفسه قبل عام واحد، حيث تم تدمير مدرعة إسرائيلية في المنطقة ذاتها، مما يدل على وجود قيادة ميدانية ثابتة تدير العمليات في هذه المنطقة منذ فترة طويلة وتمتلك خبرة تراكمية في طبيعة التضاريس وأنماط تحرك القوات الإسرائيلية.
وتأتي العملية -وفقا الفلاحي- نتيجة لإستراتيجية جيش الاحتلال المعروفة بـ"التخطي"، والتي تعتمد على التقدم إلى مناطق متقدمة دون السيطرة الكاملة على المناطق الخلفية، على افتراض أن المقاومة المتبقية ستنسحب أو لن تصمد.
ولفت إلى أن النتيجة العملية لهذا النهج هي وجود جيوب مقاومة نشطة في مناطق يعتبرها الجيش الإسرائيلي "آمنة"، مما يسمح بتنفيذ عمليات مفاجئة ومؤثرة خلف الخطوط الأمامية.
تطور آلية التنفيذ
وأوضح الخبير العسكري أن آلية تنفيذ العملية تكشف عن تطور كبير في قدرات المقاومة التكتيكية، حيث نفذت العملية من قبل مقاتل واحد يحمل عبوة عمل فدائي، مما يقلل احتمالية الكشف ويزيد مرونة الحركة.
إعلانولفت الفلاحي إلى الأسباب التكتيكية وراء نجاح العملية، مشيرا إلى أن القمرة المفتوحة في إحدى الناقلات سمحت بإلقاء العبوة مباشرة داخل الآلية، وهذا الإجراء -الذي قد يبدو بسيطا- له تأثير تدميري هائل، لأن انفجار العبوة داخل الناقلة يؤدي إلى تفجير العتاد والذخيرة الموجودة، مما يتسبب في تدمير كامل للآلية وصعوبة في إنقاذ الطاقم.
ويترك هذا النوع من العمليات المتكررة تأثيرا نفسيا ومعنويا مدمرا على الجندي الإسرائيلي، حيث إنه يبدأ في الخشية من الوجود داخل هذه المناطق نظرا لإمكانية وصول المقاومين إليه في أي لحظة.
ويمتد التأثير النفسي إلى مستوى اتخاذ القرارات، حيث يضع الجيش الإسرائيلي في حساباته وجود عبوات محتملة في كل منطقة يحاول التقدم إليها، سواء على الطرق أو في المباني.
وأكد الخبير العسكري على أن هذه العمليات تحقق استنزافا شاملا للقدرات الإسرائيلية على مستويات عدة، فمن الناحية البشرية تؤدي إلى خسائر في الأرواح والمصابين تتراكم مع الوقت، ومن الناحية المادية تدمر آليات باهظة الثمن ومعقدة التصنيع، ومن الناحية اللوجستية تفرض تكاليف إضافية للصيانة والاستبدال والإسناد الطبي.
ويمكن ملاحظة مؤشرات واضحة على الإنهاك الذي يعاني منه الجيش الإسرائيلي بحسب الخبير، والذي تجلى في عدم توفير حماية كافية للناقلتين، ففي الظروف الطبيعية كان يجب أن تكون هذه الآليات محاطة بوحدات من المشاة لتوفير الحماية أو على الأقل أن تكون ضمن منطقة آمنة تحت سيطرة قوات أخرى.