يمانيون/ تقارير

يبدو أن سياسات الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تزيد من مخاطر الصراعات الاستراتيجية في المناطق المتوترة من العالم مما قد يؤدي في أسوأ الحالات، الى صراع نووي مع القوى النووية الأخرى.

يأتي هذا في حين كشف باحثون مؤخراً عن تصاعد دور الأسلحة الذرية في العالم، وتحديث الدول النووية ترساناتها مع تدهور العلاقات الجيوسياسية.

. داعين قادة العالم إلى “التراجع والتفكير”.

في السياق ذاته، أعلن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) أن الأسلحة النووية أصبحت تلعب دورا متزايد الأهمية، مع استمرار الدول النووية في تحديث ترساناتها.

وأشار المعهد في تقرير له إلى أن الجهود الدبلوماسية للسيطرة على الأسلحة النووية تعرضت لانتكاسات كبيرة بسبب الصراعات في أوكرانيا وغزة، داعيا القوى العالمية للتراجع والتفكير.

وفي تقريره السنوي، أكد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) أن الجهود الدبلوماسية للسيطرة على الأسلحة النووية تعرضت لتحديات كبيرة، بفعل التوترات الدولية المتصاعدة جراء الصراعات في أوكرانيا وغزة.

وقال المعهد: إن روسيا أعلنت في فبراير2023 تعليق مشاركتها في معاهدة “ستارت الجديدة” لعام 2010، التي تعد آخر معاهدة متبقية للحد من القوى النووية الاستراتيجية بين روسيا والولايات المتحدة.. لافتاً إلى أن روسيا أجرت تدريبات تكتيكية على الأسلحة النووية بالقرب من الحدود الأوكرانية في مايو الماضي.

وقال ويلفريد وان، مدير برنامج أسلحة الدمار الشامل في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في بيان له: “منذ الحرب الباردة، لم تلعب الأسلحة النووية دوراً بارزاً في العلاقات الدولية”.

وأوضح المعهد أنه في يناير 2023، كان هناك نحو 12,121 رأسا حربيا نوويا في جميع أنحاء العالم، منها حوالي 9,585 متاحا للاستخدام، بينما أُبقي نحو 2,100 منها في “حالة تأهب تشغيلي قصوى” لتحميلها على صواريخ بالستية.

وتعود غالبية هذه الرؤوس الحربية إلى روسيا والولايات المتحدة، اللتين تمتلكان معا ما يقرب من 90 في المائة من كل الأسلحة النووية.. ولكن، وللمرة الأولى، يُعتقد أن الصين لديها بعض الرؤوس الحربية في حالة تأهب تشغيلي قصوى.

وقال دان سميث، مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام: “بينما يستمر الإجمالي العالمي للرؤوس الحربية النووية في الانخفاض مع تفكيك أسلحة حقبة الحرب الباردة تدريجيا، فإننا للأسف نشهد زيادات سنوية في عدد الرؤوس الحربية النووية العاملة”.. مشيراً إلى أن هذا الاتجاه مرشح للاستمرار، وربما يتسارع في السنوات المقبلة، واصفا إياه بأنه “مقلق جدا”.

في السياق ذاته، أدان الزعيم الكوري، كيم جونغ أون، خلال لقائه مع وزير الدفاع الروسي، أندريه بيلوؤسوف، السماح الذي منحه الغرب لأوكرانيا باستخدام أسلحة بعيدة المدى لشن هجمات داخل العمق الروسي.

وأشار كيم جونغ أون إلى أن هذا الإجراء يُعد “تدخلًا عسكريًا مباشرًا”.. مُضيفًا: “الولايات المتحدة والغرب دفعا السلطات الأوكرانية لمهاجمة الأراضي الروسية باستخدام أسلحة بعيدة المدى تابعة لهما.. يجب على روسيا اتخاذ إجراءات تجبر القوى المعادية على دفع الثمن”، وفقًا لوكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية.

كما أكد الزعيم الكوري دعمه لجهود روسيا في الدفاع عن سلامة أراضيها ضد “أفعال الهيمنة الإمبريالية”.

وفي السياق أيضاً، حذر السفير الروسي لدى بريطانيا وإيرلندا الشمالية، أندريه كيلين، في هذا الصدد من أن سياسة المملكة المتحدة تجاه أوكرانيا وإمدادات لأسلحة إلى زيادة يمكن أن تؤدي الى المخاطر الاستراتيجية، وفي أسوأ الحالات، إلى صراع القوى النووية.

وأضاف السفير لقناة “روسيا-24” التلفزيونية: “أود أن أشير إلى أن البريطانيين تجاهلوا تمامًا جميع الإشارات التحذيرية من جانبنا وانتقلوا إلى إجراءات تصعيدية حادة لزيادة تعميق الأزمة الأوكرانية، وهذا بالطبع محفوف بمخاطر استراتيجية متزايدة، وفي أسوأ الحالات، صراع بين القوى النووية نعتقد أن بريطانيا، مثل الدول الأخرى، متورطة الآن في صراع مسلح ضدنا مع أوكرانيا”.

وأشار إلى أن إطلاق “أوريشنيك” ترك انطباعا “خطيرا للغاية” على الشعب البريطاني، على الرغم من استمرار الحديث عن أن لندن كانت على علم بمثل هذه الأسلحة منذ فترة طويلة.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد وجه في وقت سابق، نداء ذكر فيه أن أوكرانيا شنت في 19 نوفمبر هجمات على أهداف في مقاطعتي كورسك وبريانسك، باستخدام صواريخ “أتاكمز” الأمريكية بعيدة المدى وصواريخ “ستورم شادو” البريطانية بعيدة المدى.

ورداً على استخدام الأسلحة الأمريكية والبريطانية، شنت روسيا في 21 نوفمبر، هجوماً مشتركاً على المجمع الصناعي العسكري الأوكراني – وهو مجمع صناعي كبير ينتج الصواريخ والأسلحة، في دنيبروبيتروفسك.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية: إن تعهد القوى النووية الكبرى خلال الحرب الباردة بالسعي نحو نزع السلاح يبدو “أقل واقعية” من أي وقت مضى.

وقبل حوالي 60 عاماً، حذر الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي، من أن العالم قد يشهد زيادة في عدد الدول النووية إلى أكثر من 20 دولة بحلول عام 1975، ورغم أن تلك المخاوف كانت مبالغ فيها، إذ يبلغ عدد الدول النووية الحالي تسع فقط، إلا أن نظام عدم الانتشار النووي العالمي في خطر أكبر مما كان عليه منذ الحرب الباردة، وفقاً لما قاله مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي.

واعتبر جروسي، أن خطر المواجهة النووية، الذي كان يبدو غير واقعي قبل عقد من الزمن، لم يعد مستبعداً.

وكانت نهاية الحرب الباردة تبشر بالتخلص من “كابوس” الأسلحة النووية، إذ اتفقت الحكومات المتناحرة سابقاً على التخلص من الرؤوس الحربية النووية، وتعاونت للحد من انتشار الأسلحة، إلا أن هذا الأمل بات يتلاشى الآن، وفق “وول ستريت جورنال”.

وانهارت واحدة من معاهدتين رئيسيتين أبرمتهما الولايات المتحدة وروسيا للحد من التسلح النووي، وتنتهي الأخرى التي تحدد عدد الأسلحة النووية التي تنشرها روسيا والولايات المتحدة في أوائل عام 2026م.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأسلحة النوویة الرؤوس الحربیة الحرب الباردة القوى النوویة الدول النوویة بعیدة المدى إلى أن

إقرأ أيضاً:

باحثون أميركيون: التكنولوجيا تقرب العالم من الحرب النووية

جاء في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، أنه إذا اندلعت حرب نووية فلن يكون ذلك بفعل قرار متعمد، بل نتيجة خطأ غير مقصود ناجم عن خلل تقني أو خطأ بشري أو سوء تقدير.

ولفت المقال إلى أن هناك 9 دول نووية، وأن بعضها يُبقي على هذه الأسلحة في حالة تأهب قصوى، ما يعني أنه يمكن إطلاقها في دقائق معدودة في حال رصد تهديد محتمل، حقيقة كان أم وهما.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب إسرائيلي: 3 أسئلة حاسمة ستحدد ما سيحدث لاحقاlist 2 of 2هآرتس: الموساد يفعّل مسيّرات مفخخة خزنها سابقا داخل إيرانend of list

ويزيد هذا التأهب الدائم من احتمالات وقوع خطأ أو تصعيد غير مقصود، ويجعل النظام النووي العالمي رهينا بقدرة البشر والتقنيات على تفادي الزلل، وهو أمر ثبت عبر التاريخ أنه غير مضمون، حسب المقال.

ويعد هذا المقال الثاني ضمن سلسلة أعدّها اتحاد العلماء الأميركيين، تتناول المشهد النووي العالمي الحالي وتقارنه بمرحلة الحرب الباردة.

وقد شارك في كتابة المقال كل من مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين هانز كريستنسن ومساعده مات كوردا، إلى جانب الباحثة في الاتحاد إليانا جونز، والزميلة في الاتحاد آلي مالوني.

حوادث الحرب الباردة

وجاء في المقال، أن العالم اقترب من الحرب النووية عدة مرات أثناء الحرب الباردة، ولكن الخطر اليوم أكثر تعقيدا مما مضى نظرا لتعدد الدول النووية والتوترات الجيوسياسية وتطور الأسلحة والتكنولوجيا.

إعلان

وأفاد المقال، أن أنظمة الإنذار المبكر الأميركية أصدرت بين 1960 و1980 اثني عشر إنذارا كاذبا، فمثلا في نوفمبر/تشرين الثاني 1979، تسبب إدخال شريط تدريبي يحاكي هجوما سوفياتيا في الحاسوب الرئيسي لمركز قيادة الدفاع الجوي الأميركي، في تفسير نظام البيانات على أنها هجوم نووي وشيك.

وفي يونيو/حزيران 1980 نبهت الأنظمة بتوجه أكثر من ألفي صاروخ سوفياتي نحو الولايات المتحدة، وكان السبب شريحة إلكترونية معطوبة ولدت أرقاما عشوائية، ما تسبب في حالة ذعر مؤقتة لدى المسؤولين الأميركيين دامت 32 دقيقة، خاصة بعد إنذار خاطئ سابق قبل شهر من هذه الحادثة.

وذكر المقال أيضا قرارا مصيريا اتخذه ضابط سوفياتي يدعى ستانيسلاف بيتروف في سبتمبر/أيلول 1983 أنقذ العالم من حرب نووية، إذ تجاهل إنذارا بتوجه صواريخ أميركية نحو بلاده بناء على المعطيات الموجودة، وهو ما ثبت صحته لاحقا.

تصاعد التوترات

وأكد المقال أن التكنولوجيا قد تقدمت منذ ذلك الوقت، ولكنها أصبحت تؤدي إلى مشاكل مختلفة، فمثلا أصبحت الغواصات النووية -بفضل هذا التقدم- قادرة على إخفاء وجودها في المياه، ما تسبب في حادثة فبراير/شباط 2009، حين اصطدمت غواصتان نوويتان إحداهما فرنسية والأخرى بريطانية في المحيط الأطلسي، وكانت كل منهما تجهل وجود الأخرى.

كما أضاف المقال، أن بعض الحوادث كانت ناتجة عن أخطاء لوجستية، ففي عام 2007 نقلت قاذفة أميركية داخل البلاد 6 صواريخ كروز برؤوس نووية بدلا من صواريخ تدريبية غير مسلحة.

وبقيت القاذفة غير مؤمنة على مدرج القاعدة العسكرية لأكثر من 36 ساعة قبل أن يكتشف ضابط وجود الأسلحة النووية، وهو ما وصفه مسؤولون أميركيون آنذاك بأنه "خرق غير مسبوق" لإجراءات الأمن النووي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2010، خرج 50 صاروخا نوويا من طراز "مينتمان 3" في قاعدة وارن الجوية بولاية وايومنغ الأميركية عن الخدمة، وقد أُبلغ الرئيس الأميركي بالحادثة خلال ساعات.

إعلان

وتبين لاحقا أن الخلل لم يكن بهجوم إلكتروني من روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية، بل بسبب لوحة إلكترونية ركبت بشكل غير صحيح أثناء الصيانة، وكان من الممكن أن يؤدي الأمر إلى تصعيد نووي خطِر، وفق المقال.

وفي مارس/آذار 2022، أطلقت الهند صاروخا غير مسلح نحو باكستان خطأً، وقد مر الحادث دون رد عسكري، غير أنه كشف عن مدى سهولة نشوب نزاع نووي بفعل خطأ تقني أو بشري.

وبعد عامين، كشفت محكمة هندية أن طاقم الإطلاق الهندي كان يقوم بعرض تدريبي عملي أمام ضابط كبير، وخلال ذلك نسوا فصل جهاز الأمان الخاص بالصاروخ، ما أدى إلى إطلاقه ولكن بدون رأس حربي، حسب المقال.

أخطار في الفضاء

وحذر المقال من أن الخط الفاصل بين القدرات النووية والتقليدية يزداد ضبابية، خصوصا في الفضاء، حيث تستخدم الأقمار الصناعية لأغراض مزدوجة عسكرية ومدنية.

ولفت المقال إلى أن هذه الأقمار لها دور حيوي في قيادة وإدارة الأسلحة النووية الأميركية، وأي هجوم أو تعطيل لها قد يؤدي إلى تصعيد سريع.

وفي هذا الصدد أشار إلى حادثة وقعت عام 2019، حين أطلقت روسيا قمرا صناعيا بدأ يتتبع قمر تجسس أميركي، ما اعتبره الجيش الأميركي تهديدا مباشرا وغير مسبوق.

وخلص المقال إلى أن العالم بات أكثر اعتمادا على الأنظمة الإلكترونية المعقّدة والمعرضة للخطأ، وأن احتمالات التصعيد غير المقصود أصبحت أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى، ودعا إلى مراجعة العقيدة النووية الدولية وتعزيز آليات الأمان والحوار الإستراتيجي.

مقالات مشابهة

  • آلاف يتظاهرون في أنحاء الولايات المتحدة ضد سياسات ترامب
  • أكدت أن الولايات المتحدة متواطئة فيه.. إيران: الاعتداء الإسرائيلي على أراضينا يجعل المحادثات النووية “لا معنى لها”
  • “بوليتيكو”: استهداف إيران يجرّ الولايات المتحدة إلى نزاع في الشرق الأوسط
  • باحثون أميركيون: التكنولوجيا تقرب العالم من الحرب النووية
  • هذا ما وصل إليه الإنفاق العالمي على الأسلحة النووية العام الماضي
  • أوكرانيا تسعى لإنهاء الحرب في 2025 وتواصل تبادل الأسرى مع روسيا
  • ملامح تطور عقيدة التصنيع العسكري الروسي خلال الحرب مع أوكرانيا
  • عراقجي يتعهد “الدفاع عن حقوق” الإيرانيين في المباحثات مع الولايات المتحدة
  • زعيم إطاري إيراني الأصل يهدد “إعلاميا” ضرب السفارة الأمريكية ومصالحها في العراق
  • مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية: العالم على حافة إبادة نووية بسبب سياسات النخب الحربية