التعليم ورؤية القائد المفدى
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
الزيارة الكريمة لمولانا حضرة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- أعزه الله- التي تفضل بها إلى مدرسة السلطان فيصل بن تركي بولاية العامرات، تشريفٌ لكل صروح العلم في وطننا العزيز، وهي في ذات الوقت رسالة ذات قيمة عظيمة وعميقة لكل فرد في المنظومة التعليمية ومسؤولية كبيرة للعمل بجهد أكبر خلال المرحلة القادمة التي تتطلب نوعية مختلفة من التعليم والتدريب والخبرات، وعملاً أكثر تركيزا على بناء القدرات والمهارات والكفايات التي تناسب التطور الذي يشهده العالم خاصة في المجال التقني والتكنولوجي.
ولا ريب أن التعليم يمثل حجز الزاوية للتنمية وقد وضعته الأمم المتحدة كهدف رابع من الأهداف السبعة عشر في المشروع الإنمائي للتنمية المستدامة 2030، وذلك لأهميته الكبيرة في خطط التنمية لأي بلد، وهو القاطرة الأساسية التي تجر بقية القطاعات نحو تحقيق معدلات النمو المستدام والمستهدفة في أي بلد، وقد تضمن هذا الهدف تقديم التعليم الجيِّد الذي يكسب المتعلم مهارات القرن الحادي والعشرين ويمكنه من شغل وظائف المستقبل والتفاعل مع التطور التكنولوجي والعلمي بإيجابية وفاعلية.
ولم يعد هدف التعليم محو الأمية مثلما كان في السابق، بل إنّ تعريف الأمية ذاته قد طرأ عليه تغيير، فلم تعد الأمية هي عدم معرفة القراءة والكتابة مثلما كان في بداية عصر النهضة بل تغير ليكون أكثر اتساعًا وشمولية، فالأمية اليوم كمفهوم أصبحت تشمل الأمية الرقمية والأمية التكنولوجية والأمية المعرفية المرتبطة بالثقافة وأمية المهارات التي يحتاجها الفرد في مختلف المجالات، وأصبح هدف التعليم وغايته هو إعداد فرد بمستوى مهارات عالٍ وتفكير إبداعي ناقد ومعارف متنوعة.
وأيًا ما كان حاضرًا في مشهد زيارة جلالة السلطان- حفظه الله- إلى مدرسة السلطان فيصل بن تركي من مشاهد إبداعية متميزة شاهدها سلطاننا المعظم فهو يدرك أنَّ مسيرة التعليم يجب أن تستمر في النمو والتطور وأن تكون هذه المظلة بنفس الجودة في كل شبر من أرض سلطنة عُمان، وأن تلامس كل فرد من أبنائها في أي بقعة بنفس الجودة والتميز، وما شاهده من منجز في هذا الصرح سوف يكون هو المستوى المرجعي الذي تقاس به الخدمة التعليمية التي تقدم لأبناء الوطن العزيز من أقصاه إلى أقصاه، وهذه مسؤولية كبيرة على عاتق القائمين على منظومة التعليم.
لقد امتدت مسيرة التعليم لتشمل جميع ربوع سلطنة عُمان، وقد حرص السلطان قابوس بن سعيد-طيب الله ثراه- على التعليم أيما حرص، وكان من أول الأولويات التي قدمها لأبناء الشعب إيمانًا منه بأهمية التعليم ودوره في إحداث الفارق الكبير الذي تنشده الدولة في التنمية، وإن إخراج الشعب من الجهل كفيل بتحقيق بقية الأهداف التنموية الأخرى، وانتشرت مظلة التعليم لتشمل جميع ربوع الوطن وينعم بها أبناؤه جميعًا بعد أن كانت حكرًا على فئة محددة، وتطور التعليم ليضع بصمته الواضحة على مسيرة النهضة المُباركة.
وفي هذا العهد الميمون المتجدد، يحرص جلالة السلطان المعظم- حفظه الله- على أن يستمر التعليم في النمو والتطور، ولذلك جاء التعليم كأولى أولويات رؤية "عُمان 2040"، وهذا مؤشر هام حول قيمته وتأثيره على بقية القطاعات، ولابد من أن تواكب منظومة التعليم المتغيرات العالمية الحديثة في هذا القطاع، وقد أشار إلى ذلك جلالته- حفظه الله- في كلمته التي ألقاها أثناء الزيارة الكريمة وبشكل صريح، وهي مسؤولية أخرى تتطلب إعادة النظر في السياسات العامة للتعليم واستراتيجيته التي تبنى عليها المناهج والتقويم وجميع عناصر التعليم.
إنَّ الصورة الجميلة التي ظهر عليها التعليم أمام المقام السامي هي مسؤولية كبيرة، حيث لابد أن تكون هي الصورة الدائمة في ذهن القائد، وأن تكون جميع المدارس بنفس هذه الصورة من تميز وقوة وقدرة ونشاط، وأن تعمل المنظومة بهذه الكفاءة، فنحن اليوم نحتفل بأربعة وخمسين عامًا من نهضة التعليم في وطننا الغالي، ولم يعُد التعليم يواجه تلك الصعوبات التي واجهها سابقًا، وعليه فإنِّه لا مجال لأن يُعاني التعليم من إشكاليات الماضي، خاصة وأن الدولة سخَّرت كل ما يُمكن لخدمة هذا القطاع وتبقى الكرة في مضرب الحقل التعليمي ومسؤوليه؛ ليبرهنوا للقائد أنَّ التعليم يسير في الاتجاه الصحيح.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ختام ورشة إعداد الخطة الاستراتيجية 2030 بمشاركة واسعة ورؤية تنموية شاملة بأسوان
شهد المهندس عمرو لاشين، نائب المحافظ، ختام فعاليات ورشة عمل إعداد البرامج والمشروعات الاستراتيجية لمحافظة أسوان، ضمن الإطار العام لإعداد "الخطة الاستراتيجية أسوان 2030"، يأتى ذلك برعاية الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، واللواء دكتور إسماعيل كمال، محافظ أسوان.
جاءت الفعالية بحضور مميز لفريق مشروع الدعم الفني بوزارة التنمية المحلية برئاسة الدكتور محمد فتحي، مدير المشروع، والدكتورة شريفة ماهر، مدير مكون التنمية الاقتصادية المحلية وتطوير نظم العمل بالمشروع، وبمشاركة واسعة من القيادات التنفيذية والشعبية ورؤساء المراكز والمدن، إضافة إلى ممثلي الإدارات المعنية بديوان عام المحافظة ومديريات الخدمات وشركات المرافق، فضلاً عن أعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية.
وخلال كلمته، نقل نائب المحافظ تحيات محافظ أسوان للحضور، مشيداً بالدور الفاعل الذي تقوم به وزارة التنمية المحلية، من خلال مشروع الدعم الفني، في دعم وتعزيز قدرات الكوادر المحلية، بما يسهم في صياغة رؤية تنموية متكاملة تشكل خارطة طريق للمحافظة خلال المرحلة المقبلة. وأكد أهمية مراجعة وتدقيق المشروعات المقترحة لتتوافق مع أولويات واحتياجات المجتمع المحلي، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وضمان المشاركة الفعالة من جميع الجهات المعنية.
كما استعرض الدكتور محمد عفيفي أبرز أنشطة المشروع الجاري تنفيذها بالمحافظة، والرامية إلى تمكين الإدارة المحلية وتعزيز قدراتها، مشيراً إلى إعداد برنامج متكامل للسياحة الريفية وربطه بالأنشطة الزراعية، بما يسهم في خلق فرص عمل محلية مستدامة.
من جانبها، أوضحت الدكتورة شريفة ماهر أن المشروع يتضمن تدخلات متكاملة تدعم الاستراتيجية، من أهمها تطوير منظومة شاملة للمتابعة والتقييم، وربطها بمنظومتي إدارة الأصول والصيانة والتشغيل.
وتضمنت الورشة استعراضاً لما تم إنجازه خلال الورش السابقة، بالإضافة إلى مناقشة الاستمارات التي أعدتها الجهات المختلفة لاقتراح المشروعات، حيث تم طرح مبادرة لإنشاء منصة متخصصة في السياحة البيئية، لتعزيز الترويج السياحي للمحافظة.
كما تم التعريف بالخطة متوسطة الأجل، والتي تشمل 449 مشروعاً تغطي عدة قطاعات رئيسية، منها: السكان والخدمات، الاقتصاد المحلي، التنمية العمرانية، التنمية البيئية، والبنية التحتية.
وشددت المناقشات على أهمية دمج الشباب في إعداد الخطة الاستراتيجية، بما يواكب توجهات الدولة في تمكين الشباب والاستفادة من طاقاتهم، إلى جانب التأكيد على محاور الرصد وقياس الأثر التنموي للمشروعات، وضرورة تتبع أثر الاستثمارات الحكومية في المحافظة.
واختتمت الورشة بالتوافق على إرسال مسودة البرامج والخطة متوسطة الأجل إلى الجهات المعنية للمراجعة، تمهيداً للانتهاء من إعداد "الخطة الاستراتيجية أسوان 2030"، والاستعداد لعقد مؤتمر لإطلاق الاستراتيجية، باعتبارها وثيقة محورية تدعم متخذي القرار والمسؤولين عن التخطيط الاستثماري، بما يحقق التنمية المستدامة ويعود بالنفع المباشر على مواطني محافظة أسوان.