4 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: في اليوم الدولي للمصارف، تتزايد الدعوات لإجراء مراجعة شاملة لأداء المصارف الحكومية والأهلية في العراق، وسط تحديات اقتصادية وتكنولوجية متسارعة تضغط على القطاع المالي العالمي.

ورغم الجهود المعلنة لتطوير النظام المصرفي، تبقى المعضلات الهيكلية وسوء الأداء عائقاً أمام تحقيق قفزة نوعية تنسجم مع تطلعات المواطن العراقي.

تحليل حديث أشار إلى أن الأغلبية العظمى من المصارف، سواء الحكومية أو الأهلية، ما زالت بعيدة عن مواكبة المستجدات التكنولوجية.

وذكر الباحث علي السعدي أن “بيئة العمل في المصارف الحكومية طاردة وغير محفزة، بسبب الروتين والمحسوبيات. يضطر كثير من الشباب إلى تجنب التعامل مع هذه المؤسسات، بحثاً عن خدمات أكثر مرونة وسلاسة”.

في إحدى التغريدات على منصة “إكس”، كتب المواطن حيدر الموسوي: “لماذا أترك أموالي في مصرف يعطلني بالروتين، بينما يمكنني حفظها في المنزل بلا عناء؟”.

واعتبرت هذه التغريدة انعكاساً صريحاً لانعدام الثقة بالنظام المصرفي، وهي مشكلة متجذرة دفعت كثيراً من العراقيين إلى الابتعاد عن استخدام خدمات المصارف.

ووفق معلومات نشرتها مدونة اقتصادية عراقية على فيسبوك، فإن أقل من 20% من المواطنين يعتمدون على المصارف لتسيير حياتهم المالية، فيما تبقى البقية تعتمد على وسائل تقليدية للتوفير والتحويل. وأفادت المدونة بأن هذا الوضع يفاقم المشكلة الاقتصادية، لأن ضعف الإيداع يؤثر على قدرة المصارف على الإقراض وتنشيط الحركة الاستثمارية.

في قصة لزيارة أحد المواطنين إلى مصرف حكومي في بغداد، تحدث أبو سيف، وهو موظف متقاعد، قائلاً: “ذهبت لإيداع مبلغ بسيط، فقضيت ساعتين في انتظار توقيع الموظفين. شعرت أنني أعيش في عصر ما قبل التكنولوجيا”.

هذه الرواية ليست استثناءً، بل تعكس واقعاً يومياً يواجهه الكثيرون، كما أكدها الناشط الاقتصادي أمجد التميمي، الذي دعا إلى ضرورة إعادة هيكلة المصارف بما يجعلها أكثر جذباً وثقة.

وقالت تغريدة أخرى من الباحثة الاقتصادية نور الزبيدي: “بدون إصلاح جذري في التعليمات وتحديث التكنولوجيا، سيبقى العراق في مؤخرة الدول من حيث التطوير المصرفي”.

وأضافت أن الإصلاح يبدأ من الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتأهيل الكوادر البشرية.

في السياق نفسه، قال مصدر سياسي مطلع إن الحكومة تفكر في تقديم حوافز جديدة للمصارف التي تعمل على تطوير خدماتها، مشيراً إلى أن هذه المبادرات قد تشمل إعفاءات ضريبية أو دعم مالي مباشر.

لكن المحلل الاقتصادي سلام عبد اعتبر أن “هذه الحوافز لن تجدي نفعاً إذا لم تُرفق بآليات رقابة صارمة تضمن تنفيذها”.

وفق تحليلات، قد يؤدي استمرار هذا التخلف إلى تفاقم الفجوة بين العراق والدول المجاورة التي خطت خطوات متقدمة في التحول الرقمي للمصارف. ومع ذلك، يبقى الأمل معلقاً على إرادة سياسية قوية ودعم شعبي للإصلاح، لعل المصارف العراقية تجد طريقها إلى المستقبل.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

في قبضة الرواتب.. والمعارضة الكردية تتهم أربيل بتجويع الموظفين

1 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: اشتعل الجدل مجددًا بين الأحزاب الكردية حول سبل معالجة أزمة الرواتب التي يعاني منها موظفو إقليم كردستان، فيما تتصاعد الانتقادات داخل الإقليم وخارجه لما يُوصف بسياسة “الضغط الاقتصادي” المتبادل بين بغداد وأربيل، وسط مخاوف من أن تتحول الخلافات السياسية إلى أداة لفرض الإرادات على حساب معيشة المواطنين.

وأثارت تصريحات متضادة من داخل البيت الكردي تساؤلات حول وحدة الموقف الكردي في مواجهة الحكومة الاتحادية، حيث اتهمت شخصيات من المعارضة حكومة الإقليم باتباع نهج انفرادي في إدارة الملف المالي، وربطت مشروع “حسابي” المصمم لتحويل الرواتب إلى النظام المصرفي، بمحاولات للهيمنة الحزبية وفرض الولاء.

واشتدت الأزمة مع استمرار تأخر تحويل رواتب موظفي الإقليم، الذين يتجاوز عددهم 1.2 مليون شخص، في ظل غياب اتفاق دائم بين بغداد وأربيل حول آليات توزيع الإيرادات النفطية وغير النفطية، بينما اكتفت وزارة المالية الاتحادية بإرسال مبالغ جزئية، ما أبقى الأزمة قائمة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وأكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، محمد عامر ديرشوي، أن هناك محاولات واضحة لتركيع موظفي إقليم كردستان بسبب الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل.

وهاجمت عضو تيار الموقف الوطني المعارض، نور فريق، سياسات حكومة إقليم كردستان، مؤكدةً أنها تنتهج سياسة “تجويع” الشعب الكردي تحت ذريعة الاستقلال الاقتصادي.

وتحدثت مصادر من وزارة المالية في أربيل عن أن الحكومة الاتحادية لم تلتزم بإرسال المستحقات كاملة رغم موافقة الإقليم على تسليم النفط عبر شركة “سومو”، بينما تؤكد بغداد أن حكومة كردستان لم تفِ بجميع تعهداتها وفق قانون الموازنة الاتحادية لعام 2023، الذي أقر إرسال 400 مليار دينار شهريًا بشرط تسليم الإيرادات.

وانفجرت هذه الأزمة في وجه الشارع الكردي، الذي شهد منذ سبتمبر 2023 تظاهرات في السليمانية وحلبجة تطالب بصرف الرواتب المتأخرة ورفض ربطها بالمناكفات السياسية، فيما حذّرت منظمات مجتمع مدني من اتساع رقعة الفقر بعد أن تجاوزت نسبته 30% في بعض مناطق الإقليم، وفق إحصاءات رسمية.

وسجل تاريخ العراق المعاصر حالة مشابهة مطلع عام 2016، حين اتخذت حكومة حيدر العبادي قرارًا بوقف صرف الرواتب لموظفي كردستان بعد فشل الاتفاق على تصدير النفط، ما فاقم الأزمة الاقتصادية التي كان يعيشها العراق وقتذاك نتيجة انهيار أسعار النفط والحرب ضد داعش، وقد استمرت تداعيات القرار لعدة أشهر قبل أن تستأنف التحويلات بشروط جديدة.

وانهالت الانتقادات عبر منصات التواصل، حيث كتب الصحفي الكردي سامان رشيد في تغريدة على منصة “إكس”: “نحن الموظفون لا نعرف لمن نقدم الشكوى.. إلى أربيل التي تتهم بغداد، أم إلى بغداد التي تتهم أربيل؟”، فيما أطلق ناشطون حملة بعنوان #راتبي_حق_مو_منة للمطالبة بفصل الملف المالي عن الحسابات السياسية.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • روسيا: إيران لا تسعى للحصول على سلاح نووي
  • انتحار موظف في وزارة الخارجية ببغداد
  • طلب إحاطة بالنواب حول غياب ترشيد الكهرباء بالمؤسسات الحكومية
  • أزمة مالية تضرب أربيل: سياسات تثير غضب الشارع الكردي
  • جسر غزة في الزعفرانية ينضح شلالات بعد أشهر من افتتاحه
  • أمانة بغداد تنفي اي تصريح لها بشأن مجسّر غزة
  • العراق في الطريق إلى التحوّل المصرفي من النفط إلى رأس المال
  • الرئيس اللبناني في بغداد لتعزيز العلاقات
  • في قبضة الرواتب.. والمعارضة الكردية تتهم أربيل بتجويع الموظفين
  •  ملف الرواتب على طاولة الحل الدستوري.. وبغداد تشترط الالتزام بالموازنة والمحكمة