يتمتع 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون في الضفة الغربية بشبكة المياه الإسرائيلية المتطورة التي توفر المياه بشكل مستمر، على عكس الوضع في المدن الفلسطينية الذي تفاقم مع اشتداد موجات الجفاف الإقليمية وارتفاع درجات الحرارة وفرض الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حكمها العسكري على المنطقة.

تعاني القرى الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من ندرة المياه، حيث تبدو أشجار النخيل فاقدة للحياة والبيوت البلاستيكية فارغة ومهجورة.

اعلان

يقول الفلسطينيون إنهم بالكاد يستطيعون الحصول على ما يكفي من الماء لاستحمام أطفالهم وغسل ملابسهم، ناهيك عن تربية الماشية وزراعة أشجار الفاكهة.

أطفال إسرائيليون يسبحون في بركة في مستوطنة ميفؤوت يريحا اليهودية، في غور الأردن بالقرب من مدينة أريحا الفلسطينية، 11 أغسطس 2023AP Photo

على الجانب الآخر وفي تناقض صارخ، تبدو المستوطنات اليهودية المجاورة وكأنها واحات. فالأزهار البرية تزين التربة، وتسبح الأسماك في برك اصطناعية، كما يستمتع الأطفال بوقتهم في حمامات السباحة.

يعكس الكفاح من أجل الوصول إلى المياه في هذا الشريط من الأرض الخصبة منافسة أوسع للسيطرة على الضفة الغربية التي يعتبرها الفلسطينيون أساس دولتهم التي يأملونها في المستقبل ويرى الإسرائيليون أنها أساسية لحماية حدودهم الشرقية.

أزمة عمرها عقود

تعاني جميع أنحاء الضفة الغربية من شح ومشاكل المياه منذ أن أعطت اتفاقات السلام المؤقتة في التسعينيات لإسرائيل السيطرة على 80% من احتياطيات المياه في الضفة الغربية، ومعظم جوانب الحياة الفلسطينية الأخرى.

كما أنشأت الاتفاقات حكومة فلسطينية محدودة ذات حكم ذاتي، كان من مهامها توفير المياه لمدنها المتضخمة من خلال الاستفادة من الخزانات سريعة النضوب التي تشترك فيها مع إسرائيل، وشراء المياه من الشركة الإسرائيلية التي تديرها الدولة.

تركت هذه الاتفاقيات الفلسطينيين الذين يعيشون في الـ60% المتبقية من الضفة الغربية تحت السيطرة المدنية الإسرائيلية الكاملة عالقين ومعزولين عن شبكات المياه الإسرائيلية والفلسطينية.

كان من المقرر أن تستمر الاتفاقات المؤقتة لمدة خمس سنوات، إلا أنها لا تزال سارية المفعول حتى اليوم.

ماعز يشرب الماء من بئر ارتوازي في مزرعة فلسطينية في قرية الجفتلك في غور الأردن، 7 أغسطس 2023AP Photo

يقول إيال هروفيني، مؤلف تقرير حديث عن أزمة المياه من منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان: "إن كمية المياه التي تضخها إسرائيل لم تتكيف مع احتياجات الفلسطينيين وفي كثير من الحالات لم تتغير منذ السبعينيات. صُممت البنية التحتية لإفادة المستوطنات فقط".

في المقابل، يتمتع 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون في الضفة الغربية بشبكة المياه الإسرائيلية المتطورة التي توفر المياه بشكل مستمر، على عكس الوضع في المدن الفلسطينية الذي تفاقم مع اشتداد موجات الجفاف الإقليمية وارتفاع درجات الحرارة وفرض الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حكمها العسكري على المنطقة.

"مشكلة سياسية"

اتهم وزير المياه الفلسطيني مازن غنيم شركة المياه الوطنية الإسرائيلية بخفض إمدادات المياه إلى مدينتي بيت لحم والخليل الفلسطينيين بنسبة 25% خلال الأسابيع التسعة الماضية. يقول الفلسطينيون في الخليل إن صنابيرهم جفت هذا الصيف لمدة تصل إلى شهر.

يقول غنيم إن قطع المياه الأخير كان "مشكلة سياسية" في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القومية المتطرفة، والتي اتخذت خطاً متشدداً بشكل خاص ضد الفلسطينيين، مضيفاً: "لو كنا مستوطنين ، لكانوا سيحلون هذه المشكلة على الفور".

اعلانجنرال إسرائيلي سابق يشبه الفصل العنصري في الضفة الغربية بألمانيا النازيةمبادرة "الماء مقابل الكهرباء" تجمع بين إسرائيل والإمارات والأردننهاية درامية لمواجهة بين الحيوانين.. نفوق أفعى بعد محاولتها التهام نيص في إسرائيل

من جهتها، وصفت سلطة المياه الإسرائيلية التعطيل الأخير للمدن الفلسطينية بأنه مشكلة فنية ووجهت الأسئلة إلى COGAT، وهي الوكالة الإسرائيلية التي تنسق مع الفلسطينيين في الشؤون المدنية، والتي بدورها نفت أي انخفاض في تدفق المياه وأصرت على أن "الإمداد مستمر وفقاً للاتفاقيات".

في غالبية الضفة الغربية حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة مدنية وأمنية كاملة، لا يستطيع الفلسطينيون حفر أو تعميق الآبار دون تصاريح يصعب الحصول عليها.

منذ عام 2021، هدمت السلطات الإسرائيلية ما يقرب من 160 خزاناً فلسطينياً غير مرخص له وشبكات الصرف الصحي والآبار في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

حوض ماء جاف بالقرب من قرية بردلة الفلسطينية في وادي الأردن، 7 أغسطس 2023AP Photo

كذلك معدل الهدم آخذ في التسارع؛ فخلال النصف الأول من عام 2023، هدمت السلطات الإسرائيلية العدد نفسه تقريباً من منشآت المياه الفلسطينية التي هدمتها في العام الماضي.

في التجمعات الرعوية في شمال غور الأردن، يبلغ استهلاك الفلسطينيين من المياه 26 لتراً في اليوم فقط، وهذا أقل بكثير من الحد الأدنى لمعيار منظمة الصحة العالمية وهو 50-100 لتر، مما يجعلها مصنفة كمنطقة كوارث، وفقاً لمنظمة بتسيلم.

اعلان

في المقابل، قالت المنظمة الحقوقية إن المستوطنين الإسرائيليين يستهلكون ما بين 400 و 700 لتر للفرد في اليوم في المتوسط.

"الزراعة للاستيلاء على الأرض"

لدى إسرائيل الكثير من المياه بفضل شبكة تحلية مياه رائدة عالمياً ومياه الصرف الصحي المُعاد تدويرها، أي أنها لم تعد تعتمد على الاحتياطيات الجوفية بنفس الطريقة التي كانت تعتمد عليها بعد الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب عام 1967.

وتُستخدم شبكة المياه الإسرائيلية ليس فقط لتزويد المستوطنات -التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير قانونية- بالطاقة، ولكن أيضاً لري كروم العنب وبساتين الزيتون في البؤر الاستيطانية اليهودية التي تُبنى بدون تصريح رسمي.

مزارع فلسطيني يعمل في حقله في شمال غور الأردن، الضفة الغربية المحتلة، الأربعاء 9 آب 2023AP Photo

من خلال تمكين البؤر الاستيطانية اليهودية من زراعة الأراضي المتنازع عليها وتصدير النبيذ الفاخر والتمور، توسع إسرائيل سلطتها على الضفة الغربية، بحسب الباحث المناهض للاستيطان درور إتكس الذي يقول: "الزراعة وسيلة أكثر فاعلية للاستيلاء على الأرض من البناء".

ويعتبر إبراهيم صوافطة، عضو المجلس المحلي لقرية بردلة الفلسطينية في شمال الأغوار، أن أكثر من 12 عائلة زراعية غادرت بردلة مؤخراً إلى بلدة شمالية بها المزيد من المياه، في حين تخلى آخرون عن حقولهم مقابل وظائف برواتب أفضل في المزارع المزدهرة في المستوطنات الإسرائيلية.

المصادر الإضافية • أ ب

شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بعد سقوط 50 قتيلا في المواجهات التي اشتعلت بعد اعتقاله.. "قوة الردع الخاصة" تطلق سراح آمر اللواء 444 في سعي نحو اقتصادات صديقة للبيئة.. دول الخليج تستثمر في "الهيدروجين الأخضر" كوقود للمستقبل من غاز مُضرّ إلى سماد للباذنجان.. الدنمارك تفتتح منشأة جديدة لربط غاز ثاني أكسيد الكربون مياه- أزمة / شح الموارد المائية الضفة الغربية إسرائيل مستوطنة يهودية استعمار- احتلال فلسطين اعلاناعلاناعلاناعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إسرائيل الهند حرائق باكستان السعودية ليبيا تكنولوجيا المسيحية طرابلس، ليبيا مواجهات واضطرابات الإسلام Themes My Europeالعالممال وأعمالرياضةGreenNextسفرثقافةفيديوبرامج Servicesمباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Games Job offers from Jobbio عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعونا النشرة الإخبارية Copyright © euronews 2023 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpskiLoaderSearch أهم الأخبار إسرائيل الهند حرائق باكستان السعودية ليبيا My Europe العالم مال وأعمال رياضة Green Next سفر ثقافة فيديو كل البرامج Here we grow: Spain Discover Türkiye Algeria Tomorrow From Qatar أزمة المناخ Destination Dubai Angola 360 Explore Azerbaijan مباشرالنشرة الإخباريةAll viewsنشرة الأخبارجدول زمني الطقسGames English Français Deutsch Italiano Español Português Русский Türkçe Ελληνικά Magyar فارسی العربية Shqip Română ქართული български Srpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الضفة الغربية إسرائيل فلسطين إسرائيل الهند حرائق باكستان السعودية ليبيا تكنولوجيا المسيحية طرابلس ليبيا الإسلام إسرائيل الهند حرائق باكستان السعودية ليبيا المیاه الإسرائیلیة فی الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

مراسل رؤيا: استشهاد فتى فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال في أريحا

استشهاد الفتى محمد بيطار -17 عاما- متأثرا باصابته برصاص الاحتلال 

أفاد مراسل "رؤيا" باستشهاد الفتى محمد بيطار، البالغ من العمر 17 عاما، متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال في مخيم جبر قضاء اريحا.

اقرأ أيضاً : الاحتلال يواصل اقتحام مناطق في الضفة الغربية

وشنت قوات الاحتلال أمس، حملة اقتحامات استهدفت مخيم عقبة جبر جنوب أريحا وأطلقت النار على شابين، أثناء تواجدهما قرب المقبرة الغربية في المخيم.

ومن جهته، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن قوات الاحتلال منعت طواقمه من الوصول إلى المصابين وتقديم الإسعافات اللازمة لهما، قبل اعتقالهما من المكان.

ففي حين، يكثف الاحتلال شن مداهمات المدن والمخيمات الفلسطينية وتنفيذ عمليات اعتقال فلسطينيين من عدة بلدات في الضفة.

ومنذ إطلاق المقاومة معركة طوفان الأقصى وبدء العدوان الإسرائيلي على غزة كثف الاحتلال عملياته العسكرية في الضفة وزاد وتيرة الاقتحامات والمداهمات للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية مخلفا مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • وقوع إصابتين إثر سقوط شظايا صاروخ في محيط كريات شمونة شمال إسرائيل
  • قصف مدفعي إسرائيلي على أحياء رفح الفلسطينية
  • فصائل فلسطينية تستهدف دبابة ميركافا جنوب حي الصبرة بغزة
  • المستوطنون يستولون على مساحات واسعة بالضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته برصاص الاحتلال في الضفة الغربية
  • مراسل رؤيا: استشهاد فتى فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال في أريحا
  • محلل عسكري إسرائيلي يتحدث عن ورقة أخيرة بيد نتنياهو وحكومته في معركة رفح ويحذر من 7 جبهات
  • إصابة فلسطيني جراء اقتحام قوات الاحتلال مناطق في الضفة الغربية
  • إصابة شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في نابلس
  • شهيد وإصابات بين الفلسطينيين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية