قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها التي جاءت بعنوان "نهاية مرحب بها لعائلة حاكمة قاسية" إنه وبعد 13 عاما من كتابة الأطفال شعارات مناهضة للنظام السوري على جدران مدينة درعا في جنوبي سوريا والتي أشعلت شرارة الثورة السورية سقط بشار الأسد وعائلته.

وأضافت في الافتتاحية التي ترجمتها "عربي21"، أن مئات الآلاف من عائلات أولئك الذين قتلهم الأسد أو شوههم أو سجنهم أو اختفوا ستحتفل بنهاية عائلة حكمت بوحشية ونهبت أحد أهم بلدان العالم العربي لأكثر من خمسة عقود.

كما يمثل الانهيار الاستثنائي للنظام لحظة فاصلة في الشرق الأوسط:  فقد كانت سوريا الحليف الأكثر أهمية لكل من روسيا وإيران في المنطقة.

وأشارت إلى أن نهاية الأسد تؤكد التحول في ميزان القوى الإقليمي، حيث تقوض تأثيرها طهران وجماعاتها الوكيلة وضعف نفوذ روسيا.

وقالت الصحيفة إنه منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023، اختلطت اليقينيات القديمة في مختلف أنحاء المنطقة وجرى خلط الأوراق السياسية. ولكن الشرق الأوسط الذي يخرج من حطام العام الماضي من الصراع والمذابح لا يزال غير مؤكد.


وأضافت أن الكثير سوف يعتمد على من يحكم سوريا بعد الأسد. والفائز الواضح الوحيد من الإطاحة بالأسد هو تركيا، التي كانت لفترة طويلة الداعم الرئيسي للمعارضة المسلحة في سوريا. فقد أعادت الدول العربية السنية في الخليج في الفترة الأخيرة الديكتاتور السوري الى الحظيرة العربية.

وبالنسبة لهذه الدول، كما بالنسبة لإسرائيل، فإن احتمال تشكيل حكومة بقيادة إسلامية في دمشق لن يكون موضع ترحيب. وترى الصحيفة أن الحرب الأهلية السورية المنسية استيقظت من جديد نتيجة لتضافر عوامل عدة: فلم يتمكن الأسد من التغلب على مجموعة من الفصائل المعارضة إلا بفضل دعم روسيا وحزب الله اللبناني. وكان سلاح الجو الروسي ومقاتلو حزب الله على الأرض هم الذين حولوا الحرب لصالحه.

ومع حرف انتباه موسكو بسبب غزو أوكرانيا وتدمير حزب الله في الأشهر الأخيرة بسبب الصراع مع إسرائيل، وجدت المعارضة اللحظة المناسبة للضرب، حسب الصحيفة.

وكان جيش النظام منهكا إلى الحد الذي جعل "هيئة تحرير الشام"، وهي الفصيل الأكثر تسليحا وجاهزية من بين الفصائل المتمردة، تسيطر على المدن التي تسيطر عليها الحكومة في غضون أيام قليلة، وتصل إلى العاصمة دمشق. وربما كانت هناك بعض الصفقات، وهي علامة على كيفية انهيار نظام الأسد.

وقالت الصحيفة إنه بالنسبة للعديد من السوريين، كانت هذه لحظة فرح. فقد فتحت المعارضة السجون، وأعادت توحيد الأسر مع أحبائها الذين فقدتهم منذ فترة طويلة في زنزانات التعذيب التابعة للأسد.

وأضافت أنه من بين أكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري فروا من الحرب، يأمل الكثيرون الآن أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم التي يئسوا من رؤيتها مرة أخرى.

وعلقت الصحيفة أن ما سيحدث بعد يعتمد على "هيئة تحرير الشام". وحاولت الجماعة تصوير نفسها على أنها منظمة جهادية متغيرة، وقدم زعيمها أبو محمد الجولاني، الذي كان ذات يوم جزءا من تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، نفسه بأنه رجل دولة.

ووعد بمعاملة الأقليات المسيحية والكردية في سوريا، وحتى الأقلية العلوية التي تنحدر منها عائلة الأسد، بكرامة. ولا يزال كثيرون يخشون أن يحرض الإسلاميون على أعمال انتقامية، حسب الصحيفة.


وفي الوقت الحالي، تحدثت "هيئة تحرير الشام" عن حماية مؤسسات الدولة، ما يشير إلى أنها تريد انتقالا منظما للسلطة. وترى الصحيفة أن سوريا تواجه طريقين محتملين: الأول هو إعادة إشعال الحرب الأهلية، والتي ستأخذ البلاد إلى طريق اليمن وليبيا، الفاشلة والمحطمة منذ فترة طويلة. والثاني هو الاستقرار، وفرصة للتعافي وعودة ملايين اللاجئين المنتشرين في جميع أنحاء العالم إلى ديارهم.

ومن أجل اغتنام فرصة سوريا الأكثر أملا، يجب على أولئك الذين يمكنهم التأثير على الجولاني التأكد من أنه يترك حكم البلاد لإدارة مدنية تعكس الطوائف الدينية العديدة في سوريا. وينبغي أن يسمح ذلك للحكومات العربية والغربية التي تصنف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية بالتعامل مع الحكومة.

وأشارت الصحيفة في ختام افتتاحيتها إلى أن العالم خذل سوريا مرارا وتكرارا، حتى عندما استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية ضد شعبه. والآن لديه أيضا فرصة لمساعدة البلاد لكي تقف على قدميها. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية سوريا الأسد دمشق الجولاني سوريا الأسد دمشق الجولاني صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة تحریر الشام

إقرأ أيضاً:

بين نهاية الحرب وغياب الدولة: تساؤلات مصيرية بعد قمة شرم الشيخ

في أعقاب قمة شرم الشيخ الدولية بشأن قطاع غزة التي حملت عنوان "قمة شرم الشيخ للسلام"، طرح الكثير من المحللين تساؤلات عن ما إذا كانت الحرب على غزة قد انتهت فعلا؟ وعن أسباب القفز على جذور الصراع؟ وأين الدولة الفلسطينية؟ و ما آلية نزع السلاح؟ ما مستقبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؟ محذرين من "سلام سلبي" يتجاهل حقوق الفلسطينيين.

وكانت القمة التي عقدت بمشاركة نحو 20 من قادة العالم، قد شهدت توقيع قادة الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا على وثيقة اتفاق غزة لضمان إنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في القطاع المدمر، فيما أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اعتقاده بأن الاتفاق "الأكبر والأكثر تعقيدا" سيصمد، مؤكدا أن الحرب انتهت.

و في إطار المرحلة الأولى من خطة ترامب أفرجت إسرائيل  عن 1968 أسيرا فلسطينيا بينهم أصحاب مؤبدات وأحكام عالية، مقابل 20 أسيرا إسرائيليا على قيد الحياة أفرجت عنهم المقاومة الفلسطينية، كما تسلم الصليب الأحمر رفات 4 أسرى إسرائيليين من قطاع غزة.

ويعتبر الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن العنوان الأساسي للقمة هو انتهاء الحرب على القطاع، مستندا على الإعلان الأميركي الإسرائيلي في الكنيست والإعلان العربي الدولي في شرم الشيخ عن انتهاء الحرب.

كما أشار مصطفى إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية وقف في الكنيست وأعلن بشكل واضح انتهاء الحرب، في رسالة مباشرة لليمين "المتطرف" والوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الذين عولوا على استئناف الحرب.

ويؤكد على أن غزة تحولت بالنسبة لإسرائيل من قضية إستراتيجية إلى قضية أمنية، وأصبحت بقعة للقفز نحو ما يسمى السلام الإقليمي والشرق الأوسط الجديد.

هل تعود الحرب؟

وفي السياق ذاته، يتوقع أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم فريحات أن الحرب بشكلها الماضي من الإبادة لن تعود، لكنه يحذر من أن هذا لا يعني حدوث سلام واستقرار حقيقي في غزة أو الضفة الغربية.

إعلان

ويشير إلى فرق شاسع بين الإغاثة التي دخلت وبين إعادة الإعمار الفعلية، محذرا من استخدام "النموذج السوري" حيث تم ربط إعادة الإعمار بأهداف سياسية دون تحقيق أي منهما.

من جهته، أشاد مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون بإنهاء الحرب كهدف عاجل بعد تهديد وجودي ليس فقط على غزة بل على القضية الفلسطينية بأكملها.

ويعتبر المدهون القمة نوعا من الضمانة المطلوبة لعدم تجدد الحرب، لكنه يبدي تخوفا من عدم قدرة أميركا أو المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل بالالتزام الكامل.

ويؤكد المدهون على الحاجة العاجلة لأمرين:

ضمان تغيير الحكومة الإسرائيلية "المتطرفة" وحلها بأسرع وقت. تشكيل إدارة وطنية فلسطينية بتوافق فلسطيني عربي.

ويشير إلى أن السلوك العدواني للحكومة الإسرائيلية هو الضمان الوحيد لبقائها، وأن نتنياهو وحكومته يدركون أن توقف الحرب يعني الذهاب إلى سيناريوهات تفكيك الحكومة ومحاسبة أعضائها.

وفيما يتعلق بالقفز على جذور الصراع وغياب الدولة الفلسطينية، يحذر الدكتور فريحات من أن القمة عملت كل شيء إلا التعامل مع جذور الصراع.

ويشير فريحات إلى أن جذور الصراع المتمثلة بالحرية وتقرير المصير للشعب الفلسطيني تم القفز عليها، مصنفا هذا النوع من السلام بـ"السلام السلبي" الذي يتجاهل الجذور الحقيقية للصراع.

ويؤكد الخبير أن المشكلة الكبرى تكمن في ربط كل الحديث بسلام الشرق الأوسط وليس بالدولة الفلسطينية، موضحا أن ترامب يريد التعامل مع السلام الاقتصادي والتطبيع والاتفاقيات الأبراهامية بدلا من الحل السياسي الجذري.

ومن المنظور الأميركي، يؤكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو أن الحرب التقليدية انتهت لأن حماس "هُزمت من المنظور العسكري"، معتبرا ما حدث انتصارا لإسرائيل.

ويتفق جزئيا على ضرورة التعامل مع جذور النزاع، محذرا من أن الصراع سيطفو على السطح مجددا إذا شعر الفلسطينيون بعدم العدالة.

ويوضح فرانكو أن سياسة الولايات المتحدة ترى أن الحديث عن دولة فلسطينية "سابق لأوانه"، مشيرا إلى أن هناك خطوات متعددة يجب تنفيذها قبل الوصول إلى حل الدولتين، ويؤكد أن أميركا لا تعارض حل الدولتين، لكنها تعارض فرضه بشكل سابق لأوانه.

وفي المقابل، يرفض الدكتور فريحات هذا الطرح بشدة، مشيرا إلى أن ترامب "لم ينطق اسم دولة فلسطينية" لا في إدارته الأولى ولا الثانية.

ويطرح فريحات "التحالف السعودي الفرنسي" كبديل شرعي لنهج الإدارة الأميركية، مؤكدا أن هناك زخما دوليا كبيرا لهذا المسار الذي يتعامل فعلا مع قضية الدولة الفلسطينية.

وحول مستقبل حماس، تبرز قضية نزع السلاح كأكبر تحدٍ في المرحلة المقبلة، ويحذر الدكتور فريحات من دخول معضلة "نزع السلاح مقابل مجلس السلام"، معتبرا أن مجلس السلام وصاية واستعمار بجوهره.

ولم تلتزم حماس  بأي شيء يتعلق بالسلاح في الاتفاق، كما يقول فريحات، الذي أكد أن نزع السلاح يتطلب إما أفقا سياسيا بمعنى دولة فلسطينية، أو ستحتفظ القوات بأسلحتها كضمان وحيد.

تخوفات إسرائيلية

ويشير الدكتور مصطفى إلى تخوفات إسرائيلية من العودة إلى منطق ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث تُترك حماس لتعيد بناء نفسها سلطويا وعسكريا وأمنيا خلال فترة الانتقال.

إعلان

ويوضح أن إسرائيل تنظر إلى المرحلة الثانية على أنها معقدة، مع تخوف من أن تؤثر حماس بشكل كبير على منظومة نزع السلاح.

وفي هذا السياق، يرى المدهون أن هناك إدراكا دوليا بأنه لا يمكن تجاوز حماس، وأن الحديث عن السلاح له 3 أبعاد:

البعد الفلسطيني الداخلي. حلف الإسناد العربي. المستوى الدولي مع أميركا.

ويؤكد أن حماس منفتحة ومعنية بضبط الحالة وأن تكون جزءا من الاستقرار.

وفيما يتعلق بخطط الاستيطان والضفة الغربية، يلفت الدكتور مصطفى إلى أن إسرائيل لا تواجه أي لجام لنشاطاتها الاستيطانية في الضفة الغربية، موضحا أن ترامب عمليا أعطى إسرائيل حرية التصرف في الضفة رغم رفضه الضم الرسمي.

ويشير إلى وجود أرضية قانونية إسرائيلية صلبة ضد الدولة الفلسطينية، بما في ذلك قوانين تمنع الاعتراف بقيام دولة فلسطينية وعشرات القوانين التي تعمق السيطرة الاستيطانية.

وفي استشرافه لمستقبل المقاومة، يؤكد الدكتور فريحات على أن المعركة بدأت الآن، معتبرا إياها معركة النضال الوطني الفلسطيني بمرحلة جديدة، ويشير إلى تشكل مناخ دولي كبير على أسس جديدة، حيث تحول الصراع من "قُطري فلسطيني إسرائيلي" إلى صراع على القيم والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • بين نهاية الحرب وغياب الدولة: تساؤلات مصيرية بعد قمة شرم الشيخ
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • ترامب: نشهد نهاية عصر من الإرهاب والخوف.. وأشكر نتنياهو
  • فصل رفعت الأسد وشعبان والجعفري من اتحاد كتاب سوريا
  • غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
  • جدل في سوريا بعد ظهور اسم حافظ الأسد على مئذنة الجامع الأموي بدمشق
  • رفاهية وعزلة تامة.. تفاصيل حياة عائلة الأسد في موسكو
  • واشنطن تايمز: طلب مثير للجدل أطاح بالاتفاق بين سوريا وإسرائيل
  • مارون: دماء الشهداء التي بذلت في 13 تشرين هي التي أوصلت إلى تحرير لبنان
  • سوريا.. ما هو قانون قيصر بعد تصويت الشيوخ الأمريكي على إلغائه؟