هل سيدعم ترامب احتلال إسرائيل لأراض سورية جديدة؟
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
واشنطن- خلال فترة رئاسته الأولى، وتحديدا يوم 25 مارس/آذار 2019، أعلن الرئيس دونالد ترامب اعتراف واشنطن رسميا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وهو ما مثل تغييرا كبيرا عن السياسة التي اتبعها قبله خمسة من الرؤساء الأميركيين، منهم جمهوريون وديمقراطيون، منذ ضم الاحتلال لها بقانون عام 1981.
ورفض الرؤساء رونالد ريغان وجورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما، اعتراف بلادهم بخطوة إسرائيل، واعتبروا مرتفعات الجولان أراضي سورية محتلة يجب على إسرائيل الانسحاب منها بعد مفاوضات سلام مع الدولة السورية.
وكانت إسرائيل قد احتلت مرتفعات الجولان في حرب عام 1967 ثم نظمت "اتفاقية فصل القوات مع سوريا" عام 1974 خطوط التماس السورية الإسرائيلية. إلى أن استغلت سلطات الاحتلال سقوط نظام بشار الأسد، وأعلنت انهيار اتفاقية فصل القوات مع سوريا، وتوغّلت في مناطق جبل الشيخ وأراض سورية أخرى.
وفي مؤتمر صحفي أمس الاثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أحرص على شكر صديقي، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لتلبيته طلبي الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان في 2019".
وبعث ما سبق برسائل سلبية حول تحركات واشنطن المستقبلية، خاصة أنها تأتي قبل ما يقرب من 40 يوما فقط على تنصيب الرئيس الجديد دونالد ترامب.
إعلان ترامب ومستقبل سوريافور سقوط نظام الأسد، غرّد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على منصة إكس قائلا "سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ولا ينبغي أن يكون للولايات المتحدة أية علاقة بها. هذه ليست معركتنا، لندعهم يقتل بعضهم بعضا، يجب ألا نتورط".
ومع صعوبة التنبؤ بما سيقدم عليه ترامب، سيعتمد ذلك بشكل كبير على من سيقترب أكثر من أذن الرئيس ترامب، ولمن سيستمع.
ويذكر توماس واريك، نائب مساعد وزير الخارجية السابق لسياسة مكافحة الإرهاب في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، والخبير بالمجلس الأطلسي، في تقرير له نشره المجلس، أن "هناك أصواتا مختلفة ستتنافس على أذن ترامب؛ سيجادل الجناح الانعزالي بأن الحكومات الأخرى يجب أن تأخذ زمام المبادرة في سوريا ما بعد الحرب".
و"في حين أن هذه الأصوات ليست خاطئة تماما، إلا أن أصواتا أخرى ستذكّر ترامب بأن إضعاف النفوذ الإيراني، ودعم أمن إسرائيل، والسلام في لبنان، هي، بشكل جماعي، أحد أكبر المكاسب التي يمكن أن تأمل إدارة ترامب تحقيقها" على حد قول واريك.
من جانبه، اعتبر السفير ديفيد ماك، نائب وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، أن "التاريخ يعلمنا أن الإسرائيليين بارعون جدا في الاستفادة من الأخطاء الفادحة التي يرتكبها جيرانهم. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إستراتيجيتهم العسكرية دائما إلى السيطرة على الأرض المرتفعة".
وفي حديثه للجزيرة نت، رجح السفير ماك أن "الرئيس المنتخب ترامب سيقبل استيلاء إسرائيليًا آخر على الأراضي السورية. ويمكن له أن يبرر ذلك للرأي العام الأميركي بالقول إن الإسرائيليين يفعلون ذلك لمنع الإرهاب المستقبلي من هذه الأراضي".
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت الأكاديمية وخبيرة الشؤون الخارجية الأميركية عسل أراد، إلى أن الإجراءات الإسرائيلية تتناسب مع ما تقوم به إسرائيل من سلوك يتعارض مع أسس القانون والأعراف الدولية باستمرارها في توسيع الأراضي التي تحتلها بشكل غير قانوني.
إعلانوقالت "هناك بالطبع الاحتلال المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية. وتستغل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الاضطرابات الحالية في سوريا للتوغل أكثر في أراضيها، وهو انتهاك واضح آخر للقانون الدولي وسيادة سوريا".
وأشارت الخبيرة أراد إلى أن "إدارة جو بايدن قدمت غطاء داعما للتوغل الإسرائيلي في سوريا بتبريرها ذلك بأنه عملية مؤقتة بدون شروط أو حدود وتوقيتات محددة. وقد تستمر إدارة ترامب في هذه السياسة. ونظرا لاعترافها بالجولان للإسرائيليين؛ فقد تعترف الإدارة الجديدة بمزيد من الأراضي لإسرائيل".
في الوقت نفسه، تعتقد أراد أنه من الصعب التنبؤ بما ستفعله إدارة ترامب الجديدة، خاصة وأنه دعا الولايات المتحدة إلى البقاء بعيدا عن الشؤون السورية وقال إنه يريد إنهاء الحروب. و"إذا أردنا تصديق هذه التصريحات، فعلى إسرائيل الانسحاب من الأراضي السورية خارج مرتفعات الجولان التي اعترف بها ترامب بالفعل -خلافا للقانون الدولي- كأراض إسرائيلية".
وفي تحليل نشره موقع معهد الشرق الأوسط، أشار الأستاذ بجامعة ميريلاند بول شام، إلى أنه بعدما أيقنت إسرائيل أن دمشق على وشك السقوط في أيدي "المتمردين"، عزّزت من انتشارها العسكري في مرتفعات الجولان. ثم تجاوزت وحدات المشاة والمدرعات الإسرائيلية خطوط فك الاشتباك عام 1974 واحتلت مواقع مهجورة على الجانب السوري من جبل حرمون، "بالإضافة إلى العديد من المواقع الأخرى التي تعتبر ضرورية لتحقيق الاستقرار في السيطرة على المنطقة" كما ذكر الجيش الإسرائيلي.
ورأى الخبير شام، أن إعلان إسرائيل أن قواتها ستنسحب إلى مواقع فض الاشتباك المتفق عليها بمجرد أن تقتنع بوجود عسكري ومدني مستقر في جنوب غرب سوريا وعزمها احترام خطوط عام 1974، قد يستغرق أسابيع أو شهورا على أقل تقدير.
جدير بالذكر أن الحدود مع سوريا كانت أكثر الحدود هدوءا لإسرائيل منذ عام 1974، وخلال أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد.
ويستبعد الخبير بمعهد "بروكينغر" والمسؤول الاستخباري السابق بروس رايدل، أن يظل هذا الوضع هادئا كما كان خلال سنوات حكم حافظ وبشار الأسد الطويلة. ويُرجع رايدل ذلك إلى تصميم قادة المعارضة المسلحة ذات التوجهات الأيديولوجية الإسلامية، والتي تسيطر على الحكم في دمشق حاليا، على أهمية استمرار مواجهة إسرائيل والاستعداد لقتالها.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مرتفعات الجولان دونالد ترامب إلى أن عام 1974
إقرأ أيضاً:
لماذا يستولي جيش الاحتلال على منازل الفلسطينيين في الضفة؟
رام الله- فوجئ، المواطن الفلسطيني حازم التكروري، من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، فجر اليوم الأحد، بقوة إسرائيلية تقتحم منزله بحي الجامعة في المدينة، وتجبره على مغادرته لتستولي عيله وتحوله إلى ثكنة عسكرية.
اضطر التكروري، وفق حديثه للجزيرة نت، ومعه عائلته المكونة من 4 أفراد إلى مغادرة المنزل فورا وتحت التهديد، دون أن يبرز الجيش أي وثيقة تفيد بالاستيلاء على المنزل ودون السماح لهم بأخذ شيء من أمتعتهم، ودون أن يعرفوا متى يستطيعون العودة.
ما جرى مع التكروري يتكرر منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن منذ بدء المواجهة مع إيران الجمعة الماضي، تكثفت هذه السياسة وطالت عشرات المنازل، وفق متابعات وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية.
قوات الاحتلال تحوّل منزل الشهيد باسم التكروري في حي جامعة الخليل إلى ثكنة عسكرية، وتُجبر سكانه على الخروج دون السماح لهم بأخذ ممتلكاتهم. pic.twitter.com/ZkFFQIKdQn
— فلسطين بوست (@PalpostN) June 15, 2025
عمق أراضي السلطةوبينما تزامنت سياسة الاستيلاء على المنازل في الضفة، مع العدوان الإسرائيلي على مدينتي جنين وطولكرم، والمستمرة منذ 21 يناير الماضي، فإن حالة منزل التكروري تكاد تكون الأولى لمنزل فلسطيني في عمق أراضي السلطة الفلسطينية، خارج المدينتين.
إعلانوخلال اليومين الماضيين تداول نشطاء وصحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي عدة صور ومقاطع فيديو منازل تم الاستيلاء عليها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية في أنحاء متفرقة من الضفة.
ويأتي احتلال المنازل في وقت يفرض فيه الاحتلال إغلاقا مشددا على كافة مخيمات وقرى وبلدات ومدن الضفة الغربية، ويمنع التنقل بينها.
قوات الاحتلال تداهم منزلاً وتحوله إلى ثكنة عسكرية في منطقة كروم عاشور بالبلدة القديمة في نابلس. pic.twitter.com/qNvJDY3DBV
— وكالة سند للأنباء – Snd News Agency (@Snd_pal) June 10, 2025
غايات متعددةيرى الكاتب والمحلل السياسي، أحمد أبو الهيجا، أن لسياسة احتلال المنازل هدفين مركزيين: يتمثل الأول في اتخاذ بعضها ثكنات عسكرية بديلا من المعسكرات التي قد تتعرض لقصف إيراني، والآخر إخضاع فلسطينيي الضفة إلى مزيد من الضغط الأمني والاقتصادي.
يشير أبو الهيجا في حديثه للجزيرة نت، إلى اتخاذ منازل قريبة من النقاط العسكرية والمعسكرات، مقرات للجيش، مستشهدا بما جرى غرب مدينة جنين حيث "أخلى الجيش معسكرا قريبا واستولى على بيوت تبعد عنه مئات الأمتار في قرية عربية هي قرية رُمانة المطلة على المعسكر، بحيث لو تعرض المعسكر للقصف يكون الجنود خارجه".
ويضيف أن "إقامة الجنود أصبحت داخل البيوت الفلسطينية على افتراض أنها آمنة، بحيث يتم إخلاؤها من سكانها" موضحا، أن بعض السكان أُبلغوا أن مدة البقاء تصل إلى أسبوعين وقد تستمر أكثر من ذلك.
منزل جديد يقتحمه الاحتلال ويحوله إلى ثكنة عسكرية في منطقة كروم عاشور بالبلدة القديمة بنابلس. pic.twitter.com/TgGyg7iAzE
— Alhadath Newspaper|صحيفة الحدث الفلسطيني (@Alhadath_news1) June 10, 2025
مزيد من الضغطفي الجانب الآخر، يبين الكاتب الفلسطيني، أن احتلال المزيد من المنازل مع تشديد الإغلاقات على الضفة هدفه "زيادة الضغط على الناس" مشيرا إلى "إعاقات مقصودة وغير مبررة لتنقل الشاحنات التجارية بين المحافظات الفلسطينية ومنع دخولها من الأردن".
إعلانوأشار أبو الهيجا إلى أنه ورغم الإغلاق الشامل على الضفة يتمتع الإسرائيليون داخل إسرائيل وفي المستوطنات بحرية الحركة، ما يفند ذريعة حالة الطوارئ كمبرر للإغلاقات.
وتابع، إن الضفة خارج العملية العسكرية الإسرائيلية "وتقييد الحركة وتشديد الخناق كلها إجراءات غير مبررة أمنيا".
ولفت إلى مخالفة الإجراءات الإسرائيلية سواء الإغلاقات أم احتلال المنازل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني اللذين يوفران الحماية للمدنيين وقت الحرب.
بعد طردهم بالقوة…
مصادر اعلامية: جنود إسرائيليون يستولون على منزل عائلة فلسطينية في مدينة الخليل، ويخبرونهم أن المنزل أصبح ثكنة عسكرية للجيش الاسرائيلي. pic.twitter.com/0jMxR1hr62
— وصل بوست (@wasl_post) June 11, 2025
بث الرعبمن جهته يلفت منسق الحملة الشعبية الفلسطينية لمقاومة الجدار جمال جمعة، إلى أن توسيع احتلال المنازل يتزامن مع نشر وحدات جديدة من جيش الاحتلال في الضفة الغربية، لإحكام الحصار على الفلسطينيين، بما في ذلك منع الناس حتى من المشي في الشوارع.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن ما يجري "جزء من الضغط وإحكام القبضة على الناس لإرهابهم ومحاولة ردعهم عن القيام بأي فعل مناهض للاحتلال".
وتحدث عن انعكاسات للإجراءات الإسرائيلية على حياة الناس بما فيها تعطيل مصالحهم "حيث شاهدنا التهافت على محطات المحروقات والمتاجر دون مبرر" مشددا على أن الشعب الفلسطيني غير مستعد لتحمل مزيد من تبعات الاحتلال والظروف الضاغطة.
ووفق بيان لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الجمعة فإن "سلطات الاحتلال أحكمت إغلاق معظم الحواجز والبوابات بكافة أشكالها على الأراضي الفلسطينية" في اعتداء "فادح على الحقوق الأساسية المكفولة للشعب الفلسطيني، لا سيما الحق في التنقل والعلاج".
ووفق نفس المصدر فإن الاحتلال يقطع أوصال الضفة بنحو 900 حاجز، منها نحو 160 بوابة مثبتة على مداخل المناطق الفلسطينية.
إعلان