غوغل تحقق قفزة نوعية في الحوسبة الكمومية بإطلاق “Willow”
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
الثورة نت/..
أعلنت غوغل عن تحقيق خطوة هامة نحو تطوير الكمبيوتر الكمومي، من خلال الكشف عن شريحة Willow الجديدة التي تمثل أقوى شريحة كمومية حتى الآن.
وهذه الشريحة، التي يبلغ حجمها 1.5 بوصة فقط، قادرة على إتمام عمليات حسابية معقدة في 5 دقائق فقط، بينما قد تستغرق العمليات نفسها على أجهزة الكمبيوتر التقليدية نحو 10 سبتلييون سنة (أي 10 مليار مليار سنة)، وهي مدة تتجاوز تاريخ الكون بأسره.
وتتميز Willow في قدرتها على تقليل الأخطاء الحسابية بشكل ملحوظ مع زيادة حجمها، وهو إنجاز كان العلماء يعملون عليه منذ حوالي 30 عاما. وهذا التقدم الكبير في دقة الحسابات يمثل تطورا مهما في مجال الحوسبة الكمومية الذي يواجه تحديات تقنية ضخمة في الوقت الحالي.
وأعلنت غوغل أن الهدف النهائي هو بناء كمبيوتر كمي يمكن للجميع استخدامه في المختبرات والمكاتب وحتى المنازل. ورغم أن الوصول إلى هذه المرحلة لا يزال يتطلب عقدا أو أكثر، إلا أن شركات مثل غوغل وIBM تعمل حاليا على تطوير أجهزة كمبيوتر كمي “تجريبية”، تستهدف مجال البحث والتطوير.
وتتمثل أهمية أجهزة الكمبيوتر الكمومية في قدرتها على تسريع العمليات الحسابية بشكل هائل، ما سيؤدي إلى تحول جذري في العديد من المجالات، مثل الذكاء الاصطناعي وتغير المناخ واكتشاف الأدوية المنقذة للحياة. وعبر استخدام التأثيرات الكمومية، ستكون هذه الأجهزة قادرة على معالجة عدد هائل من البيانات في وقت واحد، ما يجعلها أسرع بكثير من الأجهزة التقليدية.
وتعمل Willow باستخدام 105 كيوبت (وحدات المعلومات الكمومية)، وهو عدد أكبر مقارنة بالشريحة السابقة Sycamore التي أعلنت عنها غوغل في عام 2019، وكانت تحتوي على 53 كيوبت، ثم تطورت إلى 70 كيوبت. وهذه الكيوبتات الكمومية تسمح للكمبيوتر الكمومي بمعالجة البيانات بشكل غير تقليدي.
وعلى الرغم من القوة الهائلة التي تتمتع بها الكيوبتات الكمومية، فإنها عرضة للأخطاء بسبب التأثيرات الدقيقة من المحيط مثل الجسيمات دون الذرية. ومع زيادة عدد الكيوبتات، تزداد أيضا احتمالات حدوث الأخطاء. لذا كان أحد التحديات الرئيسية في هذا المجال هو القدرة على تقليل هذه الأخطاء بشكل فعال.
لكن غوغل أعلنت أنها استطاعت إيجاد طريقة لربط الكيوبت في شريحة Willow بحيث تقل الأخطاء بشكل ملحوظ مع زيادة عددها، كما أنها تستطيع تصحيح الأخطاء في الوقت الفعلي. وهذا الإنجاز يمثل خطوة كبيرة نحو بناء أجهزة كمبيوتر كمومية عملية يمكن استخدامها في تطبيقات حقيقية.
وبينما تعد شريحة Willow تقدما كبيرا، قال البروفيسور وينفريد هينسينغر، مدير مركز ساسيكس لتقنيات الكم، إن Willow لا تزال صغيرة جدا للقيام بحسابات مفيدة في الوقت الحالي. وأضاف أن الحوسبة الكمومية النفعية – التي يتمكن فيها الكمبيوتر الكمومي من حل مشاكل صناعية حقيقية – ستكون ممكنة فقط عند الوصول إلى شريحة تحتوي على ملايين الكيوبتات.
جدير بالذكر أن غوغل ليست الوحيدة في السباق نحو بناء الكمبيوتر الكمومي. فشركة IBM قد طورت أيضا جهاز كمبيوتر كمي يسمى Q System One، وهو متاح للاستخدام من قبل الشركات والباحثين. ورغم هذه المنافسة، تواصل غوغل الابتكار في هذا المجال وتسعى لتحقيق التفوق في بناء أجهزة كمبيوتر كمومية ذات تطبيقات عملية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بقيادة الاردني د.سديم قديسات.. قفزة علمية لتحويل الأورام المستعصية إلى أهداف مكشوفة
في تطوّر علمي واعد قد يُحدث تحوّلًا جذريًا في علاجات السرطان، توصّل فريق بحثي مشترك من جامعتي هارفرد وفلوريدا إلى طريقة جديدة تعتمد على تقنية mRNA لتحفيز الجهاز المناعي ومساعدته على التعرف على الأورام السرطانية المستعصية ومهاجمتها بفعالية.
يقود الفريق الدكتور سديم قديسات، الباحث في علم الوراثة والجينات الخلوية والجزيئية والجنوميات بكلية الطب بجامعة هارفرد، بالتعاون مع د. إلياس سيور، جراح الأعصاب وأخصائي أورام الأطفال بجامعة فلوريدا.
ونُشرت نتائج هذا البحث الريادي في دورية Nature Biomedical Engineering حيث تشير إلى أن كثيرًا من الأورام السرطانية تظل «باردة مناعيًا» لأنها لا تُطلق إشارة الإنذار المبكرة للجهاز المناعي، مما يتيح لها التخفّي والتكاثر دون مقاومة.
«الإنذار الأول» المفقود… الجهاز المناعي لا يتحرك
يعتمد الجهاز المناعي في كشف الخطر على «الإنترفيرون من النوع الأول»، وهو إنذار بيولوجي يصدر عادة عند وجود تهديد. لكن بعض الأورام الذكية تتفادى هذا الإنذار، وتبدو وكأنها خلايا طبيعية، ما يجعل الجهاز المناعي عاجزًا عن التفاعل معها.
وهنا جاءت فكرة الفريق العلمي: ماذا لو تم تحفيز هذا الإنذار صناعيًا؟
التقنية الجديدة: mRNA عام داخل جسيمات نانوية
قام الباحثون بحقن دفعة قصيرة من mRNA عام (غير مخصص لطفرات ورمية بعينها) داخل جسيمات دهنية نانوية (LNP)، والتي بدورها تُفعّل الإنترفيرون من النوع الأول وتُطلق «جرس الإنذار»، مما يدفع الجهاز المناعي للتحرك فورًا.
وما يميّز هذه التقنية أنها لا تحتاج إلى معرفة تفاصيل الطفرات أو خصائص الورم، بل تعتمد على إعادة تشغيل الاستجابة المناعية بشكل عام، وهو ما قد يفتح الباب لعلاج أورام يصعب استهدافها حاليًا.
نتائج مبهرة على عدة أنواع من الأورام
في التجارب ما قبل السريرية، شملت الدراسة نماذج حيوانية لأورام دماغية (مثل الأورام الدبقية)، أورام رئوية، ساركومة عظمية، وميلانوما جلدية. النتائج كانت مشجعة للغاية:
تحولت الأورام المقاومة إلى حسّاسة للعلاج المناعي PD‑1/PD‑L1.
سُجّلت ظاهرة علمية مهمة تُدعى «اتساع الحاتمات» (Epitope Spreading)، وهي قدرة الخلايا المناعية على تعلّم استهداف طيف واسع من مستضدات الورم.
في نماذج سرطان الرئة، استطاع mRNA وحده أن يقلل عدد العُقيدات الورمية ويحسن معدلات البقاء.
مقالات ذات صلةتم توثيق استجابة مناعية قوية عند إعادة تعريض الجسم للورم، مما يشير إلى أن الجهاز المناعي تذكر الورم وتفاعل معه عند عودته.
تجارب أمان على حيوانات أليفة
في خطوة غير معتادة علميًا، شملت التجارب أيضًا كلابًا أليفة مصابة طبيعيًا بأورام دبقية في الدماغ، وهو ما يعكس واقعية التجربة. وخضعت هذه الحيوانات لفحوصات مخبرية شاملة، لم يُلاحظ فيها أي مؤشرات على سمّية عضوية حادة.
ويصرح د. قديسات قائلا:”
«يستطيع السرطان أن يختبئ عندما لا يُدقّ جرس الإنذار الأول. وعندما منحناه دفعة قصيرة بصيغة mRNA بسيطة، حوّلنا أورامًا مقاومة إلى أهداف يستطيع الجهاز المناعي التعرف عليها ومهاجمتها. لقد رأينا كيف يتعامل الجسم مع أورام متنوعة بعد إعادة برمجته، وهذه النتائج تفتح مسارًا عمليًا جديدًا في توسيع العلاج المناعي»، بحسب د. قديسات، المؤلف الأوّل للدراسة، والزميل السريري في مستشفى ماس جنرال برجهام، ومعهد دانا‑فاربر، ومعهد برود التابع لـ MIT وهارفرد.
وبعد هذا النجاح في النماذج الحيوانية، يستعد الفريق العلمي لإطلاق تجارب سريرية بشرية، لاختبار فعالية وأمان النهج الجديد. وإذا أثبت فعاليته على البشر، فإن هذه التقنية قد تغيّر مستقبل العلاج المناعي، خاصةً في الحالات التي تعجز فيها العلاجات الحالية عن تحقيق نتائج.
هذه الدراسة لا تفتح فقط بابًا جديدًا أمام علاج الأورام المقاومة، بل تمثّل نموذجًا ناجحًا للبحث العلمي المشترك بين تخصصات الجينات، علم المناعة، وتكنولوجيا النانو.
وإذا استمرت النتائج الإيجابية، فقد نكون أمام جيل جديد من العلاجات المناعية الذكية التي لا تحتاج إلى معرفة دقيقة بكل تفاصيل الورم، بل تكتفي بإعادة تنشيط آليات الدفاع الطبيعية في الجسم، وجعل السرطان هدفًا مرئيًا بعد أن كان مختفيًا.