بوتيرة متسارعة سبقت في مدة تنفيذها، المدة القصيرة التي استغرقتها عملية السيطرة على السلطة في سوريا، ومباشرة بعد اكتمال خطوطها العامة، نفذ نتنياهو عدوانًا واسعًا وصاعقًا على سوريا في اتجاهين: الأول، عبارة عن توغل بري وتوسعة احتلال أراضٍ، داخل الجنوب الغربي السوري، انطلاقًا من الجولان المحتل، والثاني عبارة عن تنفيذ تدمير واسع وشبه شامل لأغلب قدرات وأسلحة الجيش السوري النوعية الثقيلة والمتوسطة، البرية، والجوية، والبحرية.


صحيح، أنه لم ترتسم صورة واضحة حتى الآن حول أبعاد هذا العدوان «الإسرائيلي» المزدوج على سوريا، لا في توقيت انتهائه، ولا في حدوده الجغرافية، لكن، يمكن القول إن المنطقة دخلت معه، (مع هذا العدوان)، في مسار من التغيير الاستراتيجي والذي قد يكون مفصليًا، من الواضح أن نتنياهو استطاع أن يطلقه عنوة، وحيث يبدو أنه يعمل على فرضه كمنفّذ لمخطط دولي، أمريكي بدرجة أولى، لا يبدو بتاتًا أن هناك أية إمكانية إقليمية واضحة لمقاومته أو لمنعه، أو على الأقل لتأخيره وعرقلته.
هذا العدوان «الإسرائيلي»، والذي بدأ مباشرة بعد نجاح المجموعات السياسية والعسكرية للمعارضة السورية في بسط سيطرتها على الحكم في سوريا، عقب عملية إزاحة نظام الرئيس بشار الأسد، والذي حصل مع عائلته على اللجوء السياسي في روسيا، يمكن الإضاءة عليه عبر نقطتين: عسكرية- ميدانية، واستراتيجية، وذلك على الشكل الآتي:
ميدانيًا: نجحت وحدات العدو في التوغل السريع في شمال وشمال شرق الجولان المحتل، بحيث أصبحت تسيطر على شريط جغرافي يمتد شمالاً بطول ٢٥ كلم انطلاقًا من خط فض الاشتباك في الجولان المحتل بعد حرب ١٩٧٣م، وصولاً إلى محيط بلدة قطنة السورية جنوب غرب دمشق بأقل من ٢٥ كلم، وبعرض بين ٣ و٥ كلم شرقًا، اعتبارًا من مدينة القنيطرة جنوبًا، مرورًا بخان أرنبة ومدينة البعث، فبلدة حضر وبلدة بيت جن وصولاً إلى قطنة شمالاً، وحيث يشكل هذا الشريط فاصلاً جغرافيًا حيويًا بين لبنان وسوريا على كامل الحدود الجنوبية الغربية للأخيرة، نجحت أيضًا وحدات العدو في السيطرة على مرصد جبل الشيخ كأعلى نقطة جغرافية في منطقة الاشتباك التاريخي بين الكيان من جهة وسوريا ولبنان من جهة أخرى.
عسكريًا: استطاعت القوتان الجوية والصاروخية للعدو، وبغياب أية صورة ولو متواضعة أو بسيطة، لأي نوع من أنواع التصدي والدفاع من الداخل السوري، وبفترة قياسية لم تتعد حتى الآن ٣٦ ساعة، تدمير النسبة الأكبر من قدرات وأسلحة الجيش السوري النوعية، الثقيلة والمتوسطة، وعلى كامل الجغرافيا السورية، من جنوب دمشق وصولاً إلى اللاذقية غربًا وإلى القامشلي والحسكة شرقًا، محققة بذلك إزاحة كاملة لقدرات الجيش السوري، والتي كانت في وقت سابق، تفرض ولو بنسبة جزئية، توازنًا معينًا بمواجهة القدرات الضاربة للعدو «الإسرائيلي».
استراتيجيا: بعد أن كانت فرق العدو الضاربة الخمس قد عجزت عن تحقيق أي توغل بري ذي معنى ميداني في جنوب لبنان، وخلال أكثر من شهرين، وبعد أن انصاعت قيادة العدو لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان تنفيذًا للقرار ١٧٠١، وبالتزامن مع تحرك الجماعات المسلحة للسيطرة على الحكم، بعد أن أمنت لهم دعمًا جويًا استباقيًا، استهدفت بفعالية قدرات الجيش السوري وحلفائه، ونقلت «إسرائيل» تركيزها وقدراتها شرقًا، وضربت بعرض الحائط في سوريا، كل قيود ومندرجات القانون الدولي ومؤسساته، ومع استغلالها ما آلت إليه الأوضاع هناك بعد عزل وإبعاد قرار وموقف الجيش العربي السوري.
وعلى مرأى ومسمع ومقربة من السلطة الجديدة في سوريا، والتي كانت منهمكة على ما يبدو في تركيب خطوط سلطاتها الجديدة، ولم تنتبه لعدوان «إسرائيل»، يمكن القول إن الأخيرة مع هذا العدوان، فرضت واقعًا جديدًا لا يمكن تجاوزه، حتى الآن ما هو واضح منه: إنهاء قدرات وإمكانيات الدولة السورية كدولة أولى في مواجهتها تاريخيًا، والتحضير السياسي والميداني والعسكري لإمكانية فرض تقسيم معين لسوريا، لا يبدو في الأفق، أن هناك إمكانية لمنعه والتصدي له.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الجيش يُحبط هجومًا حوثيًا واسعًا في مأرب والمليشيا تتكبد خسائر فادحة

تصدّت القوات الحكومية، فجر الأحد، لهجوم واسع شنّته مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على ناحية حويشان الواقعة ضمن محور جبهة العلم شمال شرقي محافظة مأرب (شمال شرق اليمن)، وألحقت بها خسائر في الأرواح والعتاد.

وأفاد مصدر عسكري لوكالة"خبر"، أن مجاميع حوثية حاولت التقدم من اتجاه منطقة العلم صوب مواقع الجيش في حويشان، في هجوم وُصف بـ"الانتحاري"، غير أن القوات المرابطة هناك أحبطت المحاولة بعد مواجهات عنيفة أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المليشيا، وفرار من تبقى منهم تاركين خلفهم جثث قتلاهم وآلياتهم العسكرية.

وأوضح المصدر أن جثث عناصر المليشيا الحوثية لا تزال متناثرة في المنطقة، في مشهد يعكس حجم الخسائر التي تكبّدتها الجماعة خلال محاولتها الفاشلة لاختراق دفاعات الجيش، مشيرًا إلى أن قوات الجيش استعادت السيطرة الكاملة على الموقع بعد تمشيط محيطه.

ويأتي هذا التصعيد بعد أيام من تحشيدات حوثية كبيرة قادمة من محافظتي البيضاء وصنعاء، دفعت بها المليشيا إلى خطوط التماس في جبهة مأرب، في محاولة منها لإحداث اختراق ميداني يرفع من معنويات مقاتليها المنهارة بفعل الضربات المتوالية التي تلقتها في مختلف الجبهات.

مقالات مشابهة

  • 11 شهيداً و35 جريحاً إثر قصف صهيوني على منزل وسط غزة
  • أسامة شرشر: إسرائيل تسعى للهيمنة.. ومصر تدعو لشرق أوسط خالٍ من النووي
  • مصرع ضابط صهيوني في قطاع غزة
  • استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف صهيوني في خان يونس
  • الجيش يُحبط هجومًا حوثيًا واسعًا في مأرب والمليشيا تتكبد خسائر فادحة
  • إيران.. عدوان صهيوني برعاية أمريكية..
  • انفجار في مصفاة جنوبي إيران إثر عدوان صهيوني
  • عدوان صهيوني جديد على عدد من المحافظات الإيرانية
  • عدوان يتجاوز الخطوط الحمراء .. العدو الصهيوني يهدد أمن الإقليم ورد إيراني يحرك دبلوماسية القوى الكبرى
  • الهيئة العامة للطيران المدني السوري تعلن فتح الأجواء السورية بشكل كامل