الجزيرة نت ترصد بالصور فظائع مطار المزة العسكري بدمشق
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
دمشق- جالت كاميرا الجزيرة نت في مطار المزة العسكري بعد ساعات قليلة من استهدافه بغارات إسرائيلية عنيفة أحدثت أضرارا مادية بالغة، ودمرت عشرات المروحيات والطائرات الحربية، الأحد الماضي.
وفي جولة اصطحبَنا بها عدد من العسكريين التابعين لقوات ردع العدوان تمكنا من معاينة الأضرار التي تعرض لها المطار، وزيارة أقسامه التي تضم مركزا للاعتقال ومستودعا لحبوب الكبتاغون المخدرة.
ولم ينجُ من الاستهداف الإسرائيلي سوى عدد قليل من المروحيات التي تم نقلها إلى المرآب الحربي، وبعض الذخائر، إلى جانب عدد من الصواريخ المخصصة للطائرات المقاتلة من نوع "ميغ" الروسية.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار مقاتل في ردع العدوان يلقّب بأبي جراح، إلى أن الصواريخ المخصصة لطائرة ميغ كانت من الأسلحة التي استعملها النظام في حربه ضد السوريين.
ويعد مطار المزة العسكري، الذي يقع في الجهة الجنوبية الغربية للمركز القديم للعاصمة دمشق، من أبرز المنشآت العسكرية الإستراتيجية التابعة للقوات الجوية بالجيش السوري، وكان يلعب دورا في توزيع الإمدادات العسكرية للنظام السوري خلال السنوات الـ14 الماضية.
وإلى جانب المدرج ومخازن السلاح، يضم المطار مبنيين مكونين من طابق وأقبية كانا يستعملان كمراكز للاعتقال، أحدهما للرجال والآخر للنساء.
إعلانويتألف كل مبنى من 4 مهاجع جماعية ونحو 10 منفردات تعشّش فيها جميعها الرطوبة وتنتشر الأوساخ في كل مكان، وفي المهاجع الجماعية يُحشر السجناء بمساحات ضيقة بالكاد تتسع للنوم، وفي كل مهجع يوجد مرحاض واحد لا يفصل بينه وبين السجناء أي عازل.
أما الزنزانات الانفرادية فمساحتها لا تتجاوز مترين، ولا يوجد فيها مراحيض بل يتم الاستعاضة عنها بعبوات المياه الفارغة التي تُفرغ بين الحين والآخر عند امتلائها. وفي حين تُضاء المهاجع الجماعية لبضع ساعات ليلا، فإن الزنزانات الانفرادية (المنفردات) لا تنار أبدا، وأحيانا يُحشر فيها شخصان أو أكثر.
وتسببت هذه الظروف غير الإنسانية بمعاناة آلاف المعتقلين الذين تم احتجازهم في هذه السجون على مدار العقود الأربعة الماضية، بحسب ما تكشف عشرات المجلدات التي سُجِّلتْ فيها معلومات المعتقلين، والذين يعود تاريخ اعتقال بعضهم إلى الثمانينيات، وتم العثور عليها بعد سيطرة المعارضة السورية على المطار، الاثنين الماضي.
ويسمح اليوم للراغبين بزيارة هذه السجون بمراجعة تلك المجلدات لمعرفة مصير ذويهم من المعتقلين، أو إلقاء نظرة على الأقبية للاطلاع على الظروف غير الإنسانية للاعتقال.
وعثرت المعارضة السورية في المطار على كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون المخدرة معبأة بأكياس النايلون، والتي كانت مُخبّأة في مستودعات سرية، في حين ما تزال عمليات البحث عن كميات أخرى جارية، بحسب أحد مقاتلي المعارضة.
وبدأ المقاتلون بإتلاف هذه الكميات أولا بأول، وقال أحدهم في حديث للجزيرة نت "هذه هي الحبوب التي كان يتهم النظام المعارضة بتوزيعها على المتظاهرين، والآن انكشفت الحقيقة، فالنظام هو من كان يقوم بتوزيع هذه المادة على العالم بأسره".
إعلانوأضاف "إن كل كيس من هذه الأكياس يحتوي على 200 غرام، فلك أن تتخيل كم هي هذه الكميات التي تم العثور عليها".
وكان مطار المزة العسكري تحت إدارة القوات الخاصة وقوات النخبة التابعة للحرس الجمهوري، بالإضافة إلى المخابرات الجوية، التي استخدمته قاعدة للعمليات العسكرية ضد مناطق ريف دمشق التي خرجت عن سيطرة النظام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مطار المزة العسکری
إقرأ أيضاً:
ما وراء تشتيت المعتقلين السياسيين بتونس في سجون بعيدة؟
تونس – تتهم قوى المعارضة في تونس السلطات بمواصلة التضييق على المعتقلين السياسيين، ليس فقط من خلال الأحكام القضائية الثقيلة الصادرة بحقهم فيما تعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، بل عبر ما تصفها بإجراءات انتقامية جديدة تستهدف النيل من معنوياتهم وعائلاتهم ومحاميهم.
ومن بين هذه الإجراءات ما يصفه محامو المعتقلين بـ"التشتيت المتعمد"، إذ تم مؤخرًا نقل عدد من القيادات السياسية المحكومة من سجن المرناقية القريب من العاصمة تونس إلى مؤسسات سجنية داخلية نائية دون إعلام ذويهم أو محاميهم، الأمر الذي عدّته المعارضة "عقوبة نفسية وجسدية مضاعفة".
ووفق شهادات جمعتها الجزيرة نت، فقد شملت عمليات النقل الأخيرة مساجين صدرت بحقهم أحكام ابتدائية في قضايا التآمر، حيث تم ترحيلهم إلى سجون في محافظات بنزرت ونابل وسليانة وجندوبة وغيرها، مما جعل زيارة المحامين والأهالي أكثر صعوبة بالنظر إلى البعد الجغرافي لهذه السجون.
ويبرز من بين هذه القصص ما رواه زعيم جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، شقيق الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي المحكوم عليه بالسجن 18 عاما، والذي نقل مؤخرا إلى سجن برج الرومي في محافظة بنزرت (شمالي البلاد) على بعد نحو 60 كيلومترا من العاصمة.
وقال نجيب الشابي للجزيرة نت إن "زيارة شقيقي عصام في برج الرومي أعادت إلى ذاكرتي ماضيا مؤلما، فقد سجنت في هذا السجن عام 1967 على خلفية محاكمة سياسية، وكان عمر شقيقي حينها 11 عاما حين زارني. أما اليوم فأنا أزوره وهو في السبعين من عمره، في حين بلغت 81 عاما".
وأضاف الشابي أن هذه الحكاية ليست مجرد مأساة عائلية، "بل تعكس تراجيديا وطن يواصل تدمير نفسه من الداخل، وينهش نخبه السياسية والفكرية عبر العقود"، معتبرا أن نقل المساجين هو شكل من أشكال العقاب الذي يستهدف عزيمتهم، كما يحمل أعباء إضافية لأسرهم ومحاميهم.
إعلانوأشار إلى أن حملة الاعتقالات التي انطلقت في فبراير/شباط 2023 وشملت سياسيين ونشطاء وإعلاميين، جاءت في سياق "سياسة أمنية غير مسبوقة" ومحاكمات "انتقامية"، مستنتجا أن السلطة تعتمد سياسة "العزل والإرهاق" للمعارضين داخل السجون.
تواصل السلطات التونسية التنكيل بالمعتقلين/ات السياسيين/ات بنقلهم/ن إلى سجون بعيدة عن مقارّ سكنهم/ن، في خرق لقواعد نيلسون مانديلا، ما يزيد من معاناة العائلات ويكرّس سياسة العقاب الجماعي.#جمعية_تقاطع_من_اجل_الحقوق_والحريات #تونس pic.twitter.com/Cc54RApi25
— Intersection association for rights and freedoms (@Intersectionuno) June 12, 2025
محاكمات سياسيةورأى الشابي أن هذه الإجراءات لا تنفصل عن محاولات تقويض المعارضة، مؤكدا أن نقل المساجين السياسيين إلى مناطق بعيدة لم يكن مجرد قرار إداري روتيني بل هو إجراء مدروس يستهدف تحطيم معنوياتهم وتقييد حقوقهم الأساسية.
كما لم يخف شكوكه بشأن مستقبل مسار المحاكمات، لاسيما أن جلسة النقض لم تحدد بعد، وقال "القضاء التونسي اليوم واقع تحت هيمنة السلطة، وبالتالي فإن القرار بشأن موعد الجلسة لا يعود إليه، بل إلى وزارة العدل والسلطة التنفيذية".
وتابع "لا أستبعد أن تؤيد محكمة الاستئناف الأحكام الابتدائية الثقيلة بحق عشرات من قيادات المعارضة، لأن الغاية من هذه المحاكمات ليست العدالة، بل ترهيب المجتمع وتصفية المعارضين ضمن نظام حكم فردي يقوده الرئيس قيس سعيد".
من جهته، أكد القيادي في حركة النهضة عماد الخميري للجزيرة نت أن "نقل المساجين السياسيين إلى سجون بعيدة يمثل امتدادا لسياسة تنكيل ممنهجة تنتهجها السلطة الحالية للهروب من استحقاقات الحوار الوطني والمطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين".
وقال إن ما يحدث اليوم يعيد إلى الأذهان الممارسات القمعية التي كانت سائدة في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، مشيرا إلى أن نقل المساجين آنذاك إلى مؤسسات سجنية بعيدة عن مقرات سكن ذويهم كان أداة عقابية إضافية ترهق الأسر وتضاعف الألم.
وأضاف أن "الإجراءات العقابية الأخيرة تأتي في إطار مسار سلطوي متكرر، حيث يتم استخدام القضاء والسجون وسيلة لتصفية الحسابات السياسية، مما يتعارض مع الحد الأدنى من المعايير الإنسانية والحقوقية".
وأكد الخميري أن "جبهة الخلاص الوطني"، التي تعد حركة النهضة أحد أبرز مكوناتها، ستواصل تحركاتها الميدانية والاحتجاجات السلمية للمطالبة بإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين، مشددا على أن "استمرار الاستبداد لا يفاقم الأزمة السياسية فقط، بل ينعكس أيضا على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي".
صمت رسميوشهدت العاصمة تونس السبت الماضي وقفة احتجاجية نظمتها جبهة الخلاص وحركة النهضة، رفع خلالها المحتجون شعارات تطالب بالإفراج عن المساجين السياسيين، كما اتهموا منظومة الحكم الحالية بالسعي لتكريس "نظام حكم فردي" وإقصاء المعارضة.
وفي بيان أصدرته يوم 29 مايو/أيار الماضي، قالت المعارضة إن السلطة القائمة "تستخدم القضاء والسجون لتصفية خصومها السياسيين خارج أي إطار دستوري"، ونددت بما سمّته "استمرار التنكيل" بالمعتقلين، داعية إلى وقف هذه السياسات فورا.
إعلانورغم الاتهامات الموجهة إلى وزارة العدل وإدارة السجون، فإن السلطات لم تصدر أي توضيحات بشأن أسباب نقل المساجين أو معايير توزيعهم بين المؤسسات السجنية، مما يثير تساؤلات بشأن الشفافية والإجراءات القانونية المتبعة.
يشار إلى أن العشرات من السياسيين المعارضين من مختلف الأطياف حوكموا ابتدائيا في قضايا التآمر على أمن الدولة أو التخابر مع جهات أجنبية، وتراوحت الأحكام بين 13 و66 عاما، مما تعدّه المعارضة استهدافا سياسيا وتقويضا للحريات العامة في البلاد.