يمانيون:
2025-06-01@17:50:25 GMT

سوريا خارج معادلات الصراع العربي الصهيوني

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

سوريا خارج معادلات الصراع العربي الصهيوني

يمانيون/ تحليل/ عبدالله علي صبري

ونحن نتابع المشهد السوري وما أفضى إليه من تغيير دراماتيكي ومستحق لهذا الشعب العربي، الذي انتظر طويلا ودفع ثمنا كبيرا من أجل هذه اللحظة التاريخية، يتعين أن لا نستعجل كثيرا في تقييم ما حدث واستكناه المستقبل المنظور، لولا أن ثمة مقدمات في مكان ما لا يمكن أن تفضي إلى نتائج معاكسة لما نرجوه ونتمناه.

فبالنسبة لمتابع مهتم بالقضية الفلسطينية، ويعتقد أن المقاومة هي السبيل الأوحد لتحرير فلسطين، فإنه لا يمكنه إغفال حقيقة أن سوريا كانت القلعة الحصينة للمقاومة في فلسطين ولبنان، سواء لناحية الموقف الرسمي السوري، أو لجهة الموقع الجغرافي الجيوستراتيجي.

ومهما حاول المرء أن يحسن الظن، فلا يمكن له أن يقفز على حقيقة أن تحرك الجماعات المسلحة من أدلب إلى حلب، جاء في اليوم الذي دخل فيه اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، بل وربما في الساعة الأولى، وبعد أقل من 20 ساعة على التهديد الذي أطلقه المجرم نتنياهو تجاه الرئيس السابق بشار الأسد، وتحذيره من “اللعب بالنار”.

وبالمثل لا يمكن إغفال أن الكيان الصهيوني استغل الظروف والمستجدات في سوريا، وأقدم -في اليوم التالي للإطاحة بالأسد- على خرق هدنة 1974، واحتلال مناطق جديدة في الجولان وجبل الشيخ والقنيطرة، وكثف من غاراته العدوانية على وسط دمشق وريف دمشق، ورعا وطرطوس ومختلف مواقع الجيش السوري ومقدراته،  فيما لزمت قوات المعارضة المسلحة وإدارة عملياتها العسكرية والسياسية الصمت على هذا الاعتداء الصارخ والمتغير الخطير.

حتى لو تجاوزنا ما سبق، فإن العوامل والقوى الخارجية التي ساعدت على وصول قوات المعارضة إلى دمشق -وبالذات تركيا- كانت ولا تزال على علاقة جيدة بالكيان الصهيوني، ولم يصدر من أنقره والرئيس أردوغان موقف حقيقي ينتصر لدماء غزة ومظلومية شعبها، طوال يوميات طوفان الأقصى.

سيكتب التاريخ أنه بينما كانت غزة تذبح من الوريد إلى الوريد كانت تركيا تتأبط شراً بسوريا، وكان رئيسها “الإسلامي” مشغولاً بتصفية حسابات شخصية مع رئيس عربي كانت قضية فلسطين على رأس ثوابت سياسته الخارجية. وربما لو كان توقيت هذا التحرك مختلفا لكان لنا رأي آخر.

من جهة ثانية، فقد أدى هذا التحرك إلى إغلاق معبر البوكمال، لكن بتعاون القوات الكردية المدعومة أمريكيا، وهذا التخادم الأمريكي التركي ليس هدفه “تحرير الأرض السورية”، بل فصل سوريا عن حزب الله وإيران والمقاومة، في خدمة مكشوفة للمشروع الصهيوني.

لقد احتفل المجرم نتنياهو بسقوط الأسد، وتفاخر بأنه لولا الضربات الإسرائيلية الموجعة لحزب الله في سوريا ولبنان، لما أمكن للمعارضة السورية تحقيق هذا الإنجاز الكبير.

هذه المقدمات وغيرها تجعلنا نقول: إن سوريا قد خرجت من معادلات الصراع العربي الصهيوني، كما خرجت مصر السادات منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وهو ما يعني أن المقاومة كانت خسارتها فادحة جدا، حتى يثبت العكس.

قد تكون سوريا تخلصت من النفوذ الإيراني والهيمنة الروسية، لكنها على طريق اللحاق بالمحور التركي الأمريكي. وقد تكون في طريق العودة لـ”الحضن العربي”، الحضن الذي خذل غزة وفلسطين في موقف هو الأكثر انحطاطا ومهانة للأسف الشديد.

ومع ذلك نرجو لسوريا وشعبها الأمن والاستقرار والازدهار، وأن تخيب توقعاتنا بشأن “الشرق الأوسط” الجديد الذي يتشكل برسم أمريكي، ولا مكان فيه لمن يرفع سبابته في وجه اليهود والصهاينة.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة

يمانيون / تقرير خاص

في تحول جذري يعيد رسم المشهد السياسي السوري، صعد أحمد الشرع إلى رأس السلطة خلفًا لبشار الأسد، بدعم إقليمي ودولي غير مسبوق. هذا التحول لا يمكن عزله عن التغيرات المتسارعة في خارطة النفوذ داخل سوريا، حيث تتقاطع إرادات الولايات المتحدة وإسرائيل مع مصالح تركية وخليجية سعت إلى إنهاء عهد بشار الأسد، والتخلّص من الحضور الإيراني الذي يُنظر إليه كعدو استراتيجي دائم لواشنطن وتل أبيب.

الشرع يظهر اليوم كخيار لإعادة تعويم النظام من بوابة عربية وغربية. غير أن هذا الصعود لا يبدو مستقلاً، بل يأتي في سياق مشروع متكامل يهدف إلى إعادة صياغة النظام السوري على مقاس المصالح الأمريكية-الإسرائيلية، تحت غطاء تفاهمات إقليمية، تركية وخليجية، تزداد وضوحاً.

وفي ظل هذا التموضع الجديد، تبدو سوريا أمام مرحلة دقيقة انتقال ظاهري للسلطة، لكنه في جوهره انتقال من دولة ذات سيادة، إلى كيان سياسي خاضع لتوجيهات الخارج، تحكمه معادلات النفوذ والتي ستقوده رغماً عنه قريباً نحو التطبيع

 الخلفية السياسية لصعود أحمد الشرع
برز اسم أحمد الشرع سريعًا  بعد سنوات من الجمود العسكري والدبلوماسي في سوريا. يشير مراقبون إلى أن صعوده لم يكن وليد الداخل السوري فقط، بل ثمرة مفاوضات طويلة قادتها واشنطن مع تل أبيب، وأنقرة، والرياض، والدوحة، لإعادة هيكلة النظام بطريقة “غير ثورية”، تُنهي سطوة النظام القديم وتحفظ مصالح اللاعبين الكبار.

 الدور الأمريكي – الصهيوني في إدارة التحول
الولايات المتحدة تبنّت دورًا مركزيًا في إدارة الانتقال السياسي، من خلال خطة تضمن الحد من النفوذ الإيراني، وحماية أمن إسرائيل، وفتح الباب لتسوية “مقبولة” دوليًا.
العدو الإسرائيلي ، من جانبه، أبدى ارتياحًا غير معلن تجاه النهج الجديد للشرع، خاصة بعد تسريبات عن وجود قنوات خلفية للتواصل الأمني، وضمانات بعدم المساس بالجولان، بل واحتمال فتح مسارات اقتصادية مستقبلية عبر وساطات خليجية.

الدعم التركي والخليجي .. حسابات النفوذ والاقتصاد
أنقرة، التي ظلت طوال العقد الماضي تحتفظ بدور عسكري واستخباراتي مؤثر شمال سوريا، تعتبر أن صعود الشرع يمثل فرصة لتكريس نفوذها دون صدام مباشر مع دمشق، خصوصًا في ما يتعلق بمسألة “المنطقة الآمنة” وضبط الحدود مع الأكراد.
أما دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، فقد سارعت لإعادة علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دمشق، باعتبار أن النظام الجديد قد يشكّل حاجزًا أمام تمدد المشروع الإيراني في بلاد الشام، مع احتمالات استثمار كبيرة في ملف إعادة الإعمار.

 الموقف الروسي – دعم مشروط وتحفّظ استراتيجي
رغم أن موسكو باركت رسميًا صعود أحمد الشرع وأرسلت رسالة تهنئة من الرئيس بوتين أكد فيها استمرار الدعم الروسي  إلا أن الموقف الفعلي أكثر تعقيدًا. الشرع طلب من موسكو تسليم بشار الأسد وعدد من مساعديه اللاجئين على أراضيها، وهو ما أثار توترًا صامتًا بين الجانبين وفق ’’العربي الجديد’’
موسكو، التي ضمنت قاعدتين عسكريتين دائمتين (طرطوس وحميميم)، ستبقى حريصة على حفظ نفوذها الاستراتيجي، لكنها تراقب بحذر انجراف دمشق نحو واشنطن وتل أبيب.

انعكاسات إقليمية محتملة
انكماش الدور الإيراني  في سوريا نظراً للمتغيرات الداخلية والتي لم تعد تمثل عمقًا استراتيجيًا يمكن أن تعتمد عليه إيران ، ما سيدفعها لإعادة النظر في تموضعها الإقليمي وفي المقابل صعود نفوذ تركيا والخليج ونمو مساحة التفاهم بينها

توازنات جديدة مع إسرائيل عبر واشنطن، تسعى دمشق الجديدة لفرض معادلة “لا حرب ولا مقاومة”، ما يعيد تعريف معادلات الردع في الجبهة الجنوبية.

 سوريا الجديدة على مفترق طرق 
سوريا الشرع  تقف على مفترق طرق، مع وجود محاور متعددة تتنازع التأثير على مستقبلها ، فهي تقف خلف الدعم الأمريكي-الإسرائيلي الذي يهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، وتثبيت (الوضع القائم) الذي يضمن أمن إسرائيل.

الوجود الأمريكي شرق الفرات يعكس اهتمام واشنطن بالسيطرة على مناطق النفط، ودعم قوات “قسد”، وهو ما يشكل حاجزاً بوجه دمشق وحلفائها.

تركيا تغيّر تكتيكها تدريجياً بعد سنوات من دعم المعارضة المسلحة، تنفتح أنقرة تدريجياً على دمشق، بدافع من ملفات اللاجئين، وملف “قسد”.

الخليج (السعودية، الإمارات) عاد بقوة إلى دمشق، في محاولة لتقليص النفوذ الإيراني من داخل النظام نفسه، باستخدام أدوات اقتصادية ودبلوماسية (مثل إعادة سوريا للجامعة العربية).
الرهان الخليجي يقوم على “تعويم النظام مقابل تنازلات”، لكن دون ضمانات بتحقيق تغيير جذري في السياسات السورية.

إلى أين تتجه سوريا؟
السيناريو الأقرب على المدى القصير ، جمود سياسي مستمر، مع بعض الانفتاح العربي التركي التدريجي.
وتقاسم نفوذ فعلي مناطق نفوذ أميركية، إسرائيلية ،روسية، تركية، داخل الأراضي السورية.
تطبيع مشروط، لكنه بطيء ومحدود التأثير بدون إصلاحات داخلية حقيقية.
على المدى البعيد ، سوريا تتحول إلى دولة ذات سيادة شكلية، لكنها عملياً مرهونة لتوازنات إقليمية

مقالات مشابهة

  • سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة
  • السعودية تعلن تقديم دعم مالي مشترك مع قطر للقطاع العام في سوريا
  • وزير الخارجية السعودي يزور دمشق لبحث سبل دعم اقتصاد سوريا
  • الشؤون الاجتماعية تدعو أطفال سوريا للمشاركة في مسابقة البرلمان العربي للطفل
  • قائد قوات سوريا الديمقراطية يكشف عن اتصالات مباشرة مع تركيا
  • عادل عوض: تونس كانت تنظم 480 مهرجانا فنيا قبل الربيع العربي
  • اليابان تقرر رفع عقوبات عن سوريا
  • بعد تجاهل شرط انسحابها.. هل أقر الغرب بدور لروسيا في سوريا؟
  • الأمم المتحدة: ملتزمون بدعم سوريا لتحقيق انتقال سياسي ناجح
  • باراك: طريق الاستثمارات في سوريا بات مفتوحاً