موقع 24:
2025-06-03@11:45:31 GMT

اعتبارات سورية

تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT

اعتبارات سورية

دمشق ليست مجرد مدينة عربية أخرى. لعلها، باعتبار التاريخ، أقدم مدن العرب. ولعلها، باعتبار الجغرافيا، قلب هذه الأمة. ولعلها، باعتبار السياسة الإقليمية العربية، العاصمة الناشز، إن صح التعبير. ولعلها، حسب رأي أطراف في جلسة حوار، المشكلة صاحبة العدد الأكبر من الاعتبارات، إن سمحت دمشق فجعلناها موضوع نقاش.

بالفعل بدأ النقاش، وموضوعه ما وراء وما بعد التطورات الراهنة في سوريا وحولها، بالاتفاق على ضرورة أن يراعي أطراف النقاش اعتبارات بعينها، تكاد تختص بها سوريا، وأن يضعوها في الحسبان. لا يعني هذا ولا يقتضي بالضرورة الاعتراف بأن سوريا استثناء في منظومة الدول عامة والعربية بخاصة، ولكنه يظل بمكانة إقرار بأن سوريا صنيعة امتزاج يكاد يكون فريداً لظروف إقليمية ودولية وطبائع دينية وعرقية وثقافات، خلفتها سلسلة من الغزوات شنت بعضها وشنها عليها البعض الآخر. لكن من بين عديد الاعتبارات التي يجب أن تُؤخذ في الحسبان هناك اعتبارات بعينها صارت في الآونة الأخيرة تضغط بشدة، لتسهم في صنع واقع جديد ليس فقط في سوريا، ولكن أيضاً في الإقليم، وسوريا، كالمتوقع، في قلبه حتى عند التحضير له.
من العدد الكبير لهذه الاعتبارات، اخترنا لإثراء النقاش عدداً صار بالفعل من المتغيرات الأهم المحيطة بتطورات الوضع الراهن في سوريا، نعرضه بإيجاز مناسب فيما يأتي:
*أولاً: لسوريا موقع استراتيجي ومقام معنوي في الإقليم منذ الفتح الإسلامي، وربما من قبله وبالتأكيد من بعده، من خلال طموحات الدولة الأموية وتوسعاتها، وبخاصة في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، وبالتحديد في جنوب إسبانيا، كل منهما، وأقصد الموقع والمقام، رتب على حكام سوريا التزامات، وفرض سلوكيات بعينها، سواء كانت دمشق خاضعة لنفوذ خارجي أوسع أو هي نفسها صاحبة النفوذ.

*ثانياً: يعتقد المحلل القريب من السوريين، وبخاصة من اختلط بهم في الداخل السوري، أو خارجه أن صبر المواطن السوري نفد، أو بدأ ينفد علماً بأن السوري في الأصل إنسان «قلوق» إن صح التعبير. يعتقد المحلل أيضاً أن السوري إذا اعتنق أو تبنى عقيدة اختار جانبها المتطرف أو الأشد تطرفاً، وربما انتهى الأمر بأن تتصف العقيدة فعلاً بالتطرف، وهي في الأصل غير ذلك. يشهد بذلك بعض مراقبي تطور فكر القومية العربية وتاريخ حزب البعث وموقعهما في التاريخ السياسي العربي.
*ثالثاً: تقع التطورات السورية الراهنة، ولوقت قادم، في قلب تطورات قد تأخذ شكل تحولات في النظام الدولي، وبخاصة ما يشير إلى قرب نهاية نظام الهيمنة، والمعروف بنظام القطب الواحد. تتسم المرحلة الراهنة بصفة السيولة الدولية تحت ضغط الجهود الأمريكية المبذولة، لإضعاف القطب الروسي، ومنع الصين من الصعود إلى مرتبة القطب الأول أو حتى الثاني. لا يضير واشنطن بل لعله يفيدها بأن يلتهب الشرق الأوسط ولروسيا نفوذ فيه.
*رابعاً: في الوقت نفسه، ولوقت قادم، تجري استعدادات على صعد متعددة لتأسيس شرق أوسط جديد. بالفعل توقف النشاط، أو كاد يتوقف، في أنحاء النظام الإقليمي العربي، وربما لأجل غير معلوم. لا يمكن تجاهل واقع خروج دول إفريقيا العربية، ومصر واحدة منها، من التفاعلات التي صارت تتصف بالتفاعلات الشرق أوسطية وأطرافها الرئيسية هي: تركيا وإيران وإسرائيل. أما الساحة الرئيسية لإدارة صراع كفيل بإحياء فكرة الشرق أوسطية الجديدة، فلن يجدوا أفضل من سوريا ساحة مناسبة ليجري على أرضها.
*خامساً: بشكل مؤقت، يمكن تحريك قوات المعارضة المسلحة السورية من حلب وإدلب، وتوجيهها نحو دمشق، ولكن بعد نزع صفة الإرهاب عنها. ولا يمكن لأحد غير الولايات المتحدة وبريطانيا محو هذه الصفة عنها، ولا يمكن لدول المنطقة التعامل معها مستقبلاً، إلا إذا صدر المحو من هاتين الدولتين. من المعلوم أيضاً أن الشك في توجهات القادة الجدد تجاه إسرائيل يبقى قائماً بعد توليهم السلطة في دمشق، ولذلك وقع إبلاغ إسرائيل مقدماً بالتزام الزحف الإسلاموي العسكري الشروط التركية والأمريكية بالتوقف عند دمشق، والسماح لها بانتهاز الفرصة، لتعديل حدودها مع سوريا كما فعلت مع غيرها من الدول المشاطرة لها في الحدود.
*سادساً: الكل مدرك أن استقرار الحكم في سوريا يعتمد في الأساس على مدى اطمئنان الأقليات- وهي عديدة كما هو معروف- على مصالحها في ظل حكم أو هيمنة أقلية أو أخرى.
*سابعاً: تحت الضغط الخارجي سوف يتعين على الدول العربية الشقيقة، الاعتراف بالحكومة التي يختارها الثوار، بمساعدة من دول إقليمية متفهمة أو متقبلة الأبعاد الحقيقية لطبيعة وتفاصيل المعارضة. التوقع الغالب هو أن تقوم تركيا بالدور الأكبر في التحضير لهذا الاعتراف مع حكومة دولة عربية أو أكثر.
*ثامناً: لولا الشلل الذي أصيب به النظام الإقليمي العربي، نتيجة سقوط أنظمة حكم عربية الواحد بعد الآخر، أو ربما سقطوا بسبب هذا الشلل، نقول لولا هذا الشلل لما حدث هذا السقوط المريع، وفي قول آخر، السقوط الهزيل أو الهزلي، للنظام السوري. سقوط رغم هزاله أو هزله يفتح الباب أمام تطورات لا تشي مقدماتها بخير يعوض الشعب السوري عن سنوات طويلة من الاستبداد والعنف، ولا تشي بأمل يعوض الفلسطينيين واللبنانيين ومن يستجد من الشعوب العربية، عن حروب إبادة شنتها إسرائيل، أو تستعد لشنها ضدهم وضد غيرهم من الشعوب العربية.
والآن نتمنى أن يكون حظ السوريين أفضل من حظوظ شعوب عربية أخرى، سقطت حكوماتها ولم ينصلح حالها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بن فرحان يلتقي بالرئيس السوري في دمشق.. فيديو

دمشق

التقى صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، اليوم السبت، بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة دمشق، وذلك خلال زيارة رسمية يرافقه فيها وفد اقتصادي سعودي رفيع المستوى.

وضم الوفد الاقتصادي رفيع المستوى، معالي المستشار بالديوان الملكي محمد بن مزيد التويجري، ومعالي نائب وزير المالية عبدالمحسن بن سعد الخلف، ومساعد وزير الاستثمار الدكتور عبدالله بن علي الدبيخي، ووكيل وزارة الخارجية لشؤون الاقتصاد والتنمية عبدالله بن فهد بن زرعة، إلى جانب عدد من المسؤولين من مختلف الجهات الحكومية.

ومن المقرر أن يعقد الوفد جلسة مشاورات موسعة مع الجانب السوري، لبحث سبل العمل المشترك بما يسهم في دعم اقتصاد سوريا، ويعزز من بناء المؤسسات الحكومية فيها، ويحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/05/X2Twitter.com_VydgkQ8gVizUrKcu_720p.mp4

اقرأ أيضاً

وزير الخارجية ووفد اقتصادي رفيع المستوى يصل دمشق في زيارة رسمية

مقالات مشابهة

  • استئناف عملية تبادل الأسرى بين الأمن السوري وقوات قسد
  • وزير النقل السوري يتحدث عن قطار سريع يربط سوريا بدول الخليج ومشروع "مترو دمشق"
  • تركيا تسمح برحلات للطيران السوري
  • مباحثات سورية أردنية لتعزيز التعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات وتوفير مسارات بديلة لشبكات الاتصالات
  • مباحثات سورية قطرية للتعاون في مجالات الاستجابة للطوارئ وبناء القدرات الفنية والبشرية
  • سوريا.. اختفاء سبعة علويين بظروف غامضة في دمشق
  • كيف ستنعكس علاقات الرياض ودمشق على المواطن السوري؟
  • بعد تصدره التريند .. حقيقة وفاة الفنان السوري دريد لحام
  • بن فرحان يلتقي بالرئيس السوري في دمشق.. فيديو
  • وزير الخارجية السوري يستقبل نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مطار دمشق الدولي بعد تغيّر المشهد السياسي في سوريا