خبراء يجيبون لـ "الفجر".. ماذا وراء الاتفاق الصومالي الإثيوبي الأخير؟
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
شهدت الساحة الإفريقية تطورًا لافتًا مع الإعلان عن مصالحة بين إثيوبيا والصومال برعاية تركية، وهو ما أثار تساؤلات واسعة حول الأبعاد الحقيقية لهذه الخطوة ودوافعها، خصوصًا في ظل التوترات المستمرة بين الدولتين، تأتي هذه المصالحة كخطوة محورية قد تسهم في تخفيف التصعيد وإعادة ترتيب المشهد الإقليمي.
بين التأييد والرفض
من جانبه قال المحلل السياسي الصومالي أحمد جيسود، إن الاتفاق الأخير الذي جرى بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركية يثير جدلًا واسعًا على المستويين الشعبي والسياسي.
أضاف جيسود في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن هذا الاتفاق، الذي جاء لتخفيف التوترات الدبلوماسية بين البلدين، يضع الحكومة الصومالية في موقف حرج أمام شعبها، بسبب ما وصفه بـ "التنازلات غير المبررة".
وأشار جيسود إلى أن المحادثات التي استضافتها تركيا ركزت على عدة ملفات، من بينها الاتفاقيات التي أبرمتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال، والتي كانت الحكومة الصومالية تطالب بإلغائها باعتبارها تنتهك سيادة البلاد، إلا أن إثيوبيا لم تتراجع عن موقفها، ولم تقدم أي اعتذار رسمي، وهو ما يعتبر انتصارًا دبلوماسيًا لها، في حين يُنظر إلى الموقف الصومالي على أنه تنازل عن مطالب سابقة.
أكمل جيسود أن أبرز النقاط التي أثارت الاستياء الشعبي هي قبول الحكومة الصومالية بتوقيع اتفاق يمنح إثيوبيا منفذًا بحريًا، مع التعهد باحترام السيادة الصومالية، وبينما ترى الحكومة أن هذه الخطوة جاءت لتعزيز التعاون الاقتصادي، يعتبرها العديد من الصوماليين، خاصة المثقفين، تراجعًا عن المواقف السابقة، حيث كانت الحكومة الصومالية تصر على انسحاب إثيوبيا من الاتفاقيات التي أبرمتها مع أرض الصومال.
أشار إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي نجح في تحقيق هدفه بالحصول على منفذ بحري، وهو ما كان يسعى إليه سواء عبر اتفاق رسمي أو بطرق أخرى، مؤكدًا أن إثيوبيا حققت ما كانت تطمح إليه، وهو ما يعكس نجاحها في إدارة هذه الأزمة الدبلوماسية لمصلحتها.
وأكد المحلل السياسي الصومالي، أن الشارع الصومالي عبّر عن غضبه تجاه الاتفاقية، معتبرًا أنها لا تخدم مصالح البلاد، بل تمنح إثيوبيا مكاسب استراتيجية على حساب السيادة الصومالية، مضيفًا أن هناك انتقادات واسعة للرئيس الصومالي، حيث يرى العديد من المواطنين والمثقفين أنه لم يكن موفقًا في إدارة هذا الملف.
دور مصر كبير
من جانبه أوضح الدكتور رامي زهدي، الخبير في الشؤون الإفريقية، أن الإعلان عن المصالحة بين إثيوبيا والصومال برعاية تركية يثير العديد من التساؤلات حول أبعاد هذه الخطوة وتداعياتها على المستويين الإقليمي والدولي، ورغم الإعلان عن الدور التركي البارز.
أضاف زهدي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن هذه المصالحة لم تكن لتتم دون موافقة مصرية صريحة، بحكم دورها الإقليمي وتأثيرها الكبير في القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أن مصر، بحكم مكانتها الاستراتيجية، تدرك أهمية الاستقرار في القرن الإفريقي، ولا يمكن أن تُجرى ترتيبات بهذا الحجم دون التنسيق معها.
أكمل أن التواجد العسكري المصري في الصومال، الذي جاء بطلب رسمي من الحكومة الصومالية ووفق اتفاقية رسمية بين البلدين، لعب دورًا محوريًا في دفع إثيوبيا لإعادة النظر في سياساتها الإقليمية والسعي إلى المصالحة مع الصومال.
لفت إلى أن النفوذ المصري في الصومال كان عاملًا حاسمًا، خاصة في ظل دعم إثيوبيا لانفصال أرض الصومال خلال السنوات الماضية، ما جعل المصالحة ضرورة لإثيوبيا لمواجهة التحديات الجديدة والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
وتناول زهدي طموحات إثيوبيا للحصول على منفذ بحري، مؤكدًا أن مصر لا تعترض على المبدأ، لكنها ترفض الأساليب التي تحاول إثيوبيا من خلالها تحقيق أهدافها على حساب دول الجوار.
ووصف زهدي التحركات الإثيوبية بأنها تعكس "عقدة إثيوبيا تجاه مصر"، ومحاولتها تجاوز القاهرة في ترتيبات استراتيجية دون مراعاة الحقائق الجغرافية والسياسية للمنطقة، لافتًا إلى أن إثيوبيا تُعرف تاريخيًا بعدم التزامها بالاتفاقيات الدولية، وهو ما يفرض على الصومال والدول الراعية للمصالحة الحذر لضمان تنفيذ الاتفاقيات بشكل عادل يحمي مصالح جميع الأطراف.
نوه بـ أن التوصل إلى اتفاقيات هو الجزء السهل نسبيًا، لكن التحدي يكمن في الالتزام بتنفيذها، مؤكدًا أن التجارب السابقة مع إثيوبيا تثبت أن التنفيذ قد يكون محفوفًا بالعراقيل، مما يتطلب متابعة دقيقة وضمانات من الأطراف الراعية لتثبيت الاتفاقيات.
واختتم الخبير في الشؤون الإفريقية، أن مصر بدورها المحوري في إفريقيا، ستواصل متابعة تطورات المصالحة بين الصومال وإثيوبيا، مع التأكيد على أهمية التزام جميع الأطراف بمبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول، مشيرًا إلى أن النهج المصري الراسخ يركز على تحقيق الاستقرار والتنمية في القارة، مع الاستعداد للتعاون، ولكن دون السماح بأي تحركات قد تهدد المصالح الاستراتيجية المصرية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الصومال أثيوبيا الصومال و إثيوبيا تركيا الحکومة الصومالیة وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد الأحداث الأخيرة.. هل مصر مهددة بزلزال مدمر؟ العلماء يجيبون
في لحظاتٍ خاطفة، يتحول سكون الأرض إلى فوضى عارمة، حيث تنقلب الحياة رأسًا على عقب تحت وطأة الزلازل، فالزلازل ليست مجرد اهتزازات أرضية عابرة، بل أحداث جسيمة قد تترك آثارًا عميقة في النفوس والمجتمعات، وتتسبب في فقدان الأرواح، وتهديم العمران وكسر الأحلام.
ليست خطورة الزلازل محصورة في تدمير المباني والبنية التحتية، بل تمتد لتلامس أعماق الإنسان، وتخترق نسيجه الاجتماعي والنفسي، فخلف كل انهيار هناك قصص لبيوت تحطمت، وعائلات تفككت، وقلوب انكسرت ، إنها لحظات صعبة تختبر إنسانيتنا، وتستدعي فينا مشاعر الخوف، وفي الوقت نفسه تبرز قدرتنا على التضامن والتكاتف في وجه الكوارث.
موقع مصر الجغرافي وعلاقته بالنشاط الزلزاليتقع مصر خارج نطاق الأحزمة الزلزالية النشطة عالميًا، مثل حزام المحيط الهادئ أو الحزام الزلزالي الممتد عبر جبال الألب والهيمالايا، ومع ذلك فإن قرب مصر من مناطق نشطة زلزاليًا مثل خليج العقبة، وخليج السويس، والبحر الأحمر يجعلها عرضة لتأثير بعض الزلازل المتوسطة القوة التي تحدث في تلك المناطق المجاورة.
الهزات الأرضية الأخيرة وتأثيرها على مصرشهدت مصر مؤخرًا شعور المواطنين بعدد من الهزات الأرضية، إلا أن جميع هذه الزلازل كان مصدرها خارج الأراضي المصرية. على سبيل المثال، شعر بعض السكان بهزة أرضية وقعت في ساعات الفجر، كان مركزها في تركيا، وزلزال آخر مصدره جنوب جزيرة كريت الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، وهي منطقة معروفة بكثرة نشاطها الزلزالي، وغالبًا ما تكون مثل هذه الزلازل غير مدمرة لمصر ولا تشكل خطرًا مباشرا على البلاد.
هل يمكن التنبؤ بحدوث الزلازل؟يؤكد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن التنبؤ الدقيق بوقت وقوع الزلازل أمر غير ممكن حتى اليوم، ويُعد النشاط الزلزالي المتكرر في شرق البحر المتوسط ظاهرة طبيعية ترصدها الشبكة القومية للزلازل على مدار الساعة بدقة عالية، مما يساهم في متابعة النشاط الأرضي وتحليله بشكل مستمر.
هل مصر مهددة بزلزال كبير؟يطمئن الخبراء إلى أن مصر تُعد منطقة آمنة نسبيًا من حيث احتمال تعرضها لزلازل مدمرة، مقارنة بالمناطق الواقعة مباشرة على الأحزمة الزلزالية، وبحسب تصريحات سابقة لرئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فإن مصر ليست على مسار مباشر لنشاط زلزالي خطير، ورغم أن السجلات التاريخية تشير إلى إمكانية حدوث نشاط زلزالي قوي في بعض الفترات البعيدة، إلا أن الزلازل التي شعر بها المواطنون في الآونة الأخيرة ليست مؤشرًا على اقتراب كارثة زلزالية كبرى، حيث أن معظمها نتج عن نشاط زلزالي خارجي لا يشكل تهديدًا حقيقيًا على الأراضي المصرية.