بوابة الوفد:
2025-12-12@19:57:09 GMT

جرائم هزت عرش الطفولة

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

«سجدة» 3 سنوات.. عذبها عمها بالكى حتى الموت

 

انتشرت فى الآونة الأخيرة جرائم تعذيب وقتل الأطفال بأبشع الطرق، التى تأبى الوحوش فى البرية أن تفعل مثل هذه الجرائم، ولكن انعدام الوازع الدينى وانحدار الأخلاق وانهيار القيم لدى الكثير، جعل قلوبهم كالحجارة بل أشد قسوة، فعذبوا وقتلوا أطفال أبرياء لا ذنب لهم، ولعل آخرهم كانت الجريمة الأكثر بشاعة كانت من نصيب الطفلة سجدة هذه الطفلة المسكينة التى تعرضت للتعذيب والضرب من عمها وزوجته حتى فارقت الحياة متأثرة بجروحها.

«سجدة» طفلة تبلغ من العمر 3 أعوام لا تعرف فى حياتها الطفولية سوى اللعب كأى طفل فى نفس المرحلة العمرية، ولكنها حرمت من تذوق كل معانى الطفولة، وتجرعت المرار ألواناً هى وأشقاؤها الأربعة، على يد شقيق والدهم..حيث كتب القدر لــ«سجدة» وأخوتها العيش والبقاء مع عمهم بعد وفاة والدهم، انتقلوا للعيش والإقامة مع العم فى مسكنه بمنطقة 6 أكتوبر.. بعد وفاة الأب ظن الجميع أن العم سيكون هو السند لابنة شقيقه الراحل صاحبة الـ٣ سنوات وأشقائها، لعله يحتويهم ويعوضهم عن فقدان وحنان والدهم، ولكن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، تحول العم من السند والمعين لأطفال شقيقه الراحل إلى شيطان لعين لا يعرف قلبه الرحمة هو وزوجته إلا عقاباً لـ«سجدة» وأشقائها.

تجرد العم من كل مشاعر الإنسانية، وارتدى عباءة الشيطان، واستغل أطفال شقيقه المتوفى «أكبر 9 سنوات وأصغرهم الضحية سجدة 3 سنوات» فى تسريحهم فى أعمال التسول والتشرد، لا يعنيه سوى استغلال الطفلة «سجدة» وإخوتها فى استجداء المارة وجمع الأموال حصيلة تسولهم اليومية «شحاتة» دون شفقة أو رحمة، لم تجد الطفلة المسكينة التى تحملت هموم وأوجاع ثقيلة على جسدها النحيف، لم يقدر على حملها غيرها من الكبار، ولكنها مجبرة على ذلك وليس أمامها سبيل هى وإخوتها سوى كسب رضا عمهم وزوجته مقابل البقاء فى كنفهما وعدم إلقائها فى الشارع للكلاب الضالة تنهش لحمهم.

الطفلة حبيبة

تنتهى «سجدة» من يومها فى التسول، تذوب قدماها من السير فى الشوارع تبذل ما فى وسعها لكى تعود إلى عمها بحصيلة أموال ترضيه وتبسط زوجته، حتى تنجو المسكينة من التوبيخ والتعذيب، تعود من يومها الشاق تحضن أشقاءها الصغار يبكون على ما ألم بهم الزمان وفقدانهم والدهم الظهر والسند الحقيقى..تنتظر أن يشفق عليهم عمهم بفتات من الطعام يسد به الأطفال جوعهم..تتوسل للعم وزوجته لعلها تأخذ منهما كلمة عطف تعوضها حنان الأب والأم.. كيف لطفلة فى هذا السن 3 سنوات أن تتحمل هذا القدر من الحسرة والمرار؟ لم ينل الأطفال الأبرياء من عمهم سوى الشقاء والتشرد، لم تنته مراحل قسوة قلب العم على أبناء شقيقه عند حد التوبيخ وسوء المعملة بل امتدت للتعذيب والضرب القاسى وظل يعذب الطفلة سجدة، هذه المسكينة تتلقى منهما (شقيق والدها وزوجته) العديد من الشتائم والضربات المبرحة، لا تمتلك الصغير «سجدة» سوى البكاء والصراخ الطفولى لكى يشفع لها ويتركها عمها ويعتقها من حفلة التعذيب.

«حبيبة» قتلها عمها لسرقة قرطها الذهبى

ذات ليلة حالكة الظلام لم يمر يوم «سجدة» مرور الكرام، بعدما انتهت من عملها الشاق فى التسول والبحث فى الشوارع حتى تعود لعمها بحصيلة أموال ترضى طمعه وجشعه، وحتى تضمن نجاتها من الضرب والتعذيب، وبطبيعة الأطفال جرجرتها مشاعر وحنين الطفولة للعب واللهو، مثل عادة من فى سنها تريد اللعب، فخرجت تلهو أمام المنزل وعندما رآها عمها أمسكها بقوة وكأنها فعلت شيئًا منكرًا!! انهال عليها بالضرب المبرح والتعذيب بالكى فى مناطق حساسة بجسدها بمعاونة زوجته، لم تتحمل «سجدة» هذه المرة حفلة التعذيب القاسية وسقطت من بين يد عمها جثة هامدة، لعل الموت يكون أهون وأرحم عليها من بطش عمها..ولسان حالها يتمتم..فينك يا بابا. سبتنى ليه لهذا المجرم!!؟

وكشفت عمة الضحية «سجدة» فى حديثها لـ«الوفد»، تفاصيل المأساة، موضحة أنه بعد وفاة شقيقها والد الطفلة أخذ المتهم شقيقها الآخر الأطفال الأربعة لتربيتهم ورعايتهم، وقطع علاقته بأهله، ولم يكن هناك أى توصل بينهم غير بالاتصال عبر الهاتف «نسأل عن الأولاد يطمئننا بأنهم بخير»، وكان مانع عنا زيارتهم، ويوم الحادث اتصل بنا أبلغنا أن سجدة فى المستشفى وظلت الطفلة فى المستشفى 20 يوماً تصارع الموت بجسدها النحيل حتى فارقت الحياة، لما تعرضت له من تعذيب بحسب ما جاء فى التقارير الطبية من جروح وحروق وكسور.

 وأضافت أن شقيقها المتهم وزوجته اشتركوا فى التعذيب والقتل، كما أجبروها على التسول للاستيلاء على الأموال التى تجمعها من عطف المارة عليها علاوة على استفادته من أموال الجمعيات الخيرية التى تعطف على الأيتام الأربعة.

 وقالت إن الطفلة تعرضت لاعتداء جسدى عنيف وظهر بالتقرير الطبى وجود جروح وآثار عنف فى مناطق حساسة، وأضافت أن شقيقها المتهم وزوجته، كانا يقومان بوضع الملعقة على النار وبعدها يضعانها فى أماكن مختلفة فى جسد الأطفال، وطالبت بالقصاص العاجل والعادل للطفلة المسكينة حتى تبرد نارهم. 

وكشفت أجهزة وزارة الداخلية ملابسات تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى متضمناً تعدى أحد الأشخاص وزوجته على طفلة بالجيزة، ما أدى إلى وفاتها، نجح رجال المباحث- بناءً على توجيهات اللواء محمد الشرقاوى، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة- فى تحديد مرتكب الواقعة (عم الطفلة– مقيم بدائرة القسم).. وتم ضبطه وأقر بأن الطفلة المذكورة وشقيقيها مقيمون صحبته عقب وفاة أبوهم واعترف بتعديه عليها بالضرب وإحداث ما بها من إصابات بقصد تأديبها لخروجها من المنزل دون استئذان، تم اتخاذ الإجراءات القانونية.. وتولت النيابة العامة التحقيق.

استمراراً لمسلسل العنف ضد الأطفال شهدت من

منطقة حلوان واقعة تعدى زوجة أب على ابنة زوجها طفلة 5 سنوات، وتعرضت الطفلة المسكينة لحفل تعذيب وضرب مبرح على رأسها بعصا خشبية أدت لفقدانها الوعى بشكل كامل وحجزت بالرعاية المركزة، وتم حبس المتهمة.

وفى الدقهلية تجردت ربة منزل من مشاعر الأمومة والإنسانية وتخلصت فى من نجلها البالغ 4 أعوام خنقاً باستخدام إيشارب وكتمت أنفاسه بالوسادة وذلك انتقاماً من أهل زوجها بعد ادعائها تحريضهم له وسوء سلوكه. 

وفى طهطا لقيت الطفلة «حبيبة» مصرعها على يد عمها لسرقة قرطها الذهبى، الذى استدرجها وقتلها وسط الزراعات برباط الحذاء ولم يرحم صراخها، وتم القبض على المتهم.

لقى طفل يدعى «يوسف» 11 عاماً، مصرعه على يد والده، الذى اعترف بأنه جرد نجله من ملابسه وتعدى عليه بالضرب، بسبب أخذه أموالاً من زوجة عمه واللعب بها فى محل ألعاب إلكترونية وتغيبه عن المنزل، وبمجرد عودته تعدى عليه بالضرب حتى فارق الحياة.

«الوفد» تواصلت مع خبراء قانون ومتخصصين فى العلاقات الأسرية وعلماء النفس للبحث والتفتيش وراء انتشار العنف الأسرى والعائلى ورصد أسبابه وكيفية تفاديه وتجنب الوقوع فى مثل هذه الكوارث.

أوضحت الدكتورة نادية جمال استشارى العلاقات الأسرية والإرشاد النفسى أن العنف ضدد الأطفال مؤخراً له أشكال عديدة ومن أسبابه أولاً التنشئة الاجتماعية الخاطئة والمفاهيم الخاطئة أيضاً عن التربية، وتابعت: مفيش ثقافة للأب والأم إنهم يتعاملون مع الأطفال على أساس الاحترام، التربية بالضرب والإهانة وقد يصل الأمر إلى التعذيب والقتل.

وأضافت أن الطفل أصبح مستهدفاً لكل أنواع العنف مع الأسف الشديد، كما أن للظروف الاقتصادية عاملاً مؤثراً، والمشاكل الأسرية سبب آخر لتعرض الطفل للعنف، وخروج الطفل للعمل فى سن مبكر يعرض الطفل للعنف. 

وأكدت استشارى العلاقات الأسرية أن الطفل قد يتعرض لازمة ومشاكل نفسية بعد انفصال والديه والعيش مع زوجة أب أوزوج أم، ولم يستطع طلب الاهتمام أو تلبية احتياجاته الأساسية، لأنه طوال الوقت يشعر بالخوف من العقاب والإهانة والتعذيب فى بعض الحالات وهذا ايضاً عنف ضد الأطفال وقد يصل الأمر للقتل فى بعض الحالة على يد زوج الأم أوزوجة الأب.

وأوضح أيمن محفوظ المحامى بالنقض، أن ظاهرة الأخطر هو العنف ضد الأطفال من الأهليه العنف انتشرت فى كل المجتمعات ولكن أو المجرمين لأهداف تتعلق بالعنف الجسدى، أو التحرش أوتسهيل ارتكاب الجرائم، ومحاولة إخفاء معالمها مثل الاعتداء الجنسى على طفل وبعدها يفكر الجانى بقتل الضحية، أو سرقة الطفل التى تنتهى بمقتله، وأكد أن أسباب جرائم العنف من الجناة ضد الأطفال تتعلق بالمفاهيم المغلوطة عن التربية الصحيحة، للأطفال فنجد آباء وأمهات وأهالى يقتلون أولادهم بهدف التربيه، وأحياناً يكون الدافع للجريمة كما أسلفنا هو التحرش والاعتداء الجنسى على الصغار أوتسهيل ارتكاب جرائم السرقة وتكون النتيجة سقوط الطفل الضحية قتيلاً من أناس من المفترض أنهم حائط الصد لحماية ورعاية الأطفال.

العقوبة

 طبقاً لنصوص قانون العقوبات فى المادة 230 وما تلاها والتى تعاقب القاتل بسبق إصرار وترصد بعقوبة الإعدام وهذا هو الاتجاه الذى سلكته نصوص المواد 267 وما تلاها فى جرائم الاغتصاب وهتك العرض أو جرائم الخطف المقترنة بهتك العرض أو الاغتصاب طبقاً لنص المادة 290 عقوبات حتى إن كان الخطف بالتحايل، فى العقوبة هى الإعدام شنقاً.

«العقوبة ليست كافية»

وأكد رغم أن القانون يحمى الطفولة ويوقع أقصى عقوبات على الجانى إلا أن قسوة العقوبة وحدها ليست كافية لمنع الجرائم الموجهة ضد الأطفال مثل القتل والعنف الجنسى، ولكن علينا أن نبحث عن الأسباب النفسية التى دفعت الجانى إلى ارتكاب مثل تلك الجرائم الوحشية وهى أسباب تتعلق بالبعد عن التعاليم الدينية، والقسوة الجبانة لشخصية الجانى غير المبررة وإهمال الأهل فى رعاية أطفالهم والبحث عن تأديب الصغار بوسائل وحشية.

 وبدأ الشيخ على المطيعى أحد علماء الأزهر الشريف حديثه قائلاً «قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته» كما بين تبارك وتعالى منهج التربية القويمة فى كتابه الكريم ومن خلال سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) الذى بعثه مؤدباً، فأخرج جيلاً من الصحابة الأخيار فنهضوا فى شتى المجالات، وارتقوا إلى أعلى المنازل، فولى الأمر الذى يتولى رعاية الصغار إنما هو مسئول عن بناء شخصيتهم سواء نجله أو نجل شقيقه وبناء هذه الشخصية تكون من خلال تنشئة الصغير على حب الله ورسوله وطاعتهما التى من أجلها استخلف الله الإنسان على هذه الأرض، فعليه تربية الطفل على الآداب بشكل عام سواء الاستئذان وغض البصر، ومساعدة المحتاج والتواضع، وعن جرائم قتل وتعذيب الأطفال فهى تعتبر مستحدثة على مجتمعنا، وهو منها براء وهى ناتجة عن أسباب كثيرة، أهمها البعد عن الدين سواء كان مسلماً أو مسيحياً، والبعد أيضاً عن أساسيات الأخلاق، هذه النماذج خالية من المروءة.

وأكد أن هؤلاء المجرمين إذا أجريت عليهم الدراسة فسيتبين أنهم يتعاطون المسكرات والمخدرات، وخاصة الاعتداء الجنسى على الأطفال، لا ينتج إلا عن تناول المخدرات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جرائم الطفولة الطرق البرية أطفال ضد الأطفال على ید

إقرأ أيضاً:

مختصون: حماية الطفل في البيئة الرقمية مسؤولية تكاملية بين الأسرة والمدرسة

أوضح مختصون أن حماية الطفل في البيئة الرقمية مسؤولية تبدأ من الأسرة، وتتكامل مع المدرسة، وترتكز على وعي نفسي وتربوي عميق، وتؤكد رؤى هؤلاء المختصين في استطلاع أجرته "عُمان" أن الحل لا يكمن في المنع أو التدخل المتأخر، بل يبدأ من بناء علاقة قائمة على الثقة والتواصل، وتطوير مهارات الطفل والأسرة معًا لمواجهة عالم تتقاطع فيه الفرص مع المخاطر.

المحتوى العنيف

قالت فهيمة السعيدية عضوة جمعية الاجتماعيين العمانية: إن الاستخدام الواسع للتقنيات الرقمية دون تنظيم أو وعي يفرض تحديات مباشرة على سلوكيات الأطفال، خصوصًا عند تعرضهم المتكرر لمحتوى عنيف أو متطرف، مشيرة إلى أن هذا النوع من المحتوى ينعكس بوضوح على النمو الاجتماعي والنفسي والأخلاقي؛ إذ يتولد لدى الطفل ميل أكبر لاستخدام العنف اللفظي أو الجسدي في التعامل مع الآخرين باعتباره وسيلة لحل الخلافات أو التعبير عن الغضب.

وبيّنت أن مشاهدة الأطفال المستمرة للمحتوى العنيف تؤدي إلى ارتفاع مظاهر التنمر بأشكاله المختلفة، وإلى تراجع السلوكيات الاجتماعية الإيجابية مثل التعاون والمساعدة والتعاطف، وتنمية النزعات العدائية لديهم؛ حيث إن بعض الأطفال قد يتأثرون بالأفكار المتطرفة التي تظهر في بعض المنصات الرقمية، مما ينعكس على شعور الانتماء الوطني والديني، ويزيد من احتمالية الانخراط في سلوكيات غير مسؤولة أو مهددة للسلامة.

وحول تعرض الأطفال لتنمر إلكتروني، أوضحت السعيدية أنه يمكن رصد ذلك من خلال مجموعة من العلامات النفسية والسلوكية، من بينها القلق المفاجئ، والخوف عند تلقي رسائل على الهاتف، أو إظهار توتر ملحوظ عند اقتراب أحد أفراد الأسرة من الجهاز، وبيّنت أن بعض الأطفال يميلون إلى العزلة والانسحاب الاجتماعي، وقد تظهر عليهم أعراض جسدية كالإرهاق المستمر، وفقدان الشهية، أو آلام البطن والصداع دون سبب طبي واضح. كما أكدت أن التراجع المفاجئ في المستوى الدراسي يعد من المؤشرات المهمة، إذ يلجأ بعض الأطفال إلى التغيب عن المدرسة أو إهمال الواجبات الدراسية بسبب الضغط النفسي الذي يرافق تجربة التنمر الرقمي.

علاقة حوارية

وأشارت إلى أن الأسرة قادرة على بناء علاقة حوارية داعمة من خلال تبنّي أسلوب تواصل إيجابي يتيح للطفل التحدث بأريحية عن تجاربه في الإنترنت، وبيّنت أن مشاركة الوالدين لخبراتهم الرقمية، أو مناقشة المحتوى الذي يفضله الطفل، يعزز ثقته ويجعله يعتبر الأسرة خط الدفاع الأول في حال تعرضه لأي مشكلة، وأن الأنشطة الرقمية المشتركة مثل لعب ألعاب يحبها الطفل أو تصفح مواقع يفضلها تخلق مساحة آمنة للحوار، مضيفة إن إشراك الطفل في وضع قواعد الاستخدام الآمن للأجهزة يرسخ لديه الشعور بالمسؤولية ويقوي العلاقة التواصلية داخل الأسرة.

علامات الخطر الرقمية

أوضح الدكتور سالم بن راشد البوصافي مشرف إرشاد نفسي بتعليمية مسقط أن المدرسة تشكل خط حماية مهمًا بجانب الأسرة، إذ تتعامل مع حالات المحتوى غير الآمن أو التنمر الإلكتروني وفق منهجين متكاملين: الوقائي والعلاجي، مبيّنًا أن المنهج الوقائي يقوم على نشر ثقافة الوعي الرقمي بين الطلبة من خلال الحصص التوجيهية والبرامج الإرشادية والإذاعة المدرسية، بهدف ترسيخ قيم الاحترام والمسؤولية في التفاعل الإلكتروني، وتشجيع الطلبة على الإبلاغ عن أي تجربة ضارة.

وأشار إلى أن المنهج العلاجي يُفعّل فور رصد حالة تنمر، حيث يتم تقييم الوضع من حيث الخطورة النفسية والاجتماعية، وأن الأخصائي النفسي والاجتماعي في المدرسة يقدم الدعم العلاجي للطالب المتعرض للتنمر، من خلال الجلسات الإرشادية الفردية التي تسهم في تعزيز الشعور بالأمان واستعادة التوازن الانفعالي.

وبيّن البوصافي أن الطالب المتسبب في التنمر يخضع لبرامج تهدف إلى تعديل السلوك وتعزيز القدرة على ضبط الذات والانفعالات، إلى جانب رفع وعيه الرقمي وتأكيد احترامه لحقوق الآخرين، كما أن التعاون بين الأسرة والمدرسة يمثل ركيزة أساسية لضمان بيئة رقمية آمنة للطفل، وأن المتابعة المستمرة من الطرفين تعد أحد أهم ضمانات الحماية.

دور الإرشاد الأسري

تشير ابتسام الحبسية أخصائية نفسية بوزارة التنمية الاجتماعية إلى أن التغيرات التي فرضتها الثورة الرقمية دفعت الأسر لمواجهة تحديات غير مسبوقة، حيث لم يعد التعامل مع التكنولوجيا مقتصرًا على المنع أو الرقابة، بل أصبح ضروريًا أن تمتلك الأسرة فهمًا عميقًا لسلوك الطفل في العالم الرقمي، موضحة أن البرامج الإرشادية الحديثة في سلطنة عُمان باتت تركز على التنشئة الرقمية الواعية، وذلك ضمن مبادرة شملت جميع محافظات سلطنة عُمان بهدف تعزيز مهارات الوالدين في التعامل مع البيئة الرقمية.

وأوضحت الحبسية أن ردود فعل الوالدين تجاه سلوك الأبناء الرقمي غالبًا ما تكون نابعة من قلق طبيعي، لذلك يجب أن يتم تدريبهم على تقنيات تساعدهم على التهدئة وإعادة تأطير الموقف قبل معالجة سلوك الطفل، مؤكدة أن هذه المهارات تعزز وجود بيئة أسرية هادئة تقل فيها الصدامات الناتجة عن الغضب أو سوء الفهم.

وبيّنت أن تمكين الأسرة من التفكير التحليلي خلال التعامل مع المحتوى يعد أحد أقوى أدوات الحماية؛ إذ يساعد الوالدين والأبناء على التمييز بين الموثوق والمضلل، ويجب على الأسرة أن تُدرَّب على طرح أسئلة عند مشاهدة أي محتوى، من بينها: هل هذا المصدر موثوق؟ ما هدف الرسالة؟ هل ما يُعرض حقيقي أم مبالغ فيه؟ حيث إن هذه القدرة الذهنية ستسهم في حماية الجميع من الوقوع في التضليل أو الخوف المبالغ فيه.

التواصل الآمن

أوضحت الحبسية أن الأسرة تحتاج إلى قراءة "الإشارات الحمراء" التي قد تدل على تعرض الطفل لمحتوى ضار، لكن الأهم هو توفير قناة تواصل يشعر فيها الطفل بأنه مسموع وآمن، وبيّنت أن أسلوب الحديث هو العامل الفارق، فطرح الأسئلة بلهجة اتهامية يغلق أبواب الحوار، بينما الأسلوب الهادئ يبعث الطمأنينة ويشجع الطفل على الإفصاح.

وأشارت إلى أن التواصل الآمن يُبنى عبر تفاصيل صغيرة لكنها مؤثرة، مثل مشاركة الطفل محتوى يحبه، أو فتح نقاش حول لعبة جديدة، أو المرافقة الهادئة عند ملاحظة سلوك غير معتاد، مؤكدة أن بناء علاقة تقوم على الثقة يبدأ بالحضور العاطفي، بمعنى أن يشعر الطفل بأن والديه قريبان من عالمه الرقمي دون أن يمارسا دور الرقيب الصارم، وبيّنت أن مشاركته في وضع قواعد رقمية مشتركة مثل تحديد أوقات الاستخدام أو مراجعة التطبيقات يجعله شريكًا في القرار، مما يقلل من التوتر والتمرد.

كما أشارت إلى أن لحظة تعرض الطفل لموقف مزعج تعد اختبارًا حقيقيًا للعلاقة، إذ تمثل ردة فعل الوالدين العنصر الحاسم فيما إذا كان الطفل سيحكي أو سيخفي الأمر، وأكدت أن استخدام عبارات مثل "أشكرك على صراحتك" أو "دعنا نتحدث معًا عن كيفية منع تكرار ذلك" كفيل بطمأنة الطفل وتعزيز ثقته.

وبيّنت ابتسام الحبسية أن بناء علاقة تواصل آمنة ليست خطوة واحدة، بل هي ممارسات يومية تتشكل من نبرة لطيفة، وسؤال بسيط، وقواعد واضحة، لتقول للطفل في كل مرة كلمات بمعنى: "أنت محبوب حتى إذا أخطأت".

مقالات مشابهة

  • هند الخالدي.. حكاياتها ملهمة للأجيال
  • مختصون: حماية الطفل في البيئة الرقمية مسؤولية تكاملية بين الأسرة والمدرسة
  • تعليم طهطا ينظم احتفالية كبرى بمناسبة أعياد الطفولة
  • حكم اصطحاب الأطفال لصلاة الجمعة.. الأزهر للفتوى يوضح
  • أفضل طرق لتدفئة الأطفال في برد الشتاء
  • كمادات الأمان.. سر خفض حرارة الأطفال دون مخاطر
  • «مستشفى الجليلة للأطفال» يحتفي بتعافي طفلة من مرض السرطان
  • الطفولة الآمنة.. ندوة بمجمع إعلام مطروح
  • الطفولة والأمومة: نولي اهتماما كبيرا بدعم حق الطفل في الصحة والرعاية المتكاملة
  • الداخلية تضبط عصابة استغلال الأطفال في التسول بالقاهرة