عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: اللغة العربية لغة خالدة تتحدى الزمن وتعبر الحضارات
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
قال الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ورئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، إن اللغة العربية هي أعرق لغات العالم وأكثرها مرونة وقدرة على استيعاب مظاهر التعبير المختلفة، مشيرًا إلى أن تاريخها المسجل يمتد لأكثر من ثمانية عشر قرنًا، متجاوزة بذلك العديد من اللغات الأخرى.
وأوضح الدكتور حسن الشافعي خلال كلمته في احتفالية الأزهر بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، التي ينظمها قطاع المعاهد الأزهريّة، تحت عنوان: "اللغة العربية أصالة وريادة"، أن اللغة العربية أثبتت كفاءتها في استيعاب مظاهر الحضارة وألوان الفكر المختلفة، سواء الشرقية منها كالصينية والفارسية، أو الغربية مثل اليونانية والرومانية، خاصة في حركة الترجمة الكبرى التي شهدها العالم الإسلامي بعد ظهور الإسلام.
وتحدث الدكتور الشافعي، عن ريادة اللغة العربية في المجالات العلمية منذ القدم، مستشهدًا بما قدمته من إنجازات فريدة في علوم النحو والصرف والبلاغة، وذكر أسماء مثل الخليل وسيبويه وابن منظور، الذين أسسوا قواعد هذه اللغة العظيمة، كما أشار إلى دور اللغة العربية في تطوير المعاجم والموسوعات العلمية والفلسفية والتقنية والدينية، التي أثرت في العالم أجمع، مؤكدًا أن الجهد العربي الأخير في إصدار “المعجم التاريخي للغة العربية” يعكس استمرار الريادة اللغوية، حيث وثق تطور مفردات العربية ومعانيها في 127 مجلدًا ضخمًا.
وفي ختام كلمته، أشار رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، أن التحدي الحقيقي للغة العربية اليوم يكمن في ضعف تداولها على ألسنة الأجيال الجديدة، داعيًا إلى تطوير أساليب التعليم وتبسيط قواعد اللغة لإعادة حب الشباب لهذه اللغة العريقة، كما أعرب عن فخره بالشباب الأزهري الذي أظهر براعة في مسابقة “رواد العربية في الإعراب”، مشيدًا بدور الأزهر الشريف على مر العصور في حراسة اللغة العربية وصيانتها، واصفًا الأزهر بأنه موئل هذه اللغة الشريفة خاصة في وقت الأزمات، وأضاف أن الأمل ما يزال معقودًا على الأجيال الأزهرية الجديدة، وفي مقدمتها حفظة القرآن الكريم أن يكونوا سدنة اللغة وحماة البيان.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأزهر الدكتور حسن هيئة كبار العلماء بالأزهر الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر احتفالية الأزهر الازهري الرومانية الحضارات اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
مُتحف عمان عبر الزمان يروي شواهد حيّة على دور عمان في التواصل الحِواري منذ القِدم
يصادف العاشر من يونيو من كل عام اليوم العالمي للحوار بين الحضارات ، ولقد كان لعمان دور بارز منذ القدم في إرساء الحوار بينها وبين الحضارات الأخرى وتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين شعوب العالم القديم، و شكّلت عمان عبر التاريخ جسراً حضارياً بين الشرق والغرب نظراً لموقعها الجغرافي الإستراتيجي عن طريق التجارة البرية والبحرية من خلال تجارتها المزدهرة أو علاقاتها السلمية مع مختلف الحضارات .
ومن خلال المرور بين جنبات متحف عمان عبر الزمان؛ برزت معالم التواصل الحواري بين عمان والحضارات الأخرى في كل العصور من خلال شواهد حيّة سطرها أجدادنا القدامى ، وسنذكر دور عمان قديماً في التواصل الحواري خلال العصر البرونزي والعصر الحديدي والعصر الأسلامي ، من خلال تسلسل تاريخي من مجان القديمة إلى عُمان الحاضرة .
"حضارة مجان والعصر البرونزي".
عاش الإنسان العماني في العصر البرونزي في مستوطنات منظمة على الساحل وفي داخل البلاد، وشيّدوا مدافن وأبراجاً ضخمة، وكانوا حرفيين مهرة وعملوا على صهر النحاس والتجارة والزراعة، وكانت سفن مجان تبحر عبر مايعرف حالياً ببحر عمان والخليج العربي حاملةً النحاس والأحجار القيِّمة إلى دلمون وبلاد الرافدين، وفي المقابل إستوردت مجان مقابل النحاس الفضة والزيوت والحبوب والمصنوعات الجلدية وقد كان لنحاس عمان سمعة طيبة في أسواق بلاد الرافدين نظراً لجودته العالية ومتانته ، وكان أسطول مجان هو الوسيلة الوحيدة بنقل حضارات مينا وبابل وسوسة إلى الهند، مما أدى إلى فتح المجال للتواصل الحواري والثقافي بين البشر.
" سمهرم وكنز اللبان العماني "
اشتهرت سمهرم بصفتها ميناء ومركزا تجاريا عالميا؛ حيث يصدر منها اللبان القادم من وادي دوكة والمناطق المجاورة له إلى مختلف أنحاء العالم القديم ، واستخدم الفراعنة اللبان العماني في العلاج الشعبي وتحنيط الأموات والشعائر الجنائزية نظراً لجودته و قيمته العالية مما جعله وسيلة غير مباشرة للحوارالحضاري بين الشعوب.
وقد عثر على إناء أثري زجاجي مستورد من روما في منطقة سلّوت الأثرية ، و على إبريق مستورد من بلاد الرافدين بين القرنين الأول والثاني الميلادي.
امتدت الشبكة التجارية لعُمان في العصور القديمة لتصل إلى حضارات الشرق الأقصى، والمحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، مما جعلها مركزًا تجاريًا حيويًا يربط بين الشرق والغرب. وقد صدّرت الموانئ العُمانية في ذلك الوقت سلعًا متعددة، أبرزها اللبان والتمور، إضافة إلى المنسوجات، وصبغة الأرجوان، واللؤلؤ، وغيرها من المنتجات الثمينة. أما وارداتها فشملت الفخار، والزجاج، والأخشاب، والزيوت، والحرير.
"إعتناق الإسلام في عمان ونشره في أفريقيا"
خلال القرون الأولى لظهور الإسلام، لعب العُمانيون دورًا بارزًا في تعزيز التواصل بين الحضارات، مستفيدين من مهاراتهم الملاحية المتطورة التي مكنتهم من الإبحار إلى سواحل شرق إفريقيا، والهند، والصين. ولم تكن رحلاتهم مجرد تحركات تجارية، بل كانت جسورًا للحوار الثقافي والديني، حيث حمل العُمانيون معهم ثقافتهم العربية ومعتقداتهم الإسلامية، وأسهموا في إنشاء تجمعات سكانية صغيرة ذات طابع حضاري مميز في تلك المناطق.
وقد وثّق كل من الرحالة ابن بطوطة وماركو بولو مشاهداتهم للتجار العُمانيين، مشيرين إلى تنقلهم الواسع بين موانئ العالم، حاملين معهم من عُمان اللؤلؤ واللبان والتمور والأسماك والخيول، ومستوردين من الصين الخزف والحرير، ومن الهند الأخشاب والتوابل، ومن إفريقيا العاج وسلعًا نادرة أخرى. لقد كانت هذه الحركة التجارية في جوهرها وسيلة فعّالة للتبادل الثقافي، ساهمت في ترسيخ الحوار بين الشعوب وتعميق الفهم المتبادل بين الحضارات.
وقد تميزت الإدارة العُمانية للتعاملات التجارية بتنظيم متقدم، وفّرت من خلاله بيئة آمنة ومنفتحة للتجار، تضمن حرية التنقل وممارسة الشعائر الدينية. كما فُرضت ضرائب على الصادرات ورسوم على السفن الراسية في الموانئ، وتم اعتماد أنظمة دقيقة لتسجيل الشحنات وأوزانها، إلى جانب استخدام الأختام كعلامات تجارية تُثبت هوية البضائع ومصدرها. لقد عكست هذه الإجراءات نضج الفكر التجاري العُماني وحرصه.