نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، اليوم الأربعاء 18 ديسمبر 2024 ، تحقيقا مفصلا عن محور نتساريم الذين يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه ، والذي يتضمن شاهدات مروعة لاستخدام القوة المفرطة في إعدام الفلسطينيين بدم بارد.

ويتضمن التقرير شهادات مروعة عن استخدام مفرط وغبر مبرر للقوة في إطار حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، منها إطلاق صواريخ من مروحيات على مدنيين، وترك الجثث لنهش الكلاب، ومعاملة مهينة للناجين، في مشهد يعكس انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، فيما يصنف الاحتلال كل شهيد فلسطيني كـ"مخرب"، بغض النظر عن كونه غير مسلح، أو حتى إن كان طفلا.

يركز التحقيق على ممارسات الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم وسط قطاع غزة، حيث يستهدف جنود الاحتلال كل من يقترب من المنطقة، أو يعبر "خطًا وهميًا"، بات يعرف بين الجنود والقادة بـ"خط الجثث".


 

ووفقًا لشهادات ميدانية من ضباط وجنود خدموا خلال الأشهر الأخيرة في المحور الذي أقامه جيش الاحتلال لفصل شمالي قطاع غزة عن جنوبه، يتم تصنيف كل فلسطيني يُعدَم في تلك المنطقة على أنه "مخرب"، حتى وإن كان طفلًا أو مدنيًا أعزلا.

وأوضح التحقيق أن هذا الخط، الذي لا يظهر على أي خريطة ولم يرد في أي أوامر عسكرية رسمية، يُعرف بين وحدات الجيش كمنطقة قتل مفتوحة. ووصف أحد القادة في الفرقة 252 الوضع قائلًا: "بعد إطلاق النار، تبقى الجثث دون أن تُجمع، مما يجذب الكلاب التي تنهشها".

وتابع "في غزة، أصبح السكان يعرفون أن وجود الكلاب يعني وجود جثث".

ويمتد محور نتساريم على طول سبعة كيلومترات، بين السياج الأمني الذي يفصل القطاع عن مناطق 48 في محاذاة كيبوتس "بئيري" والساحل. علما بأن المنطقة المحيطة به أُخليت بالكامل من السكان ودُمرت منازلهم لتتحول المنطقة إلى قاعدة عسكرية للاحتلال.

ووفقا للتقرير، فإن الجيش الإسرائيلي يمنع رسميًا دخول الفلسطينيين إلى المنطقة، لكن عمليًا، من يدخلها يُعتبر هدفًا مشروعًا. وقال أحد الضباط: "القادة الميدانيون وصفوا المنطقة بأنها 'منطقة قتل'، حيث يجب إطلاق النار على كل من يدخلها دون أي استثناء".

واستعرضت الصحيفة شهادات عديدة حول استهداف مدنيين، بينهم أطفال، وحتى أشخاص يحملون أعلامًا بيضاء، تُظهر كيفية التعامل مع الفلسطينيين في غزة.

في إحدى الشاهدات، تحدث جندي عن إطلاق النار على فتى فلسطيني يبلغ من العمر 16 عامًا، مشددا على أنه كان أعزلا.

وعندما اعترض أحد الجنود قائلًا إن "الفتى غير مسلح"، رد قائد الكتيبة قائلًا إن "كل من يعبر الخط هو مخرب. لا استثناءات، لا يوجد مدنيون هنا"؛ لاحقًا، تم تصوير الجثة وإرسالها إلى الاستخبارات العسكرية للتحقق من هويته، وتبين أنه لم يكن له أي صلة بأي "نشاط مسلح".

ومن بين الشهادات رواية أحد الجنود عن استهداف مجموعة من الفلسطينيين غير المسلحين كانوا يحملون علمًا أبيض ويلوحون به للطائرة المسيرة التي كانت ترصدهم؛ ومع ذلك، صدرت أوامر بإطلاق النار عليهم.

وقال الجندي إن "أحد القادة أشار إلى العلم الأبيض قائلًا إنه مؤشر على أنهم مدنيون، لكن القائد الأعلى قال: 'لا أريد أن أسمع عن علم أبيض، أطلق النار'"؛ ورغم محاولات القادة الميدانيين الاعتراض، قوبلوا بالتوبيخ ووُصفوا بالجبن.

وفي حادثة أخرى، تم استهداف أربعة فلسطينيين كانوا يسيرون بالقرب من المحور. الجندي الذي كان في الموقع قال: "كانوا غير مسلحين، وتم رصدهم عبر الطائرات المسيرة. رغم ذلك، تلقينا أوامر بإطلاق النار عليهم. تم قتل ثلاثة على الفور. منظر الجثث لا يفارق رأسي".

وتابع "الرابع نجا ورفع يديه مستسلمًا. مع ذلك، تم احتجازه عاريًا في قفص بالقرب من الموقع. مر العديد من الجنود بجانبه وبصقوا عليه. كان ذلك مقززًا. في النهاية، وصل محقق أسرى من الوحدة 504 وطرح عليه بعض الأسئلة بينما كان يصوب مسدسه إلى رأسه. استجوبه لبضع دقائق ثم أمر بإطلاق سراحه".

وفي مثال على الاستخدام المفرط للقوة في استهداف المدنيين في غزة، كشف التقرير عن إطلاق صاروخ من مروحية على رجل وطفلين كانوا يتجولون على مقربة من نتساريم . الجندي الذي شهد الواقعة قال إنه "لم يكن هناك أي مبرر لاستخدام هذه القوة. تم استهدافهم مباشرة بالصواريخ".

وأفاد التقرير بأن التنافس بين الوحدات العسكرية حول عدد الفلسطينيين الذين يتم قتلهم أصبح سمة بارزة في العمليات العسكرية. وقال أحد الضباط: "بيانات الجيش الرسمية تصف كل قتيل بأنه مخرب وتعلن عن أعداد القتلى (الذين تزعم أنهم مخربون)، مما يحول الأمر إلى سباق بين الوحدات لرفع أعداد القتلى"، وأضاف "إذا قتل عناصر الفرقة 99 مئة وخمسين شخصًا، فإن الفرقة التالية ستحاول الوصول إلى 200 قتيل".

كما أشار التقرير إلى توسع كبير في صلاحيات القادة الميدانيين. أحد الضباط قال إن قادة الكتائب باتوا يتمتعون بصلاحيات غير مسبوقة، بما في ذلك اتخاذ قرارات باستخدام القوة الجوية دون الرجوع إلى القيادة العليا. وأضاف "في كثير من الأحيان، يشعر القادة بأنهم يديرون ميليشيا مسلحة، حيث يتم تجاوز القوانين والضوابط الميدانية".

ووُصف قائد فرقة 252، يهودا واخ، في التحقيق بأنه شخصية متطرفة تدير العمليات بعقلية مغايرة للأعراف العسكرية التقليدية. في إحدى الاجتماعات، قال: "بالنسبة لي، لا يوجد أبرياء في غزة. الجميع مخربون".

كما أشار التقرير إلى أنه سعى لدفع السكان الفلسطينيين في شمال غزة إلى مغادرة منازلهم قسرًا باتجاه الجنوب، لكنه فشل في تحقيق ذلك بشكل كامل؛ وكشف التقرير عن عدد كبير من الجرائم، التي تتسم بغياب المحاسبة والمساءلة وتآكل الضوابط، وتمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية.

واختتم التقرير بالإشارة إلى التأثير النفسي لهذه الممارسات على الجنود أنفسهم، حيث قال أحدهم إن "ما يحدث هنا لا يقتل الفلسطينيين فقط، بل يقتلنا نحن أيضًا. إذا طُلب مني العودة إلى غزة، لن أفعل".

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: محور نتساریم إطلاق النار فی غزة قائل ا

إقرأ أيضاً:

لماذا “فشلت” القمة العربية في بغداد؟

لا شك أن زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الخليج الأسبوع الماضي، أشاحت بالأضواء بشكل كبير عن قمة بغداد العربية، التي عقدت في 17 مايو بحضور عدد محدود من القادة العرب.
قد أثار الغياب الجماعي للعديد من الرؤساء والملوك العرب تساؤلات حول أسباب ضعف التمثيل، ما دفع مراقبين إلى وصفها بـ”أضعف القمم” في تاريخ الجامعة العربية.
القمة طالبت في بيانها الختامي المجتمع الدولي بـ”الضغط من أجل وقف إراقة الدماء” في قطاع غزة. وحث المجتمعون المجتمع الدولي، ولا سيّما الدول ذات التأثير، “على تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية للضغط من أجل وقف إراقة الدماء وضمان إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة دون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة في غزة”.

وناقشت القمة قضايا عربية عديدة من أبرزها التحديات التي تواجه سوريا، والتطورات الميدانية في ليبيا واليمن ولبنان، إلى جانب الحرب في قطاع غزة.

لكن زيارة ترامب ليست العنصر الوحيد الذي ألقى بظلال على قمة بغداد، بل ثمة عناصر عديدة جرى تداولها، على أنها لعبت دورا في إحجام بعض القادة العرب عن المشاركة.
أبرز تلك العناصر، النفوذ الإيراني وزيارة إسماعيل قآني، قائد فيلق القدس إلى العراق قبل القمة بأيام، الأمر الذي اعتُبر رسالة واضحة عن حجم التأثير الإيراني على الدولة العميقة في العراق، حتى وإن كان رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، يحاول أن يتمايز بمواقفه ويظهر انفتاحا على الدول العربية والخليجية.
كما أن السوداني، ورغم الاعتراضات الصادرة عن أصوات تدور في فلك إيران، التقى بالشرع في الدوحة. أضف إلى ذلك، غياب القرار السيادي في العراق، بسبب تنوع الولاءات السياسية وتأثير الفصائل المسلحة على القرارات السيادية العراقية، وهو ما جعل القادة العرب، بحسب مراقبين ومحللين سياسيين، يشككون في جدوى حضورهم لقمة تُعقد في بغداد، حيث لا يرون في الحكومة العراقية تمثيلاً حقيقياً للدولة.
وقد انعكس الأمر على التحضيرات للقمة، وعلى تفاعل الجمهور العراقي معها، حيث تصاعدت عبر وسائل التواصل الأصوات المتطرفة المرتبطة بالفصائل المسلحة، ما أدى على ما يبدو، إلى إرسال رسائل سلبية لقادة عرب بعدم ترحيب العراقيين بهم، خصوصاً الجدل الذي رافق دعوة السوداني للشرع لحضور القمة.
من جانب آخر، أثارت المحكمة الاتحادية العراقية الجدل بإلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله مع الكويت، ما اعتبرته الأخيرة تنصلاً من التزامات دولية. هذا الخلاف قد يفسر بحسب محللين عراقيين، غياب بعض قادة دول الخليج عن القمة.
ولا يمكن، أثناء استعراض أسباب “فشل” قمة بغداد، اغفال مسألة أن القمم العربية الشاملة باتت أقل أهمية في ظل تفضيل الدول العربية للقمم الثنائية أو الإقليمية التي تتناول قضايا محددة، تماماً كما حدث في زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.
هذا النوع من الزيارات واللقاءات الثنائية، بات يفضله القادة العرب، وباتوا يبدون اهتماماً أقل بحضور القمم العربية لا تلبي أولوياتهم الوطنية المباشرة، والتي تنتهي غالباً إلى بيانات إنشائية، لا إلى قرارات عملية.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السعودية.. إعدام مدان بجريمة قتل مروعة ضمن 4 إعدامات في مكة ونجران والشرقة
  • ننشر نتيجة التقرير الطبى لقطع يد عامل على يد جيرانه فى كرداسة
  • شهادات مروعة من بيت لاهيا: عائلات تُقصف وتُهجر وسط جوع وموت
  • ضمور في المخ.. ماذا كشف التقرير الطبي الخاص بالدكتورة نوال الدجوي؟
  • هآرتس: هذا ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
  • لماذا “فشلت” القمة العربية في بغداد؟
  • شهادات صادمة لأسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال
  • تأجيل محاكمة 3 متهمين بـ "الجبهة الإسلامية" لورود التقرير
  • القادة الميدانيون للمليشيا (2-3)
  • هآرتس: استدعاء مصابين بصدمات نفسية للخدمة زاد حالات الانتحار