مؤمن الجندي يكتب: وصفة للفوضى
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
تحت أضواء الشهرة الساطعة، وقف وسط الهتافات، لكنه شعر بغربة لم يستطع إخفاءها.. أمس، كان صوتًا صارخًا يدافع عن مبادئه ويهاجم خصومه، أما اليوم فقد انقلب المشهد؛ صار في صفوف من انتقدهم، متذرعًا بالاحتراف والفرص.
مؤمن الجندي يكتب: انكسار روح مؤمن الجندي يكتب: عرّافة الكواكب في شقة "سِباخ"لم تكن المشكلة في التغيير نفسه، بل في التخلي عن كل ما كان يمثله؛ وحين خطا إلى موقعه الجديد، لم يأتِ معه إلا الفوضى؛ شروخ خفية بدأت تظهر، كأن قيمه المهدورة انتقمت منه، لتذكّره أن النجاح بلا مبادئ قد يكون بداية السقوط.
في عالم الاحتراف، حيث يعلو صوت الإنجاز ويُصمت صوت الأخلاق، تبرز قصص تُظهر كيف يمكن للمصالح أن تزيح المبادئ جانبًا، وكيف تتحول القيم إلى مجرد شعارات تُستخدم وقت الحاجة وتُطوى في اللحظة التالية.
يبدو المشهد مألوفًا: شخص كان يومًا ما خصمًا شرسًا، بل لربما هاجم بقسوة كل ما يمثله الطرف الآخر! ثم يأتي يوم يقف فيه على الجانب المقابل، في صفوف من كان أمس عدوه، مُبررًا ذلك بأنه "الاحتراف"! لكن هل حقًا يمكن للاحتراف أن يكون ذريعة كافية للتخلي عن المبادئ؟
الاحترافية بلا أخلاق.. وصفة للفوضىالاحترافية الحقيقية لا تعني مجرد إتقان العمل وتحقيق النتائج، بل تحمل في طياتها احترامًا للمبادئ والقيم.. عندما يطغى الجانب المادي أو المهني على الجانب الأخلاقي، فإن النتيجة تكون غالبًا كارثية.
في البيئة التي تتجاهل فيها القيم، تنتشر الفوضى وتنمو بذور الانقسام! فمن يتخلى عن ماضيه وقيمه بسهولة، قد لا يكون لديه ولاء حقيقي لأي جهة؛ وسرعان ما يتحول هذا الشخص إلى مصدر للاضطرابات والمشاكل، لأنه ببساطة لم يدخل المكان بروح تصالحية أو إيمان حقيقي بما يمثله.
المجتمع يتسم أحيانًا بالتسامح مع الأخطاء، ولكنه لا ينسى؛ من يهاجم شيئًا ثم يصبح جزءًا منه يُبقي دائمًا ظلالًا من الشك حول نواياه! التساؤل يصبح حاضرًا دائمًا: هل هذا الشخص موجود هنا لإيمان حقيقي بما يفعله، أم أن وجوده لأهداف أخرى؟
في النهاية، يمكن لأي إنسان أن يبرر أفعاله، ويمكن للمجتمع أن يقبل تلك التبريرات أو يرفضها.. لكن الحقيقة تبقى أن المبادئ ليست مجرد أدوات تُستخدم للوصول إلى القمة ثم تُترك جانبًا! إنها ما يبقى مع الإنسان عندما يواجه نفسه في المرآة، وهي ما يصنع منه شخصية تُحترم، حتى في أصعب الظروف.. الاحتراف لا يجب أن يكون عذرًا للتخلي عن القيم، بل على العكس، يجب أن يكون وسيلة لتجسيدها بشكل أكبر، لأنه في لحظات الصمت، ستدرك أن الاحتراف بلا قيم ليس إلا رحلة نحو فراغٍ لا يُملأ، وأن المبدأ الذي يُباع لا يمكن استعادته مهما علا التصفيق.
للتواصل مع الكاتب الصحفي والإعلامي مؤمن اضغط هنا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأهلي الزمالك الدوري المصري الكرة المصرية مؤمن الجندي يكتب
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
رغم مرور 22 شهرا على الحرب، فإن إسرائيل صعّدت على المستويين السياسي والعسكري من نبرة تهديدها لقطاع غزة، بعد تمسك المقاومة بمطالبها لإبرام صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وفي وقت كثفت فيه المقاومة عملياتها وكمائنها المركبة على الأرض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين إن المؤسسة العسكرية ستقدم خططا للمستوى السياسي لاستمرار القتال في غزة.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة ستنتقل إلى مرحلة "أكثر تصعيدا إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات".
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش سيعمل على إيجاد "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة، أملا أن يدفع ذلك نحو التوصل إلى صفقة جزئية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن التنسيق يجري حاليا وراء الكواليس بين إسرائيل والولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
مأزق مزدوجويخفي هذا التوجه الجديد مأزقا سياسيا وعسكريا إسرائيليا في قطاع غزة يترجم بتعميق التجويع وزيادة وتيرة القتل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى.
وحسب حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإنه لا يوجد في جعبة جيش الاحتلال من الناحية الإستراتيجية ما يمكن استخدامه لإجبار حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية في المفاوضات.
وشكلت عملية "عربات جدعون" -التي أطلقها جيش الاحتلال في مايو/أيار الماضي- أقصى تهديد عسكري حقيقي لحماس، إذ كانت ذروة عمليات جيش الاحتلال خلال الحرب، التي ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي بأنها أصبحت عبثية.
واستبعد الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد نجاح إسرائيل في إخضاع المقاومة عبر أي تهديد عسكري جديد، مستدلا بالكمائن ضد جيش الاحتلال في بيت حانون شمالا ورفح جنوبا.
وحسب زياد، فإن استمرار سقوط القتلى والجرحى الإسرائيليين في رفح وبيت حانون "دلالة راسخة على استعصاء العمل العسكري في هزيمة قطاع غزة".
إعلانوبناء على ذلك، فإن انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الكبرى قاب قوسين أو أدنى، في حين يبقى الهدف الإسرائيلي الأسمى تصفية القضية الفلسطينية عبر رفع شعار القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وفرض حكم عسكري على القطاع ثم تهجير سكانه.
ضوء أخضر أميركيلكن المقاومة بدأت قراءة المتغيرات الميدانية، بعدما بات جيش الاحتلال يميل للاندفاع أكثر بما يحقق له احتلالا مباشرا للأرض وفرض حصار مطبق، كما يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي.
وتحاول إسرائيل فرض واقعين على المقاومة الأول: "تفاوض تحت النار"، والآخر: "تفاوض تحت الحصار" عبر عمليات استطلاع متقدم -حسب الشريفي- ضمن هدف لم يعد تكتيكيا، وإنما في إطار إستراتيجية إدارة الأزمة.
وبناء على هذا الوضع الميداني، بات واضحا ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة إثر تغير في الأهداف تبناه جيش الاحتلال، الذي يريد السيطرة على محاور متعددة لإسكات قدرة حماس على المشاغلة والمواجهة.
لكن استهداف المقاومة وحدات الاستطلاع يعني أنها "لم تؤمّن قاعدة بيانات وبنك أهداف جديدا"، مرجحا إطاحة عمليات المقاومة بإستراتيجية إسرائيل القائمة على الاحتلال والحصار.
وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لإنعاش جيش الاحتلال -الذي يعاني ضعفا وانهيار معنويا- من قبل الولايات المتحدة لإدامة زخم المعركة حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية والأميركية في غزة.
في المقابل، رأى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو في الهجمات الفلسطينية على القوات الإسرائيلية أنها بمنزلة "تقوية لحكومة بنيامين نتنياهو"، إذ تظهر أن هناك حربا لم تنتهِ، وضرورة القضاء على حماس وطرد قياداتها إلى الخارج.
وحسب فرانكو، فإن حماس تريد تجميع عناصرها وترتيب صفوفها والعودة إلى الحرب، مرجحا في نهاية المطاف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع ضمانات أمنية إسرائيلية.
وكان ترامب قال -في أحدث تصريحاته- إنه "لا يعلم ما الذي سيحدث في غزة"، مطالبا إسرائيل باتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، في حين قال نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة- إنه سيواصل التفاوض ويتقدم في القتال من أجل القضاء على حماس وتحرير الأسرى.