كمائن مركبة وعمليات استشهادية.. تحول لافت في نهج المقاومة بغزة
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
تظهر العمليات النوعية، التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أن هناك تحولا في النهج الذي تقاوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث بات المقاومون يتجاوزون العمليات الفردية إلى العمليات الاستشهادية، فضلا عن الكمائن المركبة أو كمائن الموت.
وفي مقطع فيديو سابق لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- ظهر شعار "نحن لا نستسلم.
وكان المقطع للإعلان عن كمين الفالوجا الذي نفذه مقاتلو القسام غربي مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
وحسب تقرير بثته قناة الجزيرة، فإن كمين الفالوجا يخفي في ثناياه رسائل مبطنة تشي بتحول في طبيعة قتال الكتائب ودخوله طورا جديدا شعاره عمليات نوعية استشهادية من "المسافة صفر"، العبارة التي اختصت بها كتائب القسام في وصف هجماتها منذ حرب 2014.
وفي السياق نفسه، أعلنت الكتائب -أمس الجمعة- أنها نفذت عملية وصفتها بالأمنية المعقدة في مخيم جباليا، وأوقعت أفراد قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح.
وفي تفاصيل العملية، قالت الكتائب في بيان إن "مجاهدا قساميا تمكن من الإجهاز على قناص صهيوني ومساعده من المسافة صفر في مخيم جباليا". وأشارت إلى أنه بعد ساعة من ذلك "تنكر المجاهد نفسه بلباس جنود الاحتلال، واستطاع الوصول لقوة صهيونية مكونة من 6 جنود وتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف في القوة وإيقاعها بين قتيل وجريح".
إعلانوحسب ما صرح به الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا، لقناة الجزيرة في وقت سابق، فإن العملية الاستشهادية في جباليا هي الأولى داخل غزة منذ عام 2002.
ومن جهته، أشار الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي -في تحليل سابق على قناة الجزيرة- إلى أن عملية القسام في مخيم جباليا "تمثل مرحلة جديدة في تكتيكات المقاومة الفلسطينية"، معتبرا استخدام الحزام الناسف في قلب منطقة عسكرية مغلقة "تطورا لافتا" في نوعية العمليات التي تستهدف الجيش الإسرائيلي.
مقاومة شرسةويحاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو 80 يوما مناطق شمال قطاع غزة، وتحت وطأة الضغط العسكري يحاول تهجير سكانها جنوبا، في إطار ما باتت تعرف بـ"خطة الجنرالات".
غير أن جيش الاحتلال يواجه على الأرض مقاومة شرسة، عنوانها "النصر أو الشهادة"، وهي المقولة التي اعتادت كتائب القسام أن تنهي بها بياناتها.
وتقول كتائب القسام إنها قتلت 60 ضابطا وجنديا إسرائيليا، وأصابت مئات آخرين خلال الـ77 يوما الأخيرة، 17 من الجنود القتلى لقوا مصرعهم قنصا.
وحسب تقرير نسيبة موسى على الجزيرة، فإن عمليات كتائب القسام خلال 45 يوما من الحرب تؤكد أنها اعتمدت نهج الكمائن المركبة أو ما يسمونها بكمائن الموت، التي تقوم على استدراج القوات الإسرائيلية إلى مناطق أو مبان مفخخة ومن ثم الإجهاز على من يتبقون أحياء.
ومن جهة أخرى، شهدت الأيام الأخيرة تصاعدا في هجمات "المسافة صفر" التي ينفذها مقاتلو القسام في مناطق شمال القطاع، بيت لاهيا وبيت حانون وفي مخيم جباليا على وجه التحديد، ومن ذلك ما أعلنته القسام الخميس الماضي عن طعن أحد مقاتليها ضابطا إسرائيليا و3 جنود من نقطة الصفر والإجهاز عليهم واغتنام أسلحتهم الشخصية في مخيم جباليا.
وكانت تلك العملية الأولى من نوعها التي تحدث في قطاع غزة.
إعلانكما أعلنت كتائب القسام بعد ذلك عن إجهاز مقاتل على جندي إسرائيلي بجوار دبابة "ميركافا" والاستيلاء على سلاحه وإلقاء قنبلتين يدويتين داخل الدبابة غرب مدينة بيت لاهيا.
وخلص تقرير الجزيرة إلى أنه مع الهجمات الفردية الاستشهادية، أو ما تعرف عسكريا بهجمات "الذئاب المنفردة"، يتحول نهج هجمات القسام في شمال قطاع غزة، "وما ذلك إلا ترجمة لشعار القسام النصر أو الشهادة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی مخیم جبالیا کتائب القسام القسام فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مقبرة القسام بحيفا.. رمز المقاومة بمواجهة مخطط بن غفير
القدس المحتلة- خلال جلسة لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي، دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى وضع اليد على ضريح الشيخ عز الدين القسام في بلدة نيشر المقامة على أنقاض بلدة الشيخ الفلسطينية المهجرة في قضاء حيفا، مطالبا بلدية نيشر بهدمه ونقله من المقبرة الإسلامية التاريخية الواقعة في المدينة.
وأعاد رئيس اللجنة، إسحاق كروزر من حزب "عظمة يهودية"، طرح مقترح نقل القبر، في خطوة تأتي ضمن سلسلة محاولات إسرائيلية متكررة تستهدف مقبرة شهداء القسام، التي تعود إلى عهد الاستعمار البريطاني في أوائل القرن الـ20.
هذه المقبرة، التي تبلغ مساحتها 44 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، تعد من أكبر المقابر الإسلامية في الداخل الفلسطيني، تحتضن رفات مئات الشهداء والمجاهدين، وفي مقدمتهم الشيخ عز الدين القسام، الداعية والمجاهد السوري الذي استشهد عام 1935 أثناء مقاومته القوات البريطانية، وكان استشهاده شرارة انطلاق ثورة 1936 في فلسطين المحتلة.
ورغم نكبة 1948 ومصادرة معظم الأوقاف الإسلامية، ظلت المقبرة صامدة بفضل جهود الأهالي ولجنة متولي أوقاف حيفا، ولم تنجح السلطات الإسرائيلية في السيطرة الكاملة عليها أو تصنيفها بالكامل تحت "قانون أملاك الغائبين".
شهدت العقود الأخيرة محاولات متكررة لوضع اليد على المقبرة، أبرزها طلب تقدمت به شركة الاستثمار الإسرائيلية "كيرور أحزاكوت" لبناء جدار أسمنتي حول أجزاء منها وإقامة مجمع تجاري فوقها، وسط مزاعم بملكية قسم من أراضيها.
هذه الخطوة فجرت موجة احتجاجات شعبية قادتها لجنتا المتابعة العليا ومتولي وقف الاستقلال، وأفضت إلى نصب خيمة اعتصام في ديسمبر/كانون الأول 2021 لمواجهة قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، التي رفضت التدخل بحجة قانون التقادم، مقترحة التفاوض بين الأهالي وسلطات الاحتلال.
كما تصدى أهالي الداخل الفلسطيني لمشاريع بنية تحتية كانت ستمس بأطراف المقبرة، ورفضوا مقترحات نقل الرفات. ويؤكد الحراك الشعبي أن المساس بها ليس مجرد قضية محلية، بل هو استهداف للذاكرة الوطنية الفلسطينية ولمعالم تاريخية موثقة تعود لما قبل قيام إسرائيل.
إعلانفي المقابل، يدعم قادة من اليمين الإسرائيلي، مثل بن غفير وكروزر، إزالة القبر بزعم أنه "رمز للتحريض والكراهية"، بل طرح بعضهم استخدام رفات القسام كورقة مساومة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لاستعادة جثث جنود إسرائيليين.
بهذا تتحول مقبرة القسام إلى ساحة صراع بين مشروع تهويد يستهدف المعالم التاريخية والدينية، وجهد فلسطيني متواصل للحفاظ على إرث المقاومة، وسط معركة قانونية وشعبية مستمرة منذ عقود.
قال عضو هيئة متولي أوقاف حيفا، المحامي خالد دغش، إنهم علموا بالمداولات حول مقبرة القسام عبر الإعلام الإسرائيلي، رغم أن القضية لم تدرج في جدول لجنة الداخلية، مع أن المقبرة وقف إسلامي تملكها الأوقاف، وكان من المفترض إبلاغهم ودعوتهم للمناقشة.
وأوضح للجزيرة نت أنه تواصل مع الأوقاف والحقوقيين والفعاليات الجماهيرية لمواجهة مخطط بن غفير لهدم قبر القسام ونقل رفاته لمقبرة الأرقام لاستخدامها كورقة مساومة في صفقة تبادل مع حماس. وحذر من خطورة هذا المخطط الذي يشكل سابقة خطيرة بنبش القبور، مؤكدا استمرار المسار القضائي والحراك الشعبي لمواجهته، معربا عن تخوفه من استهداف المقبرة بشكل مفاجئ.
وجاء المخطط الحالي -وفق دغش- بعد فشل محاولة سابقة لمصادرة جزء من أرض المقبرة وتحويلها لشركة يهودية، حيث تم كشف تزوير وثائق بيع الأرض في خمسينيات القرن الماضي، وإبطال قرارات محاكم إسرائيلية سابقة تسمح بتفريغ المقبرة ونقل الرفات، كما أُوقف مخطط إقامة طريق رئيسي على الأرض التي تملكها هيئة متولي أوقاف حيفا.
ودعا الدول العربية والغربية للضغط على إسرائيل لمنع نبش مقبرة القسام وتدنيسها.
من جانبه، أكد الناشط السياسي والصحفي رشاد العمري أن الإسرائيليين يسعون بكل الوسائل لمضايقة الفلسطينيين، "حتى الأموات منهم لم يسلموا من محاولات التنكيل". وأشار إلى أن مقبرة القسام تمثل هدفا رئيسيا لمخططات المؤسسة الإسرائيلية التي تم تعليقها وإحباطها بفضل النضال الجماهيري والحراك القضائي.
وأضاف العمري للجزيرة نت أن الحراك الشعبي لفلسطينيي 48، وخاصة أهالي حيفا، حال دون نبش القبور ونقل الرفات ومصادرة أجزاء من المقبرة، محافظا على مساحات واسعة منها، ومتصدٍ لمخططات التهويد والاستيطان التي تبرر تحت ذريعة التطوير.
وأكد أن القضية ليست مجرد نزاع على أرض، بل استهداف مباشر للرموز الدينية والتاريخية والوطنية، خصوصا شخصية عز الدين القسام التي تمثل رمزا للمقاومة ضد الاستعمار البريطاني في فلسطين. وشدد على أن إسرائيل تتعامل مع المقبرة بعقلية استعمارية، معتبرة أن كل من قاوم الاحتلال عدوّ حتى وإن كان قد استشهد منذ عقود، وتمثل ذكرى القسام مصدر إزعاج دائم لهم.
ودعا العمري إلى حراسة المقبرة على مدار الساعة وتصعيد الحراك الشعبي لمنع أي محاولة للمساس بضريح الشهيد القسام، الذي يرمز لمقاومة الاستعمار والنضال من أجل التحرر.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الحريات الشيخ كمال الخطيب أن حكومة إسرائيل الحالية تعاني من حالة هوس وجنون دفعتها لاستهداف المقبرة، وهي أرض وقفية إسلامية وتاريخية دُفن فيها الشهيد عز الدين القسام منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، أي قبل قيام دولة إسرائيل.
إعلانوأشار الخطيب إلى الظلم الواقع على المقبرة جراء تزييف وتزوير وثائق من قبل شركات استثمار يهودية تدعي امتلاكها أجزاء من أرضها، مؤكدا أن هذه المزاعم دحضت قانونيا في المحاكم الإسرائيلية التي لم تثبت صحة هذه الوثائق.
وأضاف للجزيرة نت أن المقابر يجب -وفقا لكل الأديان والأعراف والمواثيق الدولية- أن تتم المحافظة على حرمتها وصيانتها، ولا يجوز تدنيسها أو نبشها كما تفعل السلطات الإسرائيلية، واعتبر أن بن غفير، "شقي قومه"، يسعى لافتعال المشاكل مستندا إلى أيديولوجية دينية ومستخدما نفوذه وسلطته، ويبحث عن بؤرة توتر جديدة.
وشدد الخطيب على أن بن غفير لا يتحمل مسؤولية أفعاله وحده، بل يتحملها أيضا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، الذي يمنحه الضوء الأخضر لانتهاك حرمة المقبرة.
وأكد أن التصدي لهذه المخططات سيتم عبر الحشد الجماهيري الرافض لسلوك الحكومة الإسرائيلية، والمصر على بقاء المقبرة أرضا إسلامية خالصة، مشددا على أن ما يقوم به بن غفير "جنون يقود البلاد إلى الهاوية".