د. عصام محمد عبد القادر يكتب: احترام حقوق الإنسان تسهم في بناء الكيان
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
بداية نذعن بأن دستور بلادنا أكد بشكل صريح على احترام حقوق الإنسان في مادته (93)، والتي نصت على أن (تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة)، وتفعيلًا وإعمالًا لما جاءت به الفقرة من بيان وإلزام شاركت الدولة عبر مؤسساتها المعنية في تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومن منطلق الإيمان بأن بناء الإنسان يقوم على غرس قيم الكرامة والعزة وتعضيد الهوية، وتعظيم مقومات الوطنية، والحفاظ على النفس والذات من كل ما قد يؤثر سلبًا على وجدان الفرد ويؤدي إلى إحباطه؛ فمن يمتلك حقوقه يصبح قادرًا على العطاء والتنمية وتقديم كل ما يمتلك من خبرات لرفعة ونهضة وطنه؛ لذا شاركت الدولة في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وجميع المشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.
والاهتمام بملف حقوق الإنسان لم يقتصر على المؤسسات المعنية به فقط على أرض الوطن، بل كان اهتمام الرئيس بنفسه؛ حيث يتابع سيادته عن كثب ما يتم وما تم من جهود من أجل العمل الجاد والممنهج الذي يمتخض عن نتائج ملموسة تسهم في تعزيز واحترام الإنسان المصري، كما أكد سيادته بصورة واضحة على أهمية تنفيذ ما جاء بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وتعالوا بنا نطالع أحوال من سلبت منهم حقوقهم وهدمت مقومات الحرية في بلادهم؛ فصاروا في حالة يرثى لها، من حيث الثبات والاستقرار، وأصبحت التنمية في سقوط تلو سقوط، وهذا أمر طبيعي لمن أحبطت معنوياته، وأهدرت طاقاته، وشعر بأنه بات غربيًا في بلاده وتحت سماء وطنه؛ ومن ثم لا يراعي مسئولياته ولا يعبأ ببناء وطنه، ولا يحرص على استقراره ونهضته.
إننا نعيش على أرض الحرية المسئولية والبناء المستدام ونعبر أنفاق التحدي ونتفوق على مخططات المغرضين ونسير دون توقف أو التفات للخلف لما يقال ويكاد؛ فلدينا مسيرة محفوفة بالأمل ومدعومة بالإصرار والتحدي، نسابق الزمن من أجل بلوغ الغاية ورفع الراية والازدهار والوصول للريادة والتنافسية التي تؤكد بالحق مكانتنا وتعيد أمجاد التاريخ العريق الزاخر ببطولات وإنجازات يصعب حصرها.
إن جمهوريتنا الجديدة ماضية نحو النهضة بإنسان قادر على العمل والعطاء والتحدي؛ لديه مقومات البناء والرغبة في الإعمار، يعي أن مصلحة الوطن العليا مقدمة فوق الجميع، ويتمتع بديمقراطية الاختيار وبقيم المواطنة التي تحثه على الولاء والانتماء وتوجه حريته لما يخدم تماسك النسيج ويمنع كل محاولات التفكيك والنيل من لحمة هذا المجتمع الأصيل؛ فجميع المصريين أمام القانون والتشريع سواء بلا تمييز ولا تفريد.
ونحن على توافق بأن مصر دولة مؤسسات؛ حيث تمنح الفرد حرية التقاضي، وحرية المطالبة بكافة حقوقه المشروعة، ولا تمنعه من كل ما أقره الدستور، وفسرته التشريعات؛ فهناك السلطة القضائية، التي يصفها القاصي والداني، بالنزاهة والشفافية، ويوسمها الجميع بالاستقلالية؛ حيث إن قدرتها على إنفاذ القانون غير محدودة أو مغلولة؛ ومن ثم فهي الضامن لحقوق الإنسان؛ فعبر أحكامها المستقلة تقطع الشك باليقين.
إن ما نتطلع إليه عبر بوابة حقوق الإنسان أن تسهم في بناء الكيان؛ فمن خلال الحرية المسئولة والتعبير المنضبط بالقنوات المشروعة وحرية الإعلام وفق مدونة السلوك المهني التي يعمل في ضوئها نؤكد على أمر جلل؛ ألا وهو مراعاة قيمنا وأعرافنا وأخلاقنا الحميدة التي تربينا عليها، ووعينا تجاه ما يكال ويكاد لنا لنقطع في براثن النزاع والصراع.
نحن شعب يعشق الأمن والاستقرار ويرغب في النهضة والإعمار، ويسعى إلى تعضيد البيئة الآمنة التي من خلالها يقوم بواجباته ويحيا حياة تملؤها الأمل والتفاؤل، كما إننا شعب تتمزق وجدانه إذا ما استشعر الخطر على وطنه ورأي بأم عينه من يحاول النيل منه أو من مقدراته أو المساس بترابه؛ فلا مكان ولا مكانة لنداءات ودعوات خبيثة تستهدف هتك النسيج وتفتيت الشمل؛ فكل مواطن مصري مخلص مقاتل من موقعه ومصطف خلف وطنه ومؤسساته دون مواربة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حقوق الإنسان احترام حقوق الإنسان القانون الدولي لحقوق الإنسان المزيد لحقوق الإنسان حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تشارك بمؤتمر دولي في الدوحة
شاركت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في “المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان الذي عقد تحت عنوان: “الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل” يومي 27 و28 مايو الجاري بالعاصمة القطرية الدوحة.
ترأس وفد الهيئة سعادة مقصود كروز، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وبمشاركة كل من الدكتور أحمد المنصوري عضو مجلس الأمناء، وحمد البلوشي مدير إدارة الخدمات المساندة، وعبدالعزيز العوباثاني رئيس قسم المنظمات الدولية والإقليمية، وسعيد الأحبابي باحث قانوني لدى الأمانة العامة بالهيئة.
وقد شارك الدكتور أحمد المنصوري بورقة عمل بعنوان “دور الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز الأبعاد الحقوقية والأخلاقية للذكاء الإصطناعي في دولة الإمارات العربية المتحدة” وذلك في في جلسة بعنوان: حقوق الإنسان والذكاء الاصطناعي: مقاربة من منظور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والتي سلطت الضوء على ضرورة وضع حقوق الإنسان في صلب مسيرة التطور التكنولوجي لاسيما في مجال الذكاء الاصطناعي.
وعبّر المنصوري عن بالغ شكره وتقديره للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر وجميع الشركاء والمنظمين وعلى رأسهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على الدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر النوعي الذي يأتي في مرحلة مفصلية تتقاطع فيها الطموحات التقنية مع التحديات الحقوقية العالمية.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي بات أحد أبرز المحركات المؤثرة في بنية المجتمعات وآليات الحوكمة وسوق العمل لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات جوهرية حول حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية.
وتعليقاً على هذه المشاركة، قال سعادة مقصود كروز، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان:”أولت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان اهتماماً بالغاً بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي من منظور حقوقي انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأن أي تقدم تقني لا يمكن أن يكون مستداماً أو مقبولاً مجتمعياً ما لم يستند إلى قواعد أخلاقية وحقوقية واضحة”.
وأضاف سعادته أن الهيئة حرصت على ترسيخ شراكة استراتيجية مع “مكتب وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد” للعمل على دمج الاعتبارات الحقوقية في السياسات الوطنية المتعلقة بالتقنيات الحديثة مشيراً إلى مشاركة الهيئة في القمة العالمية للحكومات العام الماضي حيث كان الذكاء الاصطناعي حاضراً بقوة، وكذلك المشاركة في “خلوة الذكاء الإصطناعي” في شهر أبريل من العام الجاري حيث أكدت الهيئة حينها أهمية وضع أطر تشريعية وأخلاقية تحكم استخدام هذه التكنولوجيا بما يحترم الحقوق والحريات.
وأكد سعادته ريادة التجربة الإماراتية في هذا المجال لافتاً إلى أن دولة الإمارات كانت أول دولة في العالم تُنشئ منصب وزير دولة للذكاء الاصطناعي عام 2017 وما تبعه من إطلاق استراتيجية وطنية ومجلس وطني للذكاء الاصطناعي بالإضافة للمبادرات والمشاريع النوعية مثل “تصفير البيروقراطية” و”الحكومة الذكية” التي تدمج التقنية من دون إغفال البعد الإنساني.
وأشار إلى ميثاق تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي الذي وضعته الدولة لتحقيق مستهدفات استراتيجيتها الوطنية موضحاً أن الميثاق يضم مبادئ مركزية ومن أبرزها التقدم والتعاون والأخلاق، والمجتمع، والاستدامة، والسلامة.
وأكد سعادته أن مبدأ “الأخلاق” يحتل مكانة محورية إذ يعكس الالتزام العملي بمعالجة تحديات مثل التحيّز والمساءلة والشفافية من خلال تصميم مسؤول يدمج الذكاء الاصطناعي في حياة الإنسان دون المساس بكرامته أو حقوقه.
تأتي مشاركة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في إطار إلتزامها بمواصلة دورها مساهما فاعلا في صياغة السياسات المتوازنة بين التقدم التكنولوجي وصون الحقوق والحريات، وحرصها على تعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وتبادل التجارب لبناء أطر حوكمة تقنية قائمة على الشفافية والمساءلة.وام