وفاة يوسف ندا أشهر ممول لعمليات الإخوان الإرهابية
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
رحل عن عالمنا صباح اليوم رجل الأعمال يوسف ندا المعروف بتمويله للجماعات الإرهابية ، حيث سبق إدانته بتمويل عمليات إرهابية لصالح جماعة الإخوان الإرهابية وأدرج في قوائم الإرهاب .
وفاة يوسف ندا أشهر ممول لعمليات الإخوان الإرهابيةرحل يوسف ندا اليوم الأحد عن عمر يناهز 94 عاما، وكان قد شغل منصب رئيس مجلس إدارة "بنك التقوى" ومفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان الإرهابية.
وُلد يوسف ندا في مدينة الإسكندرية في مصر عام 1931. وانضم لجماعة الإخوان عام 1947، وتخرج من كلية الزراعة "جامعة الإسكندرية" في بداية الخمسينيات.
اعتقل يوسف ندا مع الكثير من عناصر وقادة الجماعة بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر عام 1954.
وواجه اتهامات عدة، أبرزها تمويل عمليات إرهابية لجماعة الإخوان، وأُدرج اسمه عام 2024 ضمن قوائم الإرهاب المصرية بناءً على طلب النيابة العامة، حيث أُدين في القضية رقم 1983 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا.
وفر يوسف ندا هاربا إلي من ليبيا إلى اليونان ثم سويسرا بعد ثورة سبتمبر 1969، وأسس شركات اقتصادية لخدمة الجماعة الإرهابية و ظل شخصية محورية في تمويل أنشطتها، ما أثار جدلاً واسعاً حول دوره السياسي والاقتصادي.
يذكر أن محكمة جنايات القاهرة قررت منذ أيام إدراج 76 شخصًا على رأسهم القيادي الإخواني الدولي يوسف ندا، على قائمة الإرهابيين لمدة 5 سنوات تبدأ من 9 ديسمبر 2024.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: يوسف ندا رجل الأعمال يوسف جماعة الإخوان الإرهابية الإخوان تمويل عمليات إرهابية وفاة يوسف ندا الإخوان الإرهابیة یوسف ندا
إقرأ أيضاً:
يسألونك عن الفردانية .. هـل حاضـرنا فوضـوي؟
شكّلت العلاقات الاجتماعية، حتى عهد قريب، صورة مفعمة بالحيوية والنشاط، ونُظر إليها آنذاك على أنها المقياس الذي يُقاس به تكاتف المجتمع، وتقارب أفراده، وتآزرهم، وتكاتفهم، دون إغفال أثر تلاحم الأسر الممتدة على المنظومة الاجتماعية ككل. هذا الوضع ساعد كثيرا على تجاوز المعضلات الاجتماعية، كبيرها وصغيرها، وفسح للأفراد مساحة واسعة للاستمتاع بمزايا كل ما يُشار إليه بأنه من فضائل الحياة الاجتماعية.
فلم يُختزل مفهوم «الاجتماعية» في مجرد لَمَّة عابرة لحدث ما، سعيدًا كان أو حزينًا، بل أصبح حالة ذهنية؛ بمجرد ذكر اسم «الجماعة» تهدأ الأنفس، وتحلق بأحلامها نحو تحقيق ما تصبو إليه، مستحضرة ذلك الكم الهائل من المؤازرة والتقارب والتعاون. بل يشعر الفرد بكثير من الزهو؛ فهو في حاضنة الجماعة، وليس فردًا معزولًا، مقصيًّا أحلامه، مهدورًا كرامته. فإن استمر على عزلته بقرار فردي، أصبح في ثقافة الجماعة شخصًا منبوذًا، يُشار إليه بالسوء، لأنه خرج عن الدائرة.
هذا كان في زمن كان للجماعة فيه دورٌ محوري في تصويب الأخطاء الفردية، بقصد أو بغير قصد. ولأن دور الجماعة كان مؤثرًا، خصبًا في العطاء، جادًّا في الإصلاح، كان اليقين قائمًا بأن الفرد جزء لا يتجزأ من الجماعة، فلا غنى له عنها، ولا غنى لها عنه. ظل هذا الحال حتى عهد قريب، قبل أن تتنامى الأسر النووية، التي ساعد على نشأتها المخططات السكنية الحديثة، وتكاثرها لأسباب أغلبها اقتصادية، كتنامي الوظائف التي استوطنت العاملين في بيئات غير بيئاتهم الأصلية.
رغم ذلك، يحاول الأفراد في هذه المجتمعات الحديثة التخفيف من وطأة الفردانية عبر استحضار مفهوم القرية، بإنشاء معززات مجتمعية كالمساجد، ومدارس القرآن، والمجالس العامة، والأسواق التقليدية، وإحياء القيم الاجتماعية كالتزاور والعزائم، ومؤازرة بعضهم بعضًا في حالات الوفاة وغيرها من المناسبات. وأنا هنا أخص بالحديث المجتمع العُماني، المتحاب، المتعاطف، المتآزر، المتعاون، المتكامل، المتجاوز لكثير من التباينات.
تتحمّل الوظيفة الحديثة قسطًا كبيرًا من مسؤولية تنامي الفردية، بسبب خصوصية بعض الوظائف التي تتطلب انفصال الموظف عن مجتمعه فترات طويلة. وهذا «الاحتجاز» الوظيفي الذي يُمارَس على الفرد لم يأتِ بقصد، بل تحوّل إلى أمر طبيعي، يعتاده الفرد، ويصبح جزءًا من سلوكه اليومي. ولكن، بالمقابل، يخسر الفرد الكثير من المعززات الاجتماعية التي تُبقي اللحمة المجتمعية حيّة.
تنعكس هذه القطيعة على أفراد الأسرة، وخاصة الأبناء، الذين يقضون جلَّ أوقاتهم، ما عدا أوقات الدراسة، بين الجدران الأربعة، يعتركون مع الفراغ مستخدمين الأجهزة الذكية، والحواسيب، وأدوات الاتصال الحديثة.
وبمرور الزمن، يصبح هذا السلوك طبيعيًا، فتترسخ الفردانية في الناشئة، التي تفقد كثيرًا من السمت الاجتماعي، والقيم الضابطة للسلوك، والإيمان بأهمية وجود منظومة قيمية تقود نحو السلوك القويم، الذي يؤصّل الهوية والانتماء إلى المجتمع والوطن.
أرخت الاجتماعية، عبر تجربتها الطويلة، الكثير من القوانين والنظم والقيم الحاكمة، التي شرعنت تفاصيل العلاقة بين الأفراد والمجموعات. وكان تجاوزها يُعد خروجًا على الإجماع، ويستدعي تدخل الجماعة لإعادة الفرد إلى رشده. هذا النظام الاجتماعي الذي كان قائمًا في مجتمعنا العُماني، أسهم كثيرًا في الحفاظ على تماسك المجتمع، وتعاونه، وتكافله.
لكن هذا التموضع بدأ يعاني من حراك موضعي وتململ، لم يصل بعد إلى التفكك، لكنه يسير نحوه، في ظل الانفتاح على المجتمعات الأخرى، والتداخل الديموغرافي، كحالات الزواج من خارج المجتمع، وتنامي التجنيس للوافدين، ما أدى إلى استقطاب أنماط ثقافية وسلوكية مختلفة عن بنية المجتمع الأصلية. ومثل هذه التباينات قد تخلخل النسيج الاجتماعي، وتُحدث فوضى قيمية، وتنازلات عن هوية المجتمع.
وقد ظهرت ملامح ذلك في السماح بالتصوير باللباس غير التقليدي في الوثائق الرسمية. وإن كانت هذه التغيرات مفروضة بمبررات الاستقطاب، فإن آثارها السلبية لن تكون غائبة، بل مرشحة للتنامي، ما يُفقد النسيج الاجتماعي الكثير من خصوصيته.
والسؤال هنا:
هل على الدولة أن تتحمّل مسؤولية إعادة الإنتاج الاجتماعي؟
الإجابة المباشرة: نعم. ولكن عمليًّا، ليس الأمر يسيرًا، حتى في ظل وجود القوانين. فالأمر تحكمه اعتبارات سياسية واقتصادية وحقوقية واجتماعية.
لقد صار العالم قرية كونية، ولم يعد بالإمكان التحكم في الهوية كما في السابق.
تبقى المسؤولية الكبرى على الفرد، ومدى وعيه بأهمية التوازن في تعاطيه مع الآخر، سلوكًا ولباسًا وقناعات، ومقدار ما يأخذ من الآخر عند الضرورة، دون الانفصال عن واقعه. الأهم هو إحساس الفرد بمسؤوليته الاجتماعية والوطنية، حين يبلغ الأمر تهديدًا للهوية.
وقد أشار الكاتب جون إهرنبرغ في كتابه «المجتمع المدني - التاريخ النقدي للفكرة» إلى هذا المعنى قائلا: «فالدولة لا يمكن أن تأخذ على عاتقها مسؤولية إعادة الإنتاج الاجتماعي، والسياسة هي أكثر من كونها حريات مدنية وحقوقًا دستورية؛ والحرية أوسع من تحقيق الرغبات المادية؛ والحياة العامة لا يمكن أن تكون وسيلة لحماية المجتمع المدني، وضبطه، أو إعادة تنظيمه».
من هذا المعنى، يُستشف أن المسؤولية التاريخية في الحفاظ على الهوية تقع على أبناء المجتمع أنفسهم. فلا ينبغي أن يتيحوا، ولو قيد أنملة، المجال لمن يريد العبث بالمكتسبات الاجتماعية، تحت أي مبرر.
أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفـي عماني