ترامب والمركزي الأميركي.. سيناريوهات محفوفة بالمخاطر في 2025
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
تعود الأنظار مجددا إلى العلاقة المتشابكة بين الاحتياطي الفدرالي الأميركي والسياسات الاقتصادية مع انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية في عام 2024.
هذه العلاقة لم تكن دائما سهلة، إذ تكررت الانتقادات الحادة من ترامب للاحتياطي الفدرالي خلال فترته الأولى.
ومع دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة حاسمة من التعافي بعد أزمة تضخم كبيرة فإن تأثير السياسات المالية والإصلاحات الاقتصادية الجديدة قد يشكل تحديا عميقا لصانعي السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي.
وفي عام 2023 رفع الاحتياطي الفدرالي معدلات الفائدة إلى 5.5%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين استجابة لتضخم وصل إلى 9.1% في منتصف 2022.
لكن مع تراجع التضخم تدريجيا إلى 3.2% بنهاية 2024 بدأ الاحتياطي في خفض الفائدة مرتين ليتراوح بين 4.25% و4.50%.
هذا التوجه يعكس تحولا نحو تحفيز الاقتصاد، وسط مؤشرات على تباطؤ النمو، ومع ذلك فإن ترامب أعلن فور توليه منصبه أن خفض الضرائب وزيادة الإنفاق العام سيكونان محورين رئيسيين في سياسته الاقتصادية، مما أثار مخاوف من عودة الضغوط التضخمية.
إعلانوعلى الرغم من توقع الاحتياطي الفدرالي خفض معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إضافية خلال 2025 فإن تبني سياسات مالية توسعية قد يغير هذا السيناريو.
ووفقا لديان سونك كبيرة الاقتصاديين في "كيه بي إم جي"، فإن السياسات المالية العدوانية يمكن أن "تقيد الاحتياطي الفدرالي" وتضعه في موقف يجبره على رفع الفائدة مجددا لكبح التضخم.
السياسات المالية وتأثيرها على الاقتصاد الكلي خفض الضرائب وزيادة العجزأحد أبرز وعود ترامب هو تمديد العمل بقانون تخفيض الضرائب والوظائف لعام 2017، والذي كان له تأثير كبير على تقليل الضرائب على الأفراد والشركات.
هذا القانون رغم تحفيزه النمو الاقتصادي بنسبة 0.4% سنويا أدى إلى زيادة العجز الفدرالي بقيمة 1.5 تريليون دولار على مدى 10 سنوات، وإذا تم تمديد هذه التخفيضات فإنها قد تعزز السيولة في الأسواق، ولكنها ستضيف ضغوطا تضخمية جديدة قد تدفع الاحتياطي إلى تبني سياسات أكثر تشددا.
التعريفات الجمركية وحرب تجارية متجددةوفي إطار سياسة "أميركا أولا" يخطط ترامب لإعادة فرض تعريفات جمركية تصل إلى 25% على الواردات الصينية.
هذه الخطوة قد تزيد تكاليف الإنتاج للشركات الأميركية وترفع الأسعار على المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة التضخم بنحو 0.5%-0.8% خلال العام الأول من تطبيقها وفقا لتقييمات حديثة أجرتها بلومبيرغ.
ومع توقع تأثير التعريفات على الأسواق العالمية قد تواجه الاقتصادات الناشئة تحديات إضافية تتمثل في انخفاض تدفقات رؤوس الأموال وتدهور قيمة العملات المحلية كما حدث سابقا مع تركيا والأرجنتين.
التوسع في الوقود الأحفوريوفي قطاع الطاقة، يتطلع ترامب إلى تعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، مما قد يخفض تكاليف الطاقة بنسبة 10% ويحفز الإنتاج الصناعي.
لكن وفقا لمارك زاندي كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس"، فإن هذه السياسات رغم تحقيقها نموا اقتصاديا قصير الأجل قد تؤدي إلى عدم استدامة على المدى الطويل.
إعلان الانعكاسات العالمية والمحليةالتأثيرات المحتملة للسياسات الأميركية لا تقتصر على الداخل، بل تمتد لتشمل الاقتصادات العالمية، خصوصا مع اعتماد البنوك المركزية العالمية على سياسات الاحتياطي الفدرالي معيارا لاستقرار العملات.
ورفع البنك المركزي الأوروبي -على سبيل المثال- معدلات الفائدة إلى 4.5% في 2024 محاكاة للتوجه الأميركي.
ومع تخفيض الفدرالي الفائدة قد يشهد العالم استقرارا أكبر في الأسواق المالية.
في المقابل، فإن ارتفاع الدولار المتوقع نتيجة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية قد يفاقم عجز الميزان التجاري الأميركي ويضعف تنافسية الصادرات.
كما أن تكرار سياسات الحماية التجارية قد يؤدي إلى تصاعد التوترات مع الشركاء التجاريين مثل كندا والاتحاد الأوروبي، مما يزيد تعقيد المشهد الاقتصادي.
التحديات أمام الأسر الأميركية والقطاعات الاقتصادية سوق الإسكان والرهون العقاريةورغم انخفاض معدلات الفائدة فإن سياسات ترامب قد تؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل، والتي تعد المعيار الأساسي لتحديد معدلات الرهون العقارية.
وهذا قد يبقي تكاليف الاقتراض مرتفعة ويضعف الطلب على المنازل، مما يزيد تحديات سوق الإسكان.
الإنفاق الاستهلاكي والعملالإنفاق الاستهلاكي -الذي يمثل 68% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي- قد يشهد نموا محدودا في ظل ارتفاع التعريفات الجمركية وتراجع القوة الشرائية.
وفي الوقت نفسه، فإن السياسات المناهضة للهجرة قد تقلص المعروض من العمالة وتدفع الأجور إلى الارتفاع، مما يزيد صعوبة إدارة التضخم.
سيناريوهات مستقبلية سيناريو النمو المدعوم بالتحفيز الماليفي هذا السيناريو، تؤدي سياسات ترامب التوسعية مثل تمديد تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية إلى انتعاش اقتصادي سريع ونمو قوي، لكن ذلك يصاحبه تضخم وعجز مالي متزايد، مما يهدد استدامة هذا النمو على المدى الطويل.
سيناريو التضخم المرتفع إعلاننتيجة للسياسات المالية والجمركية العدوانية يشهد الاقتصاد موجة تضخمية حادة تؤثر على القدرة الشرائية وتزيد تكلفة الإنتاج، مما يضطر الاحتياطي الفدرالي إلى تشديد السياسة النقدية، وهو ما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية خطيرة محلية وعالمية.
في هذا السيناريو الأكثر تفاؤلا تنجح الإدارة الأميركية في تنسيق سياساتها المالية مع الاحتياطي الفدرالي، مما يؤدي إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام مع معدلات تضخم معتدلة، مع استقرار الأسواق المالية العالمية.
سيناريو الركود الاقتصاديفي حال أدت السياسات المالية غير المنضبطة إلى ضغوط على الاحتياطي الفدرالي لرفع معدلات الفائدة بشكل كبير يدخل الاقتصاد الأميركي في ركود نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع البطالة، مما يضر بالشركات الصغيرة والأسواق الناشئة.
سيناريو التوترات الجيوسياسيةمع تصاعد التوترات التجارية الناتجة عن سياسات ترامب الحمائية تتأثر سلاسل التوريد العالمية وتضعف الصادرات الأميركية بسبب ارتفاع الدولار، مما يؤدي إلى اضطرابات في التجارة العالمية وزيادة التقلبات بالأسواق المالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
النواب الأميركي يقر مشروع قانون التجارة مع أفريقيا
أقرت لجنة في مجلس النواب الأميركي، يوم الأربعاء، مشروع قانون يجدد 3 سنوات إضافية، برنامج التجارة التفضيلية مع أفريقيا، دون أن يُذكر أي استبعاد لجنوب أفريقيا كما كان قد لمّح المبعوث التجاري الأميركي.
قانون النمو والفرص الأفريقية (أغوا)، الذي أُقر لأول مرة عام 2000 لتوفير دخول معفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الأميركية للدول والمنتجات المؤهلة في أفريقيا جنوب الصحراء، انتهى في سبتمبر/أيلول الماضي، ويُقدّر أن مئات آلاف الوظائف في أفريقيا تعتمد عليه.
وقال الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير يوم الثلاثاء إن إدارة ترامب منفتحة على تمديد لعام واحد، لكنها قد تستبعد جنوب أفريقيا التي وصفها بأنها "مشكلة فريدة".
وأوضحت لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب أن مشروع قانون تمديد أغوا أُقر بأغلبية 37 صوتًا مقابل 3، ووصفت المبادرة التجارية بأنها "حجر الأساس للعلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول أفريقيا جنوب الصحراء".
وأضاف البيان "أي توقف طويل في قانون النمو والفرص الأفريقية سيخلق فراغًا يسعى فاعلون خبيثون مثل الصين وروسيا إلى ملئه".
وسيمرر المشروع إلى مجلس النواب بكامل أعضائه، لكن لم يتضح بعد موعد مناقشته.
جنوب أفريقيا تكافح للبقاء ضمن أغواقالت وزارة التجارة في جنوب أفريقيا إنها تبذل كل ما بوسعها لضمان إدراج البلاد في أي تمديد للبرنامج، رغم تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة خلال الولاية الثانية لترامب.
وانتقد ترامب أكبر اقتصاد في أفريقيا بسبب ما سماها سياساته المتعلقة بمعالجة عدم المساواة العرقية، في حين قال غرير إن على جنوب أفريقيا خفض الرسوم الجمركية والحواجز غير الجمركية أمام المنتجات الأميركية مقابل أن تخفض واشنطن الرسوم البالغة 30% التي فرضتها على السلع الجنوب أفريقية في أغسطس/آب الماضي.
إعلانوتؤكد جنوب أفريقيا أن إدارة ترامب استندت في فرض الرسوم إلى رؤية غير دقيقة للعلاقات التجارية بين البلدين.
وقال متحدث باسم وزارة التجارة إن جنوب أفريقيا تتابع عن كثب تقدم مشروع قانون تمديد أغوا.