يشهد الوضع الإقليمي تصعيدًا خطيرًا بين إسرائيل وجماعة الحوثي التي تُعد آخر أذرع المحور الإيراني في المنطقة، حيث نفذ الحوثيون هجمات بالصواريخ الباليستية والمسيرات على أهداف إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب، تحت شعار التضامن مع غزة، فيما ردت إسرائيل بضربات جوية استهدفت منشآت استراتيجية في اليمن، وهددت بالوصول إلى قادة الحوثيين، الذين كثفوا استهداف السفن الدولية في البحر الأحمر، ما يهدد الملاحة البحرية، فيما تتزامن هذه الأحداث مع دعم أمريكي لإسرائيل وضغوط على إيران، بينما يعوّل الحوثيون على ترسانة متطورة من الأسلحة والصواريخ، مما ينذر بمزيد من التصعيد في صراع متعدد الأطراف يؤثر على أمن المنطقة والعالم.

نفذ الجيش الأمريكي ضربات جوية جددة ضد أهداف للحوثيين في صنعاء، معلنًا أن الهجمات استهدفت منشأة لتخزين الصواريخ ومرفق قيادة وتحكم، إضافة إلى طائرات مسيّرة وصاروخ كروز مضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وذلك بعد ساعات من هجوم صاروخي شنه الحوثيون على إسرائيل أسفر عن إصابة 16 شخصًا. كما اعترضت الدفاعات الإسرائيلية طائرة مسيّرة قادمة من الشرق. وأكدت القيادة المركزية الأمريكية أن الضربات تهدف إلى إضعاف قدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات ضد السفن الحربية والتجارية الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

وحذر رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الحوثيين من أن من يمس إسرائيل «سيدفع ثمنا باهظا للغاية. بعد حركة حماس، حزب الله، وسوريا، أصبح الحوثيون تقريبا الذراع الأخيرة المتبقية لمحور الشر الإيراني» فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يِسرائيل كاتس، أن «يد إسرائيل الطويلة ستصل إلى قادة الحوثيين في اليمن»، وشنت مقاتلات الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من هيئة الاستخبارات وسلاح البحرية، سلسلة غارات طالت أهدافا عسكرية للحوثيين في القطاع الساحلي الغربي وفي عمق اليمن، وتحدثت قناة «المسيرة» اليمنية التابعة للحوثيين عن «مقتل تسعة أشخاص خلال استهداف ميناء، الصليف، بينما قتل اثنان في منشأة رأس عيسى النفطية، بمحافظة الحديدة بغرب اليمن. الغارات استهدفت أيضاً محطتين مركزيتين للكهرباء - حزيز وذهبان - جنوبي وشمالي العاصمة صنعاء».

يأتي التصعيد الأخير بعد أن أعلن الحوثيون تبنيهم لإطلاق صواريخ على إسرائيل في يافا بصاروخين باليستيين فرط صوتيين (من نوع فلسطين 2)، تضامناً مع غزة، ورداً على استهداف إسرائيل مدينتيْ صنعاء والحديدة، حيث دوت صفارات الإنذار في تل أبيب وهشارون وهرتسليا وحولون، مما تسبب في دخول أعداد كبيرة إلى الملاجئ، كما اعترضت القبة الحديدية صاروخا أُطلق الاثنين الماضي من اليمن.

ورد الجيش الأمريكي باستهداف منشأة قيادة وسيطرة يديرها الحوثيون لتنسيق العمليات مثل الهجمات على السفن الحربية والتجارية التابعة للبحرية الأمريكية جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وأشارت القيادة المركزية للجيش الأمريكي «سنتكوم» في منشور على منصة إكس، أن الضربة تعكس التزام القيادة المركزية بحماية القوات الأمريكية وقوات التحالف والشركاء الإقليميين وضمان أمن الشحن الدولي.

وصرح رئيس مجلس الحكم الحوثي، مهدي المشاط، بمناسبة ما يسمى بعيد الاستقلال أن «أي محاولة للتصعيد ضد صنعاء ستواجه بتصعيد أشد ورد أقوى، وهناك محاولات أمريكية لإشعال الجبهة الداخلية»، وأكد استمرار الجماعة في مساندة فلسطين في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهادي والبحر المتوسط، وفي عمق الكيان الغاصب حتى وقف العدوان ورفع الحصار.

وبدأ الحوثيون استهداف السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر في منتصف نوفمبر 2023، وأجبروا حركة الشحن التجارية على إعادة تنظيم مساراتها عبر طرق أخرى أطول وأكثر تكلفة، ووصل عدد السفن التي استهدفتها ميليشيا الحوثي منذ بدء الهجمات إلى نحو 166 سفينة، أغلبها إسرائيلية وبريطانية وأمريكية مثل «يونيتي إكسبلورر»، و«نمبر ناين»، و«أتش إس أم دايموند» البريطانيتين، و«جالاكسي ليدر» الإسرائيلية، و«سي إم إيه» و«سي جي إم» الإسرائيلية، و«سنترال بارك» الإسرائيلية، و«يو إس إس ميسون» الأمريكية، و«يو إس إس كارني» الأمريكية وغيرها.

وهددت ميليشيا الحوثي حركة الملاحة، لاسيما في البحر الأحمر، بعد سيطرتها على ميناء الحديدة، ثاني أكبر موانئ اليمن بعد ميناء عدن، ثم ميناء الصليف والمخصص لإنتاج الملح وتصديره، ثم ميناء رأس عيسى النفطي، والذي يستخدم كمنصة لإطلاق الصواريخ والطائرات المفخخة على السفن العابرة في البحر الأحمر، وخلال إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب (2017- 2020) تم تصنيف ميليشيات الحوثي جماعة إرهابية، لكن تم إلغاء التصنيف في ظل إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، بداعي أن تصنيف الحوثي جماعة إرهابية سيعيق عمل منظمات الإغاثة والطواقم الإنسانية في إغاثة المحتاجين، ثم أعادت إدارة بايدن تصنيف الحوثي إرهابية في 17 يناير الماضي كرد على تصاعد هجماتها على السفن المارة في المياه الدولية في البحر الأحمر.

يرى مراقبون أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستكثف من التضييق والضربات على الحوثي، تزامنا مع تكثيف الضغط على إيران سياسيا واقتصاديا وعسكريا، لحل أزمة الورقة النووية لدى إيران في الفترة القادمة، وباعتبار الحوثي هو آخر الأذرع الباقية حاليا على الأرض، وما تزال تنفذ الكثير من الهجمات على أهداف في عمق إسرائيل وفي المياه الدولية لأهداف تابعة لإسرائيل وأمريكا وبريطانيا وغيرها من السفن العابرة في البحر الأحمر بما يهدد حركة الملاحة الدولية.

على الجانب الآخر يعول الطرف الحوثي على مخزون كبير من الأسلحة النوعية والمسيرات والصواريخ الفرط صوتية، حيث يمتلك الحوثي صواريخ من نوع بركان 1 و2 إتش وبركان 3 وفلق وقاصف 1 وقاصف 2 كيه وراصد وقدس 1 وصياد وسجيل وكرار وطوفان وزلزال وجعران وقاهر 1 و2 وبدر 1 بي وبدر إف وتوشكا أو آر تي 21 وسكود سي وتيرميت بي 15 السوفيتيين وهواسنج 5 و6 الكوري الشمالي وسي 802 الصيني، وصواريخ كروز ومضادات السفن والزوارق المفخخة وصواريخ مضادة للسفن مثل مندوب 2 وسجيل والقدس وعاصف وفلق الإيراني وروبيز السوفيتي، كما يمتلك الحوثي مخزونا من الطائرات المسيرة مثل صماد 1 و2 و3 وهدهد 1 ورقيب وغيرها.

اقرأ أيضاًقصف حوثى يُسقط ويصيب 4 أطفال فى اليمن

الصحة العالمية: اليمن يواجه أسوأ أزمة كوليرا عالمية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل الحوثيين الصواريخ الباليستية جماعة الحوثي إسرائيل وجماعة الحوثي الحوثيون هجمات فی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

اليمن: المشروع الحوثي إلى زوال وتوحيد الصفوف أولوية

أحمد عاطف (عدن، القاهرة)

أكدت الحكومة اليمنية أن المشروع الحوثي بات عاجزاً عن الاستمرار في ظل التطورات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، داعية اليمنيين إلى التكاتف ونبذ الخلافات لاستعادة الدولة.
وقال معمر الإرياني، وزير الإعلام اليمني، إن الشعب اليمني يقف اليوم في منعطف حاسم من تاريخه، حيث تتغير موازين القوى، وتتكشف الحقائق، مشيراً إلى أن المشروع الحوثي أصبح غير قابل للبقاء في مواجهة عزيمة اليمنيين، الذين بتوحدهم ونبذ خلافاتهم قادرون على إسقاطه.
وختم الإرياني بالتأكيد على أن لحظة الحقيقة قد حانت، وعلى اليمنيين أن يدركوا أكثر من أي وقت مضى أن الحوثي ليست قدراً محتوماً، داعياً إلى توحيد الصفوف، ونبذ الخلافات التي هي مصدر القوة الوحيد للحوثيين، والاعتماد على الجيش والقيادة الوطنية من أجل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
في غضون ذلك، وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، 15413 انتهاكاً حوثياً، في محافظة ذمار خلال الفترة من 1 يناير 2018م، وحتى 30 مايو 2025م، موضحة أن الانتهاكات تنوعت بين جرائم القتل، والإصابة، والاختطافات، والإخفاء القسري، ونهب المساعدات، وتفجير المنازل. 
ولفت الخبير الحقوقي، فارس البيل، إلى أن ميليشيات الحوثي تمتلك سجلاً ضخماً من الجرائم والانتهاكات، إذ لم تترك شكلاً من أشكال الانتهاكات إلا ومارسته، بدءاً من استهداف النساء، وتفجير المنازل، واختطاف الصحفيين، وانتهاءً بتجنيد الأطفال وترويع المدنيين.
وأوضح البيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الجرائم الحوثية لم تعد خافية على أحد، بل أصبحت موثقة من قبل منظمات حقوقية وأممية عديدة، وكان آخرها اعتقال موظفين أمميين في صنعاء ومناطق أخرى، وذلك في تحدٍ صارخ للقوانين الدولية الإنسانية، مما يعد مؤشراً خطيراً على تعمد الجماعة الانقلابية استهداف المجتمع الدولي ومؤسساته.
وقال الخبير الحقوقي، إن تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية»، مثلما فعلت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بات ضرورة ملحة لتحقيق العدالة، لا سيما أن الخطر الحوثي لم يقتصر على الداخل اليمني، بل انعكس على حركة الملاحة الدولية، من خلال تهديد الممرات المائية واستهداف السفن، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد العالمي.
وشدد البيل على أهمية استمرار العمل المنهجي في توثيق الانتهاكات الحوثية، وتوسيع دائرة الحشد على المستوى العربي والدولي، موضحاً أن تحقيق هذا الهدف سيشكل نقطة تحول في التعامل الدولي مع الحوثيين، ويمهد الطريق نحو تسوية عادلة، تبدأ من الاعتراف بحجم الجرائم المرتكبة ومحاسبة مرتكبيها.
في السياق ذاته، قال المحلل السياسي اليمني، محمود الطاهر، إن انتهاكات الحوثيين لم تعد تقتصر على الداخل اليمني، بل امتدت آثارها لتطال استقرار المنطقة، إذ إنهم يمارسون إرهاباً منظماً يتطلب موقفاً دولياً حازماً يتجاوز الإدانات. 
وأضاف الطاهر، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن جهود المجلس الرئاسي اليمني، تمثل نقلة نوعية في مسيرة حماية المدنيين وإعادة الاعتبار لحقوق الضحايا، إذ يعمل المجلس على حشد التأييد الدولي والإقليمي لدعم مطلب تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية»، بالتوازي مع جمع وتوثيق الأدلة الحقوقية والجنائية حول انتهاكاتهم.

ضغط دبلوماسي
وأكد المحلل السياسي اليمني الطاهر أن التحدي القائم حالياً لا يكمن فقط في جمع الأدلة، بل في بناء شبكة ضغط دبلوماسي وحقوقي قادرة على تجاوز الحسابات السياسية لبعض القوى الدولية، التي ما زالت تراهن على مسارات تفاوضية من دون شروط رادعة، رغم الأدلة المتزايدة على الجرائم التي يرتكبها الحوثيون.

أخبار ذات صلة اليمن: واثقون في الدعم الدولي لإنهاء الانقلاب «الحوثي» محمد سبأ.. رحلة تشكيلية تنبض بالموروث

مقالات مشابهة

  • "هيومن رايتس" تدعو إلى التحقيق في استهداف إسرائيل والحوثيين للمطارات وتعتبرها جرائم حرب
  • طارق يثير سخرية واسعة .. من الهزيمة إلى السفلتة (تفاصيل)
  • وزير خارجية إيران: وقف حرب إسرائيل على غزة يتبعه توقف هجمات البحر الأحمر
  • الولايات المتحدة تعود للبلطجة في البحر الأحمر.. واليمن يرد بضربة موجعة
  • النجيفي “يتوقع” بضعف التأثير الإيراني في البرلمان المقبل
  • صحيفة روسية: حاملة الطائرات البريطانية الأكثر شهرة تتجه إلى الحوثيين للانتحار
  • وزير الخارجية مع نظيره الإيراني: أكدنا على حرية وأمن الملاحة في البحر الأحمر
  • الخارجية: هدفنا أمن الملاحة في البحر الأحمر وندعم التسوية السلمية للملف النووي الإيراني
  • حاملة الطائرات الأمريكية تعود إلى قاعدتها بعد معارك شرسة ضد الحوثيين في البحر الأحمر
  • اليمن: المشروع الحوثي إلى زوال وتوحيد الصفوف أولوية