لماذا العراق أمام فرصة تاريخية لإنهاء PKK في سنجار؟
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
يقف العراق على مفترق طرق بعد إسقاط نظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، وذلك في ظل تهديدات تركيا لإنهاء حزب العمال الكردستاني في الأراضي السورية، ورفض إيران للواقع السياسي الجديد في سوريا، والتي تربطها علاقات مع "PKK".
ويسيطر "العمال الكردستاني" على منطقة جبل سنجار العراقية منذ استعادتها من تنظيم الدولة عام 2015، حيث تعد ممرا إستراتيجيا يرتبط مع الأراضي السورية، والتي طالما شنت القوات التركية هجمات جوية تستهدف قيادات "PKK" في هذه الجغرافيا المهمة.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، أن تركيا ستستهل عام 2025 بخطوات جديدة لتعزيز أمن حدودها الجنوبية والقضاء على التنظيمات التي تهدد أمن شعبها واستقرار المنطقة، سواء "العمال الكردستاني"، أو امتداده في سوريا "قسد" أو تنظيم الدولة.
وبدعوة من نظيره التركي، أجرى وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، زيارة إلى أنقرة، الأربعاء، بحثا خلاله تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات والخبرات وتأمين الحدود المُشترَكة بين البلدين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
"إستراتيجية تركية"
تعليقا على الموضوع، قال مدير "المركز العراقي" للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل لـ"عربي21" إن "التهديدات التركية بتصفية حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) في العراق مستمرة، وذلك ضمن إطار إستراتيجية أنقرة لإنهاء هذا الحزب".
وأضاف فيصل أن "تركيا تنسق في ذلك أمنيا وعسكريا مع الحكومة العراقية، إضافة للحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، لكن العقبة الأساسية هي موقف فصائل عراقية مسلحة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وموقف إيران الداعم والمساند لحزب العمال الكردستاني".
وأوضح الخبير العراقي أنه "بعد نجاح الثورة السورية في 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، ظهرت بيانات وتصريحات من هذه الفصائل بأنها ستدعم العمال الكردستاني بالضد من الإستراتيجية التركية التي ساهمت بدعم ثورة سوريا، وأفقدت الحرس الثوري والفصائل وإيران هيمنتها على سوريا كما على حزب الله في لبنان".
ورأى فيصل أن "موقف الفصائل العراقية المتحالفة مع الحرس الثوري يتجه نحو دعم (PKK) على الضد من الاستراتيجية التركية في الشرق الأوسط خصوصا في العراق وسوريا، اللتان تحولتا إلى مسرح للصراع والعمليات العسكرية بين المشروعين التركي والإيراني".
وفي نفس السياق، يؤكد فيصل أن "الحكومة العراقية على الضد من هذه الفصائل، واتخذت موقفا للانفتاح على النظام الجديد في سوريا، وهذا الموقف العقلاني ينسجم مع السياسة الخارجية المحايدة للحكومة والتي تتناقض تماما مع موقف إيران والفصائل المسلحة المتحالفة معها".
وأضاف الخبير العراقي أنه "في هذا الإطار جاءت زيارة مدير المخابرات العراقية حميد الشطري، إلى دمشق، والتي جرى خلالها الافراج عن المعتقلين من الفصائل المسلحة العراقية الذين اعتقلوا بعد تحرير الشام، لأن هذه الأخيرة كانت في حالة مواجهة مع الثورة السورية".
ولفت فيصل إلى أن "الأمن والاستقرار في سوريا من المؤكد أن ينعكس إيجابيا على الواقع الأمني العراقي، ولاسيما على الحدود بين البلدين وخفض التصعيد هناك، وبالتالي سحب القوات العراقية التي حُشدت قبل مدة، والعودة إلى العلاقات التجارية المهمة جدا للجانبين".
وتوقع الخبير العراقي، أن تذهب الفصائل المسلحة في العراق نحو خفض التصعيد الآن، وذلك في ظل مواجهة احتمالات حلّ قوات الحشد الشعبي وباقي الفصائل على اختلافها، ودمج البعض منها في الجيش أو القوات المسلحة العراقية.
"فرصة تاريخية"
وفي السياق ذاته، قال الباحث في مجال العلاقات الدولية والشؤون الإستراتيجية، علي أغوان إن "اللحظة الحالية مهمة للدولة العراقية، لأن هناك تحرر من ضغوطات إيران والفصائل المسلحة، لذلك بإمكان الحكومة أن تناور في مساحة أوسع من أجل إعادة صياغة التواجد الأميركي".
وأوضح الباحث العراقي لـ"عربي21" أن "العراق يحتاج الدعم اللوجستي والاستراتيجي من التحالف الدولي ومن الجانب الأميركي، خصوصا أن هناك مشكلات ممكن أن تصلنا من الجانب السوري، وتحديدا من السجون التي بحوزة قوات سوريا الديمقراطية، وتضم آلاف العناصر من تنظيم الدولة".
وأشار أغوان إلى أنه "في حال حصل احتكاك بين الجانب التركي وقوات سوريا الديمقراطي (قسد)، فمن يضمن ألا تعود ارتدادات ذلك على العراق كما حصل في عام 2014، وذلك بعد أن يفرج عن سجناء عناصر تنظيم الدولة في الأراضي السورية".
وتابع: "الجانب الإيراني اليوم في حالة دفاع ولا يستطيع أن يبادر- على أقل تقدير خلال الستة أشهر المقبلة- كونه يترقب وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إضافة إلى ترقبه للتهديدات الإسرائيلية، ومراقبته للأحداث في سوريا".
بالنتيجة، يرى أغوان أن "حالة الدفاع الإيرانية هذه بالإمكان أن يستثمرها العراق، كونها لن تتكرر بشكل سهل، لأن المرحلة السابقة كانت الحكومة العراقية أمام ضغوطات إيرانية كبيرة، لذلك يمكن التفاهم مع وضع التواجد الأميركي اليوم وأخذ ضمانات".
وشدد الباحث أن "هناك لحظة تاريخية مناسبة حتى تذهب الدولة إلى مدينة سنجار وتفرض سلطاتها، لأن المظلة الإيرانية تراجعت في المنطقة، بالتالي هناك مساحة إضافية للحكومة العراقية لأن تتحرك هناك".
وأشار إلى أن "حزب العمال الكردستاني في سوريا قدم تنازلات كبيرة لأنهم عرضة لتهديد تركي مباشر، وقالوا إنهم يريدون أن يكونوا ضمن الحالة السورية الجديدة، وهذا يدل على أن هناك ضعف وعدم تواصل جزء من هذا الحرب مع الجانب الإيراني".
وبيّن أغوان أن "الحكومة العراقية أذا أرادت القيام بعملية عسكرية فإن اللحظة هذه مناسبة لإعادة سنجار إلى حضن الدولة، لأن حزب العمال الكردستاني نسج علاقات اجتماعية كبيرة في هذه المنطقة، ونخشى بعد مدة أن نواجه عراقيين عرب يقاتلون معهم".
ولفت إلى أن "الموقف الإيراني في تراجع وليس بالضرورة أخذه بنظر الاعتبار، لأن اليوم نتحدث عن أمن قومي عراقي، وأن الدولة العراقية بأوج قوتها، وأن الإيرانيين خسروا في لبنان وسوريا وذاهبين في خسارة باليمن، وإذا لم نستثمر هذه الفرصة فإن الإيراني سيأتي من زاوية ثانية".
وزاد أغوان، قائلا: "إذا لم تستثمر الحكومة العراقية هذه اللحظة، فإننا سنندم ربما لمدة عشرة أو عشرين عاما مقبلة، لأن اليوم هناك نظام إقليمي جديد يتشكل في المنطقة، بالتالي علينا أن ننتبه إلى ذلك جديدا".
ودعا الباحث العراقي إلى تحويل العلاقة بين العراق وإيران إلى "علاقة ندية ثنائية، ولا نريدها أن تتدخل في عملية عسكرية في سنجار مؤجلة منذ عام 2017، لأن الجاب الإيراني هو من أوقفها ولا يريد للعراق أن يمسك هذا الملف بشكل مباشر".
وقبل ذلك، كشف المحلل السياسي العراقي، رعد هاشم في حديث سابق مع "عربي21" أن "مليشيا النجباء العراقية الموالية لإيران، بزعامة أكرم الكعبي، تخطط للتدخل في الشأن السوري بدفع من طهران، وذلك عن طريق الدخول عبر المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".
وأكد هاشم أن "النجباء تخطط للاشتباك مع الفصائل السورية (الإدارة الجديدة)، وذلك لاستباق أي ضربة تستهدف هذه المليشيا في العراق، وبالتالي يهدفون من تحركهم إلى الضغط على الأمريكيين لإيقاف أي استهداف قد يطالهم من مقابل عدم التدخل في الشأن السوري".
وقبل أيام نشر المرشد الأعلى في إيران، علي خامني، تدوينة على منصة "إكس"، طالب فيها الشباب السوري بأن "يقفوا بإرادة قوية أمام أولئك الذين خططوا ونفّذوا لهذه الحالة من انعدام الأمن في سوريا، وسيتغلب عليهم"، في إشارة إلى الإدارة السورية الجديدة في البلاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراق العراق الأكراد بي كي كي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی الحکومة العراقیة الفصائل المسلحة تنظیم الدولة فی العراق فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا لا تتراجع أسعار بعض السلع في سوريا رغم ارتفاع الليرة؟
دمشق– تشكو المواطنة شادية مطر من ارتفاع أسعار بعض السلع والخدمات في الأسواق السورية رغم ارتفاع سعر الليرة مقابل الدولار، قائلة: "لم تعد خرجية (مصروف) الـ200 دولار التي يرسلها لي ابني من العراق تكفيني لمنتصف الشهر.. لا بد من إيجاد حل لارتفاع الأسعار لأن الأمر أصبح لا يُطاق".
وتضيف المدرِّسة المتقاعدة (56 عاما) في حديث لـ(الجزيرة نت): "ما يزال إيجار شقتي مليون ليرة (110 دولارات) بالرغم من أن قيمة الدولار قد انخفضت إلى نحو النصف مقارنة بقيمته في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إذ كان إيجار شقتي حينها يعادل 75 دولارا فقط، أما الآن فتخطى الـ100 دولار وأنا لا طاقة لي بذلك. وهناك أيضا مواد غذائية كثيرة لم تنخفض أسعارها بصورة متناسبة مع ارتفاع سعر صرف الليرة".
وشهد الاقتصاد السوري تحولات كبرى منذ سقوط نظام الأسد المخلوع في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وارتفعت الليرة بصورة ملحوظة أمام العملات الأجنبية لا سيما بعد صدور القرار الرسمي برفع العقوبات الأميركية ولاحقا الأوروبية عن سوريا الشهر الماضي.
وسجل سعر صرف الدولار في السوق الموازية، في أحدث تعاملات 9250 ليرة مقابل الدولار، مقارنة بـ16 ألف ليرة في مطلع ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
غير أن أسعار بعض السلع والخدمات الأساسية في سوريا ما تزال مرتفعة مقارنة بتحسن سعر صرف الليرة، مما يشكل عبئا مضافا على السوريين، ولا سيما موظفي القطاع العام، وأولئك الذين يعتمدون في مصروفاتهم والتزاماتهم على الحوالات الخارجية التي يرسلها إليهم أبناؤهم وأقاربهم المهاجرون.
إعلان أسعار مرتفعةوتبرز السلع الغذائية المنتجة محليا من أجبان وألبان ومعلبات ومنتجات للأطفال كأقل السلع تأثرا بالتحسن الذي يشهده سعر صرف الليرة مؤخرا، إذ تحافظ بعض هذه السلع على أسعارها التي كانت عليها قبل نحو شهر عندما كان سعر صرف الدولار يعادل 12 ألف ليرة. وتليها بضائع مصنعة محليا مثل الألبسة، والأدوات الكهربائية والصحية، والأدوية، وخدمات عديدة مثل المطاعم والفنادق والعيادات الطبية، بحسب ما رصدته الجزيرة نت في جولة لها في دمشق وريفها.
وأوضح مدير دائرة الإعلام في وزارة الاقتصاد والصناعة السورية، حسن الأحمد، أن التحسن في سعر صرف الليرة من الطبيعي أن يواكبه انخفاض تدريجي في الأسعار.
وقال في تصريح لـ(الجزيرة نت): "رأينا بالفعل تراجعا في أسعار بعض السلع والخدمات، خصوصا في القطاعات التي تعتمد على مدخلات محلية وتخضع للمنافسة الفعلية".
لكن المسؤول الحكومي استدرك قائلا إن هذا التراجع لا يشمل جميع القطاعات، فما تزال الأسعار مرتفعة في قطاعات على رأسها الصناعات الغذائية وخدمات المطاعم وقطاع الألبسة، مرجعا ذلك إلى جملة من العوامل، أبرزها اختلال العرض والطلب، وارتفاع تكاليف التشغيل، وتفاوت جودة الخدمات المقدمة.
وقال: "السوق لا يستجيب فورا وبشكل متساوٍ في جميع المجالات".
وحول دور الحكومة في ضبط الأسعار، أوضح الأحمد أن الدولة بتوجهها نحو اقتصاد السوق الحر التنافسي، فإن وزارة الاقتصاد والصناعة لا تتدخل في فرض الأسعار، بل تركز على ضمان بيئة سوق عادلة وشفافة، إذ تُحدد الأسعار بناء على التكلفة والجودة وحجم الطلب، لا على قرارات إدارية.
وأكّد أن دور الوزارة "يقتصر على ضبط الإطار العام للسوق، ومنع الاحتكار والمغالاة، وتشجيع المنافسة وزيادة العرض، حتى تصبح الأسعار أكثر توازنا واستقرارا بشكل طبيعي، وضمن منطق السوق".
إعلان مضارباتويجمع خبراء اقتصاديون على أن التحسن الأخير في سعر صرف الليرة السورية لا يستند بالمجمل إلى عوامل اقتصادية موضوعية، بل يعود بدرجة كبيرة إلى المضاربات في السوق الموازية والعوامل النفسية التي تحرك سلوك المتعاملين.
ويرى الخبير الاقتصادي السوري حازم عوض أن ما يتحكم بسعر صرف الليرة في السوق الموازية هو قوى العرض والطلب والمضاربات، وهو ما يفسر انخفاض سعر الصرف فيها (9200 ليرة للدولار) عنه في المصرف المركزي (11 ألف ليرة للدولار).
وأشار إلى أن السوق الموازية لا تحكمها عوامل اقتصادية واضحة، بل عوامل أخرى نفسية متعلقة بالخوف أو الراحة، فمتى ما نُشرَ خبر عن وجود استثمارات ضخمة دخلت إلى سوريا، أو عن رفع للعقوبات، يسود الخوف ويبيع المتعاملون أو التجار مدخراتهم من الدولار، فترتفع قيمة الليرة لكنها تعود إلى سعرها شبه الحقيقي بعد فترة وجيزة.
ويوضح الخبير، في تعليق لـ(الجزيرة نت) أن بعض السلع المرتبطة بالدولار بصورة مباشرة قد تسجل انخفاضا جزئيا في أسعارها مع تحسن سعر صرف الليرة، لكن هذا الانخفاض لا يكون مكافئا لتحسن سعر الصرف تماما، لأن التاجر يتعامل مع واقع سوق غير مستقر، ويفضل الاحتفاظ بـ"هامش أمان" في التسعير، مما يدفعه إلى عدم خفض الأسعار بالوتيرة المتوقعة، في حين أن بعض السلع المنتجة محليا قد لا يتأثر سعرها إطلاقا بتذبذب سعر الصرف لأنها غير مستوردة وتخضع لشروط إنتاج مختلفة.
ويشير الخبير الاقتصادي أدهم القضيماتي في تعليق لـ(الجزيرة نت) إلى مجموعة من العوامل التي تلعب دورا في ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع والخدمات في سوريا، أبرزها:
غياب اقتصاد حقيقي يقوم على أسس اقتصادية متينة: المؤسسات الاقتصادية في البلاد تعاني من إنهاك شديد منذ عهد النظام البائد، وهو ما يحدّ من قدرتها على إدارة الاقتصاد، رغم وجود جهد ملحوظ تبذله الحكومة السورية لمحاولة تمكين هذه المؤسسات من أداء دورها. تقلّب أسعار الصرف: وهي تنتج بمعظمها عن المضاربات في السوق الموازية، تلقي بظلالها على أسعار السلع والخدمات، إذ تُسعَّر معظم المواد وفق هذه التغيرات غير المستقرة. غياب الإنتاج المحلي الكافي: خاصة في السلع الغذائية الأساسية، مما يحول دون تحقيق الاكتفاء الذاتي ويجعل الأسواق المحلية مرتهنة للأسعار العالمية. استيراد أغلب السلع من الخارج مما يجعلها أكثر عرضة لتأثيرات التقلبات الخارجية، لا سيما في ظل غياب ثبات حقيقي في سعر الصرف. إعلان