طالبان.. متى يعلنون وفاة النساء!
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
لا ينقطع صراخ وعويل أمريكا ودول أوروبا على ما تردده وسائل الاعلام عن جرائم حرب ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا.. وما تبعه من إجراءات مشددة من سائر دول الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا حتى بلغ الامر عزم الرئيس الأمريكي بايدن تقديم ادلة على ما وصفه "بالانتهاكات" الى المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي.
الاعلام الغربي حشد كل مواقعه وقنواته لتأليب الرأي العام ضد الرئيس الروسي بوتين والعمليات العسكرية الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في مشهد يذكِر المتابع بتوجه الاعلام الأمريكي والغربي قبل الغزو الأمريكي للعراق.. حين حُجِبت الحقائق امام سيل من الأكاذيب بهدف احداث شحن منظم للرأي العام نحو تأييد عزو العراق.
في المقابل، يراقب نفس أطراف المجتمع الدولي جرائم مماثلة في بقعة أخرى غائبة عن الاهتمام الإعلامي والسياسي الدولي الذي لا ينقطع سيل مقالاته الموجهة والمضللة أحيانا عن انتهاكات حقوق الانسان في دول المنطقة العربية، ودعوات لإعادة اشعال الفوضى والعنف الى شوارعها بعدما عرفت الاستقرار والأمن دون ان يكلف نفسه عناء مراجعة الاغتيال الوحشي الذي تتعرض له المرأة في افغانستان حتى لا يعيد الى الاذهان أكبر فشل سياسي وعسكري منيت به الإدارة الامريكية إثر انسحاب عشوائي من أفغانستان عام.
واكب سيطرة تنظيم طالبان على الحكم إطلاق كل الاكاذيب التي اعتادت ترديدها الجماعات المتطرفة عن عزمهم الحكم من منطلق سياسة أكثر انفتاحا وقبولا لدى المجتمع الدولي. على ارض الواقع لم تعني حكومة طالبان بأولويات الازمة الاقتصادية الطاحنة ومظاهر الفقر الأشد ضراوة وقسوة في أفغانستان، لكنها بادرت بإعلان كل مظاهر الهوس الذي يسيطر على الجماعات المتطرفة وتيارات ما يعرف بالإسلام السياسي تجاه المرأة، لتمتد الى قرارات تستهدف الغاء عقلها بعدما مارست كل مظاهر الحجر على جسدها.
لا يمكن وصف اضطهاد نظام طالبان للمرأة انه حملة قمعية تنتهك كل حقوقها، لكنها حرب تستهدف اغتيال المرأة ثقافيا، فكريا، وانسانيا. بعد حرمانها من حق التعليم، ارتياد المتنزهات والحدائق العامة.. أخيرا يتم استهداف المتنفس الوحيد امامها بقرار اغلاق مراكز التجميل رغم انها تعمل بشكل مخفي حيث يتم تغطية لافتاتها ونوافذها.
المراكز عملت على توفير فرص عمل لنحو 60 الف من العاملات بها، هذا بالإضافة الى اغلاق الاف الأنشطة التجارية التي تديرها النساء وطرد الاف النساء من الوظائف الحكومية, و جميع هذه المجالات غالبا تشكل المصدر الوحيد لدخل الاسرة كما أدى منع النساء من العمل لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الغير حكومية للإغاثة الى عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية الى دولة يعاني نصف سكانها من الجوع الحاد و تعطيل اكبر عملية إغاثة في العالم.
واكب هذه الممارسات القمعية ارتفاع نسب التعنيف والجلد العلني والاغتصاب.
في المقابل، كثف الموقف الدولي سياسيا واعلاميا حملات التأليب ضد بوتين مكتفيا بالبيانات والمطالب الروتينية من نظام طالبان كرد فعل على اغتيال ممنهج للمرأة الأفغانية بعد حرمانها من ابسط حقوقها حتى ولو كان التمتع بنسمة هواء نقي في حديقة عامة!
قمع طالبان امتد الى التدخل في حق شرعي منحه الدين الإسلامي للمرأة اذ بدأت تلغي احكام الطلاق الصادرة قبل وصولها للحكم بهدف الضغط على المطلقات للعودة الى ازواجهن. دون ان تتجاوز ردود أفعال منظمات الأمم المتحدة تجاه مظاهرات نساء أفغانستان امام مكاتبهم حدود ابداء القلق والإدانة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني طالبان
إقرأ أيضاً:
المرأة الأردنية والتحديث الاقتصادي … الاستثمار في التعليم لا يكتمل إلا بالإدماج في سوق العمل
صراحة نيوز- د.زهور غرايبة تكتب
مع مرور ثلاث سنوات على بدء مراحل رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية وانطلاق المرحلة الثانية التي تُعد مشروعًا وطنيًا شاملًا لتوسيع قاعدة النمو وخلق فرص عمل مستدامة، تتجه الأنظار نحو مدى قدرة الاقتصاد على استثمار الطاقات البشرية المؤهلة، وفي مقدمتها المرأة الأردنية، فالمرأة اليوم لا تطالب فقط بالتمكين، إنما تثبته بالأرقام والإنجازات، لا سيما في المجال التعليمي، الذي باتت تتصدره بامتياز.
تشير بيانات عام 2024 إلى أن النساء يشكلن ما يقارب 60% من خريجي التعليم الجامعي، ويواصلن هذا التميز في الدراسات العليا؛ إذ بلغت نسبتهن في الماجستير 60.4% وفي الدكتوراه 57.1%. هذا التقدم يعكس وعيًا مجتمعيًا متزايدًا بأهمية تعليم المرأة، ويعزز من جاهزيتها للمشاركة في القطاعات الحيوية التي ترتكز عليها رؤية التحديث، كالاقتصاد المعرفي والريادة والابتكار.
ورغم هذا الحضور اللافت في التعليم، لا تزال مشاركة المرأة في سوق العمل محدودة، إذ بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للنساء 14.9% فقط، مقارنة بـ53.4% للرجال، ما يعكس فجوة واسعة تُقدَّر بـ38.5 نقطة مئوية، كما أن معدل البطالة بين النساء وصل في عام 2024 إلى 32.9%، وهو أكثر من ضعف المعدل العام، هذه الأرقام لا تنتقص من كفاءة النساء، لكنها تكشف عن حاجة ملحة لتطوير السياسات والبيئات المؤسسية والتشريعية لتكون أكثر دعمًا للنساء الباحثات عن دور فاعل ومنتج في الاقتصاد.
وتتعمق الصورة حين ننظر إلى صافي فرص العمل المستحدثة خلال العام ذاته؛ فقد بلغت فرص الإناث قرابة 30 ألفًا، مقابل أكثر من 65 ألفًا للذكور، ورغم أن الأرقام تعكس توجهًا إيجابيًا في توفير فرص للاناث، إلا أنها تؤكد في الوقت ذاته أن الطريق لا يزال طويلًا أمام تحقيق توازن حقيقي في سوق العمل، خاصة في القطاعات التي تُعد الأكثر إنتاجًا واستدامة.
وتكتسب هذه المعطيات بعدًا آخر عندما نعلم أن واحدة من كل خمس أسر أردنية ترأسها امرأة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة النساء المعيلات للأسر (اللواتي يرأسن أسرهن) تبلغ 20.8% من مجموع الأسر في المملكة، أي ما يزيد عن نصف مليون أسرة، أغلبهن من الأرامل بنسبة 76.3%، هذا الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي تؤديه النساء المعيلات لا يمكن تجاهله، ويستدعي توفير شبكات حماية متكاملة، ومبادرات تمكين حقيقية، تضمن لهن فرص الاستقرار والعمل والإنتاج.
رؤية التحديث الاقتصادي، من جهتها، وضعت هدفًا استراتيجيًا يتمثل في رفع نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية إلى 28% ومضاعفة وجود النساء في سوق العمل الأردني بحلول عام 2033، وهذا الهدف لا يبدو بعيد المنال في ظل توفر الإرادة السياسية العليا، والبرامج المتنوعة التي بدأت ترى النور، خاصة في المحافظات والمجتمعات التي تحتاج إلى تحفيز إضافي، ومن أبرز ما ورد في الرؤية: “إن تمكين المرأة هو شرط أساسي لتحقيق النمو الشامل والمستدام… وتلتزم الدولة بتهيئة بيئة عمل آمنة ومنصفة تراعي التوازن بين المسؤوليات الأسرية والطموحات المهنية.”
تحقيق هذا الطموح يتطلب استكمال جهود بناء بيئة عمل عادلة، تحفز القطاع الخاص على التوسع في توظيف النساء، وتدعم ريادة الأعمال النسائية، وتؤمن خدمات مساندة كالحضانات والنقل الآمن، وتكافؤ الأجور، كما يتطلب الأمر العمل على تفكيك الصور النمطية التي ما زالت تقيد مشاركة النساء في بعض القطاعات أو في المواقع القيادية.
إن المرأة الأردنية أثبتت جاهزيتها، لا فقط من خلال تحصيلها العلمي، بل عبر أدوارها المتعددة في الأسرة والمجتمع وسوق العمل، إضافة إلى الاستثمار في قدراتها الذي يعد ركيزة وضرورة وطنية، تصب في مصلحة الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي على حد سواء، فالرؤية الأردنية الطموحة في التحديث لا تكتمل إلا بمشاركة الجميع، والمرأة شريكة أصيلة في صناعة الحاضر وبناء المستقبل.