تحوّلت الجبهة اليمنية الإسرائيلية إلى جبهة الحرب الرئيسية بالنسبة لبنيامين نتنياهو، كما أصبحت الإسناد الوحيد الذي يقدّمه محور المقاومة لغزة، وخلال أسبوعين ماضيين تحوّلت الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنيّة إلى حدث يوميّ بالنسبة لسكان تل أبيب تُجبرهم على النزول بالملايين إلى الملاجئ، بينما ثبت بصورة قاطعة فشل الدفاعات الجوية الإسرائيلية في التصدّي للهجمات اليمنية، وفقاً لتصريحات مسؤولين إسرائيليين عسكريين منهم أكثر من قائد سابق لسلاح الدفاع الجوي في القوات الجوية، حيث أكد تسفيكا حاييموفيتش، القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي، أن التطوّرات الأخيرة تظهر أن الحوثيّين باتوا قادرين على استهداف مناطق وسط «إسرائيل» بعد أن كانت هجماتهم تقتصر على إيلات.
لم يعُد المشهد مقتصراً على عمليّات متقطعة، بعدما نجح اليمن بتحقيق إنجاز نوعيّ تمثل بإقفال البحر الأحمر أمام السفن المتوجّهة إلى كيان الاحتلال وصولاً إلى التسبّب بإقفال ميناء إيلات، وإعلان شركة المرفأ إفلاسها. وتأتي تحديات الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية نحو عمق الكيان بعد وقف إطلاق النار على جبهة لبنان وبعد الأحداث الكبرى التي شهدتها سورية، لتقول إن اليمن وحده سوف يعوّض غياب سائر أطراف محور المقاومة عن جبهات الإسناد، مفتتحاً حرب استنزاف فعالة على كيان الاحتلال، ويُجمع المحللون الإسرائيليون على هذه الحقيقة، كما أشار مراسل الشؤون العسكرية في قناة «12» نير دفوري، الذي قال إن التقديرات في «إسرائيل» تشير إلى دخول البلاد في حرب استنزاف قد تمتدّ أسابيع، إذ يواصل اليمن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل يوميّ، مما يؤدي إلى إرهاق المنظومات الدفاعية الإسرائيلية. وتوقع الخبير الإسرائيلي في شؤون الخليج يوئيل جوجانسكي أن يستغلّ اليمن هذا الوضع لاستنزاف «إسرائيل» بشكل أكبر، مؤكداً أن اليمن يدرك تماماً تأثير هجماته على السياسة الإسرائيلية والمجتمع. وأضاف «إسرائيل» تقع تدريجياً في المصيدة اليمنية، وأنا قلق من أن هذه الحرب قد تنتهي بهزيمتنا».
فيما يكشف هلع المراقبين والمحللين في الكيان من المواجهة مع اليمن وعدم ثقتهم بفعالية تهديدات رئيس حكومتهم، قناعة بأن لدى اليمن ما ليس لدى سائر أطراف محور المقاومة، فإن هؤلاء يُعيدون ذلك إلى أسباب مثل التسليم الأميركي البريطاني باستحالة الفوز في حرب استنزاف مع اليمن من جهة، وبتأثير دخول اليمن هذه الحرب بعدما استنفدت «إسرائيل» قدرتها على التحمل إثر خمسة عشر شهراً من الحرب، وتطرّقت القناة الـ14 إلى ضعف الدعم الأميركي لـ”إسرائيل» في هذا الصراع، إذ أشار مراسل الشؤون السياسية تامير موراغ إلى مشكلتين رئيسيتين: الأولى هي غياب رغبة الإدارة الأميركية في تصعيد العمليات الهجومية ضد اليمن، والأخرى نقص الصواريخ الاعتراضيّة، مما يزيد صعوبة التصدي للهجمات اليمنية. بينما نبّه داني سيترينوبيتش الخبير في شؤون إيران ومحور المقاومة في مركز أبحاث اﻷمن القومي إلى أن تعطيل ميناء إيلات بالكامل بسبب الهجمات البحرية الحوثية يمثل ضربة قاسية لـ”إسرائيل”، مشيراً إلى أن «إسرائيل» لم تعُد تمتلك القدرة نفسها على الردع كما كان الحال في الماضي.
يسمح التدقيق في الحال اليمنية مقارنة بما قدّمته ساحات الإسناد الأخرى، وخصوصاً لبنان، للقول إن اليمن يدخل حرب الاستنزاف بعدما خاضت جبهة لبنان وجبهة غزة حرب استنزاف مكثفة وثقيلة طوال سنة ونيّف، ما أنهك الكيان وجيشه، وإن اليمن يتمتع بسبب بعد المسافة بفعاليّة التحرك في إطلاق الصواريخ، حيث لا تستطيع الطائرات الحربية الإسرائيلية والطائرات المسيّرة الاستطلاعيّة البقاء في أجواء اليمن كما في أجواء غزة ولبنان على مدار الساعة، ومثلها في حالات الإغارة على اليمن، بينما مساحة اليمن 550 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانه 35 مليون نسمة، والشعب اليمنيّ عملياً موحّد العزيمة وراء قضية فلسطين ونصرتها، وهو منذ سنوات يعبّر عن ذلك في الساحات والميادين، والتماهي بين الشعب والقيادة غير موجود بهذا القدر في غير اليمن، بينما يمتلك اليمن قدرات تكنولوجية متفوّقة، حيث نقلت صحيفة الواشنطن بوست عن مسؤول إسرائيلي أن القدرات اليمنية التكنولوجية مفاجئة.
فتح نتنياهو باب الحرب مع اليمن ولم يعُد إقفاله بيده، ويوماً بعد يوم يظهر أن هناك طريقاً واحداً للتخلص من التحدي اليمني، هو الذهاب إلى اتفاق مع المقاومة في غزة.
*رئيس تحرير جريدة البناء اللبنانية
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
صاروخ «فلسطين 2» يغير قواعد الاشتباك.. اليمن تدخل المعركة الجوية مع إسرائيل
أعلنت جماعة “أنصار الله” اليمنية، تنفيذ عملية صاروخية نوعية استهدفت مطار بن غوريون في منطقة يافا المحتلة، باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي من طراز “فلسطين 2”.
وأكدت الجماعة في بيان رسمي أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة عالية، ما تسبب في حالة من الهلع وسط المدنيين داخل إسرائيل دفعت أكثر من أربعة ملايين شخص للفرار إلى الملاجئ، إضافة إلى توقف حركة الملاحة الجوية في المطار الحيوي.
وجاء الهجوم في سياق الرد على ما وصفته جماعة “أنصار الله” بـ”جرائم الإبادة الجماعية” التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، مشددة على أن هذه العمليات الصاروخية ستتواصل حتى وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على القطاع الفلسطيني.
وأكد البيان أن هذه الضربات تأتي نصرةً للشعب الفلسطيني ومقاومته، وفقًا لما نقلته قناة “المسيرة” الناطقة باسم الجماعة.
من جهتها، أعلنت القوات الإسرائيلية في بيان رسمي صباح اليوم عن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن بواسطة سلاح الجو الإسرائيلي، ما أدى إلى تفعيل صافرات الإنذار في عدة مناطق داخل البلاد.
وجاء في البيان: “تم اعتراض صاروخ أُطلق قبل قليل من اليمن، ما أدى إلى تفعيل إنذارات في مناطق مختلفة، وتم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المدنيين.”
وشهدت مدينة القدس بعد دقائق من إعلان الجيش الإسرائيلي إطلاق الصاروخ، سماع دوي انفجارات من قبل شهود عيان، مما يؤكد وقوع اشتباكات جوية مكثفة بين الدفاعات الإسرائيلية وقوات “أنصار الله”.
يذكر أن الجيش الإسرائيلي كان أعلن مساء الأربعاء الماضي، اعتراض طائرة مسيّرة (درون) أُطلقت من اليمن، وتفعيل الإنذارات في مناطق مختلفة، ما يعكس تصعيداً متزايداً في العمليات الجوية بين الجانبين.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعداً حاداً في الأعمال العسكرية، مع تجدد عمليات إطلاق الصواريخ والردود العسكرية المتبادلة، مما يزيد من حالة التوتر بين الأطراف ويعزز المخاوف من تصعيد أوسع في الصراع.