تفادت أمريكا بالكاد التهديد بتعطل الحكومة فـي وقت عيد الميلاد، والذي أشعل شرارته كِبار البخلاء فـي أمريكا، إيلون ماسك، ودونالد ترامب، وجيه دي فانس. ومع ذلك، يستحق الأمر أن نستعرض ما حدث، لأن هذه الواقعة تنبئ تماما بالحكم المختل الذي ينتظر الولايات المتحدة (والعالم) عندما يتولى ترمب منصبه فـي يناير.
عشية الموعد النهائي المحدد فـي العشرين من ديسمبر لإقرار مشروع قانون للحفاظ على تمويل الحكومة الفـيدرالية، توصلت قيادات مجلسي النواب والشيوخ إلى حل وسط من شأنه أن يمنحهم ثلاثة أشهر أخرى.
على أية حال، اعتبارا من التاسع عشر من ديسمبر، لم تعد القيادة الديمقراطية فـي مجلس النواب تعرف من هو المسؤول ومن الذي من المفترض أن يتفاوضوا معه. فقد تساءل جيمي راسكين: «هل مايك جونسون هو رئيس مجلس النواب حقا، أو هو دونالد ترمب؟ أو هو إيلون ماسك؟ أو هو شخص آخر؟» (فـي الواقع، طرح السيناتور راند بول فكرة تنصيب ماسك رئيسا لمجلس النواب).
فـي النهاية، توصل جونسون وزعيم الأقلية فـي مجلس النواب حكيم جيفريز إلى اتفاق فـي اللحظة الأخيرة يتضمن تنازلات سياسية كبيرة للديمقراطيين وعدم زيادة حد الدين، وهي نتيجة ترقى إلى هزيمة سياسية لترمب وماسك وفانس. لكنهم لن يبالوا، لأن السياسات لا تعنيهم. يعلم ترمب والأغلبية الجمهورية القادمة فـي الكونجرس أنهم يحظون بدعم حماسي من الناخبين الذين لا يملكون معلومات كافـية ــ أو الذين لديهم معلومات خاطئة تماما. ولن يهتم هؤلاء الناخبون (ولا يعرفون حتى) أن عدد الديمقراطيين الذين صوتوا لصالح مشروع قانون جونسون فـي مجلس النواب أكثر من الجمهوريين (وقد دفع هذا ماسك إلى التساؤل: «أهذا مشروع قانون جمهوري أو مشروع قانون ديمقراطي؟»). هذه هي حال السياسة والحكم فـي أميركا اليوم. فهي الآن تستعين بالأسلوب الأدائي المعتاد فـي مصارعة المحترفـين. الواقع أن حلقة القرار الديمقراطي الأساسية ــ حيث يختار الناخبون شاغلي المناصب الذين يضعون سياسات تخلف تأثيرات توجه نتائج الانتخابات اللاحقة ــ أصبحت الآن معطلة تماما. لكن الأمر لا يخلو من عواقب، وليس من الواضح تماما ما إذا كان ترمب وماسك وفانس وضعوا هذه العواقب فـي الاعتبار فـي حساباتهم. وكما يشير بول كروجمان، «من الواضح أن الأسواق المالية تراهن منذ الانتخابات على أن ترمب لن ينفذ إلا أقل القليل مما وعد به أثناء الحملة الانتخابية... مستبعدة العواقب الوخيمة التي ستترتب على ذلك» من حروب تجارية، وترحيلات جماعية، وما إلى ذلك. لكن السوق تبدو مخطئة على نحو متزايد. إن «تعطل الحكومة غير الضروري والذي يمكن تجنبه فـي الاستجابة لادعاءات كاذبة تماما حول إجراء تمويل قصير الأجل غير ضار يشير إلى أن مروجي المعلومات المضللة منتشون من مخزونهم الخاص». هل من الممكن أن يستعيد المشرعون الديمقراطيون القدرة على التواصل مع قاعدتهم السياسية؟ هل من الممكن أن يفوز الديمقراطيون بأغلبية تشريعية كبيرة ودائمة فـي انتخابات التجديد النصفـي لعام 2026؟ كل شيء ممكن، لكني لا أراهن على ذلك. إذ تتوفر كل الأسباب التي تجعلنا نتوقع أن تتسبب الحكومة الفـيدرالية الأمريكية المحطمة إلى حد كبير فـي إلحاق أضرار جسيمة بالبلاد ــ ولم يتولّ ترمب منصبه بعد.
ج. برادفورد ديلونج، أستاذ الاقتصاد فـي جامعة كاليفورنيا، بيركلي، باحث مشارك فـي المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية ومؤلف كتاب «التراخي نحو اليوتوبيا: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين».
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی مجلس النواب مشروع القانون مشروع قانون
إقرأ أيضاً:
حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
هدد حزب معارض صغير في البرلمان البريطاني الأحد بطرح مشروع قانون للاعتراف بدولة فلسطينية و"فرض التصويت" عليه في حال استمر رئيس الوزراء كير ستارمر برفض هذه الخطوة.
وأعلن الحزب الوطني الاسكتلندي الذي يدعو لاستقلال اسكتلندا، أنه سيتقدم بـ"مشروع قانون للاعتراف بفلسطين" عند انتهاء العطلة الصيفية للبرلمان إذا لم يبدل ستارمر موقفه.
وكان رئيس الوزراء البريطاني قد تعهد بالاعتراف بدولة فلسطينية، لكنه أكد على ضرورة أن يكون ذلك جزءا من عملية السلام في الشرق الأوسط.
ويأتي تهديد الحزب الوطني الاسكتلندي بعد أن طالب أكثر من 220 نائبا بريطانيا، بينهم العشرات من حزب العمال الحاكم الذي يتزعمه ستارمر، الجمعة بأن تحذو الحكومة حذو فرنسا وتعترف بدولة فلسطينية.
وجاءت هذه الدعوة بعد أقل من 24 ساعة من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطينية في اجتماع للأمم المتحدة في سبتمبر.
وقال ستيفن فلين، رئيس كتلة الحزب الوطني الاسكتلندي في البرلمان، إن الحزب "سيتقدم بمشروع قانون للاعتراف بفلسطين عند عودة البرلمان في سبتمبر، وسيفرض التصويت عليه إذا لزم الأمر".
وأضاف "يجب على كير ستارمر أن يتوقف عن الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، وأن يجد الشجاعة لمطالبة إسرائيل بإنهاء حربها الآن".
وإذا اعترفت فرنسا رسميا بدولة فلسطينية، فستكون أول دولة ضمن مجموعة الدول السبع، وأقوى دولة أوروبية حتى الآن، تُقدم على هذه الخطوة.
وتعرض ستارمر لضغوط محلية ودولية متزايدة بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، مع تصاعد المعارضة للحرب الدائرة في غزة ووسط مخاوف من حصول مجاعة هناك.
وصرح مكتبه بأنه تحدث السبت إلى نظيريه الفرنسي والألماني، حيث حدد خطط بريطانيا لإسقاط مساعدات إنسانية جوا في قطاع غزة وإجلاء الأطفال المرضى والجرحى.
ويشغل الحزب الوطني الاسكتلندي 9 مقاعد في البرلمان البريطاني المكون من 650 مقعدا.