عربي21:
2025-06-13@14:57:54 GMT

خواطر متشائمة على عتبة عام جديد

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

يكتمل في هذا العام الجديد الربع الأول من القرن الواحد والعشرين في الحقبة العامة، والمشرق العربي على أخطر أحواله. فقد شهد العام المنصرم أول حرب إبادة تخوضها الدولة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، وهي أخطر بعد من «التطهير العرقي» الذي تأسست عليه هذه الدولة خلال نكبة 1948. هذا فيما تخوض إسرائيل في «تطهير عرقي» مكمّل للإبادة في الشطر الشمالي من قطاع غزة، وفيما يمهّد المستوطنون الصهاينة لعملية مماثلة في الضفة الغربية بمؤازرة أقصى اليمين الصهيوني المشارك في الحكومة الإسرائيلية الراهنة.



وقد توسعت رقعة الاحتلال الإسرائيلي لتضم مساحات جديدة في لبنان وسوريا، بعد أن دمّرت إسرائيل القسم الأعظم من طاقة «حزب الله» اللبناني العسكرية إثر قطع رأسه. وقد أضعف ذلك بالتالي قدرة النظام الإيراني على تدعيم نظام آل الأسد في سوريا بعد انسحاب القسم الأعظم من القوات الروسية الساندة للنظام عينه، بما أدّى إلى انهياره بسرعة فائقة تاركاً بلداً ممزقاً، لا زال يقبع تحت أربعة احتلالات أجنبية وينقسم إلى ما لا يقلّ عن أربع أو خمس مناطق خاضعة لنفوذ قوى محلّية متنافسة، ناهيك من منطقة واسعة وسط البلاد لا تخضع لسيطرة معيّنة.

وقد دمّرت إسرائيل القسم الأعظم من الطاقة العسكرية السورية في إجراء وقائي إزاء مصير سوريا الذي بات مجهولاً إثر انهيار نظام آل الأسد، بعد أن كانت مطمئنة لضبط النظام المنهار لأي تهديد لها في الجولان المحتل، وذلك بمعونة القوات الروسية وعلى حساب الجماعات المرتبطة بإيران.

فإن إسرائيل اليوم في أوج سيادتها الإقليمية، تسود متغطرسة في محيط يتجاور فيه الخراب والدمار عند من خاصمها مع الاستقرار الظاهري عند من استسلم لها من المطبّعين القدامى والمستقبلين، وتستعدّ لتسديد ضربة حاسمة برفقة عرّابها الأمريكي لعدوّها الإقليمي الرئيسي، ألا وهو النظام الإيراني الذي استخدم قضية فلسطين سلاحاً أيديولوجياً لتبرير توسّع نفوذه الإقليمي حتى ارتدّ الأمر عليه في العام الماضي وغدا ينذر بأن يجلب عليه الهلاك.

ويكفي أن نتذكّر «الوعود الصادقة» التي تتالت علينا، من «حزب الله» وإيران بعد وعد عملية «طوفان الأقصى» الذي فجّر الأوضاع بما أدّى إلى ما وصلنا إليه، لنقدّر مدى الهزيمة وخطورة الحسابات الخاطئة التي سارت عليها كافة الأطراف المذكورة. فلنتذكّر خطاب محمّد الضيف الذي رافق انطلاق عملية «طوفان الأقصى»، ولنقارن ما جاء فيه بما بلغنا:

«يا إخواننا في المقاومة الإسلامية، في لبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا، هذا هو اليوم الذي تلتحم فيه مقاومتكم مع أهلكم في فلسطين ليفهم هذا المحتل الرعديد أنه قد انتهى الزمن الذي يعربد فيه ويغتال العلماء والقادة، قد انتهى زمن نهب ثرواتكم، قد انتهى القصف شبه اليومي في سوريا والعراق، قد انتهى زمن تقسيم الأمة وبعثرة قواتها في صراعات داخلية، وآن الأوان أن تتحد كل القوى العربية والإسلامية لكنس هذا الاحتلال عن مقدساتنا وأرضنا».

الحقيقة هي أن كل بند من بنود الاقتباس السابق تحوّل إلى عكسه تماماً. فإن المحتل الرعديد غدا يعربد أكثر مما في أي وقت مضى منذ أن ألحق الهزيمة في عام 1967 بمصر وسوريا والمملكة الهاشمية، واستولى على الأراضي الفلسطينية التي كانت قد بقيت خارج قبضته في عام 1948، فضلاً عن شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان.

وقد اغتال من القادة في العام المنصرم أكثر مما اغتال منذ قيام دولته. أما القصف شبه اليومي في سوريا والعراق، علاوة على لبنان، فقد جرت ممارسته بعنجهية فاقت كل ما عرفناه سابقاً. وأما تقسيم الأمة وبعثرة قواتها في صراعات داخلية، فقد بلغ ذروته!

ومن المرجّح أن يشهد العام الجديد مزيداً من المآسي من خلال المساعي الرامية إلى استكمال العدوان الصهيوني في فلسطين. فها هي «السلطة الوطنية» تنقضّ على شباب جنين في هذا الوقت بالذات، كي تحاول أن تثبت للمحتل ولعرّابه الأمريكي أنها قادرة على لعب الدور الذي أناطته بها اتفاقيات أوسلو، ألا وهو دور وكيل الاحتلال في لجم الشعب الفلسطيني على بعض رُقع وطنه، وهي تتوخّى ممارسة هذا الدور في جزء من قطاع غزة علاوة على ممارستها له في أجزاء من الضفة. وها هي المملكة السعودية تستعد للانضمام إلى قافلة «التطبيع» بعد مصر والأردن والإمارات المتحدة والبحرين والمملكة المغربية.

وها هي «هيئة تحرير الشام» تكشّر عن أنيابها ظنّاً منها (وهي واهمة للغاية) أن ذلك سوف يُرعب القوى الأخرى على الساحة السورية ويُسهّل إحكام سيطرتها على الأراضي السورية، غير تلك التي تحتلّها إسرائيل (وقد أبدت حرصها على التعايش مع الاحتلال الصهيوني مؤكدة أن لا نوايا عدائية لديها إزاءه).

كل هذا والعراق واليمن على كفّ عفريت، وسوف يشهدان بالتأكيد تطورات خطيرة خلال العام الجديد، خاصة إن تمكّن بنيامين نتنياهو أن يجرّ إدارة دونالد ترامب الجديدة إلى الانقضاض على إيران. وبالطبع يبقى في قلب الهموم خارج المشرق العربي مصير السودان، حيث يلوح التقسيم في أفق حرب أهلية طاحنة، وكذلك مصير ليبيا حيث يتكرّس التقسيم مع مرور السنين.
وكل سنة وأنتم وأنتنّ، أيها القراء وأيتها القارئات، سالمين وسالمات.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة الاحتلال لبنان لبنان فلسطين غزة الاحتلال نهاية العام مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قد انتهى

إقرأ أيضاً:

إسرائيل ترعى عصابات نهب المساعدات في غزة ولا تأمن شرها

بعد أشهر عديدة من سياسة الدعم الصامت لعصابات قطاع الطرق التي تنهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة وتستنزف فصائل المقاومة الفلسطينية، اعترف الاحتلال الإسرائيلي أخيرا بتمويل وتسليح هذه العصابات لتنفيذ أجنداته في القطاع.

وتكتسي هذه السياسة أهمية خاصة في ظل استهدافها الحالة الفلسطينية الداخلية وسط تعرض غزة للإبادة منذ 20 شهرا، إضافة إلى مزاعم بعلاقات إقليمية ومخابرات السلطة الفلسطينية في هذا الملف، والذي يؤثر على القضية الفلسطينية عموما وعلى الحالة الأمنية في غزة خصوصا.

ويأتي الاعتراف الإسرائيلي الصريح بتسليح وتمويل وتوجيه عصابات مسلحة في قطاع غزة متأخرا جدا لانكشاف هذا الدور، لا سيما بعد حديث وزير الجيش السابق، يوآف غالانت، في مارس/آذار 2024، عن محاولات تجنيد عائلات من شمال قطاع غزة وتسليحها بمسدسات لمواجهة حركة حماس إلا أنها فشلت بعد تعامل المقاومة الصارم مع هذه الظاهرة.

عناصر من عصابات ياسر أبو شباب (مواقع التواصل الاجتماعي) تجويع بتوجيه مخابراتي

عملت الاستخبارات الإسرائيلية منذ بداية الحرب على تجنيد قطّاع الطرق واللصوص لنقل معلومات لهم إضافة إلى توجيههم لسرقة ونهب وتخريب وحرق المؤسسات العامة من مستشفيات وجامعات، ومدارس، ووزارات، وبيوت للمواطنين، ومرافق اقتصادية عامة وخاصة.

وفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حماية أمنية لهذه العصابات، التي تنفذ توجيهات ضباط جهاز الشاباك الإسرائيلي في نهب المساعدات والمواد الغذائية عند دخولها إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم الذي يقع في حماية وإدارة الاحتلال، إضافة إلى مدخل كيسوفيم وسط قطاع غزة ومعبر إيرز شمال القطاع.

وبحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة هآرتس في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، "يسمح الجيش الإسرائيلي للعصابات المسلحة بنهب وجمع إتاوات من شاحنات المساعدات التي تدخل قطاع غزة".

إعلان

وتقول مصادر في منظمات الإغاثة الدولية العاملة في غزة، إن المسلحين يصادرون جزءًا كبيرًا من الشاحنات، التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بطريقة منظمة وتجاهل متعمد من جانب قوات الجيش الإسرائيلي.

كما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مذكرة داخلية للأمم المتحدة تأكيدها، أن عصابات سرقة المساعدات في غزة "تستفيد من تساهل، إن لم يكن حماية من الجيش الإسرائيلي"، وأن قائد العصابة ياسر أبو شباب أنشأ ما يشبه قاعدة عسكرية بمنطقة سيطرة للجيش الإسرائيلي شرق رفح.

وفي تقرير سابق، تحدثت صحيفة هآرتس عن خطة اليوم التالي التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للجنائية الدولية) وحدد فيها مرحلة التجويع الحالية كسياسة، ويعززها قطاع الطرق والعصابات وحالة الفلتان الأمني.

وقال نوعا لاندو نائب رئيس تحرير الصحيفة "إن النية الآن لتسليم مفاتيح السيطرة المدنية في غزة إلى مقاولين من القطاع الخاص وخلق عرقنة (نموذج العراق) للقطاع، وهي  تتكون حالياً من الاحتلال العسكري والمرتزقة والمستوطنات، وهي وصفة مؤكدة للكارثة القادمة".

عصابة أبو شباب نموذجاً

ترعرعت عصابة ياسر أبو شباب بحماية دبابات الاحتلال شرق رفح وكان لها دور أساسي في تجويع الفلسطينيين، وسرقة المساعدات وقتل عناصر المقاومة، ورجال تأمين المساعدات والمتطوعين من العوائل التي سعت إلى حماية المساعدات من السرقة والنهب، إضافة إلى فرض الإتاوات على مؤسسات دولية وجمعيات إنسانية أجبرها الاحتلال على سلوك مسارات تمر في مناطق سيطرتها.

وبحسب المراسل العسكري لصحيفة معاريف، آفي أشكنازي، فإن عصابة أبو شباب تضم عشرات العناصر، وهي مجموعة مكونة من عائلات عشائرية، ومعظم الشخصيات التي جندها جهاز الأمن العام (الشاباك) كعصابة مرتزقة لإسرائيل، هم مجرمون متورطون في جرائم الاتجار بالمخدرات والتهريب والسطو على الممتلكات.

إعلان

وبرزت عصابة أبو شباب العام الماضي عندما نهبت -بحسب يدعوت أحرنوت- شاحنات الأمم المتحدة وأعادت بيع الإمدادات الإنسانية التي كان من المفترض أن تصل إلى سكان غزة. وادعى في مقابلة أنه سرق الإمدادات فقط لإطعام نفسه وأسرته، لكن شهود عيان، منهم سائق شاحنة، قالوا إن رجاله سيطروا على الشاحنات واستولوا على البضائع.

وأسس أبو شباب جماعة مسلحة تُسمى "القوات الشعبية"، والتي يقول، إنها تهدف إلى حماية السكان وتوزيع المساعدات الإنسانية، إلا أن تقارير فلسطينية ودولية أشارت إلى أنها مليشيا مسلحة تعمل بالتنسيق مع الاحتلال في المناطق الخاضعة لسيطرتها العسكرية.

واستشهد عدد من عناصر المقاومة الفلسطينية بعد استهدافهم بطيران الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباك مع العصابة، صباح الثلاثاء 10 يونيو/حزيران الجاري. وزعمت قناة آي 24 نيوز، أن هذا أول تدخل إسرائيلي لحماية عصابة أبو شباب من عناصر المقاومة، في حين تؤكد مصادر مختلفة وشهود عيان، أن الجيش الإسرائيلي فرض حمايته على عصابات أبو شباب وغيرها من عصابات قطاع الطرق منذ بداية الحرب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، نجا أبو شباب من محاولة اغتيال في المستشفى الأوروبي بخان يونس جنوب قطاع غزة. وقُتل اثنان من رفاقه -شقيقاه فتحي أبو شباب وماجد أبو دكار- على يد عناصر حماس في كمين محكم، لكنه تمكن من الفرار.

ياسر أبو شباب قائد عصابات نهب المساعدات في رفح (مواقع التواصل الاجتماعي) مبادرة عملياتية من الشاباك

وكان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، أول من علق علنا على الدعم الإسرائيلي الرسمي لعصابة أبو شباب، مما اضطر نتنياهو إلى الرد والاعتراف بالأمر.

وقال ليبرمان إن "المليشيات التي يسلحها نتنياهو أطلقت صواريخ على إسرائيل وقاتلت مصر مع تنظيم الدولة ويجب ألا تسلح".

وفي معرض رده، اعترف نتنياهو صراحة بأن الخطوة نُفذت بناء على توصية الجهات الأمنية، وأضاف متسائلا "ما السيئ في ذلك؟ هذا أمر جيد، ينقذ أرواح جنود الجيش الإسرائيلي".

إعلان

ونقل المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت يوآف زيتون عن مسؤولين أمنيين، إن "المبادرة إلى هذه الخطوة جاءت من جهاز الأمن العام (الشاباك)، الذي كان على اتصال وثيق وطويل الأمد مع مليشيات أبو شباب، كما أوصى الجيش الإسرائيلي بالقيام بذلك كجزء من الخطة العامة لمهاجمة حماس من كل اتجاه ممكن".

وأشار المراسل العسكري لمعاريف، آفي أشكنازي، إلى أن أساس الفكرة العملياتية لجهاز الشاباك هو استخدام العصابة كقاعدة عمليات، ودراسة إمكانية تشكيل حكومة بديلة من حماس في خلية صغيرة ومحدودة المساحة داخل رفح، ومع ذلك تقول المؤسسة الأمنية إنها "لا تُحيط هذه المجموعة بآمال ضخمة لتكون بديلاً من حماس".

وحذر الكاتب والمحلل السياسي، وسام عفيفة، من أن أهداف المخطط تتجاوز المقاومة بعيدا، حيث ترمي إلى ضرب أي إمكانية لتماسك سياسي أو أمني في غزة، وخاصة في مشهد اليوم التالي لأي تهدئة محتملة.

هل السلطة الفلسطينية متورطة؟

أعلنت كتائب القسام بتاريخ 31 مايو/أيار الماضي عن استهدافها مجموعة من المستعربين (جنود إسرائيليون يعملون متخفين بلباس مدني ويتحدثون العربية) في كمين شرق رفح مما أدى الى مقتل 4 منهم، وتبين لاحقا أن القتلى هم من أفراد عصابة أبو شباب، ونشرت بعض المنصات نعيا للأربعة بأسمائهم ورتبهم في أجهزة أمن السلطة التابعة لرام الله.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرنوت عن جهات في السلطة الفلسطينية، أن مليشيا أبو شباب تتلقى رواتب من السلطة، برعاية مباشرة من مسؤول المخابرات الفلسطيني في غزة، بهاء بعلوشة. لكن هذه الجهات أضافت، أن هناك توترًا بين بعلوشة ورئيس المخابرات العامة ماجد فرج في مسألة دعم المليشيا.

وبحسب مصدر أمني رفيع المستوى في السلطة الفلسطينية، كما نقلت يديعوت أحرنوت، "عمليًا، هذه قوة مسلحة تحظى بدعم إسرائيل والسلطة الفلسطينية والقيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان في الوقت نفسه، في حين تعمل علنا ​​ضد حماس".

إعلان

إلا أن الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية العقيد، أنور رجب، قال في مقابلة، إنه لا وجود لأي علاقة بالأجهزة الأمنية الفلسطينية بظاهرة المدعو ياسر أبو شباب الذي زعم بأنه يعمل بالتنسيق مع أجهزة مخابرات السلطة.

شعار عصابات ياسر أبو شباب (مواقع التواصل الاجتماعي) كارثة سياسية وأمنية

توازيا مع الفوضى الأمنية التي حرص على تعزيزها في قطاع غزة منذ بداية الحرب، عمل الاحتلال الإسرائيلي على إنشاء كانتونات منفصلة تديرها عصابات محلية في القطاع في إطار ما أطلق عليه وزير الدفاع السابق يوآف غالانت "فقاعات إنسانية".

وتقضي خطة عربات جدعون، وهي العملية الإسرئيلية التي تشنها قوات الجيش الإسرائيلي في غزة من مارس/آذار الماضي "بتقسيم القطاع إلى عدة غيتوهات يتم حشر الفلسطينيين فيها مع تدمير كامل لكل مقدرات الحياة وصولًا إلى حشرهم في جنوب قطاع غزة تمهيدا لتهجيرهم إلى بلد ثالث"، وفقا لتصريح وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش.

وأشار الكاتب والمحلل ياسر عفيفة إلى أن الخطورة الإستراتيجية لهذه العصابات تكمن في شقين، الأول أمني، حيث تمثل خرقًا لمنظومة المقاومة، وتشكل خاصرة رخوة، بينما تكمن الخطورة من الناحية السياسية في مسعى الاحتلال إلى خلق "حالة فلسطينية بديلة"، تُستخدم في مشهد اليوم التالي كذريعة لرفض أي صيغة لحكم وطني موحد في غزة، وتكريس الانقسام، وإضعاف أي مسعى لإعادة بناء الاستقرار في غزة.

في المقابل، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أن عصابة أبو شباب مختلفة بعض الشيء عن ظواهر ارتبطت بالاحتلال كجيش لحد في جنوب لبنان، أو روابط القرى في الضفة الغربية، حيث إن دعم الاحتلال عصابة أبو شباب يأتي في ظل دمار غير مسبوق في قطاع غزة ومجاعة ضربت أطنابها في كل مكان في القطاع، إضافة إلى سيطرة الاحتلال الفعلية على مساحات كبيرة بعد تدمير المنازل وتهجير سكانها منها.

إعلان

واعتبر أن ما سبق هي عوامل مساعدة على زيادة رقعة الفوضى الأمنية، وتبعاتها من ضغوطات داخلية على الحالة الفلسطينية مع ما تتعرض له من إبادة ومجازر على مدار الساعة.

وأضاف أن الاحتلال، في جهوده لإقامة أجسام بديلة وموازية لمواجهة حماس، يسعى ضمن أهداف أخرى لتقزيم الحالة الفلسطينية بالفوضى والصراعات المسلحة، مما يفقد القضية طابعها السياسي والوطني.

ويسعى نتنياهو إلى تكريس الانقسام الذي دعمه في السابق لتفتيت الكينونة الفلسطينية الواحدة، وإضعاف السلطة ومطلب الدولة، مما يجبر الفلسطيني على  التخلي عن مطالبه بعودة اللاجئين والدولة المستقلة، لتتحول إلى مطالب ولاءات عشائرية ومناطقية.

الأمن القومي المصري في دائرة الخطر

ولا يشكل الاحتلال ومخططاته من إقامة عصابات مسلحة تأتمر بأوامر أجهزة مخابراته خطرًا على الحالة الفلسطينية فقط، بل تشكل مخاطر جسيمة على الأمن القومي المصري أيضا، خصوصا في ظل توتر العلاقة بين الدولة المصرية، وحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل على خلفية حرب الإبادة على غزة.

وترفض مصر -بحسب معاريف- استقبال السفير الإسرائيلي الجديد، إضافة إلى رفضها إرسال سفيرها إلى تل أبيب، ورفض تصريحات قادة الاحتلال ضد مصر، خصوصا المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة ووقف الحرب، وتحذير وزير الدفاع الحالي يسرائيل كاتس في مارس/آذار بأنه لن يسمح لمصر بانتهاك اتفاقية كامب ديفيد، والذي يأتي في ضوء التقارير عن زيادة القوات المصرية في سيناء.

وحذر الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة من أن هندسة الفوضى من الاحتلال يمكن أن تخرج على السيطرة في حال اتساعها خصوصا جنوب القطاع على حدود غزة الجنوبية ما يُثير قلقًا مباشرًا لدى مصر، التي تربطها حدود طويلة ومتشعبة بالقطاع.

وأضاف أن "العصابات المسلحة المدعومة من الاحتلال أو من أطراف إقليمية، تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، خاصة إذا اندفعت هذه المجموعات إلى تهريب السلاح أو البشر أو إشعال مناطق الحدود كوسيلة ضغط سياسي. كما أن استمرار الفوضى قد يدفع الاحتلال إلى تحميل مصر المسؤولية، أو استغلال الموقف لتحسين شروطه في أي مفاوضات، ومحاولة إضعاف الدور المصري وابتزازه بخلق أزمات في منطقة سيناء.

تسعى إسرائيل إلى استخدام عصابات قطاع الطرق في حربها ضد المقاومة ومخططها لتهجير سكان غزة (الجيش الإسرائيلي) انقلاب السحر على الساحر

وحذر المحلل بصحيفة "هآرتس" العبرية، تسفي برئيل، من انقلاب السحر على الساحر بشأن دعم إسرائيل عصابة أبو شباب.

إعلان

وقال إن دعم مجموعة أبو شباب التي ينظر إليها بمثابة قوة دعم، قد "يُمهّد الطريق لتطور خطِر يُشبه ما حدث في العراق وسوريا ولبنان ودول أخرى، بافتراض أن المليشيا ستبقى دائمًا تحت سيطرة إسرائيل، وتبعية تضمن طاعتها غير المشروطة".

واعتبر أن "التجربة المريرة في غزة تُعلمنا أن هذه المجموعات المسلحة لها ديناميكية خاصة، والطاعة ليست جزءا منها"، مضيفا أنه لا يُعرف عدد الأشخاص الذين نجح أبو شباب في تجنيدهم؛ وتتراوح التقديرات بين 100 و300 شخص، وهي قوة أصغر بكثير من قوات حماس والجهاد الإسلامي ومنظمات أخرى.

وهناك اختلافات في الآراء داخل المؤسسة الأمنية بشأن هذه الخطوة. فبينما بادر جهاز الأمن العام (الشاباك) بهذه الخطوة وقادها، هناك في الجيش الإسرائيلي من لا يرحبون بفكرة تجنيد عصابة إجرامية كحل طويل الأمد وخطوة إستراتيجية.

وصرح مصدر عسكري ليديعوت أحرنوت "ما دامت هذه خطوة تكتيكية محلية تُفيدنا في أمور إيجابية، فلا مشكلة لدينا، لكن هذه العصابات لا يمكن أن تكون بديلاً من خطة إستراتيجية طويلة الأمد، وبديلا من حماس، يجب بناء خطوة مع دول المنطقة تُنشئ هيكلاً حاكماً يحل محل الحركة".

وبحسب المحلل عفيفة، قد يبدو للوهلة الأولى أن الاحتلال يربح من توظيف هذه العصابات، لكن  الفوضى لا يمكن التحكم بها طويلًا. فكما سقط جيش لحد في لحظة الحقيقة، فإن الاعتماد على مجموعات إجرامية مسلحة لضبط قطاع بأكمله سيخلق حالة ارتدادية خطِرة على المخطط الإسرائيلي نفسه، سواء بالفشل ميدانيًا أو بانعكاسها على صورة الاحتلال عالميًا.

والأهم أن حالة التمرد المنفلتة هذه قد تصبح، كما يقول عفيفة، سيفًا ذا حدين في وجه الاحتلال، خاصة إذا انقلبت عليه داخل خطوط التماس، أو تعرضت العصابات نفسها لاختراقات أمنية من المقاومة أو جهات إقليمية.

مقالات مشابهة

  • ضربة قاصمة لإيران.. معلومات عن القائد العام للحرس الإيراني الذي اغتالته إسرائيل في قلب طهران؟
  • من هو أمير علي حاجي قائد سلاح الجو الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • إسرائيل ترعى عصابات نهب المساعدات في غزة ولا تأمن شرها
  • من هو محمد حسين باقري رئيس الأركان الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • ما الذي حققه هجوم إسرائيل على قلب إيران النووي؟
  • الدولار في أدنى مستوى له خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد تهديدات ترامب الجمركية
  • شوبير يكشف عن اقتراب الزمالك من التعاقد مع 4 صفقات
  • لهو أطفال انتهى بـ كارثة.. كشف ملابسات محاولة استيقاف توك توك في أسيوط
  • طائرات الاحتلال تتدخل لصالح مجموعة أبو شباب في اشتباك مع المقاومة
  • بالفيديو.. هل انتهى زمن الإخضاع الأمني في لبنان؟